أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي مرزوك الجنابي - عراق مأزوم (2)















المزيد.....

عراق مأزوم (2)


علي مرزوك الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 5691 - 2017 / 11 / 7 - 18:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توجد في داخل كل انسان حياة بكل معانيها الوجودية، في داخل كل منا جزءٌ في الكرامة البشرية، والشرف الأخلاقي، والخبرات الوجودية الحرّة، لكن لدى كل منا في نفس الوقت وبدرجات متفاوتة، القدرة على التأقلم أو الرفض مع الحياة السياسية، فمن تأقلم بطريقة ما يغرق في تصديق بعض الأكاذيب الفاحشة، لأنها ببساطة تمثّل هويته الدينية أو اللغوية أو الجهوية أو العشائرية...إلخ، حتى أصبحت السلطة ضبابية غير واضحة الصورة، ليذوب كلٌّ منا في شعائرها، ويسلم مقاليد أموره لها، وأحياناً يبدو الأمر وكأنه صار هو الشعيرة نفسها التي تحمل الناس من الظلمات الى نور السلطة، لأن الكثير منا عبيد الشعائر المتنكرين.
فالأمر إذن، ليس صراعاً بين مجتمع ونظام سياسي فقط.
بل إنه شيء أسوأ من ذلك: إنها أزمة الوعي السياسي نفسه.
نحن نفزع من الحاضر ونخشى من المستقبل ... من الشلل الذي أصاب ألسنتنا... من المجهول الذي نرتحل إليه... من دروب الذل التي نجهلها... من صراخ الدجالين... من المسارح المفبركة المؤمركة... من طيش الحرب وفرضها... ولكننا نخاف اكثر وأعمق من دبيب الموت اليومي المنظّم من ظلم الإرهاب... الدبيب الذي يحيطنا كأذرع عنكبوت... الدبيب الذي عرفناه في الليل ... في الجثث على الأبواب... في طوابير المعاقين بفعل الحروب... في توابيت العائدين من الجبهات... في الأسرى والمقابر... إننا نخاف من ذلك أكثر وأعمق.
وهذا ما سببه المغرضون لتقويض شخصية الفرد العراقي الذي اصبح مقهوراُ منذ تأسيس دولته عام 1920 والى الوقت الراهن، حيث اصبح يستنكر ذاته ليقدس غيره، لا يميز حقاً من باطل، ولا صالحاً من طالح، ولا ظالماً من مظلوم، ولا شقياً من سعيد، يراقب فيرى حضارات الأمم ونجاحها امام عينه، فيرف لها قلبه فيعشقها، ولا يعرف اسباب شقاوته وسوء حظه ومصدر ابتلائه وبلائه، لقد عانى الشعب العراقي طوال عقود منذ تأسيس دولته عام 1920، وحتى بعد إسقاط نظام الدكتاتور صدام حسين عام 2003 من ثقافة العنف، هذه الثقافة التي ترسخت في الشعب العراقيّ بفعل عوامل عدّة، حيث عاش العراق ومجتمعه سنوات من الدكتاتورية بكل ما رافقها من سياسات تجهيل، وإفقار، واقصاء الآخر، وسياسات الانصهار القومي والسياسي...إلخ، ولهذه السياسات آثارها السلبية على المجتمع العراقي، بحيث أصبح العراقيون في مقدمة شعوب العالم إحباطاً وسلبية في حياتهم، فكثير من العراقيين يعانون من مشاعر غضب، وتوتر نفسيّ، وقلق، وحزن، وألم، حيث خلقت الدكتاتورية مجموعة مفاهيم خاطئة لن يكون من السهل ازالتها من الممارسة اليومية للعراقيين، اذ ما يزال بعض العراقيين يتصورون أن الحكم الشمولي هو الحل لمشكلاتهم، لتجاوز الازمات السياسية التي مروا بها، وقد أدى الانفلات اللامسؤول الى الكثير من المطبّات في تفكير الفرد العراقي السياسي وواقعه مما أدى الى ترحم البعض على فترة الدكتاتورية وسماها بعضهم (أيام الخير).
إن ما حصل بعد العام 2003 لم يكن الا تعبيراً عن تراكمات لعقود طويلة من انعدام وخمول الوعي السياسي، من فقدان الهوية الوطنية العراقية، من ضعف المشاركة السياسية وانعدامها، من تفاقم قوة العشيرة وفرط التقديس لرجل الدين، والعادات والتقاليد، وأدى ذلك الى سيادة العنف، حيث كانت عمليات العنف المتبادل بين مكونات المجتمع العراقي خلال اعوام (2005، 2006، 2007) خير دليل على أن الاعتراف بالآخر الديني، أو المذهبي، أو القومي أمر صعب، فالجهد كان منصباً على الغاء الآخر لا التواصل معه، بالرغم من أن هذه المسألة لم تكن عامة، لكنها كانت مؤثرة، وانتجت نتاجاً قبيحاً أثر في نفوس الشعب العراقي، وهذا كان أحد أوجه التعبير عن ضعف الانتماء للهوية الوطنية الجامعة في العراق .
ما المطلوب؟
• نحن بحاجة الى أن نكون أحراراً، نحن بحاجة الى معرفة ما ينفعنا، النوم والاستكانة ووضع الرؤوس في الرمال والقول بأن جميع من يدعون بأنهم واعظون فهماء مخلصون ومصلحون، قول مرفوض لا تشهد له ملّة من الملل؛ الحل بين ايدينا: "السيادة للقانون، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها، يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر وعبر مؤسساته الدستورية" هذا ما نصت به المادة (5) من دستور جمهورية العراق لعام 2005، ويعتبر هذا النص الدستوري غاية في الاهمية، إذ اشار الى شرعية أي سلطة، ومصدرها هو الشعب، واذا ما عمل الشعب العراقي بهذا النص سيكون هو المتحكم لا أن يصبح مجرد آلة يشارك في الانتخابات، وينتهي دوره عندها، والوعي بما ذكر يقع على عاتق النخب المثقفة والمؤسسات الوطنية الاعلامية والتعليمية، للنهوض بمسؤولية الارتقاء بالثقافة المجتمعية، لما للمجتمع الواعي المثقف من حظوظ افضل بكثير في ايجاد نخب حاكمة كفوءة ومؤسسات فاعلة وسياسات ناجحة وفعّالة.
• لكي نبني دولة ديمقراطية تحقق آمال ورغبات المجتمع وتنشر التسامح وتنبذ كل وسائل العنف وتحقق التعايش السلمي بين الاثنيات المختلفة في المجتمع العراقي، يتطلب انضاج الوعي السياسي، حيث يعتبر من أهم الأسس الدافعة لبناء الديمقراطية، وهذا يتطلب وضع أسس واضحة لتطوير هذا الدور بدءاً من قنوات التنشئة الاجتماعية الرسمية في الدولة، فالعراقيون وخصوصاً الأجيال الجديدة، شهدت وما تزال تشهد تعددية سياسية، وتعددية رأي، وانتخابات، وحكومات متعاقبة، ونشأت هذه الأجيال على تحمل بذور الديمقراطية، وهي واحدة من الضمانات لعدم عودة الدكتاتورية الى العراق.
• يتطلب تفعيل مشتركات مجتمعية غابت عن الوعي الجمعي، كمفهوم المواطنة والعيش المشترك وتقبل التنوع والاختلاف ومشاركة الجميع في الوطن وتقديم المصلحة العراقية من اجل خلق شكل جديد من التكامل السياسي وتحقيق الاندماج السياسي لبناء دولة ديمقراطية مدنية عصرية، وتظهر هنا الضرورة الملحة لاستحضار الذاكرة التأريخية ودورها المهم في عملية تشكيل الوعي السياسي وتطويره، أضف الى ذلك ضرورة قبول أفراد المجتمع بعضهم البعض، واحترام هوياتهم الفرعية؛ وبهذا تكون الاولوية للهوية الوطنية والمشتركة بين الافراد هو (الوطن).
• لانضاج الوعي السياسي تظهر الضرورة الملحة للقضاء على الفقر والجوع، من خلال تقليل أو الغاء وجود أسر تقع تحت مستوى خط الفقر في بلد مثل العراق يمتلك امكانات مادية كبيرة يكون هذا هدفاً واجب التنفيذ، اضف الى ذلك أن التطور المجتمع لا يتحقق من دون القضاء على الأمية، لا يتحقق الا بمجتمع مثقف وواعٍ، لذلك أن عملية انضاج الوعي مرهونة ايضاً بالقضاء على الأمية والزام كل افراد المجتمع بالحصول على التعليم الابتدائي على الاقل، لإنتاج ثقافة اصيلة خاصة بالمجتمع العراقي لا مستوردة، بمبادرة من ابنائه، لإحياء اصالة الثقافة المجتمعية التي تؤدي الى ابداع مجتمعي له حضور وفاعلية، بالتالي في مجتمع مثقف واعٍ ومنتج ومبدع...، سيكون هناك سياسي متطور وكفء، ومؤسسة فاعلة غير مرتبطة بشخص رئيسها.
• القضاء على الاستبداد السياسي الذي يُعد من أهم المشاكل وأخطر الأزمات التي يمر بها العراق، اذ يعد الاستبداد السبب الرئيس وراء التخلف في المجالات الأخرى: الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية.. إلخ ، وإن أفضل طريقة للتخلص من الاستبداد والقمع هو عن طريق معرفة الشعب لما له وما عليه، أي لحقوقه وواجباته وليس معرفة ما عليه فقط دون التفكير فيما له، وإن الشعوب المتقدمة قد تغيرت وتطورت نتيجة لنمو الوعي السياسي لديهم.
"لابد لنا بغية الخروج من أزماتنا ونكباتنا ومآسينا، من البدء بإعادة حساباتنا مع انفسنا، فلا تخافوا من عرض التاريخ على الناس، عرفوهم على سيرة الفاسدين، فرقوا لهم بين الحق والباطل ، نبهوا أفراد المجتمع العراقي من أولئك المغرضين، ليعرف المصلح بالإصلاح، والمفسد بالفساد، لقد طال النوم وكحلت الأيام، وليست أمامنا الا اليقظة".



#علي_مرزوك_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هوية وطنية... وئاكرة منسية
- عراق مأزوم (1)
- الموبقة الكبرى
- الجمال والارادة البشرية..
- السلوك البناء في المجتمع


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي مرزوك الجنابي - عراق مأزوم (2)