أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - تعديلات قانون الأحوال الشخصية والدين والدولة















المزيد.....

تعديلات قانون الأحوال الشخصية والدين والدولة


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 5690 - 2017 / 11 / 6 - 10:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بمناسبة الحديث عن تعديلات حزب الحكيم المقترحة على قانون الأحوال الشخصية: أعتقد أن المبدأ الرئيس الذي يحكم أية معادلة في شأن العلاقة بين الدولة والدين هو اعتماد أحد الخيارين التاليين: فإما أن نكون مع مشروع دولة المواطنة المدنية التي ترفض دستوريا تدخل الهيئات والشخصيات الدينية بصفتها الدينية هذه (وليس بصفتها المشروعة كمواطن عادي) في الشأن السياسي العام، أو -وهذا هو الخيار الثاني-أن نكون مع مشروع دولة دينية كاملة أو جزئية تحكمها الهيئات ورجال الدين والمرجعية الدينية، على طريقة "دولة الخلافة الراشدة" أو "دولة الولي الفقيه".
أما فتوى المرجع السيستاني للجهاد الكفائي فتدخل في باب الاستثناء والمراحل الانتقالية، فيمكن النظر مثلا إلى تدخله هنا وإصداره لهذه الفتوى بأنها حالة طارئة واستثنائية استدعتها ظروف قاهرة كانت فيها عاصمة الدولة والدولة كلها مهددة بالسقوط. أنا شخصيا كنت ضمن عدد من الزملاء الذين نظروا بنقدية الى تلك الفتوى في البداية لأنني رأيت فيها تحشيدا طائفيا لا يجوز ضمن ظروف استقطاب طائفي جاء به نظام المحاصصة الطائفية الرجعي، ولكن حين اتضحت تفاصيل المشهد الخطير لاحقا، وتشكل الحشد الشعبي، أعطيت الأولوية في جهدي الكتابي لدعم القوى التي تقاتل العصابات التكفيرية وبضمنها الحشد الشعبي والعشائري والبيشمركة. ولكنني لم أتخلَ عن النظرة النقدية السلبية للتدخل الديني في الشأن العام لقناعتي بأن وجود أية قوى إلى جانب قوى الدولة الشرعية أمر مضر وله سلبياته، ولكني وزملاء كثر معي خففنا من موقفنا النقدي للفتوى ولما نتج عنها وأصبح الأكثر أهمية هو سحق العصابات التكفيرية وانقاذ الناس منها دون أن ننسى أن الدولة نفسها والسلطة التنفيذية بقيادة المالكي مقصرة ومسؤولة عن كل ما حدث ويجب محاسبتها ذات يوم.... يتبع لمناقشة تداخل الديني والمدني وهل هو الحل أم مرحلة تاريخية للعبور؟
تداخل الديني والمدني ليس حلا بل مرحلة تاريخية اضطرارية: أما القول بأن المرجعية الدينة الفلانية تختلف عن غيرها بكذا وكذا من إيجابيات فهو كلام ذو منحى تبريري أو ترويجي. فالأصل هو موضوع التدخل المتكرر والزاحف والشامل على مشمولات الدولة والشأن العام والمجتمع، وليس الحكم على هذه المرجعية الدينية أو تلك بأنها أفضل من غيرها. تبقى مسألة أخرى وهي: هل يمكن لنا كعراقيين أن نجترح مرحلة انتقالية ونسخة عراقية من العلمانية تتلاءم مع خصوصيتنا المجتمعية؟ أعتقد بضرورة ذلك، ولكن ما يحدث الان ليس أكثر من محاولات تصدي مشتتة لحالة مد أسلمة الدولة، والهدف المعاكس لهذا المد هو تحقيق السيادة الحصرية للدولة العراقية الواحدة على جميع مواطنيها المتساويين بما يضمن لهم كافة حقوقهم. أما الأحوال الشخصية فهي يجب أن تكون عامة وواحدة لجميع المواطنين، ومن أراد مثلا أن يعقد زواجه على الطريقة الدينية فمن حقه القيام بذلك بمنتهى الحرية، ولكن بشرط أن يكون عقد الزواج المدني هو الرسمي والمعول عليه أمام الدولة وفيها. وهذا - بالمناسبة - ما تأخذ به أغلب الدول المعاصرة. أعود وأكرر ما قلته في تعقيب آخر وهو: لا بأس من التداخل الاضطراري بين الديني والمدني في أمور الأحوال الشخصية ضمن مرحلة انتقالية تكون فيها السيادة للدولة المدنية التي "يحلف الجميع باسمها" !. ثمة مثال لصيق بهذه الحالة هنا، ويمكن استلهامه ففي مصر، على سبيل المثال، ثمة حالة ووظيفة المأذون الشرعي الديني الذي يعقد عقود الزواج منذ أكثر من قرن، ولكن المأذون المصري ليس فقيها يقرر ويسن القوانين بل هو موظف تابع للدولة يقوم بوظيفة محددة وليست الدولة تابعة له ... إن ما يريده الإسلاميون الشيعة والسنة في العراق هو الأسلمة التدريجية للدولة أو المتاجرة الانتخابية بمحاولات الأسلمة الإعلامية وجعل رجل الدين والفقيه هو الأصل والمرجع الذي يسن القوانين والقرارات والأحكام القضائية في ما يتعلق بالأحوال الشخصية.... يتبع حول الخطيئة الأصلية في القرار 137 لسنة 2003.
الخطيئة الأصلية في القرار 137 لسنة 2003 : لقد بدأ هذا السعى لأسلمة الدولة العراقية وتطييفها "جعلها طائفية" منذ أن صدر قانون 137 في سنة الغزو 2003 عن مجلس الحكم سيء الصيت والسمعة، وبتوقيع عبد العزيز الحكيم رئيسه بالتناوب آنذاك. ولكن البعض ممن يزعمون معاداة التعديلات الرجعية للأحوال الشخصية لا يريدون أن ينظروا الى هذه الحقيقة! لماذا؟ لأنه من يمثلونهم من "تقدميين ومدنيين" كانوا قد شاركوا في استصدار القرار 137 الأسود ضمن المجموعة من الساسة وأشباه الساسة وغير الساسة الذين تطوعوا للعمل في خدمة الاحتلال ونظام المحاصصة الطائفية بحجة الحفاظ على " وحدة الصف الوطني"، وهي كانت في حقيقتها "وحدة صف حلفاء الاحتلال الأجنبي" والبعض من هؤلاء ينافقون اليوم ويحاولون طمس خطأهم وخطيئتهم الأصلية الانتهازية حين وافقوا على ذلك القرار في مجلس بريمر ويزعمون رفض التعديلات التي قدمها حزب عمار الحكيم اليوم بعد أن أيدوا القرار 137 الذي وقعه والده الراحل في الماضي القريب.
أختم بتسجل هذه الخلاصة: هناك مبالغات وتهويل إعلامي مضر جدا بخصوص هذه التعديلات من جانب رافضيها والمتحفظين عليها. وهذا ما قد يزيد من خطورة جعل هذه التعديلات أكثر سلبية ورجعية لاحقا، وسيكون من الأفضل والأكثر فائدة لهؤلاء المبالغين قراءة نص التعديلات قبل الكلام والكتابة حولها قراءة متمعنة. كما أن من الضروري أن يفصلوا بين ما ورد فيها نصا، وما يعتقدون أنها ستسمح به استنباطا إذا تم تمريرها في مجلس النواب بناء على ما ورد في تراث تلك المرجعيات الدينية وخصوصا في مواضيع الزواج والخطوبة وعقد الزواج والأهلية وإثبات الزواج والمحرمات وزواج الكتابيات والحقوق الزوجية من مهر ونفقة وطلاق وتفريق شرعي أو خُلْع والعدة والنسب والرضاعة والحضانة ونفقة الفروع والأصول والأقارب والوصية والإيصاء والوقف والميراث وكافة أحكام المحاكم الشرعية (الأحوال الشخصية). فهذه الأمور وخصوصا "زواج القاصرات" لم ترد في نص التعديلات المقترحة بل وردت في تعديلات حزب الفضيلة المهمل الان، وهي إذن مما يعتقد البعض بأنها ستكون قابلة للتطبيق بما يوجبه رأي الفقيه والمرجع الديني. أعتقد أن علينا جميعا أن ننأى عن المبالغات والتهويل ونلم ما أمكن بتفاصيل ونصوص الموضوع لنكون واضحين وصادقين مع العراقيين والعراقيات.
أختم بالقول إن من يزعم أن الإسلاميين في البرلمان لا يريدون أسلمة الدولة لأن الدولة مدنية أو لأن المرجعية العليا لا تؤيد الأسلمة وهي مع الدولة المدنية يغالط نفسه ولا يريد ان يرى الواقع كما هو في حقيقته. إن تيار الحكمة الحكيمي الذي قدم هذه التعديلات الرجعية والطائفية يدعو الى الدولة المدنية بل هو يزعم أنه لبرالي التوجهات والفكر 24 قيراط فهل هذا يعني شيئا؟ نعم، انه يعني إن ما يقوله الناس والساسة خصوصا عن أنفسهم لا يعني أنهم هكذا في الواقع، فالجميع يدعو الى الدولة المدنية ولكنهم كلهم يساهمون في عملية سياسية اميركية قائمة الى المحاصصة الطائفية والإثنية ودستورهم الذي لم يجرؤوا على تعديله والذي دعت المرجعية النجفية الى التصويت عليه بنعم وتحمست له يقوم على أساس دولة المكونات الطائفية لا دولة المواطنة المدنية... إسلاميو السلطة يتاجرون بكل شيء حتى بشعارات الأسلمة وأعرف انهم ليسوا صادقين في دعواهم ... وإذا أمرهم الأميركي غدا بأن يتحولوا الى ملحدين أو وجوديين أو ماركسيين لتحولوا وأوجدوا لذلك مساند وحجج شرعية!! علما بأن دعاة المدنية والعلمانية الرسميين والمشاركين معهم في العملية السياسية ليسوا أفضل من هؤلاء الاسلاميين وقد شاركوهم في إقامة نظام المحاصصة حجرا حجرا! إنهم يمزقون المجتمع العراقي بهذه التعديلات ويجب فضحهم والوقوف في وجوههم ورفض تعديلاتهم والدفاع عن قانون 188 باتجاه تطويره باتجاه تحرري أعمق وأنضج فهو الذي يضم أفضل ما موجود في جميع المذاهب الاسلامية وقد حمى المجتمع العراقي الذي كان يشهد الزيجات المختلطة المذاهب بكل هدوء ودون مشاكل طوال نصف قرن من التجاذبات والتمزق المجتمعي فلماذا هذه المغامرات والمتاجرة السياسية؟
*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العبادي داخل لعبة المتاهة الأميركية!
- العراق بين أحلام الثورة الشعبية وانتهارية فن الممكن
- دفاعا عن صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين
- صلاح الدين الأيوبي بين الخلافتين العباسية والفاطمية
- ماعلاقة صلاح الدين بالاستيطان اليهودي؟!
- لنقارن موقف الحزب الشيوعي من الاستفتاء بموقف آخر
- ما الموقف وقد أجري الاستفتاء؟!
- ج3/دولة موحدة - كونفدرالية- لا دولة اتحادية -فيدرالية-!
- ج2/حجج الرافضين لحق تقرير المصير الكردي والرد عليها
- ج1/بين استفتاء البارزاني وحق تقرير المصير لأمة الكرد!
- مجموعة كروكر: تعريفها ،أهدافها تركيبتها
- استفتاء الإقليم بين أكذوبة الفيدرالية وحقيقة الكونفدرالية!
- صلاح الدين الأيوبي والهجاء الطائفي المعاصر
- النكات والطرائف في بغداد العباسية تتحرش بالثالوث المحرم
- موقف هادي العلوي من اجتياح الكويت
- الحشد الشعبي بين الحل والمصادرة لمصلحة إيران
- إساءة نادية مراد لأهلها بزيارة إسرائيل
- خطاب الانتصار الموصلي وردود الأفعال
- لماذا التهجم على ثورة العشرين الآن؟
- حملة جاهلة وشتائمية ضد ثورة العشرين.. لماذا الان؟


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - تعديلات قانون الأحوال الشخصية والدين والدولة