أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن زهري - في المسألة السكانية!















المزيد.....

في المسألة السكانية!


أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة


الحوار المتمدن-العدد: 5689 - 2017 / 11 / 5 - 11:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتجدد بين الحين والآخر الاهتمام بالمسألة السكانية في مصر، إلا أن التعاطي مع المشكلة السكانية في مصر بنفس المفاهيم التي كانت سائدة في سبعينات وثمانينات القرن الماضي لا يمكن أن يصلح لهذا العصر الذي إختلفت فيه المفاهيم وتعددت الرؤى. وربما يضطرنا ذلك الى العودة الى المربع رقم واحد لنتساءل هل تعاني مصر حاليا مشكلة سكانية؟ الاجابة عن هذا السؤال ربما تكون من البديهيات، نعم لدينا مشكلة سكانية، فالزحام غير الطبيعي وجحافل التلاميذ والطلبة الذين يطرقون أبواب المدارس والجامعات كل عام وتدني الخدمات الاجتماعية والصحية لا يمكن أن يعزي فقط للتقصير الحكومي والمؤسسي. فلوكان عدد سكان مصر أقل لكانت حياتهم بلا شك أفضل. ولكن هل كان غائبا عن اذهاننا أن سكان مصر سوف يصل تعدادهم الى ما هم عليه الآن؟ لا شك أن توقعات السكان كانت متوافرة من خلال إسقاطات السكان التي تقوم بإعداها المراكز البحثية الوطنية والمؤسسات الدولية وعلى رأسها قسم السكان بالامم المتحدة الذي يقوم بإعداد هذه التقديرات بصفة دورية لكافة الدول. 

وطبقا لتقديرات قسم السكان بالأمم المتحدة سوف يصل عدد سكان مصر الى 120 عام 2030. والأهم من ذلك أن هذه الزيادة ليست صادمة أو غير معروفة، فكافة الدول يتوقع أن يزيد تعداد سكانها بمعدلات أكثر أو أقل ولا يمكننا بين يوم وليلة أن نتمكن من تخفيض معدل الزيادة في أعداد السكان لأن تخفيض معدل الزيادة في أعداد السكان - ولا أقول تخفيض الاعداد المطلقة للسكان - لا يتطلب فقط إستخدام الوسائل الطبية الكفيلة بخفض معدلات الخصوبة ولكن يتطلب جهودا أكبر في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية. فمن بديهيات علم السكان أن معدلات الإنجاب ترتبط إرتباطا سلبيا بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي للشعوب، فنجد أن الدول المتقدمة إقتصاديا وإجتماعيا تنخفض فيها معدلات الخصوبة، بينما تسود معدلات مرتفعة  للخصوبة في الدول النامية والاكثر فقرا. 

إذن العودة الى الخطاب الذي كان سائدا في سبعينات وثمانينات القرن الماضي لن يجدي نفعا لأن ظروف المجتمع المصري قد تغيرت لسببين رئيسيين أولهما تلك الثورة الاعلامية الهائلة التي تحول خلالها الاعلام من رسالة الى سلعة تجارية هدفها الربح ولم تعد هناك القوة المؤثرة للإعلام الوطني الذي إنصرف غالبية المواطنين عنه الى القنوات الفضائية التجارية، أضف الى ذلك إستحداث وسائط أخرى منافسة للإعلام الرسمي وغير الرسمي من بينها الانترنت ووسائل التواصل الإجتماعي والصحف الصفراء، فلم يعد الناس يتحلقون حول التلفاز لمشاهدة نشرة الساعة التاسعة الشهيرة - سابقا - أيام الإعلامي الراحل أحمد سمير. أما السبب الثاني فهو إزدياد الشك والتربص تجاه أية مبادرة حكومية وإن كانت في صالح الوطن.

أضف الى ذلك أن العودة لشعارات تنظيم الاسرة ما هي إلا خطوة للخلف لأن مؤتمر السكان الذي إستضافته القاهرة عام 1994 قد أسس لمرحلة جديدة من العمل في مجال السكان قائمة على الاختيار الحر وإختزال التدخل الحكومي في الرعاية الصحية للمرأة والطفل. وأكاد أجزم بأن إنطلاق مؤتمر القاهرة للسكان كان بداية النهاية لبرامج تنظيم الاسرة التي شهدها العالم لأربعة عقود سابقة على إنعقاد هذا المؤتمر. لقد تحول الاهتمام في القضايا السكانية بعد هذا المؤتمر الى الصحة الانجابية ثم بعد ذلك الى الحقوق الانجابية التي جعلت الفرد هو محور إتخاذ القرار فيما يخصه من مسائل متعلقة بتحديد عدد الاطفال المرغوب في إنجابهم وطريقة المباعدة بين الولادات وغيرها من المسائل المتعلقة بالحماية من الممارسات الضارة والفحص قبل الزواج والحماية من الامراض المنقولة جنسيا وغيرها. 

أما بالنسبة للنظرة الى الزيادة السكانية فقد تغيرت خلال العقدين الماضيين العديد من المفاهيم الثابتة وأصبحنا نتحدث عن النافذة الديموغرافية والمتمثلة في زيادة أعداد السكان في الفئات المنتجة إقتصاديا نتيجة لإرتفاع الخصوبة في عقود ماضية وكيف يمكن أن يتحول هذا العبء الديموغرافي الى فرصة ديموغرافية لدفع عجلة الانتاج من خلال التعليم والتدريب والتطوير، ولنا في تجربة النمور الآسيوية المثل والقدوة. فقد إستطاعت هذه الدول تحويل العبء الديموغرافي الى فرصة ديموغرافية إستغلتها في تطوير هياكلها الاقتصادية والإرتقاء الى مصاف الدول المتقدمة.

على الرغم من أنني لا أستطيع القول بدرجة عالية من التاكد أن ليس لدينا مشكلة سكانية، ولكنني أستطيع أن أقول بكثير من التأكد أن مشكلتنا أكبر من كونها مشكلة ناجمة عن الزيادة السكانية لأن ذلك يعد نوعا من التبسيط المخل لمشكلات إقتصادية وإجتماعية عديدة. لقد تأسست وتمأسست السياسة السكانية في مصر على أعمدة ثلاثة هي الزيادة السكانية المرتفعة وتدني الخصائص السكانية وسوء التوزيع الجغرافي للسكان. وأعتقد أن البعد الثاني من المشكلة لم ينل القدر الكافي من الاهتمام. إن مشكلتنا السكانية الآن ليست في الزيادة السكانية التي فشلنا في حلها ولكن مشكلتنا الاكبر في تحسين نوعية البشر بالعمل على تحسين الخصائص السكانية بما يؤدي للتأثير على البعد الاول - تلقائيا - فالأغنياء يزدادون غنى أما الفقراء والمهمشون فيزدادون أطفالا. أضف الى ذلك أن الدراسات الأكاديمية أثبتت أن هناك علاقة وطيدة بين التعليم والخصوبة، فكلما إرتفع المستوى التعليمي – خاصة بالنسبة للإناث – إنخفضت الخصوبة لأن التعليم يؤدي لتأخر سن الزواج فيقلل بالتالي الفترة الزمنية التي تكون فيها المرأة قادرة على الإنجاب. هذا بالإضافة الى أهمية التعليم في رفع الوعي بأهمية الأسرة الصغيرة والإهتمام بتنشئة الأطفال في ظروف أفضل والذي يؤدي بدوره الى إنجاب عدد أقل من الأطفال. يرتبط بالتعليم أيضا مشاركة المرأة في الحياة العامة ودخولها سوف العمل بما يؤدي الى خفض مستويات الإنجاب، ولكن ربما لإنخفاض جودة التعليم ومعدلات البطالة السائدة يقل تأثير هذه العوامل، وعلى ذلك فإن الحكومة مطالبة بخلق مناخ ملائم لمشاركة المرأة في الحياة العامة والذي بدوره لن يؤدي فقط الى خفض معدلات الخصوبة، بل يتجاوزها ليساهم في رفع مكانة المرأة في المجتمع بشكل عام والقضاء على التيارات الرجعية التي تتمنى عودتها الى عصر الحريم.



#أيمن_زهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدن الثقافة والهجرة
- قيمة التعليم في مصر
- وزارة الدولة للهجرة والمصريين بالخارج بين الفصل والدمج
- أهم عشر قضايا حول الهجرة والمصريين بالخارج خلال عام 2016
- تفجيرات الكنيسة البطرسية: قراءة اولية
- الدين بين العام والخاص
- الهجرة و (مكافحة) الإرهاب
- حجز مبدئي
- الهجرة غير الشرعية ... قراءة هادئة في ملف ساخن
- الهجرة غير الشرعية وشغل الحانوتية
- خفّف الوطء ... بمناسبة اليوم العالمي للسكان
- الشطّاف والإستنجاء من الغائط
- ورنيش بعسل النحل
- ملكة جمال المحجبات: دنيا ودين
- الهجرة وخلجنة المجتمع المصري
- مكتبتي الخاصة
- أهم عشر قضايا حول الهجرة والمصريين بالخارج خلال عام 2015
- تحولات الشخصية المصرية والنزوع للعنف
- مايوه شرعي
- كيف تنصر رسولك ... يا مغفل؟


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن زهري - في المسألة السكانية!