أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل صوما - الاساطير أقوى من الوقائع احيانا (2)















المزيد.....

الاساطير أقوى من الوقائع احيانا (2)


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 5686 - 2017 / 11 / 2 - 07:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اكمل في هذا الجزء مسألة الازمة الفلسطينية من زاويتها الدينية الاسلامية، بعدما تناولتها من الناحية التوراتية والسياسية والتاريخية، كما اشير إلى الاصرار على تمسك المسلمين بمصطلحات سياسية فارغة المضمون واهدار فرص التسوية المعقولة.
النصوص والتأويلات
رغم أن النص التوراتي أشار صراحة إلى الكنعانيين كأصحاب أرض، لا نجد أي عبارة فيه تقول إن الفلسطينيين كنعانيون، واسم فلسطين لا وجود له في التوراة، لأن وعد الرب جاء لإبرام ان تكون الأرض له ولنسله وعمره 75 سنة، عندما كان اسمها كلها ارض كنعان، وكان عليها شعوب ليس بينهم اليهود أو الفلسطينيين، الذين أتوا بعد ذلك لأن كلمة فلسطيني פִּלְשִׁתּי وتُلفظ بالعبرية "بالاشتي" تعني عابر أو مار بدون تصريح وهي توازي بالانكليزية trespassing وتعني الدخول بدون إذن، ما يعني أن من اطلقوا هذه التسمية عليهم حلوا في هذه الارض اولا.
هناك تناقض كبير حول أصول الفلسطينيين في المراجع اليهودية والاسلامية والمسيحية والمسيحية/الصهيونية وحتى دوائر المعارف، فالعرب يقولون انهم قبائل عربية، وغيرهم يقول انهم من جزيرة كريت، وقد ورد إسمهم على إحدى الجداريات الفرعونية بوادى الملكات في الأقصر وتعود لزمن الملكة حتشبسوت، على أنهم حطوا برحالهم في ساحل مريوط، فقام الفراعنة باجلائهم عن مصر فانقسموا لجماعتين، الجزء الأكبر حط رحاله بأرض كنعان التي أُطلق عليها إسمهم في ما بعد لأن اليهود تشتتوا في الارض، أما الجزء الأصغر فتوجه غربًا واستقروا بمدينة درنة الليبية وحولها، لكن بعيدا عن هذه التناقضات التي تصل إلى حد التلفيقات التاريخية احيانا، بسبب سيطرة الروح الدينية عليها وليس روح البحث، تقول كل الوقائع أن الجميع مهاجرون إلى تلك الارض ما عدا الكنعانيين، وفقا لأقدم نص مكتوب وهو التوراة.
من اللافت للنظر فعلا أن القرآن، وهو آخر كتب الادبيات الإبراهيمية، أيد التوراة تماما في مسألة حق اليهود في تملك أرض كنعان، وكان إطار السطور التي تحدثت عن هذه المنطقة تدور حول حقوق بني إسرائيل في الارض المقدسة، وهي سطور نهائية لم تُنسخ، حتى بعد أن غيّر الرسول محمد قِبلته من قِبلة اليهود عندما كان يعيش بينهم في يثرب، إلى قِبلة قريش بعدما دخل مكة بتوافق مع أهلها.
جاء في سورة الاعراف "وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون".
وجاء في سورة الانبياء "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون". وجاء في سورة الشعراء في إطار الحديث عن فرعون وقومه "فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل فأتبعوهم مُّشرقين". وجاء في سورة الانبياء "ونجيناه ولوطاً إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين ووهبنا له إسحاق ويعقول نافلة وكُلاّ جعلنا صالحين".
وجاء في سورة المائدة " وقال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم انبياء وجعلكم ملوكا وأتاكم ما لم يؤت احدا من العالمين . يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين". وقد اختلف أهل التأويل حول ما عناه القرآن بالارض المقدسة، وحسب الطبري: قال بعضهم هي الطور وما حوله، وقال آخرون عنى الشأم، وقال آخرون أريحا، وقيل الارض المقدسة هي دمشق وفلسطين وبعض الاردن. وقال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يُقال: هي الأرض المقدّسة، كما قال نبي الله موسى صلى الله عليه، لأن القول في ذلك بأنها أرض دون أرض، لا تُدرك حقيقةُ صحته إلا بالخبر، ولا خبر بذلك يجوز قطع الشهادة به. غير أنها لن تخرج من أن تكون من الأرض التي ما بين الفرات وعريش مصر، لإجماع جميع أهل التأويل والسِّير والعلماء بالأخبار على ذلك.
واضح أن وضع الصراع على فلسطين في إطار إسلامي يعني خسارة على الفلسطينيين المسلمين، الذين يجب أن يخضعوا لما ورد في قرآنهم، وكان استعمال الخطاب الديني من السياسيين العرب لاسترجاع ما ضاع قمة تجاهل ما ورد في كتابهم. أما الأمر غير المُفسر فهو دخول المتربحين من الاسلام سياسيا على الخط وإعلانهم "الجهاد المقدس" لإسترداد "أرض مقدسة" ليست لهم من الاساس حسب كتابهم، ومن المفترض أن يكونوا أدرى الناس بما ورد فيه.
الوقائع والمزايدات
يعود الفضل للرئيس أنور السادات في نقل الصراع بين اليهود والمسلمين من الشعوذة الدينية والمزايدات عديمة القيمة والشعارات مستحيلة التفيذ إلى أرض الواقع، بعد مبادرته وبدء الحوار المباشر العلني بينه واليهود، ما يعني ضمناً انه تفاوض مع دولة يعترف بها، وأعلن أن الفلسطينيين يجب أن يتفاوضوا بأنفسهم لا أن يتفاوض أحد عنهم، ما أدى بعد ذلك، رغم إتهام السياسيين العرب له بخيانة "القضية" والجهاديين بأنه خرج من "ساحة الجهاد"، إلى اتفاقات بين الدول العربية واسرائيل بفضل المفاوضات المباشرة منها اتفاقيات أوسلو التي أقامت لأول مرة سلطة وطنية فلسطينية على أرض فلسطينية، وقد هددها التعنت الإسرائيلي في ما بعد لأن الفلسطينيين نسوا هدفهم الاساسي وهو إقامة دولة/هوية والتعايش مع أصحاب حقوق آخرين في "الارض المقدسة" حسب قرآنهم، إلى صراعات في ما بينهم جعلت من "الدولة" مجرد مصالح تٌقسم حسب اهواء اللاعبين الاقليميين وليس الفلسطينيين.
قرن مَرّعلى وعد بلفور تروي فصول احداثه أخطاء جسيمة كبيرة تحتاج إلى النظر للمستقبل بواقعية، لأن الرئيس أنور السادات تمنى على الاطراف العربية، خصوصا الفلسطينيين، الجلوس معه للتفاوض مع اليهود على أراض كانت خالية سنة 1977 وحتى توقيع إتفاقيتي كامب ديفيد في أيلول/سبتمبر 1978، واليوم يفاوض الفلسطينيون على أراض فيها مستوطنات، بينما هم لا عملة خاصة بهم ولا مطار أو مصادر طاقة وبنية تحتية مستقلة ولا حدود لهم معترف بها دوليا، ما يعني ان المُفاوض الفلسطيني يجب أن يلتزم الواقيعة ليفاوض على ما تبقى ويبني عليه واقعا صغيرا يكبر مع الايام.
المرض والاعراض
من أهم الامور التي يجب النظر إليها بواقعية، إعادة النظر في المصطلحات السياسية العربية التي يستعملها السياسيون والمتربعون على عروش الاعلام لتخدير الشعوب وليس لعلاج الأزمة، وأهمها "القدس المحتلة" وهي تعني واقعيا وسياسيا وإداريا أرض "القدس الشرقية" التي احتلتها إسرائيل سنة 1967، وكانت تابعة للملكة الاردنية، وليست المدينة كلها. المسلمون رغم المفاوضات العلنية والسرية كافة مع الدولة اليهودية ما زالوا يستخدمون هذا المصطلح لتحاشي الاعتراف بدولة موجودة إعترفت بها الدول منذ سنة 1948 وفيها سفاراتها وقنصلياتها، أمام شعوبهم المُخدرة دينيا وسياسيا بمصطلح "دولة مزعومة"، أو "كيان صهيوني" الذي لم يزل الازهر يردده، رغم اتفاق السلام الموقع بين دولتي مصر وإسرائيل.
أهدر المفاوض الفلسطيني أهم فرصة واقعية لإسترجاع "القدس الشرقية" سنة 2000، حين قرر الرئيس بيل كلينتون حل الأزمة بما هو مُتاح، ووصل مع ياسرعرفات ورئيس وزراء إسرائيل آنذاك إيهود باراك، إلى حل قام على إستعادة أكثر من تسعين في المائة من أراضي الضفة الغربية، وكل قطاع غزة للفلسطينيين، وربطهما بطريق سريع، تحت سيادة دولة فلسطينية مستقلة منزوعة السلاح. وورد في الاتفاق إعادة المسجد الأقصى وقبة الصخرة للفلسطينيين، وهما أهم اجزاء القدس للمسلمين، واستُثني الحي اليهودي وحائط المبكى، لأنهما كانا سيوضعان تحت إشراف دولي حسب الاتفاق.
لم يحضر ياسر عرفات إلى الجلسة الاخيرة للتوقيع على الاتفاق وأرسل وفداً بديلاً عنه إلى واشنطن أبلغ الرئيس بيل كلينتون الرفض. رفض ياسر عرفات الحل الواقعي وفضّل شعارين كاذبين هما "تحرير فلسطين من النهر إلى البحر" و"تحرير القدس". رفض ياسر عرفات الواقع مفضلا الشعارات التي تبقيه زعيما يقف على شرفة مقره في آذار/مارس 2002 يقول للفلسطينيين بصوت متهدج: أنتم شهداء..شهداء..شهداء، وهم يكّبرون ويهللون ويصفقون. رفض فرصة واقعية سنة 2000 لوقف تغيير المعالم وفرض الواقع اليهودي أكثر فأكثر على القدس الشرقية، وكانت النتيجة ارتفاع موجة الجماعات الفلسطينية المترّبِحة من الاسلام سياسيا بشعاراتها غير الواقعية، مثل "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، التي قامت بتنفيذ عمليات مسلحة ضد مواطنين يهود، استخدمتها الدولة اليهودية لإفشال مفاوضات جديدة جرت في طابا بعد ذلك، وتدمير غزة بسبب صواريخ القسّام، وهي مجرد ألعاب نارية خطيرة جدا لا جدوى منها سوى اثارة الحماسة والمعاناة من الخراب، بسبب تفوق جيش إسرائيل الكاسح على مجموعة تعمل تحت الارض بأقنعة.
لا سبب واضحا من جانب عرفات سوى الضغوط إسلاميا عليه لإفشال مشروع الرئيس كلينتون، فياسر عرفات كان يفاوض وأوراقه يقرأها الاخوة الزعماء المسلمون. لا شيء سرياً لدى عرفات سوى مكان نومه وحساباته في البنوك التي اختلطت فيها أمواله بأموال "القضية".
فشل وراء فشل للسياسيين في التعامل مع خيارات السلم والحرب بسبب شعارات كبيرة رفعوها امام شعوبهم ولا يستطيعون تنفيذها، أو لأسباب دينية غير واقعية حسب نصوص الادبيات الإبراهيمية كافة!



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأساطير أقوى من الوقائع أحيانا
- فارق التوقيت سبب عدم التوافق وكراهية الآخر (2)
- فارق التوقيت سبب عدم التوافق وكراهية الآخر
- بولين هانسون لم تحرض على الاسلام بل الظلاميين
- الادبيات الإبراهيمية بين صناعة الفتن والوئام (2)
- الادبيات الإبراهيمية بين صناعة الفتن والوئام
- التحايل على القانون والشريعة حلالٌ عند المتزمتين
- نفاق المسجد الكبير وورطة دول العالم
- منع النقاب حمايةً للشخصية القومية
- بناء المدارس أفضل من الجوامع في البلاد المتزمتة
- الخليفة الحالم بعضوية الاتحاد الصليبي
- إذا كان الدين تنمّرا فالمجد للعلمانية
- المفعول السادس الذي أضافه المتزمتون للنحو
- عقائد الدول وطقوس الغيبيات
- الظلامية أخطر من يافطة الخلافة
- الحب قيمة غربية والعلم نورن
- ديموقراطيات غيورة على سلامة الإرهابيين
- سجود الشكر في الملاعب استفزاز وجهل
- ما العلاقة بين المهاجرين غير الشرعيين والمسيحية؟
- في ذكرى اعدام شعباني الذي شنّ حربا ضد الله


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عادل صوما - الاساطير أقوى من الوقائع احيانا (2)