أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - أفقٌ فى وجه العاصفة














المزيد.....

أفقٌ فى وجه العاصفة


محمد السعدنى

الحوار المتمدن-العدد: 5683 - 2017 / 10 / 30 - 17:24
المحور: الادب والفن
    


وليكن ...
لابد لى أن أرفض الموت
وأن أحرق دمع الأغنيات الراعفة
وأعرى شجر الزيتون من كل الغصون الزائفة
فإذا كنت أغنى للفرح
خلف أجفان العيون الخائفة
فلأن العاصفة
وعدتنى بنبيذ .. وبأنخاب جديدة
وبأقواس قزح
ولأن العاصفة
كنست صوت العصافير البليدة
والغصون المستعارة
عن جذوع الأشجار الواقفة
- محمود درويش –
من قصيدة وعود من العاصفة.
تأمل القصيدة واختزن فى مخيلتك ماذا عساه يقول محمود درويش. كانت القصيدة ملكه صارت الآن لك، هكذا هو الشعر والفكر والأدب. وقديماً قالوا: المعنى فى باطن الشاعر، أى هو وحده الذى يعرفه، لكننى أقول: كان زمان، لما تسألنى أقول لك كان زمان. المعنى لك وأنت من تحدد وجهة العاصفة، ضدك أم معك. القصيدة عاصفة هبت على فكرك ووعيك وراحت تتفاعل داخل أفكارك وذائقتك ومخيلتك، فلربما أنتجت بالمبنى الذى هى عليه معنى له دلالة عندك، فأصبح المعنى فى باطنك أنت، ولعل هذا ماقصد به المفكرون عملية العصف الذهنى، إذ تهب الأفكار كما عاصفة تحرك فكرك، ربما باتجاه العاصفة وربما على العكس منه، لكن المؤكد هو أنك بعد القصيدة، أنت لست كما كنت قبلها، هكذا أيضاً مع الرواية و القصة و اللوحة التشكيلة والفيلم والمقال والمسرحية. وهذه هى قدرة العمل الفنى على الإلهام والتأثير والإيحاء والشحن والحشد، والقصيدة فى القلب منه.
وشاعرنا الكبير محمود درويش هنا يقف – كما أنت احياناً – أمام العاصفة، فماذا فعلت به؟ هى لم تقتلعه من جذوره كما أى عاصفة، ذلك أنه صلب فهو فارس المقاومة بالكلمة والمبادرة والفكرة، فنظر للعاصفة باعتبارها وعد لا غدر، فراح يغنى، وليكن، أى رغم أى شئ وكل شئ، فهو يرفض الموت، ويحرق دمع أغنياته الحزينة الراعفة: أى السائلة النازفة، فراح يعرى شجرة الزيتون من كل الغصون غير المورقة ولا المثمرة، هنا تبدى أيجاب العاصفة ووعودها، بأنخاب جديدة، والنخب رمز احتفال بانتصار أو نجاح أو تحقيق أمنيات، وقوس القزح هنا رؤية جديدة تلون الحياة بالجمال، فالعاصفة كنست فى طريقها الغصون البالية، واخذت معها أصوات العصافير البليدة، وهيات الجو لأغنيات الفرح.
هذا مافعله درويش بان أعطى أفقاً جديداً لحاله ورؤاه وذاته وهواه، فتعلم منه كيف تطوع العاصفة، إذ هى فكرته العبقرية كيف استقبل العاصفة بأن وضع نفسه فى الموقع والموضع اللذان لايسمحان لها أن تجرفه ليعاقر الموت والضياع، ذلك أنه يعرف قدر نفسه وأين ينبغى أن يتموضع؟ وكيف يختار موقعه وأين يضع ذاته، وزاوية إطلاله على الحياة والكون والطبيعة والموت والأغنيات الحزينة والفرح.
هل فيما فعله درويش ما يصعب عليك إتيانه وتكراره؟ وهل يمكنك – أنت أو أنا أو من هو غيرنا – أن يفعله؟ هذا هو السؤال، وهو موقوف بما تعرفه عن نفسك وقيمتها فتتخير أين تضعها وأين تظهرها وكيف تبعدها عن الأزمة، أى أزمة تراها مواجهة لعاصفة، وكم فى حياتنا من أزمات وعواصف.
وهنا تلقف من السؤال الكاتب التايلاندى الشاب "شين بوراناهيران" وراح يروى حكايته الموحية: "كان الصبى اليافع بادى الغضب والحيرة تبدو عليه علامات التوتر وعدم الرضا، لاحظ ذلك والده الحكيم، اقترب منه وسأله عن حاله، فباغته الصبى: يا أبى ألا ترى مانبيت فيه نصحو فيه، ومع كل ماأبذله من جهد لاشئ فى حياتى يتقدم، ولا أحداً من الناس يعيرنى اهتماماً، فما قيمة حياتى هذه؟ ابتسم الحكيم وناوله حجراً طلب إليه أن يذهب فيبيعه فى السوق، واشترط عليه: إذا سالك أحد عن السعر فارفع إصبعيك دون أن تقول شيئاً، ثم عد وأبلغنى بالسعر. ذهب الصبى للسوق وسألته سيدة: كم سعر ذلك الحجر؟ أود وضعه في حديقتي، لم يتفوه الصبي بكلمة ورفع إصبعيه، فقالت السيدة: دولارين؟ سأشتريه. أخبر الفتى والده فطلب منه أن يذهب بالحجر إلى متحف قريب، وطلب منه أن يلتزم بما أوصاه، سأله أمين المتحف عن سعر الحجر، فرفع أمامه إصبعين، فقال الرجل: مائتا دولار؟ سأشتريه. عاد لوالده وأخبره فطلب منه أن يذهب إلى متجر أحجار كريمة وأوصاه: أره للمالك ولا تقل شيئا وإن سأل عن السعر فارفع إصبعين فحسب، وفى المتجر سأله الرجل: أين وجدت هذا الحجر؟ هو من أكثر الأحجار ندرة في العالم فبكم تبيعه؟ رفع الفتى إصبعيه فقال الرجل: سأشتريه مقابل مئتي ألف دولار . إندهش الفتى وركض إلى والده يخبره بالسعر الجديد، وهنا عاجله والده: كنت تسأل عن قيمة حياتك، الآن يابنى تعلمت الدرس وعرفت الحكمة وراءه، إذ لايهم من أين أتيت ولا كيف كانت حياتك، مايهم هو أين تقرر وضع نفسك، فى السوق أو المتحف أو مع الأحجار الكريمة. ولعلك عشت حياتك بأكملها ظنا بأنك حجر بقيمة دولارين فرآك الناس كذلك، بينما كل شخص يحمل ماسة بداخله وعلينا إختيار أن نحيط أنفسنا بمن يرى قيمتنا والماسة التي بداخلنا. الآن عليك أن تغنى للفرح وتصنع لنفسك أفقاً فى وجه العاصفة.



#محمد_السعدنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوسف زيدان: ماذا يريد ذلك الكاتب اللجوج؟
- لا تضعوها فى حظيرة الدجاج
- لمن قربانك اليوم يا سيد عمرو؟!
- جمال عبد الناصر وبهتان عمرو موسى
- وبضدها تعرف الأشياء
- رجل غاب قمره وحضرت حكمته
- فنجان قهوة على الحائط
- داروا مع الشمس فانهارت عزائمهم
- بين روما ومونبلييه: رحلة في الفكر والتاريخ
- كن رجلاً ولا تتبع خطواتى
- وسقطت ورقة التوت فى الشعيرات
- المحاضر والتجربة والحكاية
- يأكلون مع الذئب ويبكون مع الراعى
- السيد ياسين: الأفكار أبداً لاتموت
- شبح أوباما يراود الخليج ويشعل المنطقة
- مصر لاعب محتمل في نظام عالمي جديد
- ترمب اختيار الدولة الأمريكية العميقة وليس ثورة عليها
- البديل السياسى والرقص مع الذئاب
- حوار الغضب والأمل مع شباب 25/30
- الإيكونوميست وأخواتها: تاريخ من الترصد والمغالطة


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد السعدنى - أفقٌ فى وجه العاصفة