|
في تاريخ العراق السياسي ..!!
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 5683 - 2017 / 10 / 29 - 23:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تاريخ العراق السياسي منذ القدم صعب ودموي ، حافل بالكوارث والانتفاضات ، ويزخر بالاستبداد والقهر والقمع والارهاب الفكري ، ومشروعات القتل والاغتيالات والتحريض وقطف الرؤوس ، في حين نجد تاريخ العراق الحضاري من سالف الأزمان مبدع ومدهش حقاً ، قدم للانسانية والحضارة العربية أعظم المنجزات الثقافية والفكرية . فقد ظهر في الحياة السياسية والعلمية العراقية الفلاسفة والعلماء والأدباء والشعراء والمؤرخين والرواة والنحاة والمؤرخين واصحاب المدارس من اللغويين والمعربين والمثقفين والمفكرين العظام والاطباء المشهورين .
لقد تعرض المشروع العراقي في وجهه الرائع الناصع للتهميش ولهجمات مروعة من قبل أصحاب الشارع السياسي ، من جبابرة وعتاة وبرابرة طغيان ، وقادة مستبدين ، وحكام جلادين .
وسادت في العراق ظاهرة الشعبوية ، التي راح ضحيتها أروع الاصوات من أصحاب الفكر والأدب ، الذين اتهموا بالكفر والالحاد والزندقة ، ومنهم على سبيل المثال ابن المقفع الذي وضع في تنور واجلسوه على مسامير واغلق التنور عليه .
كما لا ننسى مأساة الحسين بن منصور المعروف بالحلاج ، الذي اتفق علماء بغداد على كفره وزندقته ، وأجمعوا على قتله وصلبه ، فلقي مصرعه مصلوباً بباب خراسان المطل على دجلة ، على يدي الوزير حامد بن العباس ، تنفيذاً لأمر الخليفة المقتدر في القرن الرابع الهجري .
فضلاً عن معاناة اخوان الصفا والاشاعرة ، ومصرع " أبو الطيب المتنبي " ، بسبب قصيدته التي قالها في ضبة بن يزيد القبي ، الذي عرف عنه الغدر بكل ما نزل به ، وكان بذيء اللسان ، وابيات هذه القصيدة احتوت على أبشع الألفاظ وأقذع العبارات .
وهناك من يقول ، وكما تعلمنا في المرحلة الثانوية أن المتنبي قتله بيت شعره :
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
ومروراً بكل الانعزالات في التاريخ السياسي العراقي ، وصولاً الى العصر الحديث ، حيث شهد الاعتقالات والملاحقات والاغتيالات التي طالت عدداً من المفكرين والمثقفين ورجالات السياسة والفكر من التيارات اليسارية والشيوعية وأهل الثقافة والأدب العراقيين في ظل حكم صدام حسين الاستبدادي الديكتاتوري ، ما جعل الكثير منهم الى الفرار والهجرة الى البلدان المجاورة والدول الغربية خوفاً على حياتهم .
لقد شكلت الاستنارة الثقافية والفكرية مصدر قلق وازعاج بالنسبة لحكام العراق ، وللمؤسسة الدينية والحركات السلفية والتيارات الاصولية وجماعات الاسلام السياسي ، ومن وقف ويقف في وجه ممارساتهم وأفكارهم فأنه يواجه بالملاحقة والمضايقة والتكفير والاقصاء والايذاء والنفي والسجن ، ويصل الأمر الى القتل والاغتيال وأعواد المشانق .
ما يجري في العراق اليوم بحق المثقف أو أي صوت ناقد للتطرف والتعصب والانغلاق والديكتاتوريات والفساد السياسي وسياسات المحاصصات ، هو سياق وسلوك ونهج قديم جديد ، وجزء من سلوكيات الماضي ، ولنأخذ مثلاً الأستاذ كامل شياع ، ذلك المثقف العراقي الأصيل ، الذي حمل في قلبه وصدره روح وقيم وشموخ العراق وطعم نخيله ، وكان عاشقاً لثقافة العراق المتجددة ، الملتصق بتراب وهواء ونسيم وماء العراق ، الذي قتله الجناة الظلاميين الأشرار الجهلة في لحظة دموية على جسر محمد القاسم في بغداد .
المثقف العراقي لا يمكن أن ينتظر التصفيات حتى تناله الواحد بعد الآخر ، مثلما تم العبث والجريمة المنظمة بالاكاديميين والاعلاميين العراقيين .
لقد سقط كامل شياع وغيره من رفاقه ومجايليه لانهم يملكون شجاعة العقل والقلب ، وسددوا تظراتهم الى عيون الوحش الكاسر .
ان ما يحدث في العراق هو الخطر الداهم ، الذي سيأخذه الى الدمار والتهلكة ، ولذلك فالمطلوب من كل المثقفين العراقيين بكل اتجاهاتهم العقائدية وتوجهاتهم الغكرية ، اطلاق صرختهم بوجه الاغتيالات والتصفيات الجسدية ، وضد قمع الأصوات الديمقراطية المطالبة بالحريات ، والوقوف صفاً واحداً في خندق وحدوي من اجل ابقاء كلمتهم ، وصلابة موقفهم ضد فرق الموت الارهابية والسلسلة الجهنمية وقوى البطش والطغيان والموت ، وأن يسري العمل بالقانون العراقي ضد القتلة والمجرمين وعصابات التكفير والارهاب الفكري ، وقوى الشر والدمار والخراب .
( كاتب وناقد فلسطيني )
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا استعجلت الرحيل يا رزق ..!
-
تحية حب وتقدير ووفاء للرفيق المناضل قدري أبو واصل ..!!
-
آمال عواد رضوان شاعرة الرقة والجمال والانوثة وسحر الكلمات ..
...
-
في احتجاب - الموقد الثقافي - ..!!
-
الشاعرة العراقية وفاء عبد الرزاق تحاكي وجدانها ، وتغمس يراعه
...
-
شبابنا العرب الى أين ..!!
-
الواقع العربي وثقافة المستقبل ..!
-
مع الفنانة الفلسطينية هويدا نمر زعاترة
-
محمود درويش واتفاق اوسلو المشؤوم ..!!
-
ماذا يريدون من سوريا ..؟!
-
ريم نبيل زحالقة تكتب قصيدتها باحساسها ..!!
-
اعتداء غاشم على مقهى ليوان الثقافي ..!
-
الطائفية في العراق - وجهة نظر ..!!ً
-
لبنى دانيال .. الغوص في عمق الوجدان والتألق مع نبع الشعر !
-
حفل تابين لراهب كنعان الشاعر والمفكر الفلسطيني أحمد حسين
-
في الشأن الفلسطيني ..!!
-
بشرى اتفاق القاهرة ..!!
-
- ذريني مع الريح - باكورة أعمال الشاعر عبد القادر عرباسي
-
في ذكرى وفاته ال ( ٣٧) : عبد الكريم الكرمي ( أبو
...
-
باقة زهر فلسطينية الى الشاعر البروفيسور فاروق مواسي في عيده
...
المزيد.....
-
هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا
...
-
إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
-
شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران
...
-
قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ
...
-
كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا
...
-
هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله
...
-
الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
-
مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب
...
-
مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال
...
-
روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|