أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد أبو مطر - ماذا خسرنا وماذا ربحنا















المزيد.....

ماذا خسرنا وماذا ربحنا


أحمد أبو مطر

الحوار المتمدن-العدد: 1467 - 2006 / 2 / 20 - 09:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان هذا السؤال هو نهاية مقالتي السابقة حول الطريقة التي تم فيها التعامل مع الرسوم المسيئة للرسول ( ص ) من وجهة نظر المسلمين المؤمنين ، وكيف تمّ إستغلالها من قبل وكالات تجارية مدعومة من عباءة ودشداشة ولحى وعاظ السلاطين الذين يسكتون على ممارسات الحكام الطغاة ، ويدعون لهم بالدوام والنصر على الشعوب المغلوبة على أمرها والمسلوبة كل حقوقها ، ومن قبل النظامين السوري والإيراني اللذين إعتقدا أن حرق السفارتين الدانمركية والنرويجية يقوي موقفهما أمام المجتمع الدولي الذي يلاحقهما من أجل جريمة إغتيال الحريري السورية والملف النووي الإيراني ....والآن ماذا خسرنا وربحنا كعرب ومسلمين من الطريقة التي تم التعامل بها مع هذه القضية ؟؟.

حسابات الربح

إذا كان هناك ربح واحد فهو أن ردود الفعل الهمجية هذه ، أوصلت رسالة مفادها أن الشعوب الإسلامية والعربية ، لا تقبل الإساءة لرسولها الكريم وأنها لا تقبل التعامل الغربي مع دينها الإسلامي كما يتعامل الغربيون مع دينهم المسيحي ورموزه الدينية التي لا تخلو من الإستهزاء والإستخفاف ، وهذا في حد ذاته إنجاز مهم لأنه سيجعل كل من يود الإساءة للإسلام والرسول (ص ) بعد الآن يفكر طويلا قبل أن يرتكب إساءته هذه وفي الغالب لن يرتكبها ثانية .

حسابات الخسارة

أما حسابات الخسارة فهي كثيرة ، عند تعدادها ومقارنتها بالمكسب الوحيد السابق الذكر، وتعداد المسألة بحسابات النقاط التجارية ، سوف تغلب الخسارة على الربح ، ولو كان المسلمون غيورين فعلا على رسولهم الكريم ودينهم العظيم لأدركوا كم خسروا وأساءوا له ، وهي خسارة وإساءة تحتاج إلى جهد وعمل كبيرين كي يمكن تعويضها ....أهم هذه الخسارات التي ألحقتها ردود أفعالهم هذه بالإسلام هي :

أولا : ترسيخ الصورة السلبية عن الإسلام الموجودة أساسا في غالبية الأذهان الغربية من جراء العديد من العمليات والمواقف بدءا من أحداث الحادي عشر من سبتمبر الأمريكية ، وتفجيرات باريس ولندن ومدريد ، هذه الأعمال التي لم تستثن العرب والمسلمين أنفسهم كما يحدث في العراق منذ ثلاثة سنوات حيث الذبح اليومي وقطع الرؤوس أمام كاميرات التلفزيون، وفي غالبيتها العظمى لعراقيين من كافة الفئات والطوائف ، وبشكل همجي لا إنسانية فيه ، فهل يشرف الإسلام والرسول ( ص ) أن يتم تفجير مسجد للسنّة ويليه تفجير حسينية للشيعة ؟. ولماذا سكت الغيورون على الرسول عندما أعلن العام الماضي المجرم الزرقاوي حربه القذرة على المسلمين الشيعة ؟. وهل هو من أخلاق الإسلام تفجير المدنيين العراقيين وقتلهم بالآلآف في حفلات الفرح ومجالس العزاء ، والعرب والأجانب العاملين في الهيئات والمؤسسات الإنسانية لمساعدة الشعب العراقي ، وكل هولاء القتلة يعلنون عن جرائمهم هذه بأسماء ومسميات كلها تحمل إسما أو صفة إسلامية ، وسط سكوت مخجل من غالبية شيوخ الإسلام وفقهائه .... وكما حدث في الأردن في التاسع من نوفمبر لعام 2005 حيث تمّ تفجير حفلة زفاف لعرب مسلمين راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى . في الذهن الغربي إن المتوحشين الهمج الذين لا يرحمون بني قومهم العرب المسلمين ليس غريبا عليهم أن يرتكبوا هذه الجرائم ضد الأجانب في بلادهم وفي أقطار الأجانب ذاتها ، فهل من السهل أن ينسى الأوربيون منظر المغربي ( محمد بويري ) وهو يطلق الرصاص على المخرج الهولندي ( فان جوخ ) في شوارع أمستردام ثم يشقّ فمه وحلقه بالسكين، وفي المحكمة يفتخر بذلك ويتوعد بفعل المزيد بعد إطلاق سراحه!!.

ثانيا : الخسارة النظرية والفكرية لحركة الدعوة الإسلامية التي يركز دعاتها ونشطاؤها على روح التسامح والمحبة والإخوة التي يتميز بها الإسلام وحمايته لمعتنقي الديانات الأخرى وسرد عشرات القصص من تاريخ الفتوحات الإسلامية التي تعزز هذه الأطروحات النظرية . كيف سيتلقى المستمعون الأوربيون والأجانب عموما هذه الدعوات النظرية بعد ما شاهدوه من أعمال همجية ضد سفارات بلادهم والتهديدات الموجهة لمواطنيهم الذين أضطروا لمغادرة بلادنا سريعا وأعقبها سحب بعض سفرائهم وتحذيرات لهم بعدم التوجة لبلادنا . كيف سيستقبل هولاء الأجانب الداعية الإسلامي عندما يقدم لهم الآية القرآنية ( وادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) وقوله تعالى ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) وقوله تعالى ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ) ، أو قول الرسول ( ص ) ( جئت لأتمم مكارم الأخلاق ) أو زيارة الرسول لجاره اليهودي وعفوه عمن أساءوا إليه وأهانوه ؟؟. هل من السهل أن يصدّق الأجانب من معتنقي الديانات الأخرى هذه الأطروحات النظرية عن الرسول ( ص ) والإسلام بعد أن رأوا وشاهدوا طبيعة ردود أفعال المسلمين والعرب منهم تحديدا على الرسوم التي أساءت للرسول ( ص ) ، وهي لا ترقى إلى واحد بالمائة من إساءات العرب والمسلمين أنفسهم لرسولهم ودينهم و إساءات معاصري الرسول له ، وكيفية رده عليهم بما يفحم المسيئين أنفسهم فلا يعودوا لتكرار أعمالهم البذيئة .

ثالثا: الخسارة الميدانية التي تمثلت في إعادة نشر الرسوم المسيئة فيما يزيد عن عشرين صحيفة أوربية وعربية وإسلامية ، أي نشر الإساءة في العالم أجمع بعد أن كانت محصورة في جريدة دانمركية لا يسمع بها أحد في العالم ، وهذا في حد ذاته خسارة كبيرة عممت الإساءة للرسول (ص ) وهذا يذكرنا بحديث الرسول ( ص ) : ( من الكبائر شتم الرجل والديه ) . قالوا : يا رسول الله وهل يشتمّ الرجل والديه ؟ . قال : ( نعم ، يسبّ أبا الرجل فيسبّ أباه ، ويسبّ أمه فيسبّ أمه ) ، رواه البخاري و مسلم .

فلنتصور كم كنّا سنكسب لو أنه عند نشر الصحيفة الدانمركية للرسوم المذكورة ، تمّ تشكيل وفد من المسلمين من عدة أقطار ومنها مسلمو الدول الإسكندنافية ، وذهبوا لمحاورة صحفيي الجريدة ورئيس تحريرها ، وبيان حجم الإساءة للمسلمين من هذه الرسوم وتذكيرهم أن لحرية الرأي والتعبير حدود وضوابط ، وأن مجتمعاتنا العربية والإسلامية تتعامل مع الدين الإسلامي والرسول الكريم بطريقة مغايرة لتعاملهم مع ديانتهم المسيحية ورموزها الدينية ، و عليهم أن يكفوا عن هذه الإساءات ويعتذروا صراحة للمسلمين كي لا يثيروا غضبهم ، وأن عدم الإعتذار ليس في مصلحتهم ولا مصلحة الحوار بين الحضارات والأديان الذي ينادون به في الغرب ، وعليهم أن يفهموا أنهم يتناقضون مع أنفسهم عندما يبررون هذه الإساءات بحرية التعبير ، إذ أنهم لا يسمحون لمسلم أو عربي أو أوربي أو أمريكي بالتشكيك في الهولوكست اليهودي أو الكتابة عن المبالغات فيه بدليل إحالة الفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي للمحاكمة بسبب كتابه (الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل ) ومحاربة كتاب نورمان فنلكشتاين ( صناعة الهولوكست )، وبدأنا بعد ذلك حملة دولية لإصدار قوانين عالمية تمنع التجديف بحق الدين الإسلامي فهو كدين سماوي له من السمو والإحترام ما يستحق أن يحاسب قانونيا المسيئين إليه أكثر بكثير من ملاحقة المشككين في الهولوكست كما حدث ويحدث ، رغم إدانتنا لها ولجرائم الإحتلال الإسرائيلي التي هي أيضا هولوكست حقيقي ضد الشعب الفلسطيني ، ولا تجد إدانات تذكر قياسا بملاحقة من يشكك في الهولوكست أو المبالغة فيه كما هو وارد في كتاب فلنكشتاين المشار إليه .

إن التعامل مع قضية الرسوم لو تمّ بهذه الطريقة الإنسانية والأخلاقية ، طريقة الحوار المقنع والمفحم ، لكسب الإسلام والمسلمون الكثير ، ولأعطوا صورة حضارية مشرقة عن الإسلام والمسلمين ، بدلا من التشويه الذي ألحقوه بهم وبالإسلام من جراء ردود الفعل اللا إنسانية التي ذكرناها . وما زالت الفرصة هذه متاحة إن تملّكت القيادات العربية والإسلامية الحكمة والشجاعة وطالبت بوقف الإحتجاجات ، واعتذر النظامان السوري والإيراني صراحة عن حرقهما المتعمد للسفارتين الدانمركية والنرويجية ، وبعد ذلك نطالب بالحوار ضمن الأطر والمفاهيم والأهداف التي ذكرتها سابقا ، خاصة بعد الإعتذارات المتكررة للصحيفة الدانمركية والنرويجية والعديد من المسؤولين في البلدين ، ومن نتائج ذلك أن أظهر إستطلاع أخير للرأي في الدانمرك أجراه معهد ( جالوب )لصحيفة (بيرلنجسك ) الدانمركية ، أنّ أكثر من نصف الدانمركيين يتفهمون سبب شعور المسلمين في جميع أنحاء العالم بالغضب تجاه رسوم الكاريكاتير ، وأنّ تسعة وأربعين من المشاركين في الإستطلاع يعتقدون أن صحيفة ( يلاندز بوستن ) أخطأت بنشر هذه الرسوم ، وأن ستة وخمسين في المائة من المشاركين أدركوا أن المسلمين تضرروا من الرسوم المسيئة للرسول ( ص ) ....فهل يبدأ عقلاء العرب والمسلمين هذا التحرك ؟؟؟.
[email protected]
www.dr-abumatar.com



#أحمد_أبو_مطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان ذلك إنتصارا للرسول؟
- وصلت الرسالة الدانمركية...وماذا بعد؟؟؟
- عن مؤتمر فيينا والمقاومة والعنف والإرهاب !
- حركة حماس : الغاية تبرر الوسيلة
- قيس عبد الكريم : الفلسطيني العربي
- المسلمون في أوربا : كيف يمارسون وجودهم ، تعايش أم صراع ؟؟
- إدانة القرضاوي وفقهاء قطر..هل تشمل الأعمال الإرهابية في العر ...
- جنازة الحريري إستفتاء شعبي لبناني على رفض الوجود السوري
- حول البرنامج السياسي لحزب الوحدة الديمقراطي في سوريا


المزيد.....




- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد أبو مطر - ماذا خسرنا وماذا ربحنا