أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد سلامة - أزمة التغييريين في لبنان















المزيد.....

أزمة التغييريين في لبنان


فؤاد سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 5682 - 2017 / 10 / 28 - 19:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الذين راهنوا على الحراك المدني في لبنان، وأنا واحد منهم، مدعوون ﻷن يعترفوا بفشل رهانهم. لماذا فشلنا، لماذا فشلوا؟
ليس ما ينقص قوى التغيير في لبنان القدرة على فهم الوقائع واستنباط الحلول. ما يبدو أن التغييريين في أمس الحاجة إليه هو القليل من التواضع والواقعية السياسية، وباﻷخص مغادرة الحالة اﻹنتظارية الناتجة عن تجارب مريرة عانوا بسببها الخيبة واﻹحباط المزمن.
المراقب المحايد والموضوعي لمسار القوى التغييرية في لبنان منذ نهاية الستينات مرورا بالتجربة المريرة والمدمرة للحرب اﻷهلية وانتهاء بمسيرة الحراك المدني منذ صيف 2015 يستطيع بسهولة استخلاص بعض العبر والانطباعات من تجارب الحركات التغييرية.


اﻻنطباع اﻷول هو أن التغييريين هم أشخاص شجعان ورؤيويون، ولكن شجاعتهم تصطدم بالعجزعن التخلص من آفة النجومية والفردانية التي تجعلهم يتحركون غالبا في دوائر صغيرة يحاولون من خلالها فرض وجهة نظرهم بدل الوصول لتفاهمات مشتركة. يفضح هذا السلوك النزعة اﻷنوية - الشللية والرغبة بالبروز كقادة متنافسين، لا كأفراد في فريق عمل متكامل ومنسجم. حصيلة الحراك المدني صيف 2015 ، تكشفت عن مجموعات مشرذمة تتخبط في تحركاتها وشعاراتها، غير قادرة على التنسيق فيما بينها، وعن قادة يتنافسون على الصورة من دون قدرة على كسب التأييد لقضاياهم، مايفسر فشلهم في توحيد صفوفهم بهدف استقطاب أوسع الفئات الشبابية والشعبية للمشاركة في حراكهم.


معظم التغييريين يمتلكون حساسيات يسارية، ﻷن أفكار اليسار شكلت قوة جذب للمثقفين والجامعيين وجميع الحالمين بتغيير المجتمع وتطوير النظام. اليمين عادة لا يستهوي التغييريين ﻷنه محافظ ومصلحي. ولكننا بدأنا نجد قوى تغييرية في أوساط اليمين الليبرالي، غالبا ما تتشكل من أشخاص ناجحين اقتصاديا وطامحين للتغيير، يجهدون لتشكيل أحزاب جديدة يثبتون من خلالها أهليتهم السياسية إضافة لكفاءتهم الاقتصادية، وذلك ليأسهم من العمل في أحزاب عائلية تحد من طموح اﻷفراد ومن صعود الكفاءات كما هو حال معظم اﻷحزاب اللبنانية.


القوى التغييرية اللبنانية أمامها فرصة ﻹثبات جديتها وجدارتها السياسية من خلال خوض معركة الانتخابات النيابية. إحراز نجاح يذكر في هذه الانتخابات لا يتحقق إلا بالتخلي عن النزعة الفردية والقبول بالعمل في إطار جماعي ومؤسساتي معارض. إذ كيف يتم انتقاد جماعة السلطة لكونهم لا يحترمون المؤسسات في الوقت الذي يعجز المعارضون التغييريون عن التصرف كفريق عمل معارض جدي ومسؤول يتصدى لمهمات وطنية جليلة؟


المحك اﻷهم لقياس جدية القوى المعارضة هو من خلال توحدها وثباتها في الموقع اﻹصلاحي الديمقراطي عبر تقديمها نموذجا يقتدى ومن خلال اتفاقها على تقديم دعم جماعي منسق لترشيحات تمتلك مصداقية وليس من خلال إظهار تنافسها على دعم ترشيحات فئوية هزيلة لا تمتلك الحد اﻷدنى المطلوب من المؤهلات السياسية والكفاءة ونظافة الكف والاستقلالية عن الطبقة السياسية الطائفية التحاصصية. شرط نجاح قوى التغيير في الانتخابات سيكون متوقفا على تشكيل لوائح موحدة في كل الدوائر على أساس برنامج إصلاحي واقعي ومحدد، ما سيزيد حتما من جاذبية المعارضة ويرفع حظوظها في الفوز بتمثيل برلماني وازن تستطيع من خلاله البروز كقوة إصلاحية مؤثرة تعمل من داخل المؤسسات لتنفيذ برنامجها وإعادة إحياء الحياة السياسية في البلد.


ثمة قوى تقدم نفسها على أساس أنها قوى إصلاحية وتغييرية تهتم ببناء دولة القانون والمؤسسات القوية والعادلة. ولكن عند وضع هذه القوى تحت مجهر المراقبة والتحليل يتأكد أنها لا تختلف في شيء عن أحزاب الطبقة السياسية، كونها تستعمل مفردات التقدم والعدالة والدفاع عن الفقراء من أجل تعزيز الهيمنة على طوائفها واكتناز الثروات الشخصية والعائلية لا أكثر.


اقتناع التغييريين بضرورة مغادرة الحالة الانتظارية وبالحاجة إلى العمل الجماعي الديمقراطي المنظم طويل النفس يستلزم أن يتخلوا نهائيا عن أحلامهم وأوهامهم بقيام حزب "طليعي"، واﻷهم أن يقبلوا بأن يكونوا أفرادا عاديين لا نجوما في تيار التغيير المرتكز على المواطنة الذي لا بد أن يقوى عوده مع اشتداد أزمة الدولة والمجتمع في لبنان. إن أفضل طريقة لتوسيع اﻷطر التغييرية أفقيا هي في تعاونها من خلال خطط عمل مدروسة ترتكز على برامج تنموية وإصلاحية واقعية وتراكمية وليس راديكالية وانقلابية.


نحن عشية انتخابات نيابية تجري ﻷول مرة بدرجة معينة من النسبية. في ظل اﻷزمة المستفحلة للنظام السياسي وللطبقة السياسية التحاصصية المتنازعة على الصفقات، ستكون هذه الانتخابات فرصة فريدة لاختبار جدية قوى التغيير اليسارية واليمينية وقدرتها على التعاون في سبيل قيام جمهورية حقيقية تعيد للقيم الجمهورية معناها، وهذا يتطلب الكثير من الواقعية في بناء التحالفات وصياغة البرامج. ليس الهدف على أمد قريب تجديد النظام اللبناني بشكل كامل، بل إعادة إيقاف الدولة الفاشلة على قدميها وذلك عبر إصلاحات تدريجية تعيد لتلك الدولة وهجها وقدرتها على القيام بدورها الاقتصادي، والسياسي والأمني.


اﻹصلاح هو المطلوب أولا، ولهذا اﻹصلاح برنامجه وأدواته، التي لن تكون طبعا على غرار برامج وأدوات أحزاب السلطة التي استهلكت شعارات اﻹصلاح والتغيير والتحرير والتنمية، وباقي عدة الشغل للطبقة السياسية التحاصصية المستهلكة.
الكثير من مدعي اﻹصلاح داخل اﻷحزاب التقليدية التي تتقاسم كعكة السلطة ومغانمها يقولون ﻷبناء طائفتهم الناقدين والمستائين من زعمائهم، يقولون لهم، معكم حق في انتقاداتكم ومطالبكم ولكن عليكم أن تعملوا من داخل أحزابكم التي تدافع عنكم، من أجل اﻹصلاح والتغيير. السؤال البديهي لهؤلاء اﻹصلاحيين، هو، ما هي نسبة اﻷمل في اﻹصلاح داخل أحزاب تتوارث القيادة والجمهور والعقارات والحسابات البنكية الممتلئة؟


وأما السؤال لدعاة التغيير داخل اﻷحزاب العلمانية التقليدية المعروفة، فهو، ما هي نسبة اﻷمل في إصلاح أحزاب بيروقراطية تنتفي داخلها آليات العمل الديمقراطي الحقيقية وعلى رأسها حرية التفكير والتكتل والشفافية والمحاسبة عبرمؤتمرات دورية تسمح بانتخاب القيادات بشكل ديمقراطي؟
الشرط اﻷول لخروج التغييريين من حالة المراوحة الدائمة يعرفه الجميع، وهو الخروج من حالة التقوقع والتشرذم عبر العمل بروحية القيادة الجماعية المنتخبة الخاضعة للمحاسبة الدورية، وبعقلية الفريق المتكامل لا عقلية الفرد الفذ والقائد اﻷوحد. وهو الشرط الضروري أيضا لتشكيل قطب جاذب ومغري للفئات الشبابية والشعبية الحالمة بدولة عادلة وقوية تهتم بمواطنيها وبرفاهيتهم.


لكي تستطيع القوى التغييرية على أمد متوسط استقطاب الفئات الشعبية الخائفة والمستنفرة طائفيا ضد أي حراك مدني لا يستظل أحد أجنحة التركيبة المذهبية، ينبغي برأيي أن تحرص المجموعات التغييرية على أن تخرج من عباءة الثنائيات الطائفية، وألا تقصرنقدها على جهة طائفية محددة، وأن تتمسك بالمطالب اﻷساسية وبالخطاب الجذري المناهض للفساد. وينبغي أولا وآخرا أن تتعاون فيما بينها على برامج مرحلية تحمل هموم المواطنين ومطالبهم وتعطيهم املا واقعيا بالتغيير.



#فؤاد_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معا من أجل الديمقراطية وحقوق المواطنين
- لأوسع ائتلاف معارض في لبنان في مواجهة -الطبقة السياسية-
- الديمقراطيون في لبنان: صوت واحد في معركة موحدة
- صوت واحد، معركة واحدة
- -سبعة-، أول حزب لبناني عصري و.. ديمقراطي
- شروط قيام ائتلاف مدني ديمقراطي في لبنان
- ليسارعصري في لبنان بعيداعن الشعبوية وحلف الأقليات
- الحراك المدني في لبنان: خطوتان إلى الأمام، خطوة إلى الوراء
- الحراك المدني اللبناني بين 8 و 14 آذار
- النخب السياسية الإسلامية مطالبة بثورة فكرية
- فدرالية الهلال الخصيب الديمقراطية, ضمانة للأقليات وللأكثريات
- اليسار والإسلام السياسي
- ياسين الحاج صالح, ومسألة القيادة الثورية في الداخل السوري..
- شيعية سياسية صاعدة في جمهورية طائفية منهارة
- في ضرورة نقد قبيلة المقاومة
- الثورة النسوية السورية.. ضمان انتصار الثورة السورية
- تحالف الأقليات أم حكم الأكثرية؟
- اليسار العربي -الجديد-: رفض النمطية والديكتاتورية
- -الممانعة- أمام لحظة الحقيقة
- الرهان على سوريا, لبنانياً..


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد سلامة - أزمة التغييريين في لبنان