أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - تَنَحَّي أيتها النقاهة لأرقصَ بقامتي الفارعة














المزيد.....

تَنَحَّي أيتها النقاهة لأرقصَ بقامتي الفارعة


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 5679 - 2017 / 10 / 25 - 19:25
المحور: الادب والفن
    


تَنَحَّي أيتها النقاهة لأرقص بقامتي الفارعة


يُحدّثني جسدي لائماً :
أعجبُ منك أيها الغريبُ الذي أتلبّسهُ مرغما
يومَ أذنَ اللهُ أنْ يلفظَــك رحمُ أمّك ويستودعَـك فيّ
أشرتَ لي أن أظهرَ عريانا ، ملطّخا بالدماء
بلا جراحٍ سوى تظاهرةٍ حمراءَ تترقبني لاحقاً
يزفّني البكاءُ الى عالمٍ فسيحٍ غارقٍ بالآثام
أنامُ على أرضٍ عاقّــةٍ ، امتلأت بالشرور
سريري مهْدٌ خشبيّ صنعوه من شجرةٍ لا تثمر
أتغذى لبَنا خالطهُ دمٌ من ثدْيٍّ معارٍ بثمنٍ بخس
منذ أن ماتتْ أمي وهي تتمخّضُ بي
حبوتُ وقويَتْ أطرافي
تحسّستِ الارضُ جِلدي
دعكتْني بأديمِها وترابِها ، عفّرني
وأرمدَ عينيّ ، التصقتُ بها أمّاً رؤوما
ذقتُ اول " بروڤا " عذابٍ ووعدتني بالمزيد
ستقلعُ غصناً اخضرَ من ذات الشجرة المهْد
يلسعُ ظَهري كهراوةِ شرطيٍّ حانق
يحمرُّ جسدي سياطا من جِلْد حيوانٍ ..
ماتَ طريدةً خائفة
ومن حوافر خيولِنا المهزومة
تُصنعُ كمّاشاتٍ لتقلعَ أظفاري
تعلّقني مقلوبا على مروحةٍ منزوعةِ الرياشِ
في سجْنٍ صحراويٍّ ناءٍ
أرفعُ يدي مُكْرَهاً لتُفتحَ لي بواباتُ المرارات
تفتحُها على مصراعيها مرحّبةً مهللة
تدورُ بي فأرى كلّ صداع المحزونين المأسورين
وهبتُ لحمي لأنيابِ الوحوش طعْماً رائقا
نذرتُه للضواري والكواسر الجائعة
وبقبضةِ ساطورٍ حادِ الحوافي
يتقسّم جسمي ثلاثا
فذا رأسي رهينةٌ لمحقـقٍ قذر اللسان
يستجوبني مخبولا بسكوتي
وافتضاح سرّي
وذا صدري ينوءُ بأثقالهم
ويخسفُ أضلاعي ليدنو من قلبي
وثالثة الأثافي ، ظَهري خارطةٌ للسعات سياطهم
كم لاعَبوا عورتي هازئين بي
خدشوا فكري بالشتائم
بصقوا في صحْني ، لوّثوا زادي مِنَّــةً
أرمَى أخيرا في زنزانة محشوّة باليأس
يسامرني القملُ وآثار الموتى
تصدمُني الشعاراتُ المصبوغةُ بالدم على الجدران
أتلمّسُ بشَرتي الواهنة المحروقة
افترشْتُها منفضةً لرماد سجائرهم
ومطفأةً لجْمرِ أحقادِهم
أيّ جسدٍ صدَفيّ يطيق أثقالك !
كم من جلاّدٍ أبصرتَ نفثَ في وجهِك سبابَه !
كم من كدمةٍ تلقّيتَ خرجتْ يدُها النجسة
من دورة المياهِ بلا اغتسال !!
كم من حذاءٍ لعقتَ بلسانِك توسّلاً
لتطلبَ هنيهةً من الهدوء !!
أتذْكرُ البلطةَ التي فتّـتَـتْ عظمَك ؟
ماءَ النار التي اكتويتَ من وقْعِها على خصيتيك
أما زلتَ تشتم السماءَ وأربابَها
لانها ساكتةٌ كالمقابر ؟
غير انها تزداد هياجا وعويلا
تمطرُنا بتهديدِها ووعيدِها
تصمّ أذانَنا بصخبِ الويل والثبور
حالما ترتخي حبالُهم برهةً
سألوي عنقَك أيتها الحياةُ المريرة القاسية
أمرّغ فيكِ الأرض
قبل أن تُحيليني رفاتا
قبل أن أسحقَ بسرفاتِ دباباتهم
وأشنق بحبالِهم ويُخنق عنقي بأكفِّهم
فاني تعلمتُ أن اتلقّى النيران الصديقة
يوم صُدعَ رأسي بمطارقِ " البروليتاريا "
وحُزّت رقبَتي بالمناجل البلشفية
وقُيّض لي أن أكون أذنا صاغية
لعواء السلفِ الصالح وعربدة الثوّار
حينما يعتلون أكتافَـنا في التظاهرات
تزبدُ أفواهُهم بالهياجِ
يُخيّلُ اليّ إني عقدتُ وثاقا محكما
بين عنُقي ودائرة المشنقة
منذ ان ارتديت البدلة الحمراء عنوةً
على يد سجّاني
وبمباركة فضيلة المفتي
وموافقة الرفيق الشيوعيّ
كل مناي ان أتشفّى منكم
حرمتموني ان ارقصَ فرحا
وأعدّ العدّة لأتعلم " البانتونيم "
أدور في حلقات الرقص مزهوّا بجسدي
أريكم عروضي الجميلة لتأسر أنظاركم
عوضا ان تَدمى وتتورّمَ أطرافي بزنزاناتكم
ما ضرّ لو كنتم ندمتم عن معاصيكم !!
هاتوا لي مشفى يعيدُ لي فتوّتي
يقوّمُ أقدامي
ويُلينُ جسدي
يُصقلُ حنجرتي
لأمتهنَ براعة الغناء
وأغرّد راقصا
أطيرُ مع الفراشات مرحا بين الورود
ستنبتُ رياش جناحيّ التي قصصْتموها
أوشكتْ نقاهتي ان تنتهي قريبا
لأنتفض من جسدي ، زنزانتي الضيقة
فافرشوا لي السجادة الحمراء
وصُفّوا مُصفّــقيكم وحاملي عبارات الترحيب
شُفيتُ تماما من خزعبلات السماء والأرض
أنا الآن أجهز بقامتي الفارعة

جواد غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طائرٌ في سوق الغزل البغداديّ
- صباحٌ مغمّسٌ بريشةٍ سوداء
- بعض مسالك ومهالك الحبّ في التراث الادبي العربي
- لُقَىً بخِسة في خَرِبة وطن
- العقيدة الدينيّة من التقليد الى العقلنة
- مرثية بعنوان -- مَلَلٌ و عِلَلٌ --
- أخطبوط الفساد في العراق
- زيارةٌ لها في الليلة الأربعين
- ليتني أعيش مع أقوام الهونزا
- الاوطان الحبيسة في كيس الفئران
- لماذا نتقن تشويه وجه الحرية ونطمس جمالها ؟
- حينما تنقلب الحركة الى صمتٍ هائل
- قبلاتٌ بشفاهٍ ريّا لوطنٍ بلا وجه
- الحياةُ حينما تأنسُ الموتَ
- الاشجار وتعلّقها بالموسيقى الراقية
- حصّالة مدّخرات شاعر
- عندما تتسامى غبطة الابداع وتتهاوى حطة الحروب
- لقاءٌ مع صديق محزون
- متى نتحضّر ونرتقي بعيدا عن الوثنيات الجديدة ؟
- قصيدة - وحدةٌ وتوَحّد -


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - تَنَحَّي أيتها النقاهة لأرقصَ بقامتي الفارعة