أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وليد المسعودي - أخلاقيات السجن - أخلاقيات العذاب














المزيد.....

أخلاقيات السجن - أخلاقيات العذاب


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1467 - 2006 / 2 / 20 - 09:50
المحور: حقوق الانسان
    


يشكل السجن ضمن حيثياته المطلقة ممارسة دائمة وضبط مستمر لحركة الأفراد من خلال تلك القدرة على المراقبة والمعاقبة والسيطرة والشمول والأخضاع ، ومن ثم لايشكل ذلك السجن سوى ممارسة دائبة لضم المختلف والمتعدد عن نسق الحياة الاجتماعية خصوصا إذا أرتبط ذلك بسجن المجتمعات وتمثلهم ضمن نسقية الافراد السلطويون وإرادتهم ، بحيث يغيب عن ذلك كل تعددي يضفي المتسامح والمرتبط بحرية الافراد من حيث القدرة على التأثير والفعل الاجتماعي الذي يساهم في زحزحة الشروط المساهمه في جعل الافراد خارج نطاق الفعل الحر والوجود الاجتماعي غير المؤسس على الضم السلطوي الجمعي من قبل القوانين والاطر الاجتماعية والثقافية الممارسة كتعبير نهائي وافق مغلق لا يعمر مجالا من التطور والتغيير الى آفاق اكثر رحابة وإنسانية .
فمجتمعاتنا محكومة ضمن جسدها السياسي ماضيا وحاضرا وفق آلية او نسقية ( السلطة – الاستبداد ) ، ومن ثم هنالك تمثلا حقيقيا مستمرا لذلك الإهمال لطبيعة الجسد الإنساني ماديا ومعنويا ، حلما ويقظة ، وعيا ومعرفة وإدراكا ، وهكذا تغدو جميع الأطر الثقافية السائدة ما هي إلا نتاج العهود البالية من التعامل مع الجسد الإنساني ومن ثم رميه في زاوية الخطيئة والعصيان والخروج عن إرادة السلطة التي لايهمها ذلك الجسد بقدر اهتمامها بمسألة الخضوع والطاعة والتمثل الأعمى لإرادتها ، هذه العهود البالية هي من عملت على سجن الافراد ضمن نسقية إن الأخر ينتمي ضمن دائرة الخروج عن العالم السرمدي والمجال المطلق للقيم والافكار التي يؤصل من خلالها حقيقته فحسب ، هذه الحقيقة تبرر الإلغاء والقطع النهائي مع الانسان جسدا وروحا تتمثل في مختلف التيارات التي تستبعد الافراد والمجتمعات عن جاهزيتها السلطوية العنفية وتؤسس فيما بعد السجن لدى افرادها المتمثل فيهم وعي الاصل والنموذج النهائي للأفكار والقيم ، ومن ثم تصور العالم في جاهلية مطلقه وخروج مطلق عن ذلك الأصل النموذج المشكل عبر تاريخ طويل من تعددية الأنساق السلطوية المبثوثة في زوايا التاريخ العربي الإسلامي الرسمي .
ان السجن في محتواه العذابي لم يبدأ من جاهزية الذات العراقية ماضيا وحاضرا بل تمثل مع سجن " الحضارة " المسلحة والقادمة وما ارتكبته من شرور وأذى وممارسة التعذيب بدورها للذوات البشرية الواقعة تحت هيمنتها ، رغم ان هذه الأخيرة أي " الحضارة " المسلحة تصدر الآن نماذجا للحرية والديمقراطية واحترام حقوق الأنسان وإن كان بشكل دعائي وفارغ من أي محتوى حقيقي ، هذه الحضارة تمارس مع الذات ذلك الإهمال المطلق للجسد الانساني ليس من خلال التعذيب وممارسة القسوة ضد السجناء بل من خلال التوحد مع أخلاقية القيم النهائية التي يحملها هؤلاء السجناء القادمون من اجل نسف وتفجير الجسد الانساني العراقي البسيط ، ذلك التوحد لم يكن معمولا عليه بين إبان الدكتاتورية البغيضة ، إذ لم يكن السجناء يحملون اية هوية عنفية او إدراك العالم ضمن سيرورة نسق العنف النهائي ، كانت الدكتاتورية تمثلا حقيقيا ومفارقا لسجن مطلق لاتوجد هناك اية لغة متوحده بين قيم واخرى حيث كان الدكتاتور في دائرته الوحيده من الانتهاك والتردي الاخلاقي والقيمي والانساني ، ومن ثم شكل زواله ثمنا باهضا وأليما متمثلا بصيرورة العراق ضمن نسق السجن الاكبر سجن السلطة المطلقة والقيم الراغبة في جعل البشر متماثلين وأدوات خاضعه للطاعه والعبودية والتشيؤ.
ان ماجرى في مؤخرا من عملية تعذيب للسجناء داخل السجن السري في بغداد لايمثل عراقا يراد له ان يتجازو تاريخية العذاب بمختلف أشكاله والوانه بدءا بالتربية على قيم تؤصل التهميش والالغاء وجعل الإكثرية المجتمعية تعيش في عالم " نفايات " وإنتهاءا بالاجترار الطبيعي لسلطة تغيب الجماهير ولاتعمل على إنتاج وعي الحرية والتمدن والتسامح من خلال تغيير الشروط اللانسانية المعاشة والمكررة بشكل دائم على ذاكرة المجتمعات ووجودها الإنساني اليومي ، ومن ثم لانكرر الازمنه الغابرة والمظلمة التي شكلت ضمن تاريخية الذاكرة العراقية إرثا هائلا من المنع والحضر والضبط ، ومن ثم رسوخ لأخلاقيات السجن ،الذي يقود الى إجتراح العنف كمحصله نهائية مؤثرة على المجتمعات ومغيبة عنها جميع عوامل انبثاق التمدن وتشكل الانسنه وسياقاتها القائمة على احترام جوهر الوجود الانساني
كيف نعمل على تجاوز ذاكرة السلطة العذابية التي تبث الاستبداد واهمال الجسد الانساني من خلال
• العمل على تفعيل مؤسسات المجتمع المدني كقوى ضغط ضد اية عملية تغييب وابعاد لجوهر الانسان ووجوده ، هذه المؤسسات لاترتبط بإرادة الهيمنة التي تبثها الدولة وجاهزيتها العنفية ، انها مؤسسات توعية تعنى بإنتاج الحرية داخل المجتمع ، من خلال التأثير على الدولة ، تطالب وتضغط وتمارس وجودها بشكل علني وتفضح جميع الأساليب والانتهاكات التي تمارس ضد الانسان العراقي سواء من قبل الدولة او من قبل الجماعات المتشددة التي تبث قيم السجن واخلاقياته بشكل يومي على وعي المواطن العراقي
• تشكيل وعي شعبي يطالب بزحزحة الشروط اللانسانية التي تعيشها اكثر الطبقات الاجتماعية المغيب عنها الحضور الانساني المتمدن ، ومن ثم لايكون لدينا سلسلة طويلة من التراجعات نحو زعامات مطلقة وهيمنة افراد على جميع مقدرات البلد كي لاتضيع الوطنية بالشعارات والسجون والمنافي ويصبح الوطن ملكا لاقلية نافدة لديها الحضور والسطوة والتأثير أكثر من غيرهم
• العمل على الوقوف امام قدرة التهميش التي تمارسها الايديولوجيا القادمة وخصوصا تلك المعبرة عن جعل الوطن واقعا تحت طبيعة محاصصية نافية لجوهر التعددية الاجتماعية والثقافية والاثنية للمجتمع العراقي بلا انحيازات معينة لفئة او طائفة دون غيرها ،ومن ثم لايكون هناك سوى الانتماء للوطن والمواطنة من خلال ترسيخ هذه الاخيرة ضمن جميع مفاصل المؤسسات والدوائر التي تمتلك سلطة القرار السياسي والاقتصادي والثقافي لدى المجتمع العراقي



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعلام العربي .. الى اين
- مشروع الدولة في العراق بين الطائفة والعرق
- الفلسفة والدولة
- تخلف السياسي - تبعية الثقافي
- ماذا تريد الدولة من المجتمع؟
- وظيفة الرئيس .. نظرة مستقبلية
- المواطنة .. وعي مؤنسن داخل المجتمع
- نحو ستراتيجية عراقية لمواجهة الارهاب
- الدولة العراقية وآفاق المستقبل
- المثقف والمؤسسة .. جدلية الرفض والقبول
- العنف الذكوري ضد المرأة
- الذات العراقية بين احتلالين
- المرأة العراقية بين الواقع والمثال
- أدلجة الحقيقة - عنف المعنى
- الديمقراطية والحركات السياسية الاسلامية
- شريعة الافكار
- الدولة الناشئة في العراق -السيادة والديمقراطية
- جسر الأئمة واساطير السياسة
- الذات العراقية من تأصيل العذاب الى تأبيد الاغتراب-نحو إعادة ...
- ميشيل فوكو والنزعة الانسانية


المزيد.....




- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وليد المسعودي - أخلاقيات السجن - أخلاقيات العذاب