|
من وحي البراءة
يسرى الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 5676 - 2017 / 10 / 22 - 17:26
المحور:
الادب والفن
كلَّ يومٍ أقِفُ أمامَ منزلنا وبـ التحديد أقفُ بـ جانب عمود الكهرباء ويدي اليمنى تلتف حولهُ وكـ أنّها تحضنهُ لا أدري لماذا كنت أفعل ذلك !! وبين جلوسٍ ووقوف على تلك الدكّة ِ الكونكريتيةِ التي تحيط بـ أسفل العمود تترائى لي من بعيد جحافل التلاميذ وهم عائدين َمن المدرسة فـ ألمحُها من بينِهم فـ أترك العمود راكضة ً نحو البيت بـ سُرعة البرق وبـ صوتٍ عالٍ أنادي : " أمّي .. أمّي .. حلّت المدارس " ! ومن ثَمّ أخرجُ على جناحِ السرعة لـ أستقبِلها ولـ أحمِل عنها حقيبتها المدرسية التي كانت بـ النسبة لي كـ ثِقَلِ جبلْ لكنّي لم أشعر ُيوماً بـ ذاك الثُقل بـ سبب شعور الفخر والفرح الذي كان يغمرُني عند حملها في كل مرة وكـ أنّي وزيرٌ وأختي هيَّ الملكة ، وسعادتي تتعالى عندما أعطّرُ مسمعي بـ بعض الحكايا التي تهمسها أختي وزميلاتها عن عالم المدرسة الذي كنتُ أتوق جدا ًلـ دخوله __________ __________
وذات حُزنْ لم تذهب اختي الى المدرسة ولم تعد فـ قد ماتت رجاء !! لكنّ شعوري لم يَمُتْ وبقيت كلَّ يومٍ أمارس الطقوس ذاتها وأحتضنُ عمود الكهرباء وأنتظر وأنتظر ويتعُبني الرواح والمجيء وتصفع ُ وجنتيَّ الشمس وتُحرقُ جدائلي الذهبية ويعود التلامذة ويمتلئ الشارع بـ ضجيج أصواتهم ما هذا !! أين رجاء لِمَ لم تعد معهم ؟ لـ ربما تأخرت قليلا ًسـ أنتظر لـ بضع الوقت بـ هذه الكلمات كنت أحدّث نفسي واظلُّ كـ ذلك حتى يفرُغ الشارع تماماً من جنس التلاميذ حتى أيأس من عودتها فـ أعود أدراجي الى البيت أجرّ أذيالَ إنكساري فـ أجد امّي سكبت الغداء وتقول : هيّا تعالي يسرى تناولي غدائكِ فـ أجيبها : مهلاً امّي فـ لـ ننتظر رجاء !! ومن يومها والجُرح ذات الجُرح والدمعة ذات الدمعة رجاء .. كم أشتاااااقكِ ياشقيقة الروح __________ __________
أخيتي هل تعلمين كم عمراً من الأحزانِ عشت دونكِ كم لَبِثتُ وأنا أكذِبُ على نفسي وأمنّيها بـ عودتكِ الى الحياة وكم كذبتُ على مجموعةِ ألعابي وأخبرتهم بـ أنّكِ سـ تأتينَ بين لحظةٍ وأخرى حاملةً ألعابك لـ نلعب سوية لُعبتنا المفضّلة ً"بيت ابو بيوت " دونَ أن أدرِ أنَّ بيتنا الكبير سـ يُهدّم ذات يوم دون َأن أعي أن أبانا الحبيب وأمانُنا الوحيد سـ يتركني ويلحق بكِ هكذا رحلتم جميعاً وتركتم سِياطَ الوحدة تجلدُني ونيران الغربةِ تسعرُ في قلبي __________ __________
أحياناً أكره نفسي لـ أنّي مُنيتُ بـ ذاكرةٍ قوية اتمنّى لو أنسى جزءً منها او أصاب بـ فقدانٍ تام ٍ لـ الذاكرة فـ ذكريات البراءة تؤجج براكين الحنين فيّ كَبُرت يارجاء وياليّتني لم أكبُر ياليّتني مِتُّ معكِ او مِتُّ بدلاً عنكِ كَبُرتُ يارجاء وكَبُرَتْ همومي وادركت أن َّ حياةً تخلو من الأخت كـ جنّةٍ بـ لا ثمر ، كـ شمسٍ بـ لا نور ، كـ عينٍ بـ لا بصر __________ __________
كم أحتاجكِ كم اشتاق لـ أهمس لكِ بـ ما يخالجني من مشاعر كم أتمنّى أعيش تلك اللحظات التي تحياها الأخوات في هذا العمر من يأتيني بكِ من يوصلني إليكِ أعيش شتاتٍ لـ ربّما لن يلملمه إلا تربيت يدكِ الصغيرة لا أخفيكِ !! أحياناً أشعرُ بـ ظُلم الأقدار لي وكـ أنَّي أحيا بـ حُجرةٍ بـ لا سقف ولا جدران ليس فيها سوى الأرض وأنا وآثار الراحلين لكن يجبرُ خاطري قوله تعالى : (( لَيّسَ ٱللهُ بـ ِظَلّامٍ لـِ ٱلعَبِيد )) __________ __________ مهما تقادمت الأعوام سـ يبقى جُرح رحيلكِ نازفاً وسـ تبقى نيران فقدكِ مضرمة تلتهم سنيَّ العمرِ حنيناَ رجاء يانهراً لم يُسعفني القدر لـ أرتويَ منه وياملامحاً لم تَغِبْ عن مُخيلتي أبداً أشتااااااقُكِ وإحتاجُكِ جداً أختكِ الوحيدة يسرى
#يسرى_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قيصري الآسر
-
هبة الله
-
معك
-
دعني أتنفس حرفا
-
المشتاق
-
حلقات مفقودة
-
الشتاء
-
إحتدام المشاعر
-
قمران مغريان
-
أيّّها الفاتِنُ الجَريء
-
فلسطين
-
عبوة حب
-
البرزخ
-
لك وحدك
-
مشاعر مبعثرة
المزيد.....
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا
...
-
-الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -
...
-
أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج
...
-
الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
-
وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على
...
-
البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل
...
-
الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب
...
-
كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|