أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ارا خاجادور - قراءة في صفحة من سفر كفاحنا المسلح







قراءة في صفحة من سفر كفاحنا المسلح


ارا خاجادور

الحوار المتمدن-العدد: 1466 - 2006 / 2 / 19 - 09:45
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يطرح سؤال في اوساط المقاتلين السابقين: لماذا فشل العمل الانصاري؟. ليس من السهل الاجابة على هذا السؤال من خلال تناول حالة او ظاهرة واحدة، ولكن يمكن تلمس طريق الاجابة من خلال شبكة من الاسباب والعوامل؛ الموضوعية منها والذاتية. وفي المقدمة من ذلك يأتي عدم وجود هدف واضح او استراتيجية عامة، كما ان الظرف الدولي تميز بصعود الرأسمالية، وتراجع الاشيراكية. وفاقم تلك العوامل تراكم الاخطاء في مسيرة تجربتنا. مثل الموقف من الانصار العرب، الاندساس، غياب الخيال الابداعي الثوري، ارتباك السياسة التنظيمية والعسكرية وغير ذلك الكثير، اقدم الرسالة المرفقة التي مضى عليها 20 عاما، لتكشف جوانب من التجربة، وليصبح من المفيد في وقت لاحق التناول التفصيلي لتلك المسيرة.

حملنا السلاح اضطرارا بعد ان وصلت تجربة الجبهة مع البعث الى طريق مسدود. وكانت خاتمة تجربة الجبهة اعدام 31 عسكريا بتهمة الانتساب الى الحزب الشيوعي العراقي، مع علم الجميع ان الشيوعيين بين هؤلاء الابطال قد قّطعت صلة الحزب بهم، تنفيذا لتعهدات مذلة، وحرصا على التحالف. ولو نقلنا جزء يسيرا من تجربة الضابط الوحيد بين العسكريين الشهداء، الملازم اول عامر سلطان باني لكانت الصورة اكثر وضوحا. فقد رفض مقايضة الاعدام بالحياة، مقابل التهجم على الحزب. لقد رفض الاساءة لاحد احتراما لنفسه ولمعتقداته. ويعرف هذه الحقيقة الرفيق عامر عبدالله ووالد الشهيد ومحاميه - الشخصية التقدمية روؤف سالم- وعدد غير قليل من الشيوعيين العراقيين.

وبصدد البعث الذي دفعنا للمواجهة، لنا وقفات معه في الرسالة ادناه، وداخل هيئات الحزب، وفي سلسلة من البيانات العلنية منذ عام 1990، ووجها لوجه ايضا. ولكن تلك الوقفات لم تنحدر الى مستوى - عدو عدوي صديقي - او التواطئ مع العدو الخارجي، او الاستقواء به، او المرونة او التواطئ او التأييد المبطن في التعامل مع جريمة الحصار الاقتصادي الاجرامي الذي فرض على شعبنا، كما لا نعتقد ان الوقت مناسب لفتح هذة الصفحة الان، لا سيما وان اغلب الاطراف الجدية في الحركة الوطنية العراقية قد بدأت مراجعاتها مع الذات.

نأمل ان يراجع كل طرف عراقي تجربته بشرف وأمانة بعيدا عن الكسب الانتهازي العاجل، يراجع الذات من اجل ان يكون قويا في تشخيص ومواجهة المسألة المركزية- كنس الاحتلال- ان العلاقة مع البعث تتطلب مزيدا من التدقيق والصراحة، وليس من الشجاعة الان التباري في الشتم او الملامة او التشفي، كما يحصل من بعض القوى التي فقدت البوصلة. ومادام الوطن كله يرزح تحت نير الاحتلال نكتفي بالقول: ان البعث نفسه واعداءه وخدم الاحتلال يعرفون من ناضل حقا بشرف ومسوؤلية من اجل عراق افضل للجميع، واي التحذيرات كانت صادقة وصحيحة. نأمل ان يتحاور الجميع في ظروف وطنية ايجابية، يغتسل فيها كل الوطن من قذارات الاحتلال وعملائه.

في اللحظة الراهنة نقول بوضوح صارم: اننا ضد سياسة الاجتثاث الجائرة، والتي اخذت في بعض تجلياتها بعدا طائفيا وعرقيا، وضد تحطيم مؤسسات الدولة العراقية، وضد فرض البطالة من اجل ترك خيار واحد امام المواطنين، وهو العمل تحت قيادة قوات الغزو بقيادة امبراطورية الكذب كشرطة او جنود، وكما نحن ضد الارهاب الذي يستهدف المدنيين الابرياء والمؤسسات المدنية، ولدينا شكوك قوية بالجهات التي تقف وراء الاعمال الاجرامية، كما من حقنا ان نتساءل عن دور المؤسسات الامريكية المتخصصة بالافتراء والتخريب، نحن ضد ارهاب الوافدين مع القوات الغازية حيث باتت بصمة وزارة الداخلية العراقية لا تحتاج الى بيان – رصاصة في رأس الضحية وجثة مقيدة ومرمية في الشوارع او اطراف المدن، طبعا وفي المقدمة منها بغداد.

نعود الى موصوعنا المطروح. بعد ان اجبرنا البعث على حمل السلاح، كانت التصوارات تدور حول استخدام السلاح من اجل ايجاد ملاذ آمن، واعادة بناء الحزب، ومن ثم رفع سقف الاهداف، ولكن الخلل وعدم الجدية وقصر النظر قد اجهز على تلك الامال المشروعة، وهذا ما تتناول الرسالة ادناه اجزاء منه، وسوف نواصل تناول الامر من جميع جوانبه في فرص اخرى متواصلة. لقد تحولت تضحيات الانصار الابطال والدماء الغزيرة الى عملية استعراضية بكل اسف.

ان حمل السلاح من جانبنا كان في احد جوانبه ينطوي على استعداد للدفاع عن الوطن، رغم ان البعض منا فهم عبارة: ليس للعمال وطن، بانها الغاء لمفهوم الوطن، ولم يأتي على بالهم ان الاحتلال والاستغلال يحرمان العمال من الوطن بل كل الوطنيين من وطنهم. وعلى هذا الاساس صدرت الاوامر من الذين قذفت بهم الحياة الى موقع التحكم بمصير الانصار ليقولوا: الى بغداد ... للمشاركة ب (العملية السياسية).

وفي لحظة حان الوقت فيها ليسجل السلاح موقفا وطنيا مشرفا، كما فعل اهلنا في ام قصروالفلوجة والحويجة ووووو... وكما تفعل كل القوى الحية. كانت الكارثة، لقد وعد بعض القادة الانتهازيين زورا عشية العدوان بمقاومة الاحتلال، ولكنهم بعد احتلال بغداد العظيمة، نزالوا من الجبل الى المنطقة الخضراء، وشاركوا في نهب البنايات والممتلكات العامة اسوة ببقية اللصوص، وساهموا كطرف تابع في منح الاحتلال غطاء عراقيا. ان المستقبل وربما القريب لن يرحم كل من ساهم في خيانة بغداد. بهذه المناسبة اذكر لكم حادثة عن تصرف الحزب عندما يكون بين الجماهير وخادما لها، حين وقع عدوان1967 وكان الحزب حينذاك يرفع شعار اسقاط السلطة ايضا، بادر فورا الى رفع شعار - كل شئ من اجل الجبهة- اما العسكريون الشيوعيون بما فيهم السجناء قدموا طلبا للالتحاق بجبهة الحرب دون شروط. وقد يقول البعص ان عارف غير صدام، اقول هنا: بعد انقلاب 18 تشرين1963 كان مايزال رفاقنا في سجن رقم واحد حين زج عبد السلام عارف بعدد من البعثيين في سجن رقم واحد، بعد انقلابه على البعث، لقد استقبلهم رفاقنا باغنية عراقية شعبية: (سبحان اللي جمعنه بغير ميعاد)، هل هذا الموقف يدل على ضعف او تنازل في تقويم الاحداث؟. نعم ان حملنا السلاح ضد البعث في ظل حكمه من اجل الدفاع عن النفس غير القاء السلاح امام غزو امبريالي ان لم أقل اكثر. واقول بصراحة ايضا لكل من يحاول ان يحمل الشيوعيين موقف احد الاطراف الشيوعية، وكأنه موقف لكل الشيوعيين العراقيين: انه يقدم خدمة مجانية لواشنطن التي قدمت اطراف مجلس الحكم، وكأنهم ممثلون لكل الشعب العراقي. كما أقول: ان المقاومة العراقية البطلة في وقت واحد تقاوم وتتبلور، وهي ليست وقفا لاحد، وان تنسيب المقاومة لهذا الطرف او ذاك، لا يخدم المقاومة ولا الشعب، ان القوة الحقيقية لا تحتاج الى اثبات، أليس من الاحترام للوطنية العراقية وللواقع نفسه، ان يجري التأكيد وعن وجه حق على ان الجيش العراقي ما زال يقاوم ويشتبك مع المحتلين بحرب متصلة بادارة ذاتية وبتمويل شخصي، لماذا يجري تجاهل رد الفعل الطبيعي للشعب في المقاومة؟ الا يوجد بين صفوف المقاومة من الناحية القومية - اكراد؟ من الناحية السياسبة– شيوعيون؟ ومن يريد التأكد من حضور أي تكوين عراقي آخر، ما عليه الا ان يذهب في زيارة لمقبرة شهداء الفلوجة، هذا اذا كان الاتصال بالمقاومة يشكل خطرا عليه. اقول هذا الكلام لا لرفع الهمم بل لوصف الحال. طبعا اقول للمغرمين بنظام المحاصصة، نعم ان نسبة المشاركة ليست على نقطة واحدة. ولهذه الحالة اسباب كثيرة، نأمل الوقوف عندها في اقرب وقت ممكن.

أعرض اليوم جانبا او مقطعا من تجربة كبيرة - تجربتنا في الكفاح المسلح- التي كان من الممكن ان تتحول الى تجربة ملهمة، لو انها استوفت الشروط المطلوبة، وتحت قيادة ثورية حقا. ليس هذا وحسب بل امعانا بالاساءة والانتقام اختار الانتهازيون ان يكون يوم احتلال بغداد في 9/4/2003 يوم نهاية لتجربتنا الانصارية، وطالبوا ان يكون ذلك اليوم المشؤم عيدا وطنيا... يا للعار.

اني اقف اليوم اجلالا امام كل قطرة دم سالت من اجل العراق كل العراق، ومن اجل كل فقيد والانصار منهم بصفة خاصة، اقدم قراءتي لتجربتنا في الكفاح المسلح، من اجل اليوم والمستقبل، وليس تعرضا لمن مثواهم اليوم في المنطقة الخضراء، فهؤلاء غير معنيين بالتجربة الآن، ولم يعد بين انشغالاتهم شأن الكفاح المسلح، اللهم الخوف منه فقط، ولكنهم من جانب آخر ما زالوا يواصلون تقديم الضحايا في معارك فتح المقرات، وفي معارك الغير، وعلى مذابح القوى الظلامية، حلفائهم في مجلس الحكم، ولكل الذين هرولوا خلف غبار دبابات الاحتلال. ان الشهداء الذين ساقهم اهل المنطقة الخضراء الى طريق التضحية المجانية نتعزى عليهم ولهم مرتين الاولى لفقدانهم والثانية لنوع المعركة، ونحمل الذين يقفون وراء هذه الخسائر المسوؤلية كاملة.

اقدم مقطعا صغيرا عن تجربة كانت في ذروة عنفوانها وانكسارها في ذات الوقت، وسوف اواصل عرض التجربة الانصارية والعامة بالوثائق، ومن ثم بالتحليل والمناظرة لاحقا، بعد ان لا يبقى مجال للقول: اين كنتم؟ او للتذرع بغياب المعلومات والوثائق، او طرح السؤال الانتهازي على كل رفيق يبدي اعتراضا: ما البديل؟. (جارتك؟) عوضا عن السؤال الثوري: ما العمل؟ وكأن المهمة ليست من واجباتهم ومن واجبات الجميع ايضا. وليس من اقل الاخطاء فداحة الفشل في استخدام السلاح للمناورات السياسية، كما فعل الفتناميون وغيرهم، وليس بعيدا بل وبين ظهرانينا، كما فعل القوميون الاكراد في العراق نفسه في الاصابة والشطحات.

19/2/2006



ملاحظات حول نشاط الانصار

كانت حركة الانصار، الشكل الملموس للكفاح المسلح الذي نخوضه في اقليم كردستان، ومن اهم الموضوعات التي ناقشها المؤتمر الوطني الرابع لحزبنا. كما عقد كونفرنس حزبي على هامش المؤتمر لدراسة هذه المسألة. فأفرد التقرير السياسي جزءا هاما لهذه الموضوعة وتناولها من جوانبها المختلفة. كما تناولتها معظم مداخلات المندوبين. وانصب ذلك على سبل توطيد وتطوير حركة الانصار بالاستناد الى دروس التجربة السابقة وواقعها الحالي وآفاق نشاطها.
ونرى ان هذه الموضوعة بحاجة الى دراسة معمقة لتثبيت الاسس السليمة لحركة الانصار ورسم الآفاق الواقعية لتطورها اللاحق.
مقدمـــــة
شهد بلدنا ردة سوداء قادتها سلطة البعث. وشملت هذه الردة مختلف جوانب الحياة في مجتمعنا، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي نجمت عن تنامي مصالح الفئات البرجوازية البيروقراطية والطفيلية والتي اصبح الحكم يمثل مصالحها. كل ذلك جعل هذه السلطة عقبة امام اي تقدم لاحق لمسيرة الثورة الوطنية الديمقراطية.
واستندت سلطة البعث الى العنف الرجعي في فرض سياستها على شعبنا العراقي وكذلك في التعامل مع كافة القوىالسياسية الموجودة في مجتمعنا(وحتى تجاه المعارضين من اوساط البعث نفسه). واصبح اي موقف يتميز عن مواقف قيادة البعث، ومن اي طرف سياسي جاء، يعرض ذلك الطرف الى حملات تصفية شرسة.
وعلى ضوء دراسة معطيات الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بلدنا، من مختلف جوانبه (والذي تناولته بتفصيل واف تقارير ل.م المتعاقبة واكده التقرير السياسي المقدم الى المؤتمر الوطني الرابع للحزب)، رفع حزبنا شعار اسقاط السلطة وتحقيق الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان.
وامام هذا الواقع، على الحزب الثوري ان يفكر بالاساليب التي تمكنه من تحقيق شعاراته واهدافه الآنية والبعيدة، بل وتمكنه من حماية نفسه وقيادته وكوادره واعضائه، وتحديد الاسلوب الرئيسي من بينها، وكذلك الترابط بين الاساليب المختلفة الممكنة. ولا نحتاج الى محاججات واسعة للبرهنة على صحة تبني حزبنا لاسلوب العنف الثوري في مواجهة العنف الرجعي كأسلوب رئيسي في مقاومة النظام واستنزافه وتقويض دعائمه، والاهم من ذلك الانقضاض الحاسم عليه.
بقى علينا تحديد الشكل الملموس للعنف الثوري الذي كان بالامكان البدء به وخوضه في تلك الفترة. ففي اقليم كردستان، كان الوضع السياسي ملائما نتيجة امعان السلطة في سياستها الشوفينية تجاه الشعب الكردي واتباعها في سبيل تحقيق ذلك كل ما لديها من ترسانة الارهاب والديماغوجية. وكذلك نتيجة لتنامي استعداد الشعب الكردي لمواصلة النضال في سبيل تحقيق حقوقه القومية والديمقراطية ومجابهة الارهاب الشوفيني. كما سبق لقوى سياسية كردية ان رفعت السلاح مجددا. هذا اضافة الى التجربة النضالية للشعب الكردي والذي تبنى اسلوب الكفاح المسلح في اكثر من فترة. وكذلك الى الطبيعة الجغرافية الجبلية. وعلى الصعيد الذاتي للحزب توفرت فرص وامكانيات للتنظيمات الحزبية في المنطقة للمحافظة على الكثير من كوادرها واعضائها وبالتالي تسهيل الالتجاء لعدد منهم الى الجبال، وشروعهم بتوفير المستلزمات الاولية للانصار.
هكذا ساعدتنا الحياة في تحديد الصيغة الملموسة للعنف الثوري والكفاح المسلح في ذلك الوقت، الا وهي خوض النضال الانصاري في اقليم كردستان.
اذن، حددنا وبوضح اسباب ومبررات نضالنا في سبيل اسقاط الدكتاتورية الفاشية. واصبحت قناعتنا راسخة بان هذا الاسقاط سوف لن يتم الا عن طريق العنف الثوري وليس عن اي طريق آخر. وبدأنا بالانصار. ولكن، ما هي اهداف حركة الانصار ضمن استراتيجيتنا في اسقاط السلطة؟ وهل توجد اساليب اخرى للعنف الثوري والكفاح المسلح، وخاصة في مناطق العراق الاخرى؟ وما علاقة الاسلوب الرئيسي للنضال باساليب النضال الاخرى؟
جاء في التقرير السياسي للمؤتمر:"عمد الحزب الى تشكيل فصائل الانصار المسلحة في كردستان كشكل من اشكال الكفاح المسلح يتناسب وظروف المنطقة، منطلقا لتهيئة المستلزمات الضرورية للانتشار الى مواقع اخرى في كافة ارجاء البلاد، وصياغة الاساليب الملموسة الملائمة للكفاح المسلح، وتهيئة المستلزمات لانتفاضة شعبية". و "بالرغم من اهمية الدور الذي تنهض به حركة الانصار وكل فصائل المعارضة المسلحة، لابد من التأكيد على اهمية ارتباط هذه الحركة ـ ككل ـ بالنضال الجماهيري، في مدن العراق واريافه، وانهاضه الى مستويات اعلى في التصدي للدكتاتورية الفاشية. وينبغي العمل على توسيع دائرة نشاطها، اكثر فاكثر، الى المناطق المحيطة بالمدن والمدن نفسها".
اي اننا عند تبنينا لاساليب النضال في ظروف بلدنا الملموسة، وظروف مناطقها المختلفة، علينا العمل الجدي ليس فقط على تطوير حركة الانصار في كردستان فحسب، لا ايجاد اساليب نضال ملائمة لبقية مناطق العراق وخاصة في المدن، وصولا الى اتباع نوع ملائم للعنف الثوري في كل منها ويكمن وراء ذلك العديد من الاسباب، اهمها طبيعة الصراع الذي نخوضه كونه صراعا ديمقراطيا في الجوهر وموجها ضد دكتاتورية فاشية، يتجه بتطوره وآفاقه الى القيام بتحولات اجتماعية تستهدف الحلقة الآنية في مسيرة انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية، اي اسقاط الدكتاتورية الفاشية وتحقيق الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان. ويشكل حلف العمال والفلاحين والذي تلعب فيه الطبقة العاملة الدور القيادي، وبالتحالف مع حلفائها الطبيعيين، وخاصة الحركة القومية للشعب الكردي، يشكل القوى المحركة الاساسية في هذه العملية.
ولابد من التأكيد هنا اننا ننطلق من الواقع الملموس لبلادنا والاحتمالات الممكنة لتطوره في تحديدنا لتوجهاتنا الاساسية وفي اختيار اساليب النضال الملائمة. ونربط فيما بينها بالشكل الذي يساعد بعضها البعض في تحقيق اهداف سياسة حزبنا. وهذا يشمل ليس فقط الترابط بين الكفاح المسلح واساليب النضال الجماهيري المختلفة..الخ، بل ايضا الاشكال الملموسة لتجليات الكفاح المسلح نفسه. كما ان اساليب النضال كافة، تخضع للظروف الذاتية والموضوعية والتطورات التي تطرأ عليها، وليست شيئا مقدسا لايمكن المساس به.
ان حركة الانصار اليوم هي جزء هام وحيوي من نضال الحزب لتحقيق برنامجه وخطته السياسية العامة. وفي ضوء ذلك توضع الخطط التفصيلية لنشاط الانصار بكافة جوانبه، وبما يضمن التنفيذ المبدع لسياسة الحزب ويضمن التناسق الكامل لهذا النشاط مع نشاطات الحزب الاخرى، والتي تصب بمجموعها في الحلقة المركزية لنضالنا، اسقاط الدكتاتورية الفاشية واقامة حكومة وطنية ديمقراطية ائتلافية.
وعند تناولنا موضوع الانصار لابد من الرد على الافكار الخاطئة التي تنال من حركة الانصار او تسىء اليها محاولة يذلك النيل من سياسة الحزب العامة والاساءة اليها. ومثال بارز على ذلك اصوات الانتهازيين والتوفيقيين التي انبرت عقب احداث بشت أشان والتي حاولت اثبات خطأ الكفاح المسلح وحركة الانصار، لا بل مجمل سياسة الحزب متباكين على الشهداء ومتناسين المآسي السابقة والخسائر الجسيمة التي لحقت بالحزب في ضربة 78 ـ 1979 والتي نجمت عن اخطاء ذات طبيعة يمينية. ويحاولون في ذلك الاستفادة من الصعوبات الموضوعية التي نشأت وبعض الاخطاء الذاتية التي رافقت حركة الانصار، ليعلنوا بالنتيجة موقفهم المعارض للكفاح المسلح ولنشاط الانصار. وفي الحقيقة انهم يدعون بذلك الى اجهاض المسيرة الثورية للحزب في اسقاط الدكتاتورية الفاشية وينادون بالتخلي عن هذا الشعار ويبشرون بان النظام كان يمكن ان يتراجع لو اننا لم نرفع شعار اسقاط السلطة. ويتبع هذا الفكر اليميني اساليب لخلق البلبلة والشكوكية حول الكفاح المسلح وجدواه. فهم يخلطون بين العنف الثوري ونضال الانصار في كردستان، وكذلك بين الثورة وشروطها والانتفاضة المسلحة. ويستنتجون من كل ذلك خطأ سياسة الحزب واسلوب نضاله وضرورة العودة ومد اليد الى صدام. عارضوا انعقاد المؤتمر وكذلك اعداد تقييم لتجربة حزبنا في التحالف مع البعث الحاكم، وفي النتيجة النهائية يريدون حرف الحزب باتجاه يميني اصلاحي مبني على عدم الثقة بقدرة الحزب والشعب والطبقة العاملة العراقية في اسقاط النظام الدكتاتوري.
ومع الانحسار الجديد في حركة الانصار ومواجهتها لمصاعب جدية في عملها نسمع مجددا هذه الاصوات التي تحاول النيل من هذه الحركة ومستقبلها. والتي سوف لن تلاقي الا الفشل الذي لاقته سابقا ذلك لانها تنطلق فقط من المصاعب الموضوعية التي تواجهها كل حركة ثورية في مسيرتها الطويلة الظافرة. وسوف لن يستطيع احد اقناع قاعدة الحزب وجماهيره بعدم جدوى حركة الانصار بعد ان اصبحت هذه الحركة مكسبا بيدها وشكلت تطورا نوعيا في حياة الحزب ونضاله الطويل.
وتصب المواقف "المتياسرة" في طاحونة اليمين، الذي يستغلها احسن استغلال وتخدم اغراضه. وتتجلى هذه المواقف في رفض اي حديث عن معالجة هذا الخطأ او تلك الثغرة في عمل الانصار ولا يقرون حقيقة ان اسلوب النضال رهن بالظروف السياسية التي تعيشها البلاد. ويطالبون بكفاح مسلح فقط دون غيره من اساليب النضال ويرفضون اي تكتيك مرن يمكن استبداله بتكتيكات اخرى حسب الظروف وتوازن القوى..الخ. كما يتجلى بابراز الروح العسكرية في التعامل مع الاحداث والنشاط واحلالها بديلا عن العمل الحزبي الشامل والمنظم وبشكله المترابط والمتداخل مع العمل العسكري. يرفضون اي تفكير بالانسحاب والتراجع مهما كانت الظروف وتوازن القوى ومهما كلف ذلك من تضحيات وخسائر مستفيدين في ذلك من العقلية العشائرية التي تعتبر كل انسحاب "عيب" لا يجوز. كل ذلك يقود الى خروج الانصار من ورطة للوقوع في ورطة اخرى.
بعض معالم تجربة حركة الانصار
مرت تجربة الانصار الحالية بمراحل ومنعطفات كدست التجربة النضالية لحزبنا في خوض هذا الاسلوب من النضال. ومما لاشك فيه، كان لزاما علينا في البدء خوض التجربة استنادا على الطليعة نفسها، على الشيوعيين الذين حملوا السلاح ليكونوا قدوة في هذا النضال امام الجماهير. ثم تطورت حركة الانصار ونما عددها وانتشرت ساحة عملياتها واصبحت نشاطاتها تكتسب طابعا نوعيا جديدا مع مرور الزمن. وتحسن سلاح الانصار وتوفرت اجهزة اعلام واجهزة اخرى عديدة. كل ذلك رغم الظروف الشاقة والبداية المتواضعة جدا لعملهم، ورغم التطويق الذي كانوا يعانون منه من اكثر من جهة.
ثم جاءت احداث بشت أشان والدروس الثمينة التي تم استخلاصها من هذه التجربة المرة. وشكلت هذه الاحداث وما رافقها من تطورات سياسية، نقطة تحول هامة في نضال الانصار وتكبدت فيها الحركة خسائر جمة.
نجح الحزب في تطويق اثار هذه الاحداث من تمكين حركة الانصار في تجاوز العديد من هذه الصعوبات والخسائر، وتم رفد الحركة بمتطوعين جدد، وجرى تعويض الممتلكات التي فقدت. واستطاعت الحركة ان تحل العديد من القضايا العقدية التي واجهت عملها.
وادت التطورات السياسية والعسكرية في كردستان والتي نذكرها في مكان اخر، الى انحسار في حركة الانصار شأنها في ذلك شأن كافة القوى الاخرى المناضلة على الساحة الكردستانية، والى مواجهة هذه الحركة لمصاعب جدية في عملها.
لقد اقر المؤتمر الوطني الرابع سياسة حزبنا الثورية ودعى الى معالجة النواقص والثغرات التي واجهت العمل عموما في الفترة السابقة، ومن ضمنها حركة الانصار المسلحة. ويمكننا القول بهذا الصدد اننا لم نتمسك تماما بافق واستراتيجيا الانصار بل اغرتنا الانتصارات العسكرية والسياسية وتصرفنا كـ"جيش تحرير شعبي". ومن هذا المنطلق اصبحت لنا جمهورية بشت أشان واعتبرناها مناطق "محررة" واسعة. وفي حياتنا الحزبية الداخلية كثيرا ما تغلبت روح العسكرية البونابارتية على مبادىء التنظيم الحزبي اللينيني، واتسم دور الانصار في دعم بناء الحزب في المناطق الاخرى بالموسمية وعدم الجدية في الكثير من الاحيان.
وكشف التقرير السياسي لمؤتمر حزبنا والكونفرنس العسكري هذه النواقص والثغرات. وفي هذا الصدد جرت الاشارة الى ظاهرتين برزتا اثناء التجربة الاخيرة، لهما اهمية خاصة لعملنا الحالي، ونود تناولها بنوع من التفصيل.
الظاهرة الاولى التي نود التوقف عندها هي "الترهل". وقبل تقديم معالجة لهذه المسألة لابد من معرفة اسبابها وكيفية نشوئها. ان المعنى الحقيقي للترهل هو وجود جمهرة من الانصار بالاسم فقط ولكنهم انصار غير مقاتلين. ان حركة الانصار تكونت منذ البداية من رفاق التحقوا بحماس لتنفيذ الواجب الحزبي والتخلص من الارهاب والكثير من هؤلاء لم يكونوا من ابناء المنطقة. هناك تجارب اخرى في العالم حيث يلتحق بحركة الانصار ولمختلف الاسباب وليس القناعة السياسية والوطنية فقط. فهناك حالات لمن التحق بالحركة المسلحة تخلصا من مشاكل عائلية او الهروب من الالتحاق بالخدمة العسكرية، ويتجه هؤلاء نحو الترهل وغيره. ولكن المسألة عندنا تختلف تماما. فكما اشرنا تكونت قوات الانصار في البدء من الطليعة الشيوعية. اذن علينا البحث في الظروف الموضوعية التي ادت الى ظاهرة الترهل هذه، وتشخيص سبل معالجتها لتخليص حركة الانصار منها.
ان الظروف الموضوعية لهذه الظاهرة تكمن في حقيقة ان الانصار لم يكونوا منعزلين عن الجماهير في البداية كما هو حالها اليوم. فقد تقلصت مساحة تحرك الانصار، وابعدت الجماهير حتى عن هذه الساحة المتقلصة، بسبب تطورات الحرب العراقية الايراني، وسياسات التهجير الحكومية. ونتج عن هذا الواقع الموضوعي تأثيرات واضحة على الجانب الذاتي. فقد كنا قد اقمنا تشكيلات تنظيمية تنسجم مع نشاط الانصار المتسع وصلة الحركة المستمرة مع جماهير واسعة نسبيا وتغلغلها الى العمق في الكثير من المناطق. ولاستحالة التوجيه والمراقبة والمتابعة المباشرة من مركز واحد جرى تشكيل ثلاثة قواطع للقيادة المباشرة لعمل الانصار: قاطع بهدينان، قاطع اربيل، قاطع السليمانية وكركوك، وادى ذلك بدوره الى اقامة المقرات في القواطع والى الحاجة لتوسيع ملاكها..الخ. بينما الان ومع تقلص عدد الانصار المقاتلين ومساحة التحرك والنشاطات بقت هذه التركيبة التنظيمية لقوات الانصار محافظة على نفس تشكيلها. ومن الواضح تأثير ذلك على تكديس عدد من الرفاق الانصار غير المقاتلين بدون وجود مهام فعلية لهم.
كما ان الطوق المفروض على الانصار في الوقت الحاضر والذي شل حركتهم عمليا من والى الخارج اعاق خروج العشرات بل المئات سنويا باجازات او للعلاج او للدراسة او للتدريب وغيرها. ففي السنة الماضية مثلا فقدنا ما يقارب المئة مقعد دراسي ولمختلف انواع الدراسة. ولم يكن في تخطيطنا تجميد اعداد هائلة من اصحاب الكفاءات في حركة الانصار. ولعب دورا في عدم اخراج هؤلاء التخوف من كلمة سحبهم، ورفض الانسحاب باي شكل كان.
النقطة الاخرى التي نود التوقف عندها هي عدم الانسجام بين العمل الحزبي والعمل العسكري في قوات الانصار. وهذه المسألة تبرز عادة في التشكيلات الجديدة ولحين استقرار العمل، ولكنها طالت كثيرا. فلابد من دراستها بتمعن، وتشخيص اسبابها وسبل معالجتها وتخطيها. وهذه الظاهرة نراها ايضا في المنافسة الحرفية (وهي تختلف من حيث الجوهرعن المنافسة الاشتراكية الصحية والسليمة والنافعة بين العاملين في الانصار والرفاق في التنظيم المحلي). بينما الجميع شيوعيون ويقول الانصار العسكريون اننا شيوعيون قبل ان نكون عسكريين. ونعتقد ان هذه الظاهرة مرتبطة بظاهرة الترهل ايضا وبالسبب الرئيسي فيها عزلتنا عن جماهيرنا الام. فلو كان الانصار متواجدين بين الجماهير ومحاطين بها لكان لهم دور مزدوج، عسكري وحزبي. وهنا سيعني كسب الجماهير الى الحزب تعزيز قوات الانصار. ونشاط قوات الانصار يستهدف كسب اوسع اوساط الجماهير. تنشأ من هذه الحالة مسؤولية مشتركة موحدة لخدمة الحزب تساعد في القضاء على هذه الظاهرة.
ان التخلص من ظاهرتي "الترهل" و(التناقض بين العمل الحزبي والعمل العسكري) في حركة الانصار مسألة لا تقبل التأجيل.
اننا اذ ننظر نظرة نقدية الى الاخطاء التي رافقت تجربتنا في حركة الانصار خلال السنوات الست الماضية انما تستهدف تخليص هذه الحركة من كل ما يعيق تطورها ونشاطها. كما لا يغمط ذلك باي شكل الصفحات المشرفة والساطعة التي سطرتها حركة انصار حزبنا خلال هذه الفترة. فعندما كان حزبنا يتراجع نتيجة الضربة المؤلمة التي وجهها عدونا الطبقي وخسرنا فيها عشرات الالاف من رفاقنا وجماهيرنا ومعظم منظماتنا الحزبية وصلاتنا الجماهيرية. اصبحت قواعد الانصار ملاذا لانقاذ وحماية جمهرة واسعة من قيادة وكوادر واعضاء الحزب. ولولا نضال الانصار لما استطاع الحزب تضميد جراحه بهذه الفترة الوجيزة وتثبيت نفسه لدرجة مكنته من عقد مؤتمره الرابع بنجاح فائق. وبفضله تعززت سمعة الحزب بين اوساط الجماهير واستطاع استرجاع ثقة الجماهير به. ومعالجة النتائج البالغة الضرر للسياسة الخاطئة بعدم اتخاذ الاجراءات التنظيمية التي تأخذ بالحسبان امكانية توجيه ضربة شرسة الى الحزب. ولو لم يكن ذلك كله لما تمكن الحزب من تجنب مشاكل داخلية عديدة ومعقدة وخوض الصراع الناشىء بالحفاظ على وحدة الحزب وخروجه من هذه التجربة موحدا متينا.
وتحوي تجاربنا في حركة الانصار على مادة غنية في المجال التنظيمي. ونشير هنا الى تجربتين اساسيتين في هذا المضمار خضناهما في فترات وظروف متباينة تماما.
ففي التجربة الاولى التي خضناها مع حدك ضد السلطة، حيث كان لـ"حدك" الدور البارز في تلك الفترة، وكان الطابع الغالب لاهداف النضال هو تحقيق الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي والديمقراطية للعراق. وكذلك لاحقا عندما دافعنا عن انفسنا ضد هجمات "بيشمركه" الحركة القومية الكردية، وتزامن هذا الدفاع مع الهجوم الحكومي على الحركة الكردية وبتقديم السلطة مساعدة لنا في المعارك. في هذه التجربة كانت حركة الانصار تقاد حزبيا وعسكريا من قبل لجنة اقليم كردستان مباشرة. وكان المكتب السياسي يشرف عليها من خلال لجنة الاقليم.
اما التجربة الثانية فتغطي فترة السنوات الست المنصرمة، والتي خضناها بشكل ارقى واكثر تطورا من كافة الوجوه. وكنا قوة مستقلة سياسا وحزبيا وعسكريا. وهذه التجربة شكلت مادة الدراسة والاستنتاجات التي توصل اليها المؤتمر الوطني الرابع والكونفرنس العسكري. وفي هذه التجربة اصبحت حركة الانصار مستقلة تنظيميا عن الاقليم وتنظيماته وتقاد من قبل قيادة الحزب مباشرة.
الظرف الحالي
عند معالجتنا وضع الانصار حاليا، لابد ان ننطلق من مسح الساحة السياسية، خصوصا في منطقة نشاط الحركة والمناطق المحيطة بها، والتطورات الجارية فيها.
وابرز مستجدات الوضع هي التطورات التي حصلت على الحرب العراقية ـ الايرانية. فقد ادى دخول القوات الايرانية الى الاراضي العراقية واحتلال اجزاء واسعة في المنطقة الى مواجهتنا بقوات لا تحمل الود لنا وتستهدف احلال بديل اسلامي في العراق ككل، وما يعنيه ذلك من تعقيدات سياسية تنجم عن هذا التدخل المرفوض في شوؤن شعبنا الداخلية وحقه في الحفاظ على سيادة بلدنا واختيار النظام الذي يريده شعبنا. كما ادى ذلك الى تطويق نشاط انصارنا وتقليص امكانية تحركهم، خاصة وان القوات الايرانية احتلت مناطق كانت تحت سيطرة الانصار ونفوذهم. وعقد هذا الوضع الجديد امكانية الامداد والتموين والحركة للانصار في منطقة لولان والسليمانية. ووضع رفاقنا وخاصة السليمانية في وضع صعب جعلهم شبه مقطوعين عن بقية الانصار. وتحولت المنطقة الى ساحة حرب عنيفة مما ادى الى تهجير معظم الساكنين فيها او بالقرب منها.
وتشن الحكومة العراقية حملة تهجير واسعة في كافة مناطق كردستان بهدف عزل الانصار عن جماهير المنطقة وتتبع في سبيل ذلك اشد الاساليب وحشية. من القصف الجوي وبالمدفعية الثقيلة والارهاب والتهديد واللجوء الى الاغوات لاعطاء الفتاوي بهجرة اتباعهم من محلات سكنهم، الى بناء المجمعات السكنية البعيدة عن المنطقة والتي يجري نقل المهجرين اليها قسرا.
والقت التعقيدات الجديدة على الوضع السياسي، وخاصة الحرب العراقية الايرانية، بظلالها على التحالفات الوطنية وعلى نواة الجبهة الوطنية العريضة (جود).
ولعل من اخطر نتائج هذه المستجات السياسية هو ما تؤدي اليه من عزلتنا عن الجماهير في المنطقة. ففي ضوء هذا الواقع الجديد، والاحتمالات المختلفة لتطوره، علينا ان نضع في الحسبان تشديد التطويق المتعدد الجوانب الذي يواجه عملنا وقطع الطريق وتقليص امكانيات التراجع والمناورة الى حد كبير.
لذلك علينا ان نتوجه، بشكل جدي، الى الجماهير ومناطق تواجدها. وعلى كل شيوعي قيادي ان ينطلق من مسؤولية حزبية عالية في التمعن في هذا الوضع والتوصل الى اساليب جديدة وعدم الجمود عند الاساليب الحالية.
وعند حساب موقفنا، علينا الاعتماد على انفسنا اساسا. وكما تشير الى ذلك العديد من تجربنا وتجارب شعوب العالم. ولتوضيح هذه المسألة اشير الى قانون عسكري اتبعه الجيش السوفيتي في الحرب العالمية الثانية حيث يتم وضع خطة للوضع الناشىء واحتمالات تطوره بالاعتماد على النفس والقوى الذاتية اساسا. ويدخل دور الحلفاء كعامل مساعد لنا، في تقليص الزمن وتقليل الخسائر. ومن هذا المنطلق، نضع دراستنا المعمقة لوضع الانصار ونرسم لهم برامج نشاطهم وتحركهم.
نحو تطوير حركة الانصار
ان ابرز مستلزمات تطوير حركة الانصار هي:
(1) التوجه نحو الجماهير لفك طوق العزلة على نشاط انصارنا. وحدد التقرير الصادر عن مؤتمر حزبنا خطوط نشاطنا في هذا المجال. وافردت التوجيهات الخاصة بالنشاط الجماهيري والديمقراطي والصادرة عن المكتب السياسي مجالا هاما لنشاط الانصار بين الجماهير.
(2) وفي القلب من توجهنا نحو الجماهير وتوسيع رقعة نشاط الانصار يكمن توجه الانصار لبناء حركة ناجحة ونشطة في المدن. ان ذلك يتطلب بناء تنظيم حزبي متين وتعزيز المنظمات الحزبية وتكييفها وفقا لظروف النضال الجديدة.
كما يتطلب ذلك تطوير الانصار نوعيا بما ينسجم مع هذا التوجه. فليس كل نصير يصلح ان يكون مقاتلا جيدا، وفي الوقت نفسه متمرسا في النضال في المدينة. ناهيك عن عدم امكانية عمله وتواجده في المكانين في آن واحد، فاعداد المقاتل الحزبي الجيد والمتحمس لعمل الانصار هو شىء، واعداد المناضل الحزبي الذي يتمكن من خوض النضال في المدن وظروفها المعقدة والصعبة هو شىء آخر. لذلك علينا اختيار عناصر مقاتلة لهذا النشاط ومن نوعية خاصة، لا فقط من بين الانصار، بل ايضا من بين المتواجدين في المنطقة او المدينة المعنية التي ننوي ايصال نشاط الانصار اليها. علينا ان نوسع عمل الانصار ليس بالاعتماد فقط على الرفاق المتواجدين في الخارج، بل من الجماهير الموجودة في هذه المناطق والتي تشكل معينا لا ينضب لعمل ونشاط الانصار والحزب عموما. علينا التواجد المستمر والمتواصل بين اوساط هذه الجماهير في المعمل وفي الحقل وغيرها. وعند تشخيصنا للرفاق المكلفين للنشاط في هذا المجال، وعلى الاقل الوجبات الاولى منهم نراعي ان يكونوا شبابا لديهم الحد الادنى من التعليم (الابتدائي على الاقل) ونقوم بتدريبهم. ولكن ليس ليكونوا انصارا بل الاخذ بنظر الاعتبار طبيعة المهمة التي سيكلفون بها. عليهم ان يجيدوا استعمال الاسلحة الخفيفة ويجيدوا اسعمال اجهزة الاتصال ويتدربوا على صنع المتفجرات والحصول على المعلومات الاساسية حول الكيمياويات. ان عملية التهيئة والاعداد هذه يمكن القيام بها هنا او في الخارج ووفقا لبرنامج تشرف عليه هيئة ذات قدرة وكفاءة في هذا المجال.
(3) ان العناية الفائقة بتهيئة الكادر وتدريبه تستلزم الاجراءات الضرورية لضمان صيانته وتوفير المستلزمات الضرورية للحفاظ عليه كقائد.
(4) وضع برامج لتطوير القدرة القتالية للانصار تشمل على تزويدهم بالعلوم العسكرية اللازمة والتي تساعد على تطويرهم الذاتي.
(5) اعداد خطة متكاملة للانصار تضمن تحركهم المستمر ومراقبة العمليات التي يقومون بها والاشراف عليها.
(6) توفير شبكة متطورة للاتصالات بعيدة وقريبة المدى، تضمن متابعة تحركات كل وحدة عسكرية يوميا.
(7) توفير اجهزة اذاعية متحركة تذيع محليا وتنتقل مع حركة الوحدات الانصارية، وبدون اثقال الوحدة بكادر اعلامي متضخم. ويمكن الاستفادة من هذه الاجهزة ليس لغرض الاعلام فقط.
(8) وضع خطة متكاملة لتعاملنا مع الافواج الخفيفة (الجحوش) الذين اجبروا على حمل السلاح والعمل بينهم.
(9) المعالجة الفورية لظاهرتي "الترهل" و"التناقض بين العمل الحزبي والعمل العسكري" داخل صفوف الانصار.
(10) العمل على توفير مصادر السلاح من الداخل.
(11) وضع خطة متكاملة لمكافحة محاولات التخريب المعادي.
(12) تهيئة اجهزة فنية للوثائق.
مقترحات حول العمل التنظيمي
(1) ان الشكل التنظيمي الامثل لنشاط الحزب في اقليم كردستان هو توحيد عمل القواطع مع تنظيمات الاقليم. ان الوحدة التنظيمية بين الانصار والتنظيم الحزبي المحلي ستلعب دورا مؤثرا في تطوير النشاط الحزبي بمختلف جوانبه. وسيخلق ذلك ظروفا اكثر ملائمة لتوجهنا نحو العمل داخل المدن، ومن الجانب الاخر سيساعد على رفد قوى الانصار بمتطوعين جدد. كما سيساعد على التقرب من الجماهير في القضاء على ظاهرتي "الترهل" و"التناقض بين العمل الحزبي والعمل العسكري داخل قوات الانصار" حيث سيؤدي كل رفيق عمله الحزبي في مجال اختصاصه. كما تساعد في تدريب التنظيمات المحلية على قيادة الكفاح المسلح باشكاله الملائمة لظروفهم.
وتتكون قيادة كل تشكيلة تنظيمية من المسؤول ومسؤول التنظيم المحلي والمسؤول العسكري والمسؤول الحزبي لقوات الانصار في المنطقة ومسؤول عن اي تنظيمات خاصة اخرى يجري تشكيلها من قبل قيادة التشكيلة التنظيمية.
وتشكل قيادة ميدانية(هندرين) لقيادة عمل هذه التنظيمات والتي ترتبط بها فقط. وتضم هندرين في عضويتها اعضاء ملاك وقيادات التنظيمات ورفاق من قيادة الحزب لتعزيز العمل الاختصاصي.
(2) اذا لم يكن بالامكان تنفيذ المقترح(1) لاسباب ذاتية وفنية، فعلينا البدء فورا بدمج قاطع السليمانية ـ كركوك بالتنظيم الحزبي لهاتين المحافظتين. وواقع هذه المحافظة يتطلب تكييف الصلة التنظيمية لها بقيادة الحزب. فصلة التنظيم المحلي بالاقاليم وكذلك صلة القاطع بمعم مقطوعة تماما في الوقت الحالي، بينما هناك امكانيات جيدة لربط التنظيم الجديد بقيادة الحزب عبر طهران مثلا او عبر الاراضي العراقية خلف خطوط العدو.
(3) في اربيل اصبحت حركة الانصار محدودة ولا تحتاج الى هذا التضخم في القاطع والمقرات. نرى هنا حل القاطع وضم قوات الانصار الى التنظيم المحلي وترحيل الفائض من الكادر الى تنظيمات السليمانية ـ كركوك. ويتجه عمل اربيل نحو التقرب من الجماهير وزج الكوادر الحزبية في هذه المهمة دون التقيد الجامد بمراكزهم الحزبية(عالجنا النزعة الخاطئة في النظر الى المراكز الحزبية وكأنها مراكز وظيفية في مجال اخر). ويجري تعزيز قاطع بادينان بالفائض من اربيل والذي يتعذر الاستفادة منه في السليمانية ـ كركوك.
(4) وضع برنامج تفصيلي لتدريب الكوادر في الاختصاصات المختلفة.
(5) لا يجوز بناء قيادة الحزب والاعلام المركزي والمقرات في السليمانية و لولان تحت رحمة احتمالات تطور الحرب العراقية الايرانية. وهنا من الضروري البدء فورا باعداد خطة والشروع بتنفيذها لمعالجة هذا الاحتمال.



#ارا_خاجادور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نراجع الماضي بثقة من اجل المستقبل
- مزامير الانتخابات الامريكية في العراق
- هل النقابات العراقية الاساسية تدعم الاحتلال ؟
- من عوامل الجزر في التنظيم الثوري
- لماذا الان يجري الاحتكام للشعب؟
- نقطة واحدة للمفاوضات: انسحبوا ايها الغزاة من بلادنا
- نعي المناضل هادي أحمد علي


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ارا خاجادور - قراءة في صفحة من سفر كفاحنا المسلح