أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الابعاد الثلاثة في قصيدة -خيمة الغريب- عبد الله عيسى















المزيد.....

الابعاد الثلاثة في قصيدة -خيمة الغريب- عبد الله عيسى


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5674 - 2017 / 10 / 20 - 02:40
المحور: الادب والفن
    


الابعاد الثلاثة في قصيدة
"خيمة الغريب"
عبد الله عيسى

قبل البداية أشير إلى صديقي الشاعر "يونس عطاري" الذي أرشدني إلى هذا العالم الجميل، عالم الشاعر "عبدالله عيسى" فبدونه ما كنت لأتعرف على هذا الأبداع وهذا التقديم الجميل، فشكرا له على هذه المعرفة التي فتحت لنا آفاق جديدة من المعرفة والمتعة.
أن نجد ثلاثة مستويات للخطاب في قصيدة واحد هو شيء رائع، وهذا يشير إلى تماهي الشاعر وما يحمله في العقل الباطن، فعندما تحدث عن فلسطين البكر قبل الاحتلال نجدها كأي بلد، بسيطة وعادية، لكنه عندما يتحدث عن المحتل نجد لغة الخطاب تغيرت تماما، وأخذت الالفاظ تأخذ بعدا آخر تماما، فنجد من القسوة والسواد ما يتعب القارئ، وبعدها يحدثنا بلغة الأمل الذي ما زال يحمله، وهنا نجد خطاب فيه شيء من القسوة التي عاشها في المنفى لكنه ايضا يقدمنا من المستقبل المنشود، من هنا ما يحسب لهذه القصيدة المتواضعة الحجم، وجود ثلاثة عوالم من الخطاب، عالم الصفاء والحياة التي عاشها الفلسطيني ببساطتها وتعبها، وعالم الذي أحدثه المحتل بعد أن احتل الأرض وهجر السكان، وعالم الأمل/الإيمان الذي يتمسك به الفلسطيني في العودة إلى وطنه.
لكي نقرب القاري مما نطرحه نقتبس بما جاء في القصيدة:
"بيتٌ من الطينِ خلفَ النهرِ،
نافذةٌ تمشي إلى حقلَيْ كُرُنبٍ وباذنحانَ ،
وامرأةٌ تروي لصورتِها في البئر شيئاً
وتمضي نحو صورةِ زوجِها الذي لم يعدْ فوق الجدارِ ،
وأنت َ مثلما كُنتَ
ترمي رُكبتيكَ على عشبٍ تمهّلَ في النموّ
لا أحدٌ
يغيظ ، بما يأتيك َ، يومَكَ
إلا من رآكَ ولم يمدحْ مكوثكَ في كلامِكَ القديمِ طويلاً"
إذا ما توقفنا عند المعنى/المضمون الذي قدمه الشاعر فهو يمثل الحياة العادية، والتي نجدها في "البيت الطيني، والمرأة التي تمشي، والزوج المفقود، الجلوس على العشب" هذه حياة الفلسطيني التي عاشها، فهو كأي
شعب يمارس الحياة العادية الطبيعية.
لكن لنرى كيف يتغير خطاب الشاعر بعد أن يستخدم كلمة "الغريب":
" تحتَ غُرتّكَ الأولى التي اتسختْ ، مثلكَ ، بالرياحِ،
ونظرةِ الغريبِ،"
يمهد لنا الشاعر ما ستكون عليه الحال قبل أن يلفظ كلمة الغريب بمعاني والفاظ تشير إلى التحول الذي سيحدثه وجود هذا الغريب: "اتسخت، بالريح" من هنا نقول أن مكونات العقل الباطن دائما هي أصدق وأهم بكثير مما ينقله لنا العقل الواعي، لتأكيد هذا الأمر نأخذ بقية الألفاظ التي استخدمها الشاعر بعد كلمة الغريب:
"وخوفِ المارّة المائلينَ ، في الحديثِ ، على أجسادِهمْ
من سذاجةِ المُخبِرِ الثرثارِ ،
لا أحدٌ
من سارقِيْ جمرةِ القِرى
ورُواةِ الشائعاتِ
وطُرّاقِ الليالي اللذين لم يعثُروا عليكَ في غرفِ الموتى
وأحفادِ حفّارِي القبورِ
يعكّرونَ رائحةَ الوردِ التي صاحبتْ يديكَ في انتظارِ
صبايا الحيّ ،
لا أحدٌ

يُهينُ صَوْتَكَ ذاكَ إذ تُنادي على القتلى
سوى من رمى على الضوءِ في عينيكَ ظلاً ثقيلاً ."
إذا ما توقفنا عند الألفاظ التي استخدمها الشاعر سنجد عالم أسود بالمطلق، فهناك تحول كبير في المعاني والألفاظ التي افتتح بها القصيدة: "خوف، المخبر، سارقي، الشائعات، الليلي، الموتى، حفاري القبور، يعكرون، ثقيلا" كل هذه الأسماء والصفات والأفعال تشير إلى القسوة التي أحدثها وجود الغريب، وإذا ما توقفنا عن صورة موت الزوج في الخطاب الأول، قبل وجود الغريب نجدها بهذا الشكل:
" وتمضي نحو صورةِ زوجِها الذي لم يعدْ فوق الجدارِ ،"
بينما نجد تقديم عين الصورة بشكل مغاير تماما عندما جاء الغريب، فكانت بهذا الشكل:
" وطُرّاقِ الليالي اللذين لم يعثُروا عليكَ في غرفِ الموتى
وأحفادِ حفّارِي القبورِ"
وهذه الصورة أيضا:
" يُهينُ صَوْتَكَ ذاكَ إذ تُنادي على القتلى"
ذكر عبارة "حفاري القبور" ولفظ "القتلى" يشير إلى السواد المطلق، وهذا التحول السلبي في استخدام الصور والألفاظ جاء نتيجة وجود الغريب، فقبل هذا الغريب كانت الحياة عادية، وكانت استخدامات الشاعر للصور والألفاظ أيضا عادية ـ بالنسبة للشاعرـ فهو كشاعر يحرص على مشاعر المتلقين/القراء، لهذا يقدم افكاره بصورة فنية وألفاظ ناعمة رغم قسوة المشهد، لكن وجود الغريب أفقده ـ في العقل الباطن ـ هذه السمة وجعله يتعاطى مع واقعه الأسود دون أن ينتبه لمكانته كشاعر ـ يحرص على خدش احساس القارئ/المتلقي.
الخطاب الثالث يقربنا من الحياة السوية التي ينشدها الشاعر، فهي أكثر راحة مما كانت عليه قبل وجود الغريب، رغم ما أحدثه من ألم وخلل لا يمكن أن يمحى من الذاكرة، يقول الشاعر:
" غير أنكَ مثلما كُنتَ
ترعى الماءَ في النهرِ حتى يكبرَ العشبُ والحصى .
ويأنَسُ الهدهدُ الأعزلُ ، مثلكَ ، بئرَ البيتِ ،
والمرأةُ التي رأتْ زوجَها بين النعوشِ الحياةَ ما استطاعتْ سبيلاً."
عالم الذي يحلم به الشاعر جاء أهدئ مما كان عليه في الفاتحة التي قدمها، فهناك صورة رومنسية للراعي والغنم بجانب النهر، ونجد أيضا الحياة البرية تعيش بسلام "يأنس الهدهد الأعزل" ونجد "البيت" أفضل مما كان عليه لأنه لم يصفه ب"بيت من الطين" كما جاء في فاتحة القصيدة، فهو هنا بيت غير محدد، غير موصوف، ولهذا يمكننا أن نقول عنه بيت كامل، ولهذا جاء ذكر البئر إلى جانبه.
إلى هنا كل شيء أبيض تماما وأكثر من عادي، فهو يمثل الحياة الهانئة والهادئة، لكن هناك أثر للغريب ما زال فاعلا في الشاعر والذي جاء من خلال:
" والمرأةُ التي رأتْ زوجَها بين النعوشِ الحياةَ ما استطاعتْ سبيلاً " وهذه الصورة شديدة البأس على المتلقي، لأنها لم تكن صورة جامدة/ثابتة، بل صورة متحركة/مستمر/فاعلة، فحرمان المرأة من الحياة العادية والسوية بعد موت زوجها يعد جريمة لا يمكن أن تمحى أو تغتفر.
ويوقفنا الخطاب الأول والذي جاء فيه:
"بيتٌ من الطينِ خلفَ النهرِ،"
والخطاب الثالث:
"، بئرَ البيتِ " فالبيت تم إعماره من جديد وبطريقة أجمل مما كان عليه، لكن مشهد المرأة في الخطاب الأول التي ستمرت في العمل والحياة قبل وجود الغريب توقفت عن العمل والشعور بالحياة بعد فقدان زوجها، واصبحت بهذا الشكل:" ما استطاعتْ سبيلاً " وكأن الشاعر يقول أننا يمكننا أن نعمر الأرض من جديد وبصورة أجمل مما كانت عليه، لكن الإنسان الذي خرب/تألم وفقد الأحباء من الصعب تعمريهم وتقديمهم من الحياة السوية، ولهذا يجب أن نزيل هذا الغريب حتى لا يحدث مزيد من الخراب الإنساني.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النص المطلق في قصيدة -جميلة أنت- موسى أبو غليو
- عندما نواجه الواقع في قصيدة -بلادي- موسى أبو غليون
- مدخل إلى قصائد -عمار خليل- -على جسدي-
- الموت في مجموعة -عندما تبكي الألوان- زين العابدين الحسيني
- مناقشة مختارات للشاعر مريد البرغوثي
- التقديم والفواتح البيضاء في -قصائد مختارة- مريد البرغوثي
- الأسئلة في قصيدة -ضحكات الثعلب- محمود السرساوي
- التقديم الناعم في رواية -عري الذاكرة- أسعد الأسعد
- المثقف/السياسي في مجموعة -عصفور للريح- صلاح صلاح
- اللجنة الثقافية في دار الفاروق للثقافة والنشر تناقش مجموعة - ...
- الشاعر في ديوان -مطر سري- زهير أبو شايب
- هذا هو الفرح
- الفكاهة أدبية والاسطورة في ومضات ريتا عودة
- اللغة المتألقة في -ومضات- خلود نزال
- الفاتحة والخاتمة السوداء في قصيدة -الفراشة- محمد علي شمس الد ...
- الخطاب في قصيدة -خماسية التحليق-رحيل العاشق- إياد شماسه
- السرد والصراع في رواية -همس الشبابيك- سمير أحمد شريف
- العوالم الثلاثة في -في السماء صوت يهمس- مادونا عسكر
- مشاكلنا في كتاب -ثقافة الهبل- جميل السلحوت
- مناقشة كتاب- قلب العقرب- في دار الفاروق


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الابعاد الثلاثة في قصيدة -خيمة الغريب- عبد الله عيسى