أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الناصر حنفي - عن دوار الترجمة وإفساد المبتدئين - ملاحظات حول ترجمة كتاب -جماليات الأداء-















المزيد.....



عن دوار الترجمة وإفساد المبتدئين - ملاحظات حول ترجمة كتاب -جماليات الأداء-


عبد الناصر حنفي

الحوار المتمدن-العدد: 5673 - 2017 / 10 / 19 - 18:19
المحور: الادب والفن
    


سنقتصر هنا على رصد وتحليل بعض الملاحظات -ذات الطابع المعلوماتي- حول ترجمة كتاب "جماليات الأداء" الصادر عن المركز القومي للترجمة (1)، وذلك دون التطرق إلى موضوع أو أفكار الكتاب نفسه، والتي لا يمكن التقليل من أهميتها، فبغض النظر عن العلاقة بين هذه الترجمة وأفكار النص الأصلي إلا أن الأخيرة تستحق النقاش في سياق أفضل.
أولا: مقدمة تنقلب على نفسها:
مقدمات النصوص المترجمة عادة ما تتضمن جانب إجرائي شديد الأهمية يمكن تلخيصه ببساطة في الإجابة عن أسئلة من قبيل (كيف تمت ترجمة هذا المصطلح أو ذاك، ولماذا؟) والتي تحاول أن تؤسس لحالة من التوافق الضمني المؤقت بين المترجم وقارئه على نحو يمكن هذا الأخير من استيعاب كيف يفكر النص المترجم في موضوعه.
شيء كهذا كان يفترض أن نجده في مقدمة ترجمة كتابنا عبر اهتمامها بمناقشة خيارات ترجمة عدد قليل جدا من المصطلحات التي تتمتع بأهمية مركزية في النص الذي تعالجه، ولكن يبدو أن تلك المناقشة بدلا من أن تكون أداة توضيح تساعد على القراءة قد تحولت إلى أحد عوامل الحيرة والتشتت!
وبداية تقطع تلك المقدمة بأن لفظة (performance) تترجم في العربية إلى "عرض"، وهو أمر يحدث بالطبع، ولكنه بالتأكيد ليس الترجمة الوحيدة (ولن نتطرق هنا لأي مقارنات حول ما هو أفضل)، بل ولا هي الأكثر انتشارا إلا إذا كنا نتحدث عن استخدامها في تداولات أو سياقات بعينها، إذ أن ثمة حضور كثيف لترجمة هذه اللفظة بكلمة "أداء"؛ ليس فيما يتعلق بالمسرح فقط؛ بل أيضا في الخطاب المصاحب لظواهر ومجالات معرفية كثيرة، ولكن لا بأس، فمثل هذا الأمر يتكرر بغزارة في العديد من الترجمات العربية، حيث يتم اختيار لفظة هي أقرب لوعي المترجم بصورة أو بأخرى؛ منها إلى موضوعه!
ولكن الطريف حقا، أنه ما إن تستقر المقدمة على هذا الخيار الذي تبقيه خارج دائرة النقاش تماما بوصفه أمرا نهائيا لا يمكن مراجعته؛ حتى تبدأ في مواجهة تبعاته مع تناولها للفظة (performative) والتي ترفض ترجمتها إلى "العرضية" اشتقاقا من "العرض" لأن:
"هذا الاشتقاق يبدو أيضا مثيرا للجدل نظرا لأنه لا يعتمد القواعد اللغوية المتعارف عليها في اللغة العربية، كما أنه يبدو غريبا بعض الشيء على القارئ العربي، ربما للتشابه مع مشتقات كلمة العرض بالمعنى الهندسي (الطول والعرض) لذا فضلت في النهاية ترجمة مصطلح (performative) بكلمة "الأداء"؛ تجنبا للبس والغموض، وذلك بعد استشارة أ.د جابر عصفور صاحب الخبرة الكبيرة في مجال ترجمة النظريات النقدية للغة العربية" (ص 9)
وهكذا، فالمصاعب "الاشتقاقية" التي واجهتها "المترجمة" مع لفظة العرض لم تجعلها تراجع قرارها للبحث عن خيار أكثر سهولة وسلاسة، ولكنها دفعتها إلى ترجمة الاسم (performance) والصفة (performative) كل منهما بلفظ مختلف تماما، ناهيك عن أنها ترجمت الصفة وكأنها اسم!
وعلى كل حال فقد بذلت المترجمة جهدا تحليليا حتى تقنعنا باختيارها للفظة "الأداء" كترجمة للفظة (performative)، برغم أنها لا تخفي امتعاضها من هذا القرار:
"على الرغم من أن لفظة الأداء تشير في مضمونها إلى فنون العرض المعتمدة على الأداء التمثيلي؛ مما قد يحد من المساحة التي تتسع نظرية إيريكا فيشر- ليشته لتشملها، فإنها أكثر قبولا في اللغة العربية" (ص 9)
وبغض النظر عن مدى دقة هذه الملاحظة التي تقصر معنى لفظة الأداء على أفعال الممثلين، فإنها تأتي بمثابة تأكيد حاسم وقاطع لما انتهى إليه النقاش السابق.
وهكذا؛ فإن أي قارئ، وبغض النظر عن مدى اهتمامه بموضوع الكتاب، أو درجة معرفته بسياقاته؛ سيشعر بالتأكيد أن ثمة أهمية ما تكمن في التفرقة بين مصطلحي البرفورمانس والبرفورماتيف، وأن هذه التفرقة لازمة للمضي في قراءة الكتاب واستيعاب محتوياته.
ولكن ما أن نمضي في قراءة المقدمة حتى نفاجأ بعد صفحتين بالضبط بالمترجمة تقول إنها تترجم مصطلح (performative turn) بـ "منعطف العرض" (ص 11)!!!! .... هكذا دون أي تمهيد أو إشارة أو استدراك على المناقشة والتحليل اللذين قرأناهما للتو!
وهو ما قد يجعل أي قارئ -مهما كان مستوى تركيزه- يعاود تقليب صفحات الكتاب ليتأكد مما قرأه، ثم يتساءل: الم نتفق على أن لفظة العرض ترجمة للبرفورمانس، وأن لفظة الأداء ترجمة للبرفورماتيف؟ والآن: هل أصبحت لفظة "العرض" ترجمة لكليهما؟ وفيما كانت محاولة التفرقة بينهما إذا؟ وأين ذهبت استشارة الأكاديمي صاحب الخبرة الكبيرة؟ ... الخ، وعندها قد يشعر قارئنا هذا بشيء من الحيرة والارتباك وانعدام الثقة في النص، والذي أعتقد أنه سيلازمه طوال قراءته للكتاب!
ولكن إذا كانت هذه هي ردة الفعل الطبيعية والمتوقعة لأي قارئ، فماذا عمن كتب هذه المقدمة نفسها؟ وماذا عمن راجعها وأقرها؟ وهل قرأ أحدهم ما جاء في ص 11، ثم عاد ليرى علاقته بما تم ذكره في ص 9؟ أم أن صناع هذا الكتاب يفتقدون لردة الفعل العادية التي تجلبها القراءة؟ وفي هذه الحالة هل نستطيع القول انهم قد قرأوا أصلا ما يقدمونه لنا؟ وربما تفسر هذه الملاحظات -وغيرها مما سيأتي ذكره- لماذا لم يحظ الكتاب، بالرغم من أهميته للمسرحيين، بأي مراجعة جدية منذ صدوره حيث اقتصر حضوره على بعض الأخبار والإشارات والإحالات المقتضبة (2).
وهكذا؛ فإن تناقض تلك المقدمة مع نفسها، إن لم نقل استخفافها بذاتها وبما تطرحه؛ قد جعل من الضروري العودة إلى مراجعة النسخة الإنجليزية للكتاب، وعندها تبين أن الترجمة العربية قد استخدمت لفظة العرض كمقابل للعديد من المصطلحات الأخرى: مثل "المسرح" في عبارة theatre practice، والتي ترجمت إلى "تطبيقات العرض" (ص 65)، و"العرض الفرجوي" كترجمة لمصطلح spectacle (ص 23 ومواضع أخرى)، وهو ما يذكرنا بما قررته المترجمة في مقدمتها باستبعاد لفظة "الفرجة" لأنها تبدو "غريبة على القارئ المصري"! (ص 9) وبالتالي نجد أنفسنا أمام نموذج آخر لما تقرره المترجمة ثم تفعل ما يخالفه! وعموما، فإن لفظة "العرض" تستخدم في الكتاب لترجمة أربع مصطلحات مسرحية أساسية ومتباينة، وهو أمر سيبدو وكأن المقدمة لا تراه، مما يجعلنا نتساءل مرة أخرى: هل قرأت المترجمة ما قامت بترجمته قبل أن تكتب مقدمتها؟
وفضلا عن ذلك؛ فهناك العديد من الارتباكات في ترجمة فقرات الكتاب، وهو أمر يبدو متوقعا، فما دمنا أمام مترجمة لا تستطيع ضبط أفكارها أو مراجعتها أو حتى مجرد الالتزام بما تقرره لنفسها وهي تكتب في لغتها الأم، فكيف ينتظر منها أن تضبط أو تراجع أفكار غيرها في لغته الأجنبية؟
ثانيا: أخطاء عجائبية في التعامل مع المعلومات:
إذا، فبدلا من مواصلة النقاش حول الخيارات الاصطلاحية والمفاهيمية للترجمة، وما تم إسقاطه أو إضافته؛ وعلاقة ذلك بمدى الدقة في إعادة بناء أفكار الكتاب؛ فإننا سنتناول هنا حالات أكثر بساطة تقع ضمن مستوى التعامل مع المعلومات، لا الأفكار، الأمر الذي قد يفضي بنا إلى القول بأن هذا كتاب يستحيل أن يكون صناعه قد قرأوه بجدية، لا قبل طباعته، ولا بعدها!
وسنعتمد في هذه المناقشة على النسخة الإنجليزية التي صدرت في 2008 عن دار روتلدج (3)، والتي كانت وقتها الناشر الرئيسي لأعمال إريكا فيشر في الإنجليزية، مما يعني أن هذه النسخة معتمدة من الكاتبة نفسها.
ولن نتناول هنا الأخطاء البسيطة التي قد تمر أحيانا على العين المهتمة مثل الأخطاء المطبعية وما يدور في فلكها، وإنما سنناقش -بالتفصيل قدر الإمكان- بعض الأمثلة الكارثية التي تنم إما عن خفة شديدة أو لا مبالاة أشد، ولمن شاء أن يرجح أحد التفسيرين أو غيرهما أن يفعل، فلن نهتم هنا سوى بطرح هذه الحالات للعيان.
1- خمس كلمات وأربعة أخطاء:
ولنبدأ بأكبر كم ممكن من الأخطاء الاستثنائية والتي جاءت في عبارة من خمس كلمات بسيطة للغاية:
"Bernhard Minetti’s reading of Grimm’s fairytales," (ص 20 من النسخة الإنجليزية). وقد جاءت ترجمتها العربية كالتالي: "قراءات برنارد مينتيس (ت: يراجع) bernard minetti لقصص خيالية للأخوين جريم بروثرس grimm brothers (ت:يراجع)" (ص 35).
وبغض النظر عن هشاشة عبارة "لقصص خيالية"، فإن الخطأ الأول هنا يكمن في اسم "مينتي" الذي أضيفت له س -(s) الملكية- فكتب "مينتيس" (4).
الخطأ الثاني نجده في عبارة "الأخوين جريم بروثرس"!! فما الذي جاء بهذه "البروثرس" مع الأخوين؟ ومن أي لغة جاءت؟
الخطأ الثالث والرابع، يأتي من أن أحدهم حاول أن يقوم بعمله، فكتب الأسماء الصحيحة بالإنجليزية، ولكنه بدلا من أن يصححها في العربية اكتفي بفتح قوس يطالب فيه بالمراجعة، وبما أنه لا أحد قرأ هذا الكتاب فقد تمت طباعته بهذا الشكل الفاضح، حيث عدد الأخطاء في العبارة يكاد يساوي عدد الكلمات!
2- إسخيلوس نص من نصوص يوربيديس!
أما الخطأ التالي فهو أكثر طرافة من أن ينسى أبدا، ولنبدأ بقراءة العبارة في النسخة الإنجليزية:
"Schleef, finally, adapted his first choric production, Mothers (Die Muetter, Schauspielhaus Frankfurt, 1986), from Euripides’ Suppliant Women and Aeschylus’ Seven Against Thebes"
(ص 65 في النسخة الإنجليزية)، وقد جاءت هذه العبارة في الترجمة العربية كالتالي حرفيا:
"أما شليف فقد اعتمد في أول عروض مسرح الكورال "الأم" (مسرح شاوشبيلهاوس، فرانكفورت، 1986) على اسكلس وهيكاتيدن عن يوربيديس" (ص 106)
وهكذا فالنسخة الإنجليزية تتحدث عن أن السيد "شليف" قد قام بإعداد عرض "الأمهات" (وليس الأم!) عن نص الضارعات ليوربيدس، ونص سبعة ضد طيبة لإسخيلوس، أما ترجمتنا العربية فهي تقول أن الرجل اعتمد على اسكلس (اسخيلوس) وهيكاتيدن (؟) "عن يوربيدس"، أي أن اسخيلوس قد أصبح هنا أحد نصوص يوربيديس، وبالطبع فمن لا يعرف اسخيلوس أو يوربيديس ستمر عليه هذه العبارة مرور الكرام، أما إن كان هناك من يعرفهما فهو بالتأكيد لم يقرأ هذه الكلمات قبل طباعتها، وإلا لاستوقفته طرافتها على الأقل!
3- أسماء وضمائر وتحولات!
تتحدث الترجمة ص 47 وما بعدها عمن تسميه "يوديت باتلر" بضمير المذكر، والمقصود هنا هي "جوديث باتلر" (Judith Butler) الفيلسوفة الأمريكية (!) وأحد المرجعيات النظرية -القليلة للغاية- التي تناقشها المؤلفة في سياق تأسيس مفهومها حول "الأداء"، وأن تكتب المترجمة اسمها بالنطق الألماني وتحولها من أنثى -فيمنست!- إلى ذكر؛ فهو أمر لا يشير إلى حالة من الكسل أو التكاسل المعرفي فقط؛ بقدر ما يعني أيضا أن المترجمة في الغالب أكتفت بمحاولة نقل النص من لغة إلى أخرى دون أن تكلف نفسها عناء القراءة عن تلك الأسماء التي تنقلها. وهو ما يفسر أيضا تلك الترجمة الخشنة للغاية لعنوان مقال باتلر الشهير (Performative Acts and Gender Constitution - أفعال الأداء ودستور النوع) الذي يناقشه الكتاب، حيث تم ترجمة لفظة (Constitution) بـ "دستور" وهو بالتأكيد اختيار غير موفق تماما بالنظر لسياق العبارة ومحتوى المقال.
وبالطريقة نفسها سيتحول "جيلبرت موراي" (Gilbert Murray) (ص 57) إلى حالة التأنيث مع الكتابة الخاطئة للاسم: "وقد أكدت جيلبرت موريس.." (هامش ص 64).
وهناك مشكلة أخرى في التعامل مع الاسم كوحدة معلوماتية، ففي صفحة 55 تتحدث الترجمة عمن يسمى "ويليام روبرتسون"، ثم في الفقرات -والصفحات- التالية تحيل إلى شخص يدعي "سميث"، ولا شك أن القارئ سيتوقف للتساؤل عن صاحب هذا الاسم، وربما يعود إلى الخلف ليتأكد ما إذا كان قد مر – في غفلة!- بشيء يساعده على معرفة من هو هذا الشخص، وربما سيحدث الشيء نفسه عندما يصل إلى صفحة 95 ويصطدم باسم آخر هو " روبرتسون سميث"! وهكذا فإن اسم واحد هو "ويليام روبرتسون سميث" (William Robertson Smith) سيذكر عبر ثلاث صيغ مختلفة وغير دقيقة، وعلى من يقرأ أن يبحث وراء هذا الاسم وصيغه ويستكشف الصلة بينهم فقط ليتمكن من مواصلة القراءة!
وفي إطار المشكلة التي تعانيها هذه الترجمة مع نصوص يوربيديس! وارتباكها في توحيد صيغة الأسماء (وضمائرها) يتعرض نص The Bacchae، والذي استقرت ترجمته في العربية منذ حوالي قرن بـ "عابدات باخوس"؛ للكتابة بأكثر من صيغة، منها "باخون" (؟) ص 57، ثم "الباخوسيات" ص 75، 106، إلى أن يتم إسقاطه تماما وحذفه من النص في صفحة 258! (انظر النسخة الإنجليزية ص 142).
لقد مرت خمس سنوات على صدور هذا الكتاب، وأعتقد أنه لو كانت لدينا حياة ثقافية وأكاديمية حقيقية لما انتظرت مثل هذه الملاحظات "التسجيلية" كل هذا الوقت لتظهر وتطرح للنقاش. وعموما ليس المقصود بهذا المقال أن يكون حصرا لكافة الأخطاء والارتباكات الواردة في هذه الترجمة "القلقة" التي تعطى لنفسها الكثير من الأريحية غير المبررة في التعامل مع تفاصيل وتراكيب الجمل والفقرات؛ فقد كانت هذه المهمة تقع - وربما لا تزال- ضمن مسئولية آخرين، فكل ما نحاوله هنا هو رصد بعض الملاحظات التي لا يمكن لأي قارئ للكتاب أن ينجو من تأثيرها، بداية من الارتباك الفكري الذي يمكن أن يصيبه مع مقدمة المترجمة، مرورا بانعدام الثقة الذي يمكن أن ينتابه مع توالى الأخطاء في تقديم المعلومات البسيطة، وصولا إلى تلك اللمسة الفاضحة التي جلبت "خربشات" التصحيح إلى النص المطبوع، ومثل هذه الأخطاء الفادحة تأثير قليلها مثل كثيرها، فهي تدمر الثقة بالكتاب ككل، بحيث أننا سنشعر أنه بحاجة إلى "محقق" (مثل محققي الكتب التراثية!) يعيد ضبط صلاحيته للقراءة.

ثالثا: الترجمة ودوار المبتدئين:
سنحاول في هذه الفقرة مناقشة كيف يمكن لهذه الأخطاء أن تفرض نفسها على مترجم لا يفترض أنه يعاني من أي نقص معرفي في المجال أو الموضوع الذي يترجم عنه، ففي مقال مخصص للتعريف بالسيرة العلمية لمترجمة الكتاب (5)؛ ذكر أنها حصلت على درجتي دكتوراه في علوم المسرح، واحدة من ألمانيا تحت إشراف إريكا فيشر (مؤلفة الكتاب) وأخرى من مصر تحت إشراف السيدة التي راجعت الكتاب، وإذا أضفنا إلى هذه المعلومات أن المترجمة تقيم في ألمانيا بصفة شبه دائمة منذ مطلع الألفية تقريبا؛ فسيبدو أن اختيارها لهذا الكتاب الذي تبدأ به مسارها كمترجمة هو اختيار مثالي سواء من ناحية التخصص العلمي، ومعايشتها للمؤلفة ومشروعها البحثي، أو من زاوية توفر القدرة اللغوية والمعرفة بالثقافة التي تترجم عنها.
ومع ذلك فإن توافر مثل هذه الشروط هو مجرد عتبة أو بوابة تسمح بالدخول فقط إلى أفق الترجمة كممارسة، أي أنها تتيح الخطوة الأولى، خطوة المبتدئين، أما ما يتعدى ذلك فلا يمكن مقاربته إلا عبر الانصياع للشروط والقواعد المهنية الخاصة بممارسة الترجمة، والتي تتطلب اكتساب مهارة صنع عدد هائل من القرارات المعرفية الدقيقة والمتوالية في حسم صامت وبلا ضجيج، ولذلك فمهما كان المترجم متخصصا أو عارفا بالمجال الذي يترجم عنه فهذا لن يعفيه من الجهد التدريبي والنشاط التكراري المثابر والصبور المطلوب لاكتساب هذه الملكة التقنية في التفكير، والتي تتعاظم أهميتها كثيرا في ترجمة النصوص النظرية بوجه خاص، فتلك النصوص تتطلب ما يتجاوز عمليات نقل الجمل والفقرات بحيث يتم إعادة بناء الأفكار بصورة متسقة ومستمرة، وأي خطأ هنا قد يعرض هذا البناء الفكري لانهيار لا رجعة فيه أمام قراءه.
ودخول "المبتدئين" إلى رحاب هذه الممارسة للمرة الأولى عادة ما يعرضهم لجرعة من الدوار المعرفي الشبيه بحالات دوار البحر، والذي يجعلك تشعر أنك غير قادر على السيطرة على العلاقة مع ذاتك، ولا مع العالم، فانهمار الكلمات، وتلاقيها معا بصورة متقاطعة وفي أشكال وترابطات متغايرة باستمرار يؤدي عادة إلى انهيار المعاني البسيطة والمباشرة والتي كان يظن في بداهتها، لتتكشف علاقات وترجيحات جديدة تماما يمكن لكل منها أن يسحب المعنى في اتجاه مختلف أو غير متوقع، وهو ما يبدو وكأنه يحدث مصحوبا بدوي صاخب قد يصم الآذان المنصتة، مثلما قد يصيب العقل بخدر مؤقت، فتخرج علاقات الكلمات والجمل عن السيطرة، بحيث تصنع حقائق أو إشارات وهمية تفلت من الوعي.
ودوار المبتدئين هذا قد يجعل المسودة الأولى، أو مسودة المبتدئين؛ ذكرى غير سارة تماما بالنسبة لأي مترجم، وبالمقابل، فعدم اكتساب الخبرة الكافية لمقاومة هذا "الدوار" أو تحييد أثره؛ قد يؤدي إلى ظهور تلك السقطات أو الأخطاء غير المعتادة التي قد تطل علينا أحيانا في أعمال بعض المترجمين المخضرمين.
وكتابنا هذا يبدو بوضوح أنه مجرد مسودة أولى كتبت تحت تأثير "دوار المبتدئين"، وما رصدناه حتى الآن من أخطاء غرائبية لا يمكن تفسيره إلا عبر هذا المفهوم، والذي يبدو أن تأثيره لم يتوقف عند ارتباك القرارات الفكرية وتقلقل الصياغات والإخفاق في التعامل البسيط مع وحدات المعلومات، ووهن أو تلاشي القدرة على المراجعة؛ بل تسبب أيضا في إنتاج حقيقة وهمية مضادة لما تعرفه المترجمة يقينا بصفته معاشا، وهو ما سنناقش مثالا عليه في الفقرة التالية.
رابعا: تشويه النص واصطناع حقائق وهمية:
في بداية الفصل الثاني من الكتاب نجد هذه الفقرة المعلوماتية البسيطة للغاية:
"استخدم جون أوستين John L. Austin مصلح الأداء performative لأول مرة في محاضرته في جامعة هارفارد عام 1955، تحت عنوان "كيف تصنع الأشياء بالكلمات" في مجال فلسفة اللغة، وقد تزامن ذلك تقريبا مع محاولتي لصك نفس المصطلح في مجال الفن" ص 41
وهو ما يفهم منه أن المؤلفة قد بدأت في بناء أفكارها حول مفهوم الأداء في مجال الفن خلال الفترة نفسها التي قدم فيها أوستين محاضراته، أي حول عام 1955.
ومبدئيا فليس ثمة ما هو لافت في هذه الفقرة باستثناء أن المؤلفة ستبدو وكأنها تستعرض بعض التباهي الذاتي أمام فيلسوف بحجم "أوستين" عبر منازعته ريادة تأسيس مفهوم "الأداء"، خاصة أننا مهما بحثنا فلن نجد شيئا يسبغ المصداقية باي قدر على دعوى التنازع هذه، ناهيك أن النص نفسه لا يلتفت بعد ذلك أبدا إلى هذا الأمر، وكأنه قد قاله في لحظة ثم نسيه!
ولكن الأمر يزداد غرابة وعجائبية إذا ما علمنا أن المؤلفة قد ولدت عام 1943، أي أنها كانت في الثانية عشرة من عمرها عندما قدم "أوستين" محاضراته! أي أننا أمام سيدة تقول عن نفسها أنها بدأت إنتاجها العلمي قبل أن تنهي دراستها الابتدائية تقريبا! وبالتالي فلنا أن نسأل: هل نحن أمام حالة من الاختلال النرجسي أم بصدد حالة من الهوس الذاتي الذي لا ينازع "أوستين" بقدر ما يحاول التماهي مع "موتسارت" مثلا؟ وهكذا، سيبدو أن الترجمة تدفعنا دفعا لجلب المؤلفة إلى أريكة التحليل النفسي!
ولكن بالرجوع إلى النسخة الإنجليزية سنجد نص الفقرة كالتالي:
The term “performative” was coined by John L. Austin. He introduced it to language philosophy in his lecture series entitled “How to do things with words," held at Harvard University in 1955.
The coinage of this term coincided with the period I have identified as the performative turn in the arts
(ص 24 من النسخة الإنجليزية)
وبغض النظر عن رشاقة الصياغة، فإن ما تقوله العبارة الأولى بالإنجليزية (الحروف المائلة) لا يختلف عما تقوله ترجمتنا، أما العبارة التالية فشيء آخر تماما، فالمؤلفة تقول هنا أن: "صك هذا المصطلح يتزامن مع الفترة التي حددتها بوصفها "المنعطف الأدائي" في الفن" أي أن عمل "أوستين" ظهر في الفترة نفسها التي بدأ فيها تحول الفن نحو ظاهرة الأداء من وجهة نظر المؤلفة، وهكذا، فكل ما رصدناه من اختلال وغرابة أحاطت بالمؤلفة وحديثها عن ذاتها يتحول بالكامل تجاه الترجمة التي أسقطت كلمات واضحة لا تثير أي التباس (the period I have identified as the performative turn) وحولت العبارة إلى: "محاولتي لصك نفس المصطلح"، وكأنها تشوه علاقات النص من أجل أن تصطنع ظل لواقع وهمي! بحيث أننا نجد أنفسنا هنا أمام حالة نموذجية لما أطلقنا عليه "دوار المبتدئين" في الترجمة، والتي تؤدي إلى مثل هذه الانخطافات المعيبة والمزعجة، فالمترجمة تعرف المؤلفة جيدا، ولا يمكن أن تقع في خطأ كهذا ينكر عليها ما تعيشه حياتيا، فبأي منطق أو هدف إذا جرى حذف بعض كلمات عبارة غير ملتبسة بحيث أمكن دفعها للانحدار نحو المعنى الذي طالعنا في النهاية!
وهكذا يتضح أن دوار المترجمين المبتدئين قد ينتج حالة من الخفة وانعدام الاتزان يفقد معها الوعي مناعته المعرفية، وهو ما يفتح المجال لانزلاقات غير محسوبة ولا متوقعة، بحيث يتم استحداث أخطاء أو تشويه أفكار، أو اصطناع حقائق وهمية، وكلها أمور لا يمكن فهمها أو تفسيرها بالعودة إلى الكفاءة المعرفية من عدمها، فهي شيء أشبه بانفلاتات اللاوعي التي قد تؤسس لمعنى خاص بها أو تكتفي بالتمطع علنا في الهواء الطلق أمام الجميع، ورغما عنهم!
خامسا: في إفساد المبتدئين:
هذا الدوار؛ وكابوس المسودة الأولى، ليس قدرا، بل هو حالة يمر بها أي مترجم مبتدئ في بداية ممارسته للمهنة، وبقدر تمرسه بالخبرة بقدر ما تذوب ذكرى هذه الحالة في فراغ النسيان بحيث قد يصبح من الصعب على المترجم نفسه أن يتذكر أنه مر بها يوما ما، ونقطة البداية في مقاومة هذه الحالة أو تجاوزها تمر دائما عبر عملية "المراجعة"، سواء المراجعة الذاتية، أو الإصغاء، أو حتى الانصياع؛ للملاحظات الخارجية، ولذلك فأغلب مؤسسات النشر تتعامل مع التجارب الأولى للمترجمين عبر وضعها تحت الإشراف الكامل لمراجع مخضرم، وهي السياسة التي يتبعها "المركز القومي للترجمة" منذ كان مجرد مشروع، وقد اختار المركز لكتابنا "مراجعة" عملت كرئيس لقسم اللغة الألمانية بجامعة القاهرة، وأدارت "مركز اللغات الأجنبية والترجمة التخصصية" بنفس الجامعة، وهو ما يبدو وكأنه اختيار نموذجي؛ آخر.
كان من المفترض إذا أن تقوم هذه السيدة الأكاديمية بدورها في المراجعة وإعادة ضبط النص والتنبيه إلى أخطائه، خاصة وأن أكثرها كارثية لا تتطلب معالجته سوى ساعات قليلة من القراءة الصبورة والهادئة، وكان يمكن حينها لهذه المسودة التي بين أيدينا أن تتحول إلى مجرد مادة أولية لترجمة أخرى تنازع نفسها من أجل اكتساب سمت أكثر جدية وانضباطا، ولكن من الواضح أن هذا لم يحدث.
ونفس الشيء يمكننا قوله عن باقي العناصر التي أسهمت بصورة مباشرة أو غير مباشرة في إصدار هذا الكتاب، فكلها تقريبا ساهمت في عدم قراءته وفي جعله نصا غير قابل للقراءة، وحتى وإن كانت تلك "السيدة الأكاديمية" التي قامت بدور "المراجعة" تحتل المركز الأول في قائمة المسئولين عن هذه الكارثة، فإن هذا لا يلغي مسئولية الباقين.
وما يزيد الأمر طرافة أن بعضهم ممن لم يقرأ الكتاب بالتأكيد لا قبل طباعته ولا بعدها؛ قد تقدم به لنيل جائزة الشيخ زايد للترجمة، والتي تعتبر من أهم الجوائز العربية في مجالها نظرا لأعداد المتقدمين إليها سنويا وكذلك بفضل قيمتها المادية الكبيرة، ولكن الأمر يتجاوز الطرافة إلى حافة الكوميديا السوداء عندما نعلم أن الكتاب قد تم ترشيحه في القائمة الطويلة للجائزة! ويبدو أن من لم يقرأ هنا هو من لم يقرأ هناك، أو أن هؤلاء "اللا قراء" يؤازر بعضهم بعضا كالبنيان المرصوص!
إن حالة دوار الترجمة ليست مجرد حمام بخار معرفي قاسي يمر به المبتدئون أثناء تخطيهم عتبة المهنة، أي أنها ليست دائما محض عبور طارئ ينفلت بلا أثر؛ بقدر ما هي أشبه بالمطهر، أي لحظة ما قبل المصير التي قد تعطي لذلك المصير شكله شبه النهائي، فهي تمثل للمترجم لحظة تلاقيه مع ذاته واكتشافه لحدودها وإمكانياتها داخل أفق التفكير المغاير الذي تفرضه وتطلبه ممارسة "الترجمة"، وخاصة ترجمة النصوص النظرية، بحيث أن خط الأفق الذي سيفشل المترجم في تجاوزه مع هذه الحالة سيظل غالبا بمثابة الحد الأقصى لإمكانياته المهنية، ولذلك فالمساعدة التي يتلقاها المترجم في هذه المرحلة هي أمر مصيري، أما حجبها ممن كان يفترض به أن يقدمها فهو ليس اقل من إفساد شبه متعمد، بحيث سيبدو وكأنه دفعة غير رحيمة تلقى بالمترجم مرة وإلى الأبد داخل خندق عثراته. وبالمقابل فإن الإغداق قصدا أو إهمالا بمساعدات تمرر ما كان يجب أن يبدأ وينتهي بوصفه مجرد مسودة أولية ليصبح كتابا مطبوعا هو بمثابة إغلاق الباب بإحكام أمام أي محاولة مستقبلية للمترجم لتطوير قدراته، فقد أصبح حضوره المهني مرتبطا بنص مشوه، وبات هو مكبلا بهوس التقليل من أخطائه أو الدفاع عنها أو حتى إنكارها، بحيث يتحول هذا النص إلى ما يشبه الصليب الذي يحمله فوق ظهره أينما تحرك داخل أفق مهنة الترجمة، ناهيك عن أنه هو ذاته سيتحول شيئا فشيئا إلى منصة نشطة تنشر التقاليد والميول التي تتوافق أكثر مع هذا "الصليب" الثقيل.
وهكذا، فإذا كان بتر قدرات وطموح هذا المبتدئ ووأدها في صحراء اللامبالاة التي تحرص بطبيعتها على مناقضة كل ما هو جاد في مجال الثقافة ليس إفسادا، فماذا يكون الإفساد إذا؟
سادسا: القومي للترجمة وواجب الاعتذار والمراجعة:
منذ مطلع الألفية الجديدة، قدم القومي للترجمة (المشروع ثم المركز) ما يزيد على ثلاثة آلاف كتاب موزعة بعناية (يمكن الاختلاف حولها) على كافة مجالات المعرفة وعصورها، وعبر إصداراته التي جاوزت 300 عنوان سنويا منح قبلة الحياة لمهنة الترجمة في مصر، وخلق جيلا جديدا من المترجمين، وسعى إلى ترسيخ تقاليد مهنية يفترض أنها تضمن حدا مقبولا لجودة العناوين التي يصدرها، بحيث أنه قد بات خلال السنوات القليلة التي أعقبت ظهوره المؤسسة الوحيدة تقريبا التي يمكننا أن نتحدث معها عن دور ثقافي مصري أصيل وريادي؛ بارز وفاعل في المنطقة ككل، وهي مكانة لم تهتز حتى بعد أن أنشأت على غراره عدة مؤسسات عربية ذات تمويل قد يكون أكثر سخاء.
وبرغم كثرة ما يتردد مؤخرا من أن هذا الكيان قد أصابه بعض الترهل، وبات يراهن فيما يقدمه على غزارة الكم على حساب الكيف، إلا أنني كنت أرى أنه برغم وجوب التعامل بجدية ومسئولية مع بعض الشوائب أو الأخطاء التي تظهر في هذا الكتاب أو ذاك؛ إلا أنه لا ينبغي المبالغة فيها على نحو ينال من تلك القيمة المعرفية الهائلة التي يقدمها هذا الكيان، وهو ما لم أعد أستطيع قوله في مواجهة الكتاب الذي تناولناه هنا.
لقد شارك في العمل المباشر على كتابنا هذا فريق مكون من أربعة أشخاص أو أكثر (مترجمة، مراجعة، 2 مصححين، وربما محرر أو أكثر)، بالإضافة إلى الإسهام غير المباشر من لجان ومسئولين ... إلخ، وأن يسفر كل هذا عن كتاب يصرخ بوضوح أنه لم يقرأه أحد تقريبا قبل طباعته، فهذا أمر يضر كثيرا بمستوى الثقة في المركز وإصداراته، ويخدش سمعته ومكانته في مصر وخارجها، ولذلك علينا التوقف بجدية أمام هذا الأمر على النحو التالي:
1- على جابر عصفور الذي أصدر هذا الكتاب حينما كان مشرفا على المركز أن يفسر الملابسات التي أدت إلى خروجه بهذا الشكل المعيب، وأن يعلن اعتذاره عما به من أخطاء فادحة، أما إن لم يفعل؛ فعليه أن يتحمل مطاردة هذا الكتاب لاسمه والتصاقه به أينما حضر، وله بعد ذلك أن يتدبر أمره في كيفية النظر إلى وجوه زملائه وطلابه والمتعاملين معه والذين عانوا من صرامته -إن لم نقل قسوته- تحت مظلة حرصه على الحفاظ على جدية أكاديمية غير قابلة للخدش.
2- في حوار نشر بجريدة القاهرة (6) وجه أنور مغيث، المدير الحالي للمركز؛ نقدا عاما لإصدارات المنظمة العربية للترجمة انطلاقا من ملاحظات قد يصعب الاختلاف حولها إلا أنه لا يمكن مقارنتها بالسقطات الكارثية التي نجدها في هذا الكتاب، غير أن هذا النقد تحديدا يفرض على "مغيث" التزاما شخصيا يضاف إلى التزامه الثقافي والوظيفي تجاه الكيان الذي يديره، وبالتالي فعليه أن يقوم -أولا- بمراجعة نظام العمل وإجراءات إصدار الكتب في المركز وقوائم المتعاملين معه بحيث يتم ضمان عدم تكرار مثل هذه الواقعة المؤسفة، وأن يبادر -ثانيا- بمحاسبة من شارك في هذا الكتاب طبقا لما تنص عليه لوائح المركز والأعراف المهنية، خاصة وأن السيدة التي قامت بدور "مراجع" هذا الكتاب ظلت بعد صدوره تلعب أدوارا أخرى في إصدارات المركز.
في تقديري يظل القومي للترجمة المؤسسة الثقافية المصرية الوحيدة التي لا زالت دماء الحياة تجري في عروقها، ولكن مع هذا الكتاب سيبدو وكأن تلك الدماء قد أصبحت تتسرب بطريقة مزعجة وغير لائقة، ولذلك فإذا لم نسمع اعتذارا، ولم نرى مراجعة، فلنا أن نتوقع أن هذا الكيان قد بدأ شق طريقه للرقاد بجوار الهيئات والكيانات الشقيقة التي تغفو في براح هذا الأفق الخامد والخامل الذي يهيمن على الثقافة في مصر!

الهوامش:
1- إيريكا فيشر-ليشته "جماليات الأداء: نظرية في علم جمال العرض" ترجمة مروة مهدي – مراجعة ناهد الديب- المركز القومي للترجمة 2012.
2- يكاد يكون الاستثناء الوحيد لهذا الأمر هو العرض الذي قدمه "د. محمد شيحة" في العدد الثالث من النشرة اليومية المصاحبة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، 21-9-2017.
3- Erika Fischer-Lichte " The Trans formative Power of Performance - A new aesthetics" Translated by Saskya Iris Jain – Routledge – 2008.
4- وهذا الخطأ اللطيف ستكرره المترجمة بعد ذلك بعدة أعوام في مقالة ترجمتها عن إريكا فيشر ونشرت بالعدد الأول من المجلة التي يصدرها المركز الدولي لدراسات الفرجة، حيث كتبت أزولدتس مقابل esyoldt (ص 80) وحافظت على هذا الخطأ طوال المقال المذكور! وذلك برغم أنها في كتابنا هذا رسمت نفس الاسم "ايسولد" بدون (t) ص 62، وهو ما يعني أن الخطأ، أو الإهمال في كتابة الأسماء يتوالى ويكرر نفسه مع مرور الزمن. انظر: اريكا فيشر ليشتة "الأدائية/الفرجة مقدمة" ترجمة مروة مهدي – مجلة "دراسات الفرجة" العدد الأول – 2015- ص ص 80-89.
5- د. محمد شيحة: "مروة مهدي عبيدو تقدم أوراق اعتمادها للدورة 24 للمهرجان التجريبي" – العدد العاشر من النشرة اليومية المصاحبة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي– 29-9-2017.
6- "د. أنور مغيث: سياسة عملنا معلنة ولا ننحاز إلا للجودة والقيمة"، جريدة القاهرة، 9-1-2016
--
نشر هذا المقال في جريدة مسرحنا عدد رقم 529 بتاريخ 16-10-2017



#عبد_الناصر_حنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ثقب العبارة: تأملات أولية في بعض سياقات أعمال إريكا فيشر
- -نحو تأسيس فينومينولوجيا المسرح- :عن ظاهرة المسرح بوصفها مما ...
- تأملات أولية في حدث ظهور ما هو موسيقى
- نحن، والآخر في العالم!
- شذرة حول الصخب الهيجلي وعماء الزمن
- الدمى والوعي والعالم
- عن إشكاليات التأطير الجمالي في عرض: عاصفة رعدية
- تساو يو والروح الصيني القلق - تحليلات أولية حول الإطار الدرا ...
- تأملات تمهيدية حول ظاهرة المهرجان التجريبي
- عن ظاهرة المسرح والمسابقات التنافسية
- تقرير فني حول عرض -قول يا مغنواتي-
- عن الشوق الاجتماعي للمسرح .... ومخاطر خيانته!
- عن الأمل الهيجلي .. ورهاناته
- أغنية البجعة الليبرالية
- في إنسانية المسرح الجامعي
- من -ماكبث- إلى -بير السقايا- .... تأملات أولية في تحولات الد ...
- عن اليوم العالمي للمسرح ورسالته ... تأملات حول تقليد آن مراج ...
- المسرح المصري: ظاهرة تأبى أن تعي ذاتها (2-2) .... نمط الوعي ...
- المسرح المصري: ظاهرة تأبى أن تعي ذاتها!! (1-2) 1- -عن احصاءا ...
- عن الضغينة في مسرح الثقافة الجماهيرية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الناصر حنفي - عن دوار الترجمة وإفساد المبتدئين - ملاحظات حول ترجمة كتاب -جماليات الأداء-