أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحال لحسيني - الشيخ والبحر لأرنست همنجواي، اختبار الإرادة وقوة العزيمة.. رغم الثناء على الأعداء !















المزيد.....

الشيخ والبحر لأرنست همنجواي، اختبار الإرادة وقوة العزيمة.. رغم الثناء على الأعداء !


رحال لحسيني
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 5673 - 2017 / 10 / 18 - 21:22
المحور: الادب والفن
    


"الشيخ والبحر"، الرواية (أو القصة) الشهيرة للكاتب الأمريكي "أرنست همنجواي" (1) والتي كانت وراء فوزه بجائزة نوبل للآداب وبجوائز أخرى قبلها وبعدها، وتم تحويلها إلى عدة أفلام سينمائية (2) وتلفزيونية فضلا عن ترجمتها لعدد من اللغات منها العربية في أكثر من ترجمة... (3)؛

فرغم عدم استقرار الرأي حول ما إذا كان هذا العمل السردي الخالد رواية (قصيرة) أم قصة (طويلة) فقد ظلت "الشيخ والبحر" نصا إبداعيا عظيما يغوص في أعماق النفس البشرية مدا وجزرا ويسبر أغوارها انطلاقا من موضوعة صراع الإرادة والمواجهة المفتوحة ضد الاستسلام مهما تعددت العوائق والمثبطات وتوالت مكائد الزمن وطال أمد تحقيق المبتغى.

يقوم "أرنست همنجواي" في هذا العمل الإبداعي الخالد بنحث قيمة العزيمة في حياة الأفراد بتسليط الضوء على الصراع التاريخي للإنسان مع الطبيعة لتطويعها لفائدته.. وغير ذلك من القيم والمعاني والرسائل العميقة التي تبقى طازجة عند تتبع مسار وسيرة وأجواء وظروف عيش الشيخ، هذا البحار النحيف الذي لم يسعفه الحظ على صيد أية سمكة طيلة 84 يوما من نزوله المسترسل للصيد، حتى أنه أصبح عرضة للسخرية من طرف البعض، لكنه لم يفقد الأمل في تجاوز "حظه العاثر" إلى أن تحقق له ذلك حيث علقت "سمكة كبيرة وفاخرة" في صنارته..

ولأنها كانت ضخمة جدا استحقت منه المغامرة للفوز بها، فلم يتوانى عن مجاراتها في عرض البحر يومين متتالين، بليلهما ونهارهما، حتى تغلب عليها وأحكم ربطها إلى مركبه الشراعي الصغير..

لقد كانت عزيمته أقوى، ظلت متقدة تدفعه في اتجاه تحقيق حلمه، لم تخضع لتأثير الاختبارات السيئة، الصعبة والمتعبة التي تعرض لها، ولم تهزها الصورة السلبية التي حاول البعض نسجها حوله،.. فتمكن من اصطياد سمكة أكبر من أن يستطيع مركبه حملها.
***

يستطيع الإنسان العيش بدون جدوى حينما لا يعزز وجوده بالإرادة ولا يقويها بالإصرار وبالقدرة على الانتشاء بمواصلة الصراع مهما كان قاسيا ومزعجا، حينما يكون مجبرا على ذلك، لكنه يعيشها بدون متعة حقيقية حينما يركن للاستسلام، ولا يرفع من درجة تشبثه بالعزيمة التي تظل زاده الوحيد والمحفز الجوهري لوجوده، ليكون جديرا بالحياة في وجه إكراهات الزمن وكبواته وانكساراته حتى لو لم تتح له في فترة ما إمكانية المواجهة (المباشرة) معها أو ترفع عنها عندما لا تكون مؤدية إلى هدفه واضطر لمواجهتها بالصمت، مادامت أشكال المواجهة متنوعة!
***

في اليوم الخامس والثمانين؛ قال "سانتياغو" (الشيخ) كلمته، واستند على إرادته وتجاربه كصياد خبر البحر في صيد السمكة وفي ترويضها دون اهتمام بما يفكر به الآخرون اتجاهه، استحضر حنكته ورؤيته للأشياء عند مجاراته لجموحها..
وكذلك في مقارعته للقروش التي هاجمت صيده الثمين.

اعتمد الشيخ على طول نفسه، فالنصر قد يأتي متأخرا، أحيانا، وتبدو قيمته كأنها أصبحت متجاوزة، خصوصا حين يرتبط بخيبات غير منتظرة، لكنه انتصر، رغم ما كلفه ذلك من طاقة وجهد كبيرين في صراع محموم مع خصم لذوذ تحول إلى ما يشبه "الصديق" مع مرور الزمن.
***

بعد رحلة صيد شاقة، لم يتمكن الشيخ من الوصول إلى اليابسة بسمكته كاملة، لكنه لم يخضع للقروش ولم يتركها لها أو يرمي بهيكلها العظمي لإبعادهم، ظل متشبثا بمجابهة كل الأخطار التي حدقت به إلى آخر الرحلة.

ورغم أن نتيجة جهده لم تمنحه في المحصلة أي عائد مالي فعلي، إلا أنها لن تحرمه قيمة انتصاره أو انتصاراته المتعددة على حظه العاثر والسمكة والقروش وعلى نفسه أيضا.. فأبقى باب الأمل في قدرته على الصيد مشرعا.
***

رغم صراعه المرير مع القروش دفاعا عن سمكته، التي لم تستسلم له بسهولة، أوحى نادل مقهى الشرفة بالميناء لسائحة بأن "العمود الفقري الأبيض وفي آخره ذيل ضخم كان يرتفع ويتأرجح مع المد" (4) المتخلى عنه وسط الأسماك الميتة وعلب الجعة الفارغة خارج مدخل الميناء، هيكل عظمي لقرش وليس لتلك السمكة التي قاومت بجدارة وانهزمت بشرف أمام عزيمة بحار صارعها بشهامة، وقاتل بشراسة للاحتفاظ بها وحمل ما تبقى منها معه؛

فحظي القرش بعبارات الثناء من السائحة التي أعجبت بالعمود الفقري والأذناب الوسيمة للسمكة الجميلة، اعتقادا منها أنها لأحد القروش في حين أن الأخيرة دمرت رونقها.. ثم نالت الثناء بدلا منها، والذي لم ينله حتى الشيخ الذي عارك السمكة بشرف ومنحها الوقت الكافي لتستنفذ شموخها ويظفر بها على مهل.. وعشقها في عز صراعه معها.

فربما يعود الأمر إلى صمت "سانتياغو" وعدم اكتراثه بسرد قصصه ومغامراته، إلا ما رشح منها للصبي "مانيلو" الذي لم تهتز ثقته بقائده ومعلمه، رغم انتقاله مجبرا للعمل في قارب آخر، إثر عدم اصطياد "سانتياغو" ولو سمكة واحدة، بعد مرور الأربعين يوما الأولى حين تواجده معه..

فهناك دوما من تحملهم صدف معينة لمكان أصحاب القضايا الحقيقيين الذين يتم تغيبهم ونسب حكاياتهم أو تضحياتهم ومآسيهم حتى... لغيرهم؛

غير أن ذلك لم يمس بقيمة ما جسده الشيخ من إرادة وعزيمة وإصرار.. وانتصار ظلت تشع به عينيه الفرحتين اللتين لم تخترقهما الهزيمة رغم العوائق والظروف المعاكسة والتعب الذي تسرب أحيانا إلى دواخله وهو يتطلع باستمرار إلى البحر!.


رحال لحسيني
الجديدة، 17 غشت 2017

--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1- "الشيخ والبحر": رواية (قصة) من تأليف "أرنست همنجواي" (1899/1961) نشرت سنة 1952؛
- ترجمة الدكتور علي القاسمي، كاتب عراقي مقيم في المغرب؛
- منشورات الزمن (روايات الزمن 2008).
2- يشير المترجم في تصديره للكتاب لأسماء بعض الأفلام المنجزة حول "الشيخ والبحر" بدءا سنة 1958 من إنتاج هوليود، وكذلك لأبرز من جسد شخصية البحار العجوز في السينما (الممثل العالمي أنطوني كوين).
3- يضم الكتاب دراسة بعنوان "في إعادة ترجمة الأعمال الأدبية المترجمة" يقارن فيها المترجم (د. القاسمي) ترجمته لـ"الشيخ والبحر" وترجمتين صدرتا قبلها.
4- الصفحة 110 من الكتاب.



#رحال_لحسيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رِيحَةْ لَخْرِيفْ
- أوضاع قطاع الصحة بالمغرب والعاملين فيه تزداد سوءا
- زجل: اعْمَارَةْ البِّيتْ (إلى الفنان مارسيل خليفة)
- الشّْغُلْ حَامَضْ
- غُنَّايَةْ الصّْغُرْ
- رائعة -عزوزة- للروائية المغربية الزهرة رميج: الرواية، الروائ ...
- المغرب: اللجنة الإدارية الجهوية المنعقدة بالموازاة مع القافل ...
- المغرب: موظفون وفعاليات نقابية وسياسية ومدنية يطالبون برفع - ...
- المغرب: قافلة احتجاجية من بني ملال، خريبكة، خنيفرة، الفقيه ب ...
- المغرب: أسبوع غضب جهوي.. للمطالبة بوضع حد لشطط وتسلط الإدارة ...
- الريف،-20 فبراير-وغيرهما.. شرعية المطلب وشبهة الاحتجاج!
- دعم ومساندة الإضراب الوطني للممرضين المغاربة -لمدة 72 ساعة- ...
- وجهات
- اليوم العالمي للصحة (7 أبريل لهذه السنة 2017 بالمغرب) رصد وم ...
- 100 مسؤول نقابي -ة- من مختلف مناطق المغرب يستنكرون التضييق ع ...
- -تنظيم نقابي جهوي قوي ومكافح.. للدفاع على حقوق نساء ورجال ال ...
- بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 8 مارس 2017 الجامعة الوطنية للص ...
- من أجل إطار قانوني ومهام محددة لأخصائيي الحمية والتغذية بالم ...
- حاتم عمور.. -احسبني طماع وباغي من (فيديوهاتك) زيادة -!
- البارانو.. -رواية سينمائية- (انطباع أولي.. !)


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحال لحسيني - الشيخ والبحر لأرنست همنجواي، اختبار الإرادة وقوة العزيمة.. رغم الثناء على الأعداء !