أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف عبوش - النكتة والكتابات الساخرة.. أساليب نقد مؤثرة تنتظر الإحياء














المزيد.....

النكتة والكتابات الساخرة.. أساليب نقد مؤثرة تنتظر الإحياء


نايف عبوش

الحوار المتمدن-العدد: 5666 - 2017 / 10 / 11 - 12:11
المحور: الادب والفن
    


يلاحظ ان جل الكتابات التي تنشر اليوم سواءٌ في الصحافة، الورقية منها والإلكترونية، أو في مواقع التواصل الاجتماعي، والقنوات الفضائية، أو في مختلف القنوات الثقافية، المرئية منها والمسموعة، هي كتابات باتت محض جادة، وصارمة. ولعل ظاهرة  هيمنة الكتابات الجادة في فضاءات الإبداع والنشر، إنما جاءت نتيجة لتداعيات الحال، والإحباط الذي يعيشه الناس اليوم، في ضوء حالة النكوص الشاملة التي تعيشها الأمة في مختلف المجالات، وما ترتب على هذا الحال المتردي من بلايا ومصائب، وأضرار مادية ومعنوية، طالت المشاعر الجمعية في الصميم، ونالت منها ما نالت.

وربما كان ذلك احد ابرز أسباب تنحية الفكاهة والأدب الساخر عن ساحة الكتابة والنشر، وبالتالي حرمان المتلقي من لذة تذوق هذا النوع من  الأدب، الذي تستولده سخرية الكاتب وتندره بالظاهرة السلبية، عندما تستفز احساسه المرهف، فيتناولها بطريقة النكتة الظريفة، او الهزل المزدري،والذي بدوره يثير من خلالها ازدراء المتلقي لها، ويلفت انتباهه إليها ، بقصد تعرية تلك الظاهرة السلبية، واثارة الحس الجمعي لرفضها ، والمطالبة بالمعالجة على قاعدة(إياك أعني واسمعي يا جارة).

 ومن هنا فلم تكن الكتابة الساخرة الواعية في يوم من الأيام، هي مجرد وسيلة تسلية تستهدف تهيئة جو ملائم للمتلقي، لغرض الضحك من أجل الضحك والترفيه، فحسب،إذ لا شك ان ممارسة مثل هذا المسلك السطحي في الكتابة، إنما هو اسلوب تهريج ساذج،وابتذال مسف ، في حين ان الكتابات الساخرة الواعية، تحمل رسالة جادة للمتلقي، تعكس معاناة وهموم الناس بطريقة ترسم البسمة على الوجه، وتثير الضحك، وتغور في اعماقه المتلقي في نفس الوقت، بقصد إثارة انتباهه اليها، وحفزه على ازدرائها، بقصد رفضها، والتعامل معها بما يستوجب من اهتمام .

على أن الميل إلى النكتة قد لا يحصل فقط بدافع الكبت، والإحساس بالقهر بالضرورة ، فقد تكون روح الفكاهة والسخرية سلوكا عفوياً اعتياديا، تستولده إرهاصات حياة الناس،وحاجتهم للترفيه، وإثارة المخيلة للخروج من الإحباط والنزق وتلطيف الأجواء. 

 ومع ان الكاتب الساخر لا بد ان يكون موهوبا، ومقتدرا لغويا، وعلى قدر من المعرفة، لكي يتمكن من تحويل المعاناة والألم عنده، وعند الآخر ، إلى بسمة، واللوعة إلى حلم، والحزن إلى حبور،في مسعاه الهادف لتعرية الظواهر السلبية، والفاسدة، في المجتمع. الا ان النكتة والسخرية قد تنساب أحياناً من أفواه آخرين قريبون من حافات البلاهة، لتسري بين الناس بسرعة هائلة، يصح معها القول.. خذ الحكمة من افواه المجانين.

ومن هنا فانه إذا لم يكن للكاتب الساخر رسالة يريد لها أن تصل إلى القراء والمتلقين، فإن كتابته  الساخرة ستكون خالية من الغرض، وتكون عندئذ اشبه باللهو المجرد، والتهريج الفارغ . فالكتابة الساخرة الواعية، والتي تحمل في طياتها المعنى لما وراء الأحداث، هي الكتابة الساخرة الهادفة، التي تستحق أن يتوقف القارئ عندها، ويتفاعل معها بحس مرهف، ينحو صوب تعريتها، ورفضها، والتطلع لمعالجتها ، حيث يسحره اسلوب سردها بما هو مضحك ، وتؤلمه في ذات الوقت الارهاصات الغائرة وراء حكايتها.

لقد كنا في حياتنا اليومية ايام زمان، نجد الكثير من الساخرين الموهوبين في المجتمع، الذين يحاكون بعباراتهم الساخرة وبعفوية، قضايا الناس الاجتماعية بكلمات بليغة، لا يزال الكثير منها عالقاً في الأذهان، ويتداولها الناس للتندر حتى  يومنا هذا. حيث كان أولئك الساخرون، بموهبتهم الفطرية، وحسهم العفوي المرهف، ولباقتهم الفائقة، يعرون سلبيات الواقع المعاش لبيئتهم بطريقة ساخرة، تجعلنا نضحك بطريقة عجيبة، في نفس الوقت الذي نتألم فيه على الحال. لذلك كانت ثقافة النكتة الهادفة تؤدي دورا إيجابياً في تطوير الوعي الجمعي طالما كانت مترفعة عن الاسفاف.

لقد ارهقتنا الكتابات الجادة بجفافها، ومباشرتها ، فبتنا اليوم نحتاج إلى الى كتابات ساخرة موازية ، بصياغات سلسلة، وبأساليب مرحة، ترغمنا على الضحك، وتجبرنا على الابتسامة، وتنبهنا في نفس الوقت، إلى الإشكالية التى تقبع خلف تلك السخرية، بقصد الإنتباه لمعالجتها وتجاوزها،وذلك من خلال تنشيط ثقافة النكتة الهادفة، واحياء كتابات الأدب الساخر.



#نايف_عبوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توطين العمالة في الخليج العربي.. التحديات والضرورات
- بدء العام الدراسي الجديد.. والمدرسة أيام زمان
- هذه هي مدرستي
- وجد يتجدد
- مرابع الديرة
- عجوز نشمية
- حنين شجي
- عيد في دهاليز الذاكرة
- بيت طين ايام زمان
- الاحاطة الكلية للقران الكريم بحقائق الوجوحود
- مفارقة صادمة
- اجهزة التواصل الرقمي الذكية..المنافع والسلبيات
- قرية ايام زمان..قصة قصيرة
- الثقافة العربية..استلاب المعاصرة وتيبس الاصالة
- الرطانة تهدد فصاحة اللسان العربي بالمسخ
- شاي على نار حطب
- العمالة الوافدة في الخليج العربي..تحديات الحاضر ومخاطر المست ...
- ايقاع العصرنة ..تحديات الاستلاب وضرولرات التحديث
- سماحة الإسلام في التعامل مع الغير
- حسين اليوسف الزويد..وحسن الجار ونكتة اقتدار تكامل نظم الزهير ...


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نايف عبوش - النكتة والكتابات الساخرة.. أساليب نقد مؤثرة تنتظر الإحياء