أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - مواقع التواصل الاجتماعي .. الخلطة العجيبة!














المزيد.....

مواقع التواصل الاجتماعي .. الخلطة العجيبة!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 5665 - 2017 / 10 / 10 - 01:39
المحور: كتابات ساخرة
    



كان يمكن أن تصبح بوتقة للثورات والتمرد على الخلل الذي أصاب الناس، يتجمع فيها الغاضبون وعاشقو الأوطان ومناهضو الديكتاتوريات والحالمون بأمل جديد ومستقبل مشرق!
كان يمكن أن تستقطب صفوة القوم، ودعاة الفكر وعقول الحضارة في أسمى معانيها.
لكنها غضبت عدة أيام فزلزلت الأرض زلزالها، وأخرجتْ الميادينُ أثقالها، وقال الطغاة ما لها؟
ثم حزمت حقائبها، وأخذت عصيها وقبل أن ترحل أعطتْ عدوَها كلَّ المفاتيح والأقفال وودعته على أمل أن تعود فتحصد النجاح، وترفع راية النصر.
وكانت المفاجأة في قائمة أسماء ورثة الثورات!
إنهم اللصوص الذين غضبت السماوات والأرض عليهم، وهم الفاسدون الذين انفجرت الميادين في وجوههم، وهم المخربون الذين تدثروا برداء الاستعمار، وتزملوا بمعطف قوىَ البغي والعدوان.
جاءوا وبمعيتهم رؤوس الجهل والنفاق والأمية ونثروهم، ونشروهم، وبعثروهم في مواقع التواصل الاجتماعي لتتحول إلى حانات ومقاهٍ وغُرز الكترونية يختلط فيها كثير من الغث وقليل من السمين.
دخلوا بلغة سقيمة ومريضة ووبائية يخجل منها المعجم ويشعر معها الأمي بألفة شديدة.
مواقع للتواصل الاستخباراتي والإعلامي الرسمي والبورنوجرافي الديني والمذهبي الطائفي، فيتم التراشق صبحا ومساء، وأصبح الكاتب قارئـًـا، والقاريءُ كاتبا، وبينهما برزخ شفاف يُعري فيه جانب نفسه، ويغطي فيه جانب آخر سوءة الآخر.
في أقل من ثلثي العقد كانت روح الثورات النبيلة قد صعدت إلى السماء، وتهشمت الحوارات لغة ولسانا وتعبيرات ومنطقا ومعرفة ومعلومات حتى بدا الأمر كأن حمارًا نسخ نفسه آلاف المرات، وانشطرت كل نسخة إلى واحدة للقصر و.. أخرى للدين.
مواقع التواصل الاجتماعي يُشرق فيها الوعي بين كل مئة موقع، وتبارك الملائكة موقعا من كل سبعين، وتحت عنوان كل موقع يقف الاثنان يحرسانه: سيد القصر و .. إبليس.
من الثورة إلى الثورة المضادة، ومن الوعي الوطني إلى التنويم الديني، ومن جيفارا إلى محمد حسان، ومن مانديلا إلى ياسر برهامي، ومن هوشي منه إلى الحويني!
الآن أصبح من المستحيل الدعوة إلى ثورة عارمة في زنقة مظلمة لا يسكنها غير الأشباح.
فيسبوكيون وتويتريون ومنتدياتيون وغيرها لا تحرك شعرة في رأس أكثر المظلومين لأن مواقع التواصل الاجتماعي تم احتلالها بالكامل، فإذا نجوت من السلطة السياسية عاجلتك السلطة الدينية بزبيبة في رأسك، وإذا فضحت البرهمة رفع في وجهك مئات المتخلفين كتبا صفراء فاقعا لونها تَغُم الناظرين.
إذا نشرت عن مكتبات فاس، أو لخصت التاريخ الذي لخصه جوستاف لوبون، أو كتبت عن مغامرات الإسكندر المقدوني وهو يعبر الأزرق الكبير فأنت محظوظ لو انتبه إليك أربعة وخامسهم كلبهم؛ أما إذا نشرت بوستا عن الفستان الجديد لفيفي عبده، أو التحليل التاريخي بلسان محمد رمضان، أو عن قـُرب استضافة التلفزيون للمتنبيء الذي سيصرح بموعد يوم القيامة؛ فستجد من التفاعلات أكثر من قدرتك على متابعتها.
مواقع التواصل الاجتماعي تسمح لك لو لم تقرأ صفحة من قبل أن تبدي رأيك في كل الأديان والمذاهب والمقدسات، وتُفسر ما يحلو لك، وترفض ما لا يروق لك.
إذا سُدّت كل الأبواب أمام جهلك فعليك أن تلجأ للكلمة السحرية التي يلوذ بها الجهلاء: ديني هو أعظم الأديان، ثم اترك التفاعلات تتفاعل مضاعفة، وقم بإحصاء لايكات وإعجابات تجعل منك داعية الدعاة.
مواقع التواصل الاجتماعي لا تطلب منك شهادة حُسن سير وسلوك، أو تعليم ابتدائي، أو محو الأمية، فجهلك تركب به خيول بني أمية، وتعارض ما شاهده يوري جاجارين في رحلته الفضائية الأولى، وينقلك من معبد إلى كنيسة ثم إلى مسجد ولن يسألك أحد عن آية مقدسة.
مواقع التواصل الاجتماعي تعلمك أن ضياع وقتك مكسب، وأن متابعاتك للصغائر من الأمور ربح، وأن لايكاتك لبوستات لم تقرأها ترفعك إلى مقام تصغر بجانبه أعلى شهادة أكاديمية.
مواقع التواصل الاجتماعي في نسختها المُعدّلة، سياسيا ودينيا، تطبع قفاك بلذة الجُبن، ونشوة الخوف، وصورة الطاغية، ومغناطيس الداعية المفبرك لأحاديث الأقدمين.
مواقع التواصل الاجتماعي تتعلم منها كيف تضجر بعد السطر الثالث، وتنفر من المعرفة، وتصاب بالكآبة من لغة جميلة، سلسة، وعذبة، وسليمة لتهرب إلى لغة الكيف والقات والدخان والثمالة.
مبروك للطغاة والدعاة والإعلاميين الجهلة سقوط صرح أعظم اختراع بشري الكتروني يجمع الناس فيهز الأرض والجبالَ فإذا به يهزم نفسه بنفسه.

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 9 أكتوبر 2017
[email protected]



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجيال عبرية بألسنة عربية! لماذا يكرهون عيدهم الوطني؟
- أنا والحوار المتمدن!
- مسيحيون ضد الإسلام .. أقباط مع الإسلام!
- الانتحار بين صفحات الدين!
- ثعبان في دولة قطر!
- النبي الجديد يفتتح سوق السلاح في بلادنا!
- نتائج انتخابات الرئاسة في مصر 2018
- إعلام مصر في الدرك الأسفل من الانحطاط!
- لماذا يخاف المصريون؟
- أيها المراقَبون .. لا تخافوا!
- صناعة الطاغية والشعب .. العلاقة التبادلية!
- مصرُ لا تحتاج الآن لعاصمة إدارية!
- أنا عربي حتى لو غادرت العربَ عروبتُهم!
- مصرُ .. حربُ المحاكم!
- الزمن الأطرش هو الأسمع!
- الإعلام المصري يحارب الشعب والجيش .. مع صمت الرئيس!
- الرئيس السيسي .. هل تسمح لي أن أبحث عن بديلٍ لكَ؟
- إنه محلل سياسي؛ يا له من أمرٍ مخجٍل!
- حوارٌ بين قفا و .. كفٍّ!
- عشرة أسباب لاستخدامي كلمة أقباط بدلا من مسيحيين!


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - مواقع التواصل الاجتماعي .. الخلطة العجيبة!