أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الحرية الفردية وإشكاليات المعنى والدلالة














المزيد.....

الحرية الفردية وإشكاليات المعنى والدلالة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5661 - 2017 / 10 / 6 - 02:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحرية الفردية وإشكاليات المعنى والدلالة

لعل الحرية كمفهوم ومصطلح من أكثر الأستعمالات اليومية في الخطاب الإنساني وواحدة من أكثر المفاهيم ضبابية بالمدلول القصدي ورمادية في التعبير عنها، فلا يمكن أن تتفق الأراء على حد تقيمي لها كمعيار معرفي، كما لم يتفق العقل الإنساني في تأريخيه على صورة قياسية لها، السبب يعود إلى مقدمات الصورة التي يريد كل فكر أن يعبر عنها، فالعقلانيون يرون الحرية منظومة متكاملة تساير قانون الوجود فهي لا تخرج عارية مطلقة خالية من حدود، بينما يرى الليبراليون مثلا أن الحرية أن طبيعة إنسانية فطرية لا تقيدها حدود التجربة ولا يصيغها العقل كقانون، هذا التناقض ليس شكليا فقط بل يمتد إلى جذور النشأة والتكوين الأولى حينما ولد الإنسا أولا دون أن يرتبط بوعي ودون أن تمارس العقلانية دور الرقيب عليه.
الإشكالية الكبرى كما يراها المفكرون في تحديد مدى ودلالة ومفهوم الحرية تكمن في التوصيفات والأفكار التأريخية عن تجربة التعاطي مع الحرية والصور المقولبة عنها، وبذلك تم تركيم الوعي والشعور بالحرية وفق مرادات التجربة بعيدا عن الحيادية في النظر لها من كونها حاجة أم وسيلة أو هي وضع طبيعي مطلق، فمسئولية الفرد عن وجوده تكمن في شعوره بأن حر في منظومة الحق والواجب التي تتحكم بالواقع وتنظمه، هنا يمكن أساس الخلاف المعنوي على الدلالة وعلى المدلول العيني، فليس من الممكن أن تحاسب العبيد عن خيارات حره ووعي بها وممارسة تجسيدية لهذا الوعي وهم مكبلين بأغلال وقيود توصيفية أو فعلية على أرض الواقع.
الحرية قبل أن تكون شعار وقبل أن تكون حاجة ملازمة للواقع الطبيعي على الإنسان أن لا يخضع دوما لمؤثرات الواقع وبنيته التي تحاول الحفاظ على مكتسباتها التأريخية، فهو كفرد أكثر قدرة على التغيير والتغير من قدرة المجتمع على الحركة لسبب أعلاه، والسبب الأساس يعود على أن حاصل مجموع حركات الأفراد داخل المجتمع هي من تقوده للتطور والتجديد وليس العكس، فكلما كانت الحرية (وجود فردي) متحرك داخل الذات الواحدة كان المجتمع أقدر على أن يساهم في عمليات التحول والأنتقال النوعي والمعرفي، وتجاه الحرية الجمعية التي تنتج بدورها قيم أكثر صلابة في مواجهة أستحقاقات التحرر والتشجيع عليها.
فالإملأت الفكرية (الجمعية أو المجتمعية المتوارثة أو الواقعية الراكدة) تؤثر على العقل الفردي وتعيد خلق الوعي بمجمل ما يؤمن أو يريد كهدف في الحياة، وتحت عناوين مختلفة هي السبب في إشكالية التكبيل وتعطيل منظومة التفكير المفترض أن يكون واعيا لدوره ومستجيبا للحركة الدؤبة..... مثلا الدين بصيغته الجامدة والواقفة في النهايات الفكرية على أنها الأكمل والأكثر قدرة على الأستبداد العقلي، واحد من الأمثلة الصارخة على ذلك حين يتحول الشعور والأنتماء الديني التقليدي إلى سجن وأسوار يحيد الفكر عن ملاحقة الزمن وقوانينه الوجودية، ثم يطلب منا أن نكون أحرارا كما ولدتنا أمهاتنا في الوقت الذي لا يمنحنا هذا الفكر حتى فرضية أن نتسائل لماذا ندين بهذا أو أصلا لماذا نتدين؟.
إذن الحرية في مفهومها الطبيعي تتسق مع الطبيعية التي يتعاطاها الإنسان كقيمة عقلية ولا يفترق عنها، فالشعور والإحساس وحتى الممارسة السلوكية التفصيلة، بالأول والأخر ليست إلا وجه من وجوه العقلانية، فعندما نريد أن نصف الحرية لا بد من سؤال العقل أولا ومن ثم نتبع النتيجة، هذا مع ملاحظة أن العقل في غالب الأحيان ليس مجردا من أثر الواقع عليه ولا ينتج إلا ما هو متسق مع فرضية أن هذا الواقع بكل صوره إنما هو نتاج الإنسان بتفاعله مع الطبيعة، إذن هنا ندخل في دائرة مغلقة لا تنتج إلا مزيدا من الضبابية والتعقيد في إدراك وتحديد المعنى المراد، هذا ما أشير له أن مفهوم الحرية مفهوم رمادي لو أخذناه بمعنى كلي في أطار كامل الفهم عند المجموعة البشرية.
إذن السؤال الأهم هو كيف أذا أن نتفق على تعريف محدد وقاطع وأجمالي لمعنى الحرية، الجواب سيكون علينا كعقل وليس كأفراد متعقلين أن نرى الأمر بحيادية مطلقة بعيدة عن أستحقاقات الواقع، علينا أن نجعل الحرية وصورتها فوق الأفتراضات والأفكار المسبقة لإعادة صياغة وبناء مفهوم فلسفي تجريدي خاص، هذه المهمة قد لا تتوفر في ظل تفاوت معرفي ودلالي متحزب للأفكار الجمعية والمدارس المعرفية، ويبقى مفهوم الحرية مشتت بين حق طبيعي مطلق ووسيلة أفتراضية للوصول للكمالات العقلية، وبين مفهوم واقعي يتماشى مع قدرة هذا الواقع على فرض إرادة جمعية على أصوات تحاول أن تقدم ما هو طبيعي بالأساس ويخضع لقانون الطبيعة في أن حدود الحرية مقرونة دوما بالحفاظ على هذا القانون من الأنتهاك والتعدي، وهنا نجد أنفسنا أمام تماس حقيقي بين الواقع والطبيعة دون أن يتداخل بعضهما مع بعض في حدود أن للحرية حدود ذاتية هي تفرضها على وجودها، فيصبح مفهوم الحرية بذلك معرض لأن ينتهك بسبب أو بعنوان من كلا البعدين الطبيعي أو الواقعي.
خلاصة ما نصل إلية أن الحرية تبقى أسيرة مفاهيم ورؤى سابقة ولم تتحرر هي من طوق الواقع لكنها يمكن أن تتطور وتأخذ حدودها من خلال دور الفكر والمعرفة الحرة في ترسخ مفاهيمها ومناهجها، وهنا يأت دور وأهمية هذه الأفكار المحورية التي تساهم في بناء الصورة كي تعمل على نشر وتأصيل الفكر الحر في وعي المجتمع الجمعي بدل أن يقاد بأساليب العقل العام أو الجمعي، لذا لا أعجب ممن يقول (أن المثقف أو صاحب الفكر الحر مسئول عن كل ما يدور في المجتمع من نكوص وأنتكاسات وإن لم يكن له يد في إيجادها)، التقصير في أداء الدور الأخلاقي للمثقف والمفكر لا يكون هنا مبني على الفعل، بل هو مدان لعدم الفعل ولعدم المساهمة في التصدي لغياب دور الحرية والفردية العاملة في المجتمع.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصل أخر من روايتي (حين يحزن القمر)
- فوبيا الظلم والمظلومية
- فصل جديد من روايتي (حين يحزن القمر)
- فصل من روايتي (حين يحزن القمر)
- لعبة القتل الحميد.......!
- فصل من روايتي (أيام الفردوس)
- تحديات الواقع للعقل الإسلامي ومجتمعه في ظل عالم متطور
- الحوار المفتوح........ ج22
- ترهات عربي ملحد
- العراق بين مطرقة الأستفتاء وسندان عجز الحكومة
- الحوار المفتوح........ ج21
- الحوار المفتوح........ ج20
- الحوار المفتوح........ 19
- الحوار المفتوح........ ج18
- الحرية الدينية وميزان المنطق العقلي فيها
- الحوار المفتوح........ ج17
- الحوار المفتوح........ ج16
- الحوار المفتوح........ ج15
- الحوار المفتوح........ ج14
- الدولة وشروط ولادتها


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الحرية الفردية وإشكاليات المعنى والدلالة