أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن عبد الخالق - الحرية والعقل














المزيد.....

الحرية والعقل


أيمن عبد الخالق

الحوار المتمدن-العدد: 5657 - 2017 / 10 / 2 - 23:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحرية والعقل
لايشك اثنان في حرية الإنسان ... وأنه موجود مختار في جميع أفعاله، بمعنى أنه يفعل مايريد وقد أثبت الحكماء أن الاختيار أو الفعل الإرادي من الخصائص الذاتية المقومة لماهية الإنسان، وأن الإنسان لايمكن بأي حال من الأحوال أن يفعل مالايريد ... وأن مايظنه الناس من كون الإنسان قد يكون مجبرا في بعض أفعاله غير صحيح في الواقع، بل في مثل هذه الموارد تكون اختياراته محدودة، لاملغاة، فقد يضطر الإنسان في بعض هذه الموارد مثلا أن يعطي ماله للسارق حتى يحفظ نفسه من القتل، فيكون قد اختار الحياة على الموت.
فالحاصل أن الإنسان حر بالضرورة، ولكن يبقى الكلام حول ثلاث مسائل، الأولى، هل الحرية من الكمالات المختصة بالإنسان، أم أنها موجودة أيضا للحيوان، والثانية، هل الحرية وسيلة أم غاية، والثالثة، ماهي الحرية الحقيقية.
1. المسألة الأولى: عرّف الحكماء الحيوان بأنه ((الجسم النامي الحساس المتحرك بالإرادة))، ومن الواضح ان الحركة الإرادية تعنى الاختياروالحرية، ونحن نشاهد بأعيننا أن سائر الحيوانات تعشق الحرية، ولاتقبل ولو للحظة واحدة أن تكون حبيسة داخل القفص الذي يصنعه لها الإنسان، إذن فالحرية كمال مشترك بين الإنسان والحيوان، كالجسم والنمو والشعور، والأكللا والشرب والنكاح، وبالتالي لاينبغي أن تكون الحرية مورد امتياز أو محل فخر للإنسان من حيث هو إنسان، بل ينبغي أن يفتخر بما يمتاز به هو عن سائر الكائنات، ألا وهو العقل والتفكير.
2. المسألة الثانية: إن البحث عن كون الحرية غاية أو وسيلة يحتاج إلى مقدمة تمهيدية مختصرة حول مباديء الفعل الاختياري عند الإنسان، فنقول:
إن حركة الإنسان الاختيارية نحو فعل معين، إنما يكون دائما تابعا لإرادته، وهذه الإرادة تنبعث دائما عن غاية معينة يعلمها الإنسان، ويطلب تحقيقها بفعله الاختياري، وهذه الغاية منحصرة إما في طلب كمال ما مفقود، كالمال، والجاه، والعلم، أو حفظ كمال ما موجود، كالصحة والحياة، وهذا الكمال هو الذي يحقق السعادة للإنسان وهذا مايقصده الحكماء بقولهم، أن الفعل الاختياري للإنسان إما يكون لجلب النفع، وهو (طلب الكمال المفقود)، أو دفع الضرر (الذي يهدد بفقد الكمال الموجود).
ومن هنا يتبين لنا بوضوح أن الحرية ليست غاية في نفسها، بل مجرد وسيلة لتحقيق غايات الإنسان في هذه الحياة، فالذي يحلم بالحرية، ويتخذها غاية،هوالسجين لاغير، ومن هنا يتضح لنا مدى الانحدار الإنساني الذي وصلت إليه شعوب العالم الثالث، حيث أصبحت تحلم فقط بما هو موجود عند سائر الحيوانات والطيور، وهو الحرية، بعد أن جعلتها الإمبريالية العالمية في سجن كبير
3. المسألة الثالثة: إن البحث عن معنى الحرية الحقيقة، إنما نعنى بها الحرية التي تحقق الغايات الواقعية للإنسان، التى تنسجم مع طبيعته ككل، حيث إن هذا الانسجام (harmony) هو وحده القادر على تحقيق السعادة الحقيقية للإنسان ومن أجل المزيد من التوضيح،نقول: إن مبدأ التعاسة والشقاء - كما يقول الحكماء وأطباء النفس – هو حالة التصارع الداخلي للإنسان مع نفسه (conflict)، وصراعه مع غيره، وهذا الصراع الداخلى والخارجي هو الذي يبعث على التوتر والاضطراب (stress)، ويسلب الإنسان الراحة والاستقرار، بحيث لايمكن أن يذوق بعدها طعم السعادة أبدا إذن فالسعادة التي يطلبها كل إنسان، إنما تتحقق عندما يكون الإنسان منسجما مع نفسه ومع الاخرين من حوله، وهذا الانسجام لايمكن أن يتحقق إلا بمعرفة الإنسان نفسه أولا، ثم التعرف على العالم من حوله ثانيا.
وهذه المعرفة الواقعية بطبيعة الإنسان والعالم، لايمكن أن تحصل عن طريق المشاعر والأحاسيس الوجدانية الشخصية، أو الأعراف والتقاليد الدينية والاجتماعية، لكونها جميعا أمورا نسبية متغيرة، لاشأن لها بالواقع بالذات، بل تحصل هذه المعرفة الواقعية عن طريق منهج معرفي يقيني موضوعي نابع من فطرة الإنسان بما هو إنسان، وينطلق من مباديء بديهية واضحة ومشتركة بين الجميع، وغير قابلة للانكار في الواقع، وهذا هو المنهج العقلي البرهاني القويم، كما سبق وأن أشرنا إليه في مقالاتنا السابقة.
فهذا المنهج العقلي هو الوحيد القادر على ضمان المعرفة الواقعية لنا، بأنفسنا والعالم من حولنا، تلك المعرفة التي تضمن لنا الانسجام المطلوب لتحقيق السعادة المنشودة .
إذن فالحرية الحقيقية إنما تتحقق عندما تتحقق الغايات الحقيقية للإنسان، تلك الغايات التي تمثل الكمالات الحقيقية التى تكون منسجمة مع طبيعة الأنسان، والتي تحقق له الانسجام مع نفسه كإنسان، ومع غيره ممن حوله من الناس والطبيعة، وتضمن له السعادة الحقيقية....وهذه الغايات الحقيقية لايمكن التعرف عليه في الواقع إلا بالمنهج العقلي السليم، كما بيّنا، وأما إن لم نسلك طريق العقلانية الواقعية، فلن نتمكن من معرفة الغايات والكمالات الواقعية التي تحقق الانسجام والسعادة الحقيقية، بل سنسعى لتحقيق غايات وهمية، ربما تحدث لنا لذات وقتية، ولكن ستسبب لنا التعاسة والشقاء بعد ذلك، وعندها تصبح الحرية العشوائية وبالا على الإنسانية أما الحرية الحقيقية فهي التي تحقق الغايات الواقعية والسعادة الحقيقية، وهي لاتكون إلا في ظل المعرفة العقلية الحكيمة.




#أيمن_عبد_الخالق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناع المتاهة MAZE MAKERS
- المتاهة الفكرية
- الاتجاهات المعادية للعقل على مر التاريخ
- توهم التفكير خارج أسوار المنطق الأرسطي
- موانع التفكير الصحيح
- قوانين التفكير الصحيح
- سلسلة الحوار العقلي البنّاء قوانين العقل الواعي
- سلسلة الحوار العقلي البناء - ازمة الميزان
- كيف نبدأ مسيرتنا للخروج من محنتنا
- ابن رشد رائد التنوير العقلي في العالم الإسلامي
- الصحة العقلية


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن عبد الخالق - الحرية والعقل