أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيام محمود - تامارا .. 8 .. القصّة .. فصل 4 ..















المزيد.....

تامارا .. 8 .. القصّة .. فصل 4 ..


هيام محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5655 - 2017 / 9 / 30 - 01:20
المحور: الادب والفن
    


لمّا عدنا إلى المنزل لم ننم تلك الليلة ، تكلّمنا كثيرا بشأنها .. كنتُ قلقة ولم أفهم كيف قبلتُ الفستان منها وكيف حصل كل الذي حصل ، "كريم" كان مثلي في البداية لكنه بعد ذلك تراجع ورأى أننا قسونا عليها وكُنّا غير لبِقين معها ، فتاة غنية أهدت لي فستان ما الغرابة في ذلك ؟ ولماذا نهوّل الأمر ؟ ثمنه باهض بالنسبة لنا لكنه عندها مثل بورگر عندنا ! .. لم أقتنع بكلامه لكنّي لم أعترض عليه وبقي عندي شعور غريب أنها ستعاود الظهور في حياتنا قريبا .

في الغد ذهبنا كل إلى عمله ، كان يوم عمل ككل الأيام .. في المساء سنحضر زفاف قريبي ، كنت أرجو ألا تتعطب السيارة فقد عانينا منها الأمرين في مناسبات أخرى .. أذكر أني كنت سعيدة ولم أشعر بأي تعب بالرغم من أني لم أنم طوال الليل .

بعد ساعة ونصف من بدئي العمل إتصلوا بي ليعلموني أن "كريم" قد أُصيب في رجله بإلتواء طفيف وهو في عيادة مَدُّوني بعنوانها .. إستأذتُ .. غادرت عملي بسرعة .. وصلت إلى العيادة .. دخلتُ .. وجدت عددا كبيرا من المرضى في قاعة الإنتظار ، السكرتيرة كانت تنتظر حضوري ..

هي : سيدة إيلان ؟
أنا : أين هو ؟ هل هو بخير ؟
هي : أنا من إتّصلتُ ، لا تقلقي .. إلتواء بسيط .. إقتربت مني وهمست في أذني : ستدخلين معي مكتب الطبيبة الآن .. عندها مريضة .. ستتبعيني بهدوء دون أن تنظري .. زوجكِ في غرفة تفتح على مكتب الطبيبة .. إتبعيني ..

تبعتُها وعندما دخلنا المكتب ، مررنا وراء الطبيبة ، إسترقتُ النظر فرأيتُها تفحص إمرأة مستلقية على ظهرها ، فتحت السكرتيرة الباب .. أدخلتني وقالت : رجاءً لا تخرجي .. إنتظري قدوم الطبيبة ..

طمأنني "كريم" على حالته ، قال عنده بعض ألم في ساقه فقط .. وسيبقى إلى حين إكتمال الأدوية التي حقنوه بها في الوريد .. بعد دقائق طرق الباب عدة مرات ، لم أهتم لذلك ، كنت أعاين ساق "كريم" والضمادة التي تُغطيها .. تواصل طرق الباب ولم يدخل أحد ! .. طلب مني "كريم" أن أفتح الباب .. فتحتُ ..

قالت الطبيبة : هل أستطيع الدخول ؟
أنا : صُعقتُ ولم أستطع الكلام ..

أخذت بيدي ، أجلستني عند رأس "كريم" وجلست هي عند ساقيه على حافة السرير .. سأَلَتْه : هل ذهب الألم فأجابها أن نعم .. لم أستطع أن أنطق بحرف ، بقيتُ أنظر إليها فاقتربت مني مسكت يدي بين يديها وقالت لي : أردتُ مفاجأة أبي في عمله صباح اليوم ، كان ذلك سيسرّه كثيرا ، لكن إعترضني في مدخل الشركة هذا الشاب المسكين يتكئ على أحد زملائه ليحمله إلى المستشفى فأشفقتُ أن ينتظر ساعات في الطابور متألما فجئتُ به إلى هنا ، في البداية رفض لكنه قبل بعد ذلك ، ربما خاف لأن زميله أعلمه أني إبنة صاحب الشركة ، لا أعلم .. طبيبة قدّمت العون إلى مُصابٍ .. فقط وانتهت القصة .. فلماذا تنظرين لي هكذا وكأنني "ملك الموت" ؟ .. ثم ألم تقولي لي البارحة أنكِ لن تقتربي مني ؟ فماذا تفعلين هنا في غرفتي الشخصية التي لا يدخلها أحد غيري ؟ .. ثم نظرَتْ إلى "كريم" وقالت : الدواء الذي وضعته لك فوق فيه سحر ، سأختطفك منها أيها الشاب الوسيم .. تركَتْ يدي قامت وقالت : ممنوع الخروج حتى أنتهي من كل "زبائني" ثم إقتربت مني وهمست في أذني : أنا "عاهرة" كما قلتُ لكِ .. عادَت إلى مكتبها وأغلَقَت الباب .. علينا .

بقينا "محبوسين" نوشوش قرابة الساعتين والنصف إلى أن أتمّت عملها وفتحت الباب ودخلت .. قبل ذلك شرح لي "كريم"ما حصل فتكلمنا كثيرا في شأنها لكننا لم نصل إلى قرار ! .. عندما دخلَت قالت : أكملتُ عملي وطلبتُ من السكرتيرة المغادرة ، أنتما الآن أسيراي ولا أنوي الإفراج عنكما إلا بشروط تُنفَّذ ولا تُناقَش .. نظرنا إليها دون جواب .. وهي تتكلم أشعلت سيجارة وأخرجت من دولاب زجاجة خمر كبيرة جعلت تشرب منها .. كانت غريبة الأطوار ! تمشي وتجيء أمامنا ، في اليد اليسرى سيجارة وفي اليمنى زجاجة الخمر وكأنها صعلوك خرج للتوّ من السجن ! .. تذكرتُ ما حكى لي "كريم" عنها وتساءلت أهذه طبيبة ؟ أهكذا تكون إبنة المليونير الوحيدة ؟ أيّ مصيبة هذه التي سقطت علينا من السماء ؟

هي : شروطي .. أولا : أنتَ ، إنسى أني إبنة رئيسك .. ثانيا : أنتِ ، أنا لا أريد إختطاف صديقكِ .. مفهوم ؟
أنا : لو كنتِ تريدين خطفه لهان الأمر عليّ .. على الأقل كنت عرفتُ نواياكِ ، أما الآن أنا .. نحن لا نعرف ماذا تُريدين ونريدُ منكِ جوابا صريحا ؟
هي : وهل ستُصدّقاني ؟
أنا : لا أعلم ..
"كريم" : نعم ..

هي : أكيد أنكما ترياني إنسانة "غريبة" وتتساءلان كثيرا عن "ماذا أريد" .. أريدكما أن تسألا الأسئلة "الصحيحة" : هل أنا "غريبة" حقًّا أم أنّكما "نمطيّان" كالسردين في العلب ؟ .. ولماذا يجب أن يكون عندي "هدف" أو "غاية" من وراء ما حدث إلى الآن ؟

أنا : تُريدينَ القول أنكِ لم تُرتِّبي الذي حصل وكله حدث "صدفة" ؟

هي : العالم الذي أعيشُ فيه ميّت ، أحاول دائما أن أُحييه للحظات لأُحسّ به ويُحسّ بي ولأواصل الحياة فيه فلا يقتلني ولا أضجر منه فأهجره فأُفني نفسي بنفسي .. تلك اللحظات موجودة دائما في داخلي فهي القلب الحقيقي النابض في جسدي ودونها تصير حياتي "سَرْدِينْ" وخروجها للنور يأتي من توفّر الظروف الموضوعية لذلك ومن رغبتي في الحياة الموجودة دائما .. قد تسبقُ رغبتي توفّر الظروف الموضوعية فأكون عندها "خالقة" الحدث فأبحث له عن الظروف اللازمة وقد تحضر الظروف الموضوعية فتوقض رغبتي فيكون الحدث مجرّد "صدفة" ..

أنا : ومعنا نحن ؟

هي : "صدفة" دون "غاية" .. رغبتي في حياةٍ غير حياتكما تُنير طريقي اللامتناهي .. لم أُفكِّر يومًا في "نهاية" الطريق لكن دومًا في الطريق نفسه .. "الرغبة في الحياة" هي المشي في الطريق و"الغاية" هي المشي في الطريق فقط لإدراك نهايته وفيها تُنفى كلُّ قيمةٍ عن الطريق .. أنتِ تسألينَ عن نهاية ، أنا لا أسأل عن نهاية ولا أبحث عن بداية ، أنا فقط أسير في طريقي وأنتُما الآن : "الطريق" ..

"كريم" : "الأميرة" ملّت حياة "القصور" وتُريد أن تُجرِّب حياة "العامة" ؟

هي : قسّمتنا أوهام البشر وأنانيّتهم إلى طبقات تتصارع كالوحوش .. أنا تجاوزتُ أوهامهم وخلعتُ عنّي لباس الأميرات وأيضا لباس العوام .. ومشيتُ طريقي "عارية" .. لن تستطيعا رؤيتي ما دُمتما تُدمنان أكل السردين المُعَلَّب .. أنا أصطاده "حيًّا" وآكله "نيِّئًا" فلا يضيع من طاقة حياته ولا من حُريته شيء كما عند طهيه أو تعليبه ، في البحر إصطدتُه "حيًّا" "حرًّا" فزادتني حياتُه "حياةً" وحرّيته "حريةً" .. أما أنتما فاعتدتُما أكله "ميتا" "مُعلّبا" فلم يزدكما إلا "موتا" و "نمطيّة" ..

أنا : ماذا تقصدين ب "نحن الطريق" ؟
هي : سأطلبُ منكِ شيئا أنا متأكدة أنكِ لم تفعليه طوال حياتكِ ولا طُلِبَ منكِ ، إفعليه الآن .. لن يُنقص منكِ شيئا لكنه سيزيدكِ الكثير ..
أنا : ما هو ؟
هي : ارقصي معي ..
أنا : ماذا ؟
"كريم" : يضحك .. أنا لا أستطيع ، حالة رجلي لا تسمح ..
هي : تعالي ..
أنا : لم أرقص أبدا مع أحد حتى مع "كريم" ، أتكون أول رقصة لي مع "إمرأة" .. ارقصي مع زجاجتكِ أحسن ..
هي : أقبل إقتراحكِ .. انظري لي ..

وضعت زجاجة الخمر على صدرها كأنها رضيع تحضنه وبدأت ترقص وتُغنّي بلغة لم أعرفها .. "كريم" كان ينظر ويضحك أما أنا فكنتُ أفكّر في .. الرقص ! .. ولماذا لم أرقص لأُغيض هذه السكّيرة كما تُغيضني هي الآن ! .. ولكن كيف أرقص معها وهي "إمرأة" ! .. وما المشكلة في ذلك ؟ حتى "كريم" أبدى موافقته ؟ أتُراهُ "خائف" لأنها إبنة مديره ؟ .. أم أراد أن يسخر مني لأني لا أعرف الرقص ! .. إزداد غيضي عندما عدتُ إلى الأربعة أيام التي مرّت من حياتي فوجدتُ أن هذه السكّيرة المتكبِّرة هي المُحرّكة الوحيدة لكل أحداثها ولا أعلم هل سيستمرّ هذا القدر ولا أظنه سيتوقف عند هذا الحد ! .. خنقتني تساؤلاتي فقفزتُ من مكاني نحوها وصرختُ في وجهها : ماذا تقصدين ب "نحن الطريق" ؟ ..

أنقذها مني صوت هاتف مكتبها .. سمعتها تقول : أمي اليوم وغدا لا أستطيع ، لا تغضبي عزيزتي .. سأتصل لاحقا ..

لم أتحرك من مكاني ، بقيتُ أنتظرها .. عادت ووقفت ورائي وقالت : أنظري .. علبة شكولاطة سويسرية .. فيها أشكال كثيرة .. لكن أحذّركِ هناك التي بداخلها خمر وأخرى لا .. خمر أو لا خمر هذا هو السؤال الآن .. إختاري ..

إستدرت .. فكانت البداية ! .. هي كانت تمشي في طريقها أما بالنسبة لي فكانت تلك اللحظة .. البداية ... فسكتُّ وليتني لم أفعل ..



#هيام_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تامارا .. 8 .. القصّة .. فصل 3 ..
- تامارا .. 8 .. القصّة .. فصل 2 ..
- تامارا .. 8 .. القصّة .. فصل 1 ..
- تامارا .. 7 .. أنتِ ..
- تامارا .. 6 .. أنا وأنتِ .. وهُم .. جُنون !
- تامارا .. 5 .. أنا وأنتِ .. وهُم .. لماذا يكذبون ؟
- تامارا .. 4 .. أنا وأنتِ .. وهم ..
- تامارا .. 3 .. أنا وأنتِ ..
- تامارا .. 2 .. عن صلب المسيح وصلبى ..
- تأملات .. 6 .. عن العلمانية والبداوة : كُلّنا بدو ! (السيد ن ...
- تأملات .. 5 .. عن العلمانية والبداوة : كُلّنا بدو ! (السيد ن ...
- تأملات .. 4 .. عن الربوبية واللا أدرية وأصل فكرة الإله الواح ...
- تامارا ..
- تأملات .. 3 .. عن بداوة الإسلام .. عن لاوطنية الدول العربية ...
- إسلام !
- رُفعت الأقلام وجفّت الصحف ..
- كلمتى .. 10
- كلمتى .. 9
- كلمتى .. 8
- كلمتى .. 7


المزيد.....




- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيام محمود - تامارا .. 8 .. القصّة .. فصل 4 ..