أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - الينابيع الأولى لحب القراءة: الشمعة والكتاب














المزيد.....

الينابيع الأولى لحب القراءة: الشمعة والكتاب


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5653 - 2017 / 9 / 28 - 17:22
المحور: الادب والفن
    


الينابيع الأولى لحب القراءة : الشمعة والقصة

تكاد هذه الذكرى لا تفارقني أبدا، لقد مضت عشرون سنة تقريبا على حادثة تبدو من المستحيل أن أنساها، لازلت أذكر تلك المدرسة القروية وأنا إبان ذلك الوقت لم أتجاوز السنة الثامنة من عمري، كنت أدرس بالسنة الثانية من المرحلة الابتدائية، مضت حوالي ثلاثة أشهر على بداية الدراسة، كان الوقت غروبا والأمطار تنهمر بالخارج بكل عنفوان، وبينما كنا متأهبين للعودة إلى منازلنا البعيدة، ونحن نفكر في الطريق الطويلة والمليئة بالأوحال، فاجأتنا المعلمة بمجموعة من القصص، لن أنس هذه المبادرة مهما حييت، وأقول إنها المبادرة الوحيدة التي صادفتها في حياتي الدراسية، تلك المبادرة التي علمتني أن المدرسة المغربية من الممكن أن تكون في منزلة الأم، وأن تكون المنارة الحاضنة للنهضة الثقافية، المنارة التي توفر الأكل والعلم، ولهذا السبب كم قدسناها ومجدناها نحن أبناء القرى، فكم شعرت بالسعادة وأنا أحمل معي قصة على محفظتي، لأني كنت أحمل قبسا من النور في الظلام الحالك للريف الذي كان ينير منازله بالشموع، كانت الطريق طويلة جدا وكم كنت أسرع من خطواتي لكي أصل إلى المنزل قبل مغيب الشمس وأشرع في تصفح أوراقها، كم شعرت بالفخر و أنا أستلم قصة من المعلمة، وكم نالت قصتي من العناية والاهتمام وكنت أمنع أيا من إخوتي أن يلمسها، ورغم الأمطار الغزيرة فإنني لففتها بالبلاستيك الذي كان بحوزتي حتى تصل سالمة إلى المنزل، لقد تعلمت منذ صغري أن الكتاب أمانة ورسالة ويجب أن يحترم كما يحترم الإنسان والطبيعة. إبان وصولي، كان الظلام قد أطبق على قريتنا، فتحت قصتي وأمسكتها بحنان، كان عنوانها :" الحصان الذهبي" تتحدث عن رجل ريفي لديه حصان طائر يقدم الإسعافات والمساعدات للقرى المنكوبة وكان موضع تقدير لساكنة الأرياف. قراءتي للقصة سمحت لي بالحصول على وعي منعكس الذي تحدث عنه سارتر في كتابه الوجود والعدم، إن قراءتي قادتني مباشرة إلى مباشرة علاقتي بقريتي وظلت هذه التجربة خبيئة في اللاشعور حتى هذه اللحظة . مازلت أذكر أنني لم أتناول عشائي بحكم الفرحة التي غمرتني في ذلك اليوم، قضيت الليل كله بجانب الشمعة و أنا أقرأ حتى أنهيت القصة لأن المعلمة وعدتنا أننا بمجرد ما ننتهي من القصة حتى تسلمنا قصص أخرى، في اليوم الموالي رجعت إلى المدرسة، وأعطيت للمعلمة القصة شرحت مضمونها لزملائي. لكن باقي القصص الأخرى كانت ممزقة، بل إن معظم التلاميذ لم يقرؤوا القصص، ومنذ هذه الحادثة فكرت المعلمة أن تضع قصصها في مكتبة المدرسة، لكن لم يدخل إليها إلا القليل. إن المدرسة وحدها لا تصنع المثقفين، إنها إبنة المجتمع، ابنة الأسرة والمحيط . كيف تكون المدرسة قارئة في مجتمع لا يقرأ؟؟ هذه الذكرى لم أنساها أبدا ولازمتني طول حياتي .

ع ع/ 28 شتنبر2017/ الدار البيضاء



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في انتظار الأمل الذي قد يأتي
- اتيان دولا بويسي مؤولا: العبودية طوعية والحرية بيد الشعب
- بين الحب الدنجواني والحب العذري: تمرد على شريعة الزواج . قرا ...
- من مراكش إلى قلعة السراغنة : حرارة البحث عن التاريخ العميق !
- من امنتانوت إلى مراكش : الأرض القاحلة
- من أكادير إلى امنتانوت : حين تجتمع الحرارة المفرطة بالطريق ا ...
- من كلميم إلى تيزنيت : شدة المناخ
- كلميم : باب الصحراء
- من افني إلى كلميم : بين اكجكال واجكال : لبس في المعنى
- إفني : عروس تجلس على هضبة ساحرة
- من مير اللفت إلى ايفني : الطبيعة الجميلة / المهمشة
- من أكادير إلى مير اللفت: المغامرة الأولى
- الصويرة في سطور
- من الصويرة إلى أكادير : الخشوع أمام جلال الطبيعة .
- من الدار البيضاء الى الصويرة : سؤال الآخر يؤرقني
- من عين اللوح إلى الرباط: بحث في العوالم المنسية
- من عيون أم الربيع إلى عين اللوح : الطبيعة العذراء والتهميش ا ...
- من الدار البيضاء الى عيون أم الربيع : حين يختلط جمال الطبيعة ...
- المواطن أولا وأخيرا
- تقريظ الجهل


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - الينابيع الأولى لحب القراءة: الشمعة والكتاب