يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5651 - 2017 / 9 / 26 - 15:28
المحور:
الادب والفن
كان يوماً موعوداً ، غاب عني دهوراً .
بانتظاره ابتلعت الصبر ، و التهمت الكدر ، جرفت الحقد و الكره .
تناولت الصخر و القهر ،
امتصصت الحزن و الأسى .
من طول انتظاره انتحب قلمي ، و حروفي أضناها الوجع من فرطه .
تسارعت إليه منذ فجره حتى ما بعد أفول شروق شمسه .
صافحته و كأنني صاحبته منذ طفولتنا ،
احتضنته .... فجرى جوٌ من صمتٍ أبلغ من صراخٍ مفعمٍ بشعور من فقد توأمه الذي أُرضعا معاً من ثديٍّ واحدٍ بعد طول غيابٍ مرهقٍ .
تغلغل في شراييني دمٌ مستجدٌ إبائِيُّ المَصًلِ ، معطرٌ برحيق كبرياءٍ من أثقل العيار .
يومٌ لونه مختلفٌ ، و طعمه متفردٌ ، ليس لنكهة مذاقه في الكون نظيرٌ .
فرحي بلقائه عاصفٌ هيستريٌّ .
منذ أن غادرني واجهت الضيق ،
و بافتراقه أمسيت تحت رحمة من يتلذذ برؤيتي وحيداً مقصوص الجناح .
رغم أنه كان بيننا البونٌ شاسعٌ من الزمن و طول المسافة ،
غير أنني شعرت بقواسم متطابقةٍ نشترك فيها ،
و كأننا من رحمٍ واحدٍ خرجنا ، و في لحظةٍ واحدةٍ ولدنا من انشطار بييضةٍ وحيدةٍ لا اثنتين .
هكذا شأن من يبذل الغالي و النفيس ، و بأعز ما يملك يضحي ،
كي يجتمع بالآخر ، و به يلتقي .
فيكونا ثنائيين رائعين في الرقص على أنغام المجد ، و فوق أثير العزة و الخلود .
ملأت عينيَّ من وميض نور مصباح وجهه الملائكيِّ ،
و أشبعت نفسي من رائحة نَفَسِه العليل ،
و أتخمت معدتي من لذة شهقاته العذبة حتى الثمالة .
فاضطرب جسدي كناسكٍ يهتز كيانه في حلقة رقصٍ صوفيٍّ بحضرة مريديه .
نعم في رحابه كان يحلو كل شيءٍ حتى القبيح بدا كأنه جميلٌ .
أما الجميل فبدا كأنه الأجمل ، و السعادة تبلغ ذروتها القصوى .
أي سرورٍ يعتريني حينما أسديت له خدمةً ؟
و أي فخرٍ يغمرني بعدما أديت تجاهه واجباً ؟
أي رابطٍ يعمقني به عندما أُكرم ضيافته ؟
و أي كمالٍ بلغناه معاً.؟
بدونه تنقصني ذاتي ، أو إن شئت لا ( أناي ) لي .
فشكراً لمن تسبب في استفزازه ليهرع إليَّ ، لاهثاً ،
فيطفئ جمرة ظمأي ، و يمنحني نوراً سماوياً ، و ينذر نفسه من أجلي ،
و يتفانى في خدمتي .... فأنا الذي أحوج إليه من بين كل كائنٍ بشريٍ .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟