أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - إبراهيم يونس - قضايا الحرية الشخصية (في نقد العشوائية الليبرالية والتحليلات اللاعلمية السائدة)















المزيد.....

قضايا الحرية الشخصية (في نقد العشوائية الليبرالية والتحليلات اللاعلمية السائدة)


إبراهيم يونس

الحوار المتمدن-العدد: 5651 - 2017 / 9 / 26 - 09:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


قضايا الحرية الشخصية
(في نقد العشوائية الليبرالية والتحليلات اللاعلمية السائدة)

ليلاً وصباحاً نجد صديقنا هذا لا ينفك عن أن يتحدث في شئ أخر غير نقد الدين والإستهزاء به أمام المؤمنين به وغير المؤمنين ؛ لا يتحدث صديقنا هذا في أي شئ غير الدين ، فهو مجري حديثه وهدفه الأساسي ، بل إن في إعتقاد صديقنا هذا أن - السبب الرئيسي - في الإنحطاط الإجتماعي والتأخر الإقتصادي والفقر والجهل وغيرها من المشكلات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية في بلدان العالم الثالث هو الدين ، فهو يري في إزالة الدين حلٌ لكل مشاكل المجتمع ، أي أنه يقول بأن الحل يكمُن في إزالة الدين وإلغائه ، ولهذا هو لا يكفُ عن نقده أمام الناس ولا يكف عن الإستهزاء بالدين ، وبمشاعر الأخرين وإيمانهم وأفكارهم الدينية والروحية وعلي الجانب الأخر نجده يدافع دائما عن الملحدون والربوبيون واللاأدريون وجميع الرافضين للدين ، وأنها - حرية شخصية - وأن من حق أي أحد أن يهاجم أي دين في أي وقت في أي مكان وقتما يشاء .
وفي كل مساء تجلس تلك الشابة علي مواقع التواصل الإجتماعي ، وتظل تتحدث عن القهر الذكوري للمرأة ، وأن المجتمع الذكوري رجعيّ ، وأن المجتمعات الشرقية وبلدان العالم الثالث - رجعية لأنها ذكورية - ومتخلفة ، ففي تلك البلدان تُعامل المرأة علي أنها سلعة تُباع وتُشتري ، ولا يهم مدي شعورها بإنسانيتها ، فهي فالنهاية جسمٌ بلا شعور ، يخدم الشهوات المفترسة والمرعبة لدي الرجال ، ولا تنفك تلك الشابة في أن تتحدث في شئ أخر غير هذا الموضوع ، فكل ما يشغلها هو : لماذا لا أستطيع أن أعمل بدون مضايقات ؟ لماذا لا أستطيع إرتداء الملابس القصيرة ؟ لماذا لا أستطيع خلع الحجاب ؟ هل الحجاب فرض أم لا ؟ لماذا لا يتحدث لناس في القضايا النسوية ؟ لماذا لا تتحرر المرأة ؟ لماذا منظومة الزواج التي تقهر المرأة تلك ؟ متي تكون المرأة حرة ؟ وتظل تتسائل في مثل تلك الأسئلة بدون أن تعرف إجابات صحيحة لها ، فكل ما يشغلها هو حال المرأة في المجتمع وكيفية جعله أفضل .
دعونا نذهب إلي أقصي حديث يجري حول الحريات الشخصية ، سنجد هذا المتضامن أو هذه المتضامنة مع حقوق المثلية الجنسية لا يتحدثون في شئ أخر غير قضايا الجنس وحقوق المثلية الجنسية وتقدير الغرب لها والتنديد بالقمع الواقع علي المثليين في المجتمعات العربية والإسلامية ، ليس ذلك فقط بل أيضاً يجري الحديث عن التضييق علي المتحولون جنسياً ، ليس ذلك فقط بل وجميع الميول الجنسية (عدي الميول السائدة) ، ويظلون يدافعون عنهم بإستماتة ، وأنها - حرية شخصية - ليس من حق الغير التدخل فيها ، وأن كل فرد وله إتجاهاته الجنسية التي يجب أن نحترمها .
إذاً هناك ثلاثة أنواع من الناس ، النوع الأول وهم من يرون أن الدين هو سبب تأخر المجتمع وأن في إزالته حل لكل المشكلات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية ؛ والنوع الثاني من تقول دائماً بحرية المرأة ، وأن السبب في تأخر المجتمع هو ذكوريته ورجعيته وأن الحل لكل المشاكل أن تتحرر المرأة ؛ والنوع الثالث أصحاب رايات قوس القزح أو المتضامنين مع مختلف الإتجاهات الجنسية ، ومعظم هؤلاء يقولون برجعية المجتمع بسبب القمع الجنسي والتضييق علي الإتجاهات الجنسية الغير سائدة .
لقد إشترك كلٌ منهم في أن المجتمع رجعيّ وأنه يجب أن يتقدم ، وإختلف كلٌ منهم في المُسبب والحل ، فكل منهم يري الهدف من زاويته ، ولقد إشتركوا ثلاثتهم أيضاً في الدفاع عن الحرية الشخصية كما يقولون من وجهة نظرهم لها .
يشتركون جميعاً في نفس طريقة التحليل ، فثلاثتهم يرون الوضع من صورة واحدة ، او من إتجاه واحد ، أو من جانبٍ واحد ؛ فثلاثتهم لا يتمتعون بطريقة التحليل العلمية وإن كانوا يتمتعون بها حقاً لكانوا سيصلون إلي وجهة النظر التي سَنُقرُ بها في نهاية المقالة .
إن طريقة التفكير والتحليل العلمي سنجدها في فلسفة العلم : المادية الجدلية ، فإن الجدلية هي مجموع القوانين التي يري بها العلم كل شئ ، أي مجموع القوانين التي يعمل العلم بها ؛ تنقسم الجدلية إلي عدة قوانين ولكن لا يَسعُنا أن نتحدث عن الفلسفة الجدلية هنا كي لا نخرج عن موضوع المقالة ، لنأخذ نظرة عامة عن الجدلية : تنظر الجدلية إلي الأشياء والمعاني في ترابطها بعضها ببعض ، ولا تُهمل الجدلية علاقات التبادل بين الأشياء وتأثير كل منها علي الأخر ، فهي تُمعن النظر في النتائج التي تَتنُج عن التأثيرات الناتجة عن إرتباط الأشياء ببعضها ، وكذلك تأثير الشئ علي شئ أخر ، ومجموع نتائج التأثيرات في المجتمع والعلوم وفي الإنسان .
تقول الجدلية بأن التحولات التي تحدث في الحياة والتي تكون نتيجة للحركة هي تحولات كيفية ناتجة عن تراكمات كمية للأسباب ؛ وتقول الجدلية دائماً بالترابط وترفض فصل جانب من جوانب الواقع عن باقي الجوانب (إلا في حالة تُقر الجدلية فيها بأنها حالة نسبية) ، وتقول دائماً بالحركة ، بل وتعترف بمطلق الحركة والتغيير ، وتُفسّر الجدلية الحركة والتغيّر عن طريق أهم قوانينها ألا وهو قانون نضال الأضاد (التناقض) ؛ تقول الجدلية بأن التناقض شئ مُطلق وموجود في كل شئ وهو يكمُن في باطن الأشياء وأنه السبب الرئيسي للحركة وللتغيّر في كل شئ ؛ يَتكون التناقض البسيط من نقيضين (لأن كل شئ يحتوي علي جانب سلبي وجانب إيجابي) ولا يفصل الجدلي عنصري التناقض عن بعضهما ، فعنصري التناقض يكون أحدهما قديم ورجعي وسلبي ، والأخر يكون جديد وتقدمي وإيجابي ؛ وكل عنصر من العنصرين يحاول الإنتصار والتغلب علي العنصر الأخر والتخلص منه ، فمثلا نجد أن الحياة هي نضال ضد نقيضها ألا وهو الموت ، ففي فصيلة من فصائل الحيوانات مثلاً بداخل كل فرد من أفراد تلك الفصيلة تناقض بين الحياة والموت ، ونجد في النهاية أن الموت ينتصر في الأفراد ، ولكن الفصيلة مازالت متواجدة ، بل وتتزايد أعدادها ، فهذا يُعد إنتصار الحياة في المجموع علي الموت ، فقد إستمر المجموع في الحياة ولكن الفرد مات .
وفي المجتمع مثلاً نجد أن نظاماً مثل النظام الرأسمالي لا يُمكن أن يتواجد إلا وأن يكون به تناقضات عديدة ، ويقول كارل ماركس في البيان الشيوعي : إن تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا (ثم يضيف فريدريك إنجلز فيما بعد : ما عدى المشاعية البدائية) لم يكن سوى تاريخ صراع بين الطبقات ، فالحر والعبد ، والنبيل والعامي ، والسيد الإقطاعي والقن ، والمعلم والصانع ، أي باختصار المُضطهِدون والمضطهَدين ، كانوا في تعارض دائم وكانت بينهم حرب مستمرة ، تارة ظاهرة ، وتارة مستترة ، حرب كانت تنتهي دائما إما بانقلاب ثوري يشمل المجتمع بأسره وإما بانهيار الطبقتين معا ؛ أما المجتمع البرجوازي الحديث الذي خرج من أحشاء المجتمع الإقطاعي الهالك فإنه لم يقض على التناقضات بين الطبقات بل أقام طبقات جديدة محل القديمة وأوجد ظروفا جديدة للإضطهاد وأشكالاً جديدة للنضال بدلا من القديمة ؛ إلا أن ما يميز عصرنا الحاضر ، عصر البرجوازية ، هو أنه جعل التناحر الطبقي أكثر بساطة ؛ فإن المجتمع أخذ بالانقسام ، أكثر فأكثر ، إلى معسكرين فسيحين متعارضين ، إلى طبقتين كبيرتين العداء بينهما مباشر : هما البرجوازية والبروليتاريا .
وإن التناقض يَكمُن كما قال لينين : في الرياضيات : + و - ، التفاضل والتكامل ؛ في الميكانيكا : الفعل ورد الفعل ؛ في الفيزياء : الكهرباء الموجبة والسَّالبة ؛ في الكيمياء : إتحاد الذرات وتفككها ؛ في العلوم الاجتماعيّة : الصِّراع الطَّبقيّ .
إذا ولكي لا نستغرق في شرح التناقض ونخرج عن موضوعنا ، لأن الحديث في مسألة التناقض كثير ولا ينتهي سنكتفي بالإشارة إلي كراس (في التناقض - ماو تسي تونغ) ، وسننتقل مرة أخري إلي موضوع المقالة ؛ وهكذا كي نُحلل المجتمع لنعرف مشكلة ما وكيفية حلها يجب علينا إتباع أحد الفلسفتين الرئيسيتين التي توصلت إليهما البشرية ، إما طريقة أصدقائنا الخاطئين في تحليلاتهم ألا وهي الطريقة الميتافيزيقية أو إتباع الفلسفة العلمية : المادية الجدلية ؛ وكي نصل إلي التحليل الصحيح أو الأقرب إلي الحقيقة يجب أن نلتزم بالمنهج العلمي في التحليل ، أي يجب أن نلتزم بالمادية الجدلية في تحليلاتنا .
إذا حللنا بالطريقة الميتافيزيقية سنصل إلي ما وصل إليه أحد الأفراد الثلاثة في النهاية ، أو سنصل إلي الدمج بينهم فقد يُنتج عن ذلك المنهج مثلاً شخص يري أن الدين هو المشكلة الرئيسية وأنه يساهم في التضييق علي المرأة ويقمع الإتجاهات الجنسية الأخري ، أو غير ذلك ولكن في نفس المضمون ، ولكنه مهما تغير عن أصدقائنا الثلاثة سيبقي مضمونه هو الحرية الشخصية ليس إلا .
أما المنهج العلمي هذا وعن طريق التحليل بأدواته يوصلنا إلي أن - المؤثر الرئيسي وليس الوحيد - في التاريخ وفي تأخر المجتمع أو تقدمه وفي رجعيته أو تقدميته هو الإقتصاد والنظام الإقتصادي العالمي السائد ، أي وعن طريق التحليل الجدليّ (العلمي) إن المؤثر الرئيسي في وضع المرأة وعلاقتها بالمجتمع ومكانتها فيه هو الإقتصاد ، والذي يُحدد بشكل كبير وظائف الدين ومكانته في المجتمع هو أيضاً الإقتصاد وكذلك يؤثر الإقتصاد والعلاقات الإقتصادية خاصتاً في - البلدان التابعة (بلدان العالم الثالث) - علي موقف المجتمع وسياسة الدولة تجاه جميع الإتجاهات الجنسية وذلك خصيصاً مرتبطاً إرتباطاً قوياً جدا مع المناخ الثقافي السائد في الدولة والثقافة الغالبة بين أفراد الشعب والتي يساهم النظام الإقتصادي والإجتماعي بنسبة كبيرة في تحديدها .
إذا وعن طريق المنهج العلميّ نَجدُ أن المشكلة الرئيسية في أي مجتمع الأن تكمن في علاقاته الإقتصادية ونظامه الإقتصادي ، وأن المشكلة الرئيسية ليست في الدين ، وأن الدين ليس السبب الرئيسي في تأخر المجتمع كما يقول صديقنا ؛ وأن المشكلة الرئيسية ليست في وضع المرأة في المجتمع مثلما تقول صديقتنا الشابة ؛ ولا في أن المجتمع يقمع الإتجاهات الجنسية ؛ أو يقمع جميع أنواع - الحريات الشخصية - بشكل عام .
ينقسم المجتمع إلي قسمين : 1- البناء التحتيّ : ألا وهو النظام الإقتصاديّ وعلاقات الإنتاج والنظام الإجتماعيّ السائد في الدولة . 2- البناء الفوقيّ : وهو يتضمن الفن والأدب والموسيقي والدين والثقافة والحريات الشخصية إلخ .
تِبعاً للمنهج العلمي (المادية الجدلية) يجب علينا كي نُغير مجتمع ما أن نقوم بالأتي (مع الأخذ بأن المشكلة الرئيسية هي البنية التحتية) : أن يكون جُهدنا الرئيسي موّجه في سبيل تغيير البنية التحتية تلك ، ويكون في نفس الوقت هناك جزء من الجهد مبزول في محاولة تطوير البنية الفوقية والأخذ بيدها إلي التقدم ؛ فلا يصح أن تتقدم البنية الفوقية بدون البنية التحتية ، ولا يصح أن تتقدم البنية التحتية ولا يتبعها تقدم في البنية الفوقية ، وإلا فهل يمكن أن تتقدم مصر إقتصادياً لتكون دولة تتمحور علي ذاتها في الموارد الإقتصادية ولا تكون تابعة لدولة أخري ، وتظل الثقافة السائدة في المجتمع (والتي هي جزء من البنية الفوقية) هي الثقافة الإسلامية السلفية مثلاً !! هذا شئ غير منطقي ، فإما أن تتقدم البنيتان معاً أو يتأخران معاً .
إن المشكلة الأن والأزمة تكمُن في الإقتصاد - كبناء تحتيّ - يجب تغييره وتغيير شكله ، وفي نفس التوقيت يجب أن نأخذ بيد البنية الفوقية لكي تتقدم ؛ لذا لا يجب علينا أن نغوص في محاولة تغيير البناء التحتيّ بدون بزل جهد في تغيير البناء الفوقيّ ، ولا يجب علينا أن نغوص في محاولة تغيير البناء الفوقيّ بدون بزل أي جهد في محاولة تغيير البناء التحتيّ ؛ يجب ان نقسم جهدنا ووقتنا من اجل تغيير البناء التحتيّ والأخذ بيد البناء الفوقي للإلتحاق بتغيرات البناء التحتيّ ؛ فمثلاً يجب علينا أن لا نستنفز كل قوانا في الحديث عن الدين ، بل تخصيص حصة معينة من القوة والوقت له ، وبالنسبة لموضوع الدين فصديقنا لم يكن يتناول الدين بطريقة علمية ، فقد كان يستهزأ منه بدون أن يوضح (عن طريق المنهج العلمي - المادية الجدلية) ما هو الجانب التقدمي والرجعي في ذلك الدين ، وما تأثير القرآن (كمثال للدين الإسلامي) علي عقول الناس ؟ وما تأثير عقول الناس علي القرآن أيضاً ؟وهل يصل معني القرآن إلي الناس بطريقة صحيحة أم يصل إليهم بالتفسيرات الخاطئة والرجعية التي تصب في مصلحة التفكير الديني الوهابي الرجعي ، يجب علينا - في تلك اللحظة التاريخية - في مصر ان نأخذ بيد الدين ونوضح الجانب التقدمي فيه ولكن ذلك لا يعني إستغنائنا عن نقده في نطاق العلم ومنطقه ؛ اما بالنسبة لحقوق المرأة فإن - العمل المأجور - (وهو جزء من البناء التحتيّ) يقف حائلاً بين المرأة وتحررها ، فكيف للمرأة أن تكون متحررة وهي مازالت بين قُضبان العمل ؟ ، وكذلك فإن البناء الفوقيّ أيضاً له دور ، فالتفسير الخاطئ للدين والثقافة الدينية السائدة والفكر الدينيّ الرجعيّ يعتبروا عائقاً أمام تحررها أيضاً ، ذلك بسبب الضوابط الدينية وغيرها من ضوابط الفكر الديني الرجعي ؛ ولكن مازالت المشكلة الرئيسية تكمُن في العمل المأجور (وهو جزء من البنية التحتية) .
إن تغيير البناء التحتيّ يعني بالضرورة تغيير النظام الإقتصادي وعلاقات الإنتاج والبنية الإجتماعية للمجتمع ، أي أن نستبدل النظام الرأسمالي بنظام إقتصادي وإجتماعي وسياسي أخر بشرط أن يكون تقدميّ عنه وتتوفر له اللحظة التاريخية ؛ إذا ماهو النظام الإقتصادي والإجتماعي الأكثر تقدمية من النظام الرأسمالي الرجعي ؟ لقد توصل كارل ماركس وفريدريك إنجلز معاً وعن طريق تطبيق المنهج العلمي (المادية الجدلية) علي التاريخ محاولتاً منهم أن يفهموا ما الذي يُحرك التاريخ ، شكلوا منهجاً علمياً خاصاً بالتاريخ يسمي - المادية التاريخية - وألت في النهاية تحليلاتهما إلي أن النظام الإقتصادي الذي يجب أن يحل محل النظام الرأسمالي هو النظام الإشتراكي (لا يسعنا الحديث عن النظام الإشتراكي هنا كي لا يتغير هدف المقالة ولكن يكفينا الإشارة إلي كتابي "الإشتراكية - بول سويزي" و "الإشتراكية في السياسة والتاريخ - عيداروس القصير") .
إن الطريق إلي إقامة المجتمع الإشتراكي (والذي هو النقيض لهذا النظام الإقتصادي الرجعي الذي نعيش فيه الأن) لا يأتي وحده ، أي أن التاريخ لن يصنع الإشتراكية وحده ، بل يجب علي القوي المقهورة والمُضطهَدة والكادحة (البروليتاريا) بجانب المثقفين والشيوعيين أن يقوموا بتنظيم أنفسهم في حزب ثوري يقود هذه الثورة وهذا التحوّل ؛ وسترتب علي تلك الثورة وهذا التحوّل تغيير في كل شئ ، في وضع المرأة فستتحسن مكانتها كثيراً في المجتمع الإشتراكي ؛ أما عن الدين فسيوضع في مكانه الصحيح الذي يجب أن يوضع فيه .
غير أن أصدقائنا الذين يُحللون بالطريقة الميتافيزيقية دائماً ما يتجهون إلي أن المشكلة تَكمُن في الحريات الشخصية ؛ ما هي الحرية ؟! يقول فريدريك إنجلز : ليست الضرورة عمياء إلا ما دامت غير مفهومة ، إن الحرية هي فهم الضرورة .
إذا ما هي الضرورة الأن ؟ أن ننغمس في مطالب الحرية الشخصية فقط وإهمال باقي الجوانب ، أم إن الضرورة هي إعادة التفكير في كل شئ مرة أخري بمنظور أخري علمي ، حتي نصل فالنهاية إلي أنه يجب علينا تقسيم الجهد بين البنيتين التحتية والفوقية .
لذا إن الموضوع ليس كما ذكره أي من أصدقائنا المُحللين الباهرين علي الطريقة الميتافيزيقية ، وليس أمامُنا كي نصل إلي الحقيقة أو إلي أقرب شئ إلي الحقيقة إلا أن نعتمد علي العلم ، العلم وحده هو الذي سيوصلنا إلي بر الأمان وكي نعتمد علي العلم يجب أن نعرف أكثر عن فلسفته ، أي الفلسفة العلمية : المادية الجدلية .



#إبراهيم_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف يخدم حديثنا وأفعالنا أحد طرفين الصراع الطبقي ؟!
- الماركسية و حركات الضغط الشعبي


المزيد.....




- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - إبراهيم يونس - قضايا الحرية الشخصية (في نقد العشوائية الليبرالية والتحليلات اللاعلمية السائدة)