أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - هفال عارف برواري - خواطر مع مُعيني في درب الحياة















المزيد.....

خواطر مع مُعيني في درب الحياة


هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث

(Havalberwari)


الحوار المتمدن-العدد: 5645 - 2017 / 9 / 20 - 10:17
المحور: سيرة ذاتية
    


هو عمي العزيز محمدقسيم الذي كان لايفارق أبي فقد كانوا متقاربين في العمر وكان أبي أكبر منه ببضع سنين وكانت مهمتهما التدريس فقد تخرجوا من دار المعلمين في ستينيات القرن المنصرم
وشاءت الأقدار أن يبدؤا مهمة التدريس في نفس البلدة التي كانت تسمى (سميل) وهناك بدأوا في مهمتهم الانسانية على أكمل وجه بحيث أحدثوا نهضة في التعليم في تلك المدينة النائية واكتسبوا قلوب أهلها بسبب جهودهم وتعاملهم الراقي مع أهالي تلك البلدة
ماتميز به عمي أنه
1- كان يتمتع بقوة إدارية صارمة وقوية في مهنته بحيث أرتقى الى مناصب إدارية ، وفصاحة لسامية اضافة الى اُسلوب كتابي راقي في التعبير وقد كان له ملاحظات على المنهج الدراسي الابتدائي مما قام بكتابة مقترحه للحكومة ودُعّم فكرته وتم تعديل المنهج على مستوى العراق حينها ،،،!!
وكانت له روايات حفظها عنده ولولا أنه امتنع الانضمام الى حزب البعث العراقي لنال مناصب عليا في الحكومة بسبب قوته المشهودة في الإدارة وأرتضى بالاستقلال لكونه من عائلة دينية منسوبة الى المشيخة النقشبندية التي تنبذ التحزب فأبوه المُلا سلمان الذي كان إمام القرية قبل الترحيل القسري .
2- وضع مسؤولية عائلته على كاهله مع أنه كان الإبن الأصغر عندما تم تدمير القرى الحدودية بأمر سياسي
وقام برعاية أبويه مع أُختيه
3- أصبح داره مكان إقامة طلاب أقاربه الذين كانوا يعيشون في قرى لايمتلكون مدارس في المراحل العليا فقد كان يرعاهم ويرشدهم الى إتمام الدراسة
4- كان يمتلك شخصية قوية مع مَلَكة الحكمة والدراية بحيث كان مدرسة في تربية الأفراد أياً كان مستواه
5- كان مولعاً بالمريدية المنسوبة للمشيخة النقشبندية في بداية حياته وامتلك قلب شيخ الطريقة النقشبندية الشيخ مسعود -الذي كان آخر عقد في المشيخة النقشبندية فلم يورث من بعده أحد لأنه لم يرى من هو أهل لها من ابناءه وإخوته ومن حوله-...
6- كان له دروس في التزكية النفسية
7- تعرض لفتنة سياسية كبيرة ايّام النظام البعثي الصارم عندما أخطء أحد أخويه المقيم في البصرة بسبب سطحيته وأخذه الأمور ببساطة ، عندما كتب رسالة خطية يطلب منه ترحيل اثنين من حزب الدعوة الى ايران القريبة من كردستان؟ فتم القبض على الاثنين وبحوزتهما تلك الرسالة الخطية ؟
مما تم القبض على عمي فوراً الذي لم يكن له علم بها الى أمن بصرة ؟ ولولا التوسط المستميت لكان قد تم إعدامه فوراً!!
وكان يقول عن محنته أنه قدتم استخدام كل أنواع التعذيب النفسي عليه كي يعترف بحيث انه لو تم استخدام تلك الطرق على أي واحد لاعترف بما لم يقترفه من ذنب!!
لكنه كان يقول قولةً واحدة
وهي
(أنني بريء براءة الذئب من دم يوسف؟)
حتى أنه تحدث عن كرامة حصل له داخل الزنزانة وهي
أنه كان يعاني من الم شديد في يديه المكبلتين من وراء ظهره وفِي ليلة من الليالي قال أنه شاهد في حلمه وكأن بحراً أبيضاً يتجه نحو زنزانته ويتجه نحوه ويغطيه الى عنقه وهو يوحى اليه في حلمه أن هذا البحر هو الشيخ مسعود
وبعد ان استفاق وجد أن قيوده قدانفكّت !وعلم من تحريكها كيف يفتحها ويكبلها عندما يحولوه الى التحقيق
وبعد إطلاق سراحه علم ان الشيخ كان يدعو له في كل سجود ؟

8- تبدأ قصته مع عائلتي عندما فاجئنا الدكتور عام 1990 وبشكل صريح دون تردد بأن أُمي التي كانت في الأربعينيات من عمرها مصابة بالسرطان وأن الامر ميؤوس منه وأنها لن تعيش أكثر من سنتين ؟ مما تدهور حال أبي كونه كان متعلقاً بها وكنا صغاراً حينها
وهنا تدخل عمي العزيز الذي يمتلك القرار السديد والحكمة في إدارة الأمور وصارح الدكتور بانه قد اقترف ذنباً كبيراً بهذه المصارحة وأن قراره الصريح سيقدم على انهيار عائلةكاملة وعليهما أن يتداركا الأحداث وأن يصلحا هذا الخلل بعد فوات الأوان والحل كان هو الإدعاء أن المريضة قد شفيت بعد عملية قلع الورم السرطاني
وأن الورم لم يكن قد تجذر وان حساباتنا لم تكن صائبة
وهنا نزل السكينة على أبي وبدى علامات السرور والفرح تظهر على وجوهنا
وظل سر حتمية موت أُمي بعد مايقارب سنتين في صدر عمي لايعلم به أحد منا

9- وفاة أبي ؟
أبي الذي كان رفيق درب عمي العزيز إلا أن كلاً منهما كان يتميز بشخصية مختلفة عن الثاني فقد كان عمي يستخدم اللين والعقل والمنطق والسياسة في حل المشاكل لكن أبي كان يتميز بالعاطفة والانفعال والغيرة الموروثة من إرث العائلة المحافظة الدينية والمصارحة في المواجهة ....المهم
شاءت الأقدار أن يهب رياح التغيير في العراق ويستقل أقليم كردستان عن العراق ثم تتغير المعادلات السياسية ليهاجم النظام البعثي على أراضينا مما أضطررنا للهجرة المليونية هاربين من بطش جنودهم الاشرار على سفوح جبال شمال كردستان داخل حدود الدولة التركية (شمال كردستان)
تاركين بيوتنا ودورنا ومستقبلنا وأحلامنا ومدارسنا وكأننا كنّا في الأحلام
لنتوجه الى الجبال
(وكما قيل قديماً ليس للاكراد أصدقاء سوى الجبال )
وحينها استطعنا ان ننجو بأنفسنا لكننا تعرضنا لقسوة الطقس في الجبال حيث البرد والامطار الغزيرة ولا ملاذ ولا مأوى نحتمي به أنفسنا وكذلك نقص المؤن والامدادات الغذائية والادوية مما أدى الى حدوث وفيات بالآلاف وخاصة للاطفال والعجائز ,,
أما قصة أبي فكما قلنا انه كان من الذين عاشوا في كنف الدراسة والتعليم فقد كان معلماً من الطراز الفريد وقد تخرج على يدية مئات الطلبة في مجمل الاختصاصات ولم يكن يدرك انه سيرى اولاده في لحظة ما مشردين في الجبال بلا مأوى لذلك لم يتحمل مرارة الوضع ،فكل ما بناه أبي بعرق جبينه أصبح في غياهب النسيان ،، كل هذا التشريد لعائلة موقرة منعمة لاتعرف اي مهنة غير التعلم والتعليم جعل ينزل على قلب أبي كالصاعقة إضافة الى معانات الهجرة والبرد القارص مما اصاب بمرض عضال أتلف كبده وحاولنا حينها أن نسعفه فلم نستطع ولكننا استطعنا بشق الانفس ان نقنع حراس الحدود ان يتم اسعافه في مستشفياتهم بسبب حالته المستعصية ولكنهم رفضوا أن يذهب معه ولو مرافق واحد ....وأتذكر حينها كيف كنت احاول الذهاب معه وعدم تركه يذهب وحيداً وهم يقومون يتسفيره في السيارة ولم أدرك أنها ستكون اللحظات الاخيرة بيننا وستكون آخر نظرة انظر اليه وأنه سيكون الوداع الاخير .......
وكان أن تم نقله الى مستشفى مدينة هكاريا التاريخية القديمة (جله مێرگـ ) وهناك يأس الاطباء من علاجه فوافاه الأجل هناك في 1991/4/18وحيداً وبعيداً عن أولاده وأسرته وأقرباءه لم نرى قبره الى أكثر من عشرين سنة،،،،
وكان ممن إلتقيت معهم وقد شاهدوه في المستشفى يقولون لي أنه كان يقول دائماً ( أين أولادي ؟ أين عائلتي ؟)
ودفن في مقبرة الغرباء في هذه المدينة العريقة أمام سفوح الجبال الشاهقة وسط أُناس طيبين ومسالمين وعابدين لله متقين , مدينة لم تصل اليها بعد فساد المدنية المادية ..
ولم نستطع حينها ان نذهب هناك بعد علمنا بوفاته بسبب منع المهجرين من تخطي الحدود المرسومة والمحددة لهم ......
وقد كان يقول دائماً في حياته :
(أحسد على من ماتوا في الغربة لأن لهم فضل الشهداء ؟)
وأصبحنا يتامى في تلك المِحنة القاسية وأُمي المريضة والتي لانعلم أن نسيج الموت تلتف حولها بسبب مرضها إلا عمي العزيز
لذلك قرر عمي الرجوع بعد التخيير بين الرجوع الى البلاد او السفر الى أوروبا عن طريق المنظمات
ومعه حمل ثقيل وآهات وحسرات فراق أخيه وصديقه في درب الحياة
وبعدالرجوع أتذكر أنني وجدت دارنا الذي تركناه قد تم سرقته بالكامل ولم يبقى منها الا بعض الأواني التي لم يكن قد تم تنظيفها ، فقد كنّا صائمين في رمضان ولم تدرك أمي تنظيف تلك الصحون بعد السحور فقد كان الهروب مفاجئاً ؟

10- وفاة أُمي؟
وفي السنة التالية وتحديداًفي 1992/9/1 أنطفأت شمعة الحياة عن أعز إنسانة في حياتي وهي… (أُمي)
بعد صراع كما قلنا دام سنتين مع مرضها العضال التي أصابها وهي مازالت في الأربعينيات من عمرها
فكم تألمت مع آلامها مع المرض ألم فراق صديق دربها في الحياة وهو أبي الذي وافاه المنية قبل وفاتها بعام !
في الهجرة المليونية وعلى سفوح جبال هكاري الشاهقة وهو يصارع فوق سفوح الجبال جبال همومه على مستقبل أُسرته الذين تشردوا بعد تعب دام سنوات على بناء الأِسرة مع الأوطان ليتحول حلم السنوات الى كابوس خلال أيام ويزحفوا هاربين من بطش الجبارمع المليونية المشردة على سفوح الجبال والوديان
وكم كان حريصاً على علاجها والذي ظن أنها ستكون حتماً بسلام ولم يكن يظن أن داءها مرض يفتك بها كل ليل ونهار ،،،،،
ولكنه لم يدري أن خيوط القدر تحاك له المنية قبلها بعام ؟
لذلك تجرعت أُمي مرارة فراقه في أصعب الأوقات
فقد أجتمع مرارة تشريد الأولاد في الغربة ومستقبل غامظ المئال
مع فراق مُعينها ورفيق دربها في الحياة ثم تجرعت مرارة سماعها بأن أٰمها ( أي جدتي) هي أيضاً قد وافاها المنية التي كانت بعيدة عنا وفي أودية بعيدة ، فالهجرة كما قلت كانت مليونية ،،،
فقد كانت تريد أن تستأنس مثل كل الأُمهات وتفرغ مافي داخلها من آهات ، لكن هيهات هيهات ،،،
كل هذه المرارات وهي تصارع مرارة المرض العضال
الى أن كان ماكان
فيوم الميعاد قد أتى
وملك الموت لايخلف الميعاد ؟
فانتزع روحها وهي تنظر الينا بحسرات وأحزان وكيف أن أحلامها أصبحت كلها هباء أو كهشيم تذروه الرياح في لحظات ؟
لكنني أحسست أن ملك الموت يقول لها في عسرة الإنتزاع
أن لا تخافي ولاتحزني وأبشري بالجنة التي كنتم بها توعدون !
فأنتِ كنتِ عابدة وصابرة ومحتسبة وربيتي ووفيتي فها قد أتى رد الوفاء ،،،،
وأنتِ التي كنتِ أيضاً تنصحين زوجكي بأن ما يُجرى لنا هو إبتلاء من وراءها رحمة مهداة،،،،،
لذلك أتذكر حينها أنني رأيتُ كيف أن جسدها بدأ بالأسترخاء واستأنست بالضيوف الكرام ؟
ونحن من حولها لانستطيع رد القضاء وهم كانوا أقرب إلينا بالطبع كما أخبرنا به المتعال،،،
وعمّي العزيز يُلٓقّنُها باستنطاق لاإله إلا الله
وهي تردد وراءه بحواسها مع النظرات ،،
الى أن بلغ الحلقوم
وكلنا من حولها ينظرون ،،،،،؟
ومنها أنفصل الروح والنفس عن جسدها لتطير الى ملكوت ربها والى مكانها المكنون ، فهو عند الله خير المنون .

11- وهناك يتدخل عمي بعد وفاة أبي وأمي ووضعنا المزري فلا معين يعيننا والوضع الاقتصادي في حينها كان مأساوياً وأجتمع بإخوته الكبار وبنو أعمامه على أن يروا حلاً لهذه العائلة
فأنا الأكبر من الذكور وعمري كان حينها ثماني عشرة سنة تخرجت من الإعدادية تواً وكان قبولي في كلية الهندسة
ولي أخوة وأخوات صغار
وطرح عمي عليهم حل مشكلة هذه العائلة وماهي آراءهم في هذه المعضلة
ومما أتذكر أنه كان من المقترحات أن يزوجوني وأن اترك الكلية لأُراعي إخوتي وأخواتي؟
ومنهم من قال أن يتم بيع هذا البيت الذي يسكنونه فلم يجلب لهم إلا الدمار !!
ومنهم من قال أن يتم ضمهم الى عائلة عمي ليرعاها كأولاده
لكنه رفض كل تلك المقترحات فوثب كالجبل وقال قولته التي لن أنساها طوال حياتي
( قلتم قولتكم لكنني لن أقبل بترك ولده الكلية وتزويجه مبكراً إلا بعد ان يتخرج من الكلية ولن أدع اولاد أخي الا ان يتخرجوا جميعاً من مدارسهم ولن أغلق دار أخي
ولو بعت داري وبعت ملابسي في سبيل تحقيق أحلام اخي المتوفي !!)
وللعلم لم يكن ميسور الحال لكنه أخبرني فيما بعد كيف أن رزقه قد بارك الله فيه بعد هذا القرار والتوكل على الله المتكفل بالأرزاق؟
12- كنت دائماً أشعر بالأمان وراحة البال كلما التقيت به فقد كان سنداً لي في كل حين لم أرى منه كلمة مرة ولا حتى إنتقاداً ولا حتى من ملامح وجهه
وكان دائماً يوجهني بأسلوب الناصح الأمين مع خلق حالة نفسية يجعلني أستشعر الثقة بالنفس والقدرة على حمل المسؤولية مع محاورة مشحونة بروح الصداقة لا اُسلوب الآمر الناهي
وكان يشاركني المشاورة في تقييم الأمور التي تطرح على حياتنا .

13- في خضم الأحداث السياسية في التسعينيات والانفتاح على الفضاء العالمي المستجد على واقع اقليم كردستان التحقت بالحركة الاسلامية الشبابية الوسطية وكنت مندفعاً حينها ومع مرور الزمن اشتد المضايقات السياسية ومع كونه كان يحب الاستقلال لكنه مع ذلك لم يحارب أفكاري بل كان مع ذلك سنداً لي ومدافعاً عن إختياري الحر لأفكاري في حين كان العداء بين أفراد الأُسر المختلفين في الأفكار والانتماءات في تزايد،، ،، لقد كان له مستوى ثقافي راقي يراعي أفكار الآخرين ويعطيهم حقهم في التعبير وفق أُطر عقلية معتبرة.

14- شارك كثيراً في مهام الإصلاح بين العوائل والخلان من الأقرباء وغيرهم ممن كان يعرفونه فقد كان كلامه مسموعاً ومقنعاً بل شارك في طلبات النصح والإرشاد الموكلة اليه من قبل الهيئات والمؤسسات المدنية فقد كان لكلامه وقع على السامعين وكل من كان يخالطه يتأثر به وبأخلاقه ويتدينون متأثرين بديانته الراقية ونصحه المسموع
15- كان سنداً لنا حتى تخرجنا وشارك في تزويجي وتزويج اخوتي واخواتي واولاده أيضاً .

16- كان يقول في آخر حياته أن رسالته قد اكتملت ولم يعد لوجوده في الحياة لها اعتبار فقد تعب كثيراً في مسيرة حياته وعطاءه المتواصل.

17- لكن كان له أُمنية ، كان يدعوا الله أن تتحقق وهي حلمه أن يحج بيت الله الحرام فقد كان هذا الحلم يسايره طيلة حياته فمن الثمانينات حاول لكن الحكومة العراقية أصدرت قراراً بمنع الحج عن عمره فما دون وعند استقلال الإقليم كان دائماً يكتب اسمه في قرعة الحج ولم يشأ ان يذهب وكان لايريد الطرق الملتوية لتبرير الذهاب
حتى كان قبيل حج هذا العام 2017 بأيام وإذا به يخابرني ويقول لي سأبشرك بمفاجئة وهي (أنني سأذهب الى الحج وأن الفيزة هي هدية من القنصلية السعودية أعطاها لأحد أقربائنا فتذكرني فأراد أن يهب هذه الفيزة لي عرفاناً منه ولمعرفته لحبهي الشديد في تحقيق أمنيتي)
وحينها فرحت كثيراً ووعدته بأن أعطيه ملابس الإحرام الخاص بي فقد حججت ولله الحمد فوافق وقمت بترتيب أمور الذهاب .
18- لكن بعد فترة وجيزة انقطعت أخباره فذهبت عنده وقلت (ماذا فعلت فهذا هو أوان الذهاب) فقال لي :
(أَلَم تعلم أنني لن أذهب ؟)
فقلت له (ولماذا كل الأمور تجري على مايرام)
فقال لي : (لقد فكرت في الموضوع فوجدت نفسي في حالة صحية متعبة وأنني أرى أنني لن أستطيع أن أحج والحج لمن استطاع اليه سبيلا فوالله ليس لي استطاعة صحية فكيف سأسافر لوحدي ؟)
فقلت له : (عمي اصدقائي قالوا لن نتركه شبراً واحداً )
فقال:
(اعلم لكنني لا أريد أن أكون عالة على أحد وأن أحرجهم فلا داعي لذلك ولو كنت معي أو احد أولادي لذهبت ؟ فلي حق عليكم فقط لا على غيركم ؟)
فطأطأت رأسي وعلمت أن عمي صاحب العقل الواسع والتفكير المنير يوازن بين عاطفته وحلمه الذي كان يبكي كل عام على تحقيق هذا الحلم وواقعه فاختار الواقع ولو كان مراً وهذا ديدنه في كل مرحلة من مراحل حياته…
فقلت له :
(إذاً سنتفق معاً على أن نحج العام المقبل معاً وسأقوم بمهمة المرافق والصاحب الذي يكفل لك كل أمور الحج )
فابتسم وقال (هذا وعد ولكن من سيظمن بقائي حياً !!)
فقلت له مازحاً (هي إحدى عشر شهراً لا سنة )
فضحك وقال لي (أنت متفائل جداً )
قلت (نعم ولاتتحدث عن الموت ).

19- وفِي اول أيام عيد الأضحى شاهدته في المسجد وصافحته بعد صلاة العيد مهنأً وقبّلت يده قائلاً (في السنة المقبلة نحن حجاج بيت الله)
فابتسم وقبّلتي وقال (ان شاء الله ).

20- وقد كان الحج هو الحج الأكبر في هذا العام فقد التقي أعظم ايّام الله وهو يوم النحر ويوم الجمعة معاً وقد أتم في اليوم خطبتين ، خطبة العيد وخطبة يوم الجمعة
تقول زوجة عمي الصابرة المحتسبة المساندة والناصحة لعمي العزيز بانه أتم وضوءه مهيئاً لصلاة العصر ودخل الغرفة مسرعاً وافترش مهيئاً
فقلت (ما بالك )
فقال (ساموت ...... )هكذا بكل بساطة وفعلاً انتقل روحه الى باريها والعرق الدافيء قد غطّى على جبينه
دخلت عليه فإذا قد وافاه المنية،،،
فقبلته والدموع تنهمر من عيني فقد فارقني أعز إنسان وأعز معين وأعز صديق وأعز حبيب في درب الحياة فقد عايشنا معاً مرارة الحياة واقتحمناها بآهاتنا وأحزانها وأفراحنا معاً طيلة ربع قرن من الزمان
وحينها تذكرت معنى الحديث وكأنه يقول لي
(أحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مَجزّيٌ به وعش ما شئت فإنك ميت !
واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه عن الناس )
نعم كان كذلك فقد سعى في حوائج كل الناس من حوله واستغنى عن كل الناس حتى بوفاته استغنى عنا ،، فقد كان وفاته بتلك اليسر والسهولة وبالصورة الفجائية بحيث لم يجعلنا ان نبذل في سبيله اي جهد واعانة ……
ومن صدفة الأقدار أن وفاته كان في نفس يوم وفاة أمي 9/1.......وفِي نفس ساعة العصر لكن الفارق الزمني كان فقط 25سنة !!
فإلى اللقاء والغد الموعود يا عماه فعسى أن نلتقي مع الأحباب يوماً إخواننا على سُررٍ متقابلين .....



#هفال_عارف_برواري (هاشتاغ)       Havalberwari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صلاح الدين الأيوبي الكردي ( نبذه مختصره عنه)
- معنى الصلاة على النبي
- البلدوزر ترامب ينتصر ، باحباط مخططات اللوبيات!
- خطابات البغدادي ....
- حقيقة أولويات المنظومة العالمية في تقييم علاقاتها مع الدول
- الإنقلاب في تركيا تفاصيل ماجرى ومن يقف وراءها؟
- الغنوشي يطبق ما كنا نحلم به فهل من مجيب!!
- نظرية الفوضى تنسف النظرية الحتمية والأجوبة العلمية البحتة!!
- الرسول كان أُمياً لكنه كان يقرأ ويكتب !
- هل تحول من مشروع إسلامي نهضوي كبير الى فئوية ضيقة ومدللين من ...
- وثائق بنما تفضح الأنظمة الحاكمة والنظم العالمية وماخُفي كان ...
- الحكومة النيجيرية الجديدة تقضي على أكبر فسادإقتصادي للبلاد ف ...
- المناضل (تشي جيفارا) الثائرالمحرر!
- دور العرق التركي في صناعة التاريخ الإسلامي
- حكم تعدد الزواج حسب مراد القرآن والحلول المسموحة بحيث لاتناق ...
- توضيح فكرة الهجرة الى الحبشة ومدى سماحتهم مع الآخر...
- ذكرى عاشوراء والثورة الحسينية الخالدة ...
- وثيقة كامبل السرية تتجدد بحلة جديدة!
- مكان ومكانة المسجد الأقصى تاريخياً وفكرياً..
- فعلاً السلفيون المداخلة منحرفون عقدياً وفكرياً وخُلُقياً


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - هفال عارف برواري - خواطر مع مُعيني في درب الحياة