أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - مأزق الاستفتاء














المزيد.....

مأزق الاستفتاء


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 5644 - 2017 / 9 / 19 - 22:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إصرار حكومة إقليم كردستان على إقامة الإستفتاء، رغم إعتراضات وتحفظات داخلية، من الإقليم والمركز، ومن قوى إقليمية ودولية، وإتبّاعها لغة تصعيدية إستفزازية، من قبل ساسة ومسؤولين أكراد، وعلى أعلى المستويات ( ربما يلخصها جميعا تصريح البارزاني حين قال: قراراتهم لن تصل الى كردستان، فلايتعبوا انفسهم)، يبدو وكأنه تلويح صريح بالحرب، والحروب الخارجية، كما تدلل تجارب التاريخ، تُشن، أو يلوح بها، غالبا، لأسباب داخلية. والأسباب الداخلية للتلويح بالحرب في إقليم كردستان معروفة ومعلنة، فالسيد مسعود البارزاني رئيس الاقليم، هو الآن، بموجب القانون والتوافقات السياسية (المحاصصاتية)، ومنذ عامين، رئيس غير شرعي للإقليم، والبرلمان المعطل، بقرار تعسفي وقمعي منه، عاجز عن لعب دوره السياسي والتشريعي، ناهيك عن صدقية تمثيله النيابي، وقد ضاعف هذه الأزمة و غذاها توتر العلاقة بين الإقليم والمركز، الذي أضاف للأزمة جانبها الاقتصادي المحرج، (بامتناع المركز بمد الاقليم بحصته من الميزانية العامة على خلفية تجاوز الاقليم وانفراده بتصدير النفط) والتي غدت بعد سلسلة من التجاوزات المتبادلة علاقة محتقنة لا افق لحل إشكالاتها.

لهذا وغيره وجدت سلطة الإقليم، وأحزابها السياسية، أنها بحاجة الى التلويح بحرب قومية ( الجميع عاجز عن خوضها) تحتاجها للملمة صفوفها وإعادة ترتيب بيتها الداخلي الذي فككه أسلوبها في إدارة الاقليم التي اتسمت بالفساد وانعدام الكفاءة والاستئثار والتفرد.

ولأن اقليم كردستان يقع في منطقة ملتهبة وقلقة، صار أمر إنفصاله، ومجمل مساره السياسي، مرتبطا بالمتغيرات السياسية في المنطقة، وبتقاطع الاجندة فيها، ما يجعل اشكالاته الداخلية اشكالات مركبة. تتداخل وتتقاطع فيها النزعات الفردية بالمبادئ، والمطامح بالممكنات، والحاجات الداخلية بالمتطلبات الاقليمية او الدولية.

هذا الواقع القى بثقل خاص على شخص مسعود البارزاني، واوقعه في مأزق، فإذا كان الواقع السياسي، بتفاصيله وتحولاته، يحتمل فسحة من الوقت تسمح بتاجيل إعلان الإستقلال، وقبله الإستفتاء، فان وقت مسعود ضيق للغاية. فتقدم الرجل بالسن يجعله يهجس بما يمكن ان يعرقل طموحه المتزايد لزعامة تاريخية، بذل جهودا كبيرة لبناء هالتها، مستعينا بممكنات الاقليم المادية، وبفنون السياسة، و بإرث شخصي وعائلي وشعبي، منح اسرته البارزانية امتيازات مادية ومعنوية كبيرة، قد تتبدد اذا لم يوظفها بانجاز تاريخي يحقق له ولها ما يخلد اسميهما. فبعده لن تكون للاسرة البارزانية القيمة المعنوية ولا المادية التي لها الان، بسبب تلوثها بمفاسد الحكم، وايضا لعدم وجود شخصية فيها ذات كاريزما اجتماعية وسياسية كالتي استطاع هو، او قل حالفه حظه، على تحقيقها.

من هنا تبدو مسالة الاستفتاء واستقلال الاقليم مسالة مصيرية لمسعود البارزاني وللأسرة البارزانية، فتقدم مسعود بالسن، معطوفا على قلق مركزه السياسي، وتآكل شرعية بقاءه رئيسا للإقليم يجعلانه يتسابق مع الزمن، ويواجه بشراسة، وبشيء من ألفظاظة، استحقاقات قومية يعرف قبل غيره أن تحقيقها، بالشكل الذي يلبي المطامح القومية الحقيقية للشعب الكردي، يتطلب، فيما يتطلبه، اجواء ايجابية هادئة، وهي مايفتقده الواقع السياسي، العراقي والاقليمي، في الوقت الراهن.

لهذا فان أزمة مسعود تبدو أزمة مركبة، والحلول أمامه أحلاها مرٌ، فهو مخيّر بين أن يتحدى الإرادات الدولية والإقليمية ( تركيا وايران) التي يؤدي تحديها الى مايشبه الإنتحار، انتحار له وللشعب الكردي، ويمضي قدما بمشروعه للانفصال،أو أنه يرضخ لهذه الضغوطات والمطالب ويخسر الداخل ومكانته فيه، بل ربما كل تاريخه وتاريخ أسرته، وهذا انتحار له وللأسرة.


وبما أن هذين الخيارين مكلفان للغاية له فلم يتبقى امامه، منطقيا، سوى حل وسط توفيقي واحد، هو أن يقيم الاستفتاء في داخل مناطق "الخط الأزرق"، بعيدا عن المناطق المتنازع عليها تجنبا للتوترات، مع حصوله على فسحة من الزمن، على الاقل سنتين، يبقى فيها رئيسا للاقليم و (زعيما قوميا لشعبه) قد يستطيع خلالها أن يعيد ترتيب اوراقه ويعيد رهاناته من جديد في وقت أنسب. لكن ليس دون تحقيق بعض المكاسب المادية بفرض شروطه او بعض منها، والتي تبدو تعجيزية، على حكومة المركز، (منها تسديد المركز حصة الاقليم من الميزانية الاتحادية المتوقفة منذ سنوات)، بمساعدة وضغط امريكيين، وهذا امر ممكن بحكم ارتهان حكومة المركز للإرادة الأمريكية.

هذا هو حل الازمة كما يبدو في الأفق، وكما تؤشر عليه التحركات والضغوط الدولية والإقليمية الان.

غير أن هذا الحل، إن وقع، سيعيد إنتاج أزمة مسعود الشخصية والسياسية، ويرجعها الى نقطة الصفر. فهو، في هذا الحل، ومهما يحقق فيه من نتائج كبيرة، لن يبلغ مايطمح اليه شخصيا. فأمله في تحقيق خلود تاريخي لشخصه ولأسرته مايزال مرتهنا، في هذه الحالة، للغيب، وما تزال مطامحه بعيدة عن التحقق، الامر الذي يمكن أن يغريه بالإقدام على مقامرة يمكن أن توصله لأحد مصيرين يفضلهما الكثير من (الزعماء)؛ وهما الشهادة أو الانتصار. الشهادة، حين يختار المضي بمشروعه الى النهاية، ما يمكن ان يؤدي بمصيره ومصير شعب كردستان الى الخراب، وعندها يكسب شفقة التاريخ وعطف شعبه حينما يغدو بطلا قوميا مخذولا ومهزوما، وهو مصير أكثر جاذبية وألقاً من مصير سياسي ينجح في كسب المصالح، الذي قد يحققه له الانتصار السياسي في الازمة، والذي سيبقى، مهما كبر، مفتقدا لنكهة خلود الابطال القوميين.

صحيح ان الحرب التي لوّح بها الساسة الكرد لا يقوى أي من أطرافها المحليين على خوضها الآن، لكن في نفس الوقت قد لا يستطيع أحد إسكات طبولها، ولا إرجاع ماردها، الذي أطلقته صيحات الكراهية التي شوشت الرؤية، إلى قمقمه، في لحظة تداخلت فيها السياسة بالمبادئ وامتزجت فيها مطامح مسعود البارزاني الشخصية بتطلعات الشعب الكردي القومية.

وعندها سوف تشتعل على خلفية المشهد بانوراما خراب كبيرة ستجلب الألم والمعاناة للجميع.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهرجان الاستفتاء والانفصال
- ذات يوم كان ديلان
- مخالب فولاذية أُنْشِبَت في غير مكانها
- تلك هي شقائق النعمان إذن!2
- تلك هي شقائق النعمان إذن!
- نظرة إحادية
- مشروع مؤجل
- محنة العجز
- محنة عراقية
- (المناضل) عزيز السيد جاسم
- أول آيار، بعيد، حزين ومنسي
- الحشد الشعبي: الدور والمهمة
- وداعا ايها الورق وداعا
- تركة ثقيلة
- عقدة المظلومية
- في فضائل الانتحار/ كلام في السياسة
- حرب التقسيم
- ألأمهات مستودع الحكمة
- تكفيريو اليسار
- بوابات الماضي


المزيد.....




- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد صبيح - مأزق الاستفتاء