أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - ويظل حجاب العقل واحدا














المزيد.....

ويظل حجاب العقل واحدا


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5638 - 2017 / 9 / 13 - 10:03
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



تأخرت الزوجة ذات ليلة، فاتهمها زوجها بالفساد، وكان هو يتأخر دائما فى سهراته خارج البيت ويدعى أنه فى العمل، فاستجمعت الزوجة شجاعتها وقالت: «وأنت فاسد أيضا»، فاندهش الرجل وقال: الرجال يا سيدتى فاسدون من قديم الزمان، لكن الجديد هو فساد النساء.

كنت أسمع هذا الحوار يتردد بكلمات مختلفة فى عيادتى الطبية بالجيزة وشبرا، أو فى المشاحنات العائلية فى الطبقة العليا، وفوق الوسطي، حيث تحتل المرأة منصبا كبيرا مثل زوجها، وتشاركه الإنفاق وكل المسئوليات فى الأسرة والدولة.

وقد تابعت أخيرا بعض الآراء المنشورة، التى أغضبتها المبادرة التونسية لتحقيق المساواة بين النساء والرجال، كما أزعجها ارتفاع نسبة الطلاق فى مصر هذا العام، عن أى بلد فى العالم، وراحت بعض الأقلام تراوغ لإخفاء الأسباب الحقيقية لهذه المشكلات، تحت اسم التمسك بالنصوص القطعية المقدسة، أو حماية المسلمين فى بورما، أو الاهتمام بالأولويات الملحة، منها القضاء على الفقر والفساد، كأنما الفقر والفساد لا علاقة لهما بالأسرة أو نصف المجتمع من النساء، ولم يتم القضاء على الفقر أو الفساد بالطبع، بل تفاقم الفقر والفساد مع تفاقم الغلاء والبطالة، مع تفاقم القوانين الصادرة لمصلحة الأثرياء بالداخل والخارج ورجال الأعمال الكبار .

وهناك ترابط وثيق بين الفساد فى الأسرة والفساد العام، فالأسرة هى نواة المجتمع، والحجر الأساسى الذى تبنى عليه الدولة، مع ذلك، من النادر، أن نقرأ بحثا علميا أوحوارا إعلاميا، أو مقالا نقديا فكريا أوثقافيا، يربط بين الفساد الاجتماعى العائلي، والفساد الاقتصادى السياسي، أو بين تصاعد التيارات الدينية الحزبية وهبوط الأخلاق وتدهور الأسرة.

لماذا لم يلعب الباحثون والعلماء فى بلادنا، دورا فى تغيير القيم التعليمية والأخلاقية أو القوانين المزدوجة التى تحكم الأسرة والدولة؟ لماذا ندور فى الساقية بعيوننا المعصوبة، ننتقل من التخلف البسيط الى المركب المعقد؟.

لم يتعلم الباحث العلمى أو الناقد الفكري, أن يربط بين المجالات فى حياة الناس، كلمة «الناس» فى عقله مجردة منفصلة عن الواقع، مثل كلمة «الله» عند رجال الأديان، أو كلمة «الشعب» عند الاشتراكيين، أو كلمة «الوطن» عند الليبراليين، لا تنطبق هذه الكلمات المقدسة على حياة النساء والأطفال والفقراء .

ينشغل الباحثون والنقاد المفكرون بالأقلية التى تملك السلطة والمال والسلاح والإعلام، وينقل أغلبهم من الكتب والمراجع الأجنبية، لا يستمدون أفكارهم من واقعنا المعاش، كما يحدث فى البلاد الخاضعة لنظريات أجنبية ومعونات خارجية، يفصل الباحثون بين العلوم الطبيعية والإنسانية، بين السياسة والاجتماع مثلا، ينشغلون بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية أو بالاستثمارات الأجنبية، يعتبرون مشكلات الأسرة وقانون الزواج والطلاق من توافه الأمور، أو على الأقل ليست من الأولويات، وما هى الأولويات فى نظرهم؟ الأسماء المرشحة للانتخابات المقبلة وأرباح السوق والبورصة والإعلانات ؟.

يؤلفون الكتب عن تحرير النساء، يهرولون لإلقاء المحاضرات فى مؤتمرات النساء، يلهثون فى موسم الانتخابات لحصد أصوات النساء، ثم بانتهاء المولد، ينفضون أيديهم عن النساء، بأسهل مما ينفضون الزوجات «شفهيا» بكلمة طالق.

رغم دفاعى عن حقوق النساء، فلا يعنى ذلك أن النساء بريئات، بل يسرى الفساد كالسم الزعاف فى حياتهن، وهناك نساء متعلمات يفكرن مثل الجوارى وملك اليمين، أن حياة الواحدة منهن تعتمد على الرجل، وأنها تصبح عانسا وهى فى العشرين أو الثلاثين، فتنطلق تصطاد أى رجل، وإن كان فى التسعين، تخطط للفريسة بالورقة والقلم، تعرف مصادر دخله بالمليم، ومساحة أرضه بالقيراط، توهمه أنه عبقرى مظلوم بزوجته العقرب، محجوب عن الأضواء بفعل السحر والجان, تدرك أنه سيموت غدا بذبحة صدرية أو جلطة دموية أو سم «الفيران»، وتصبح هى الأرملة الفاضلة المتشحة بالسواد, وعيناها تغرقان فى الكحل والدموع.

أصبح هذا النوع من النساء ظاهرة منتشرة فى مصر، تحت اسم الحرية والانفتاح الاستهلاكى فى السوق الحرة، تضاعفت أرباح الرأسمالية، من التجارة بالجنس والحجاب وأدوات الزينة، تتخفى بعضهن تحت النقاب، جذبا لذوى اللحى والشوارب, أو يرتدين الميكروجيب لجذب عيون الليبراليين والاشتراكيين، تتمتع أغلبهن بالتعليم العالي، يحملن درجات الدكتوراه أوالماجستير، من الجامعات المصرية والأجنبية، ومهما اختلفت مساحيقهن وصبغة الشعر أو أغطية رؤوسهن، من القبعة الى الحجاب أو البونيه أو الباروكة أو الطرحة، فإن حجاب العقل واحد.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين نحن من أبى وأمى
- هرقل وغريمه آنتى
- المرأة والاشتراكية
- .. وهل انعدم التساؤل أيضا ؟
- ازدراء الأديان والجماعة فى رمضان
- امرأة رقيقة قاتلة
- التفاحة المحرمة والجاذبية
- فى ذاكرتى مع لغة الأم
- لا حياد فى عالم يبطش
- وتزيد المتعة بزيادة المعرفة
- رسالة من فتاة سجينة
- رسالة الى صديق قديم
- متى يبدأ السقوط ؟
- ليست امرأة مثالية
- ما بين البحرين الأحمر والأبيض
- الدين والمرأة والسينما
- الفتاة الصغيرة أمام باب المحكمة
- أنتِ طالق يا دكتورة
- التأويل الذكورى للتاريخ المصرى
- الطب النفسى والإلحاد


المزيد.....




- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...
- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - ويظل حجاب العقل واحدا