أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - المغناطيس-في الدّرب-3-















المزيد.....

المغناطيس-في الدّرب-3-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5638 - 2017 / 9 / 12 - 14:58
المحور: الادب والفن
    


غريب الدّار
انا غرّبت حالي
ما كنت حسّ بالنّار
كان الهوى حامل احمالي
غريب، ضائع، مالي مكان
حبيت أضيّع حالي
كنت أمشي بالطّول ، وبالعرض
والحبّ يناديني بصوت عالي
جنّيت، وبعت حالي
فكّرت العمر عمران
والحب تبديله عنوان
خسرت الحب اللي صار، واللي كان
مشلوح بالدّرب
والحال حالي
هل تسمع ما أسمع يا نمر؟
-نعم أسمع يا صوفيا، إنّه أنين رجل كاذب. الرجل يئنّ بصمت، ويبكي بأعلى صوته، فالأنين للمهزومين، والبكاء للجريئين . هؤلاء الرّجال الذين يندبون حظّهم نرجسيون يبحثون عن صيد، وعندما يتوفر لهم يصبحوا أشدّاء. ألم تسمعي بكلمة تمسكن ليتمكّن.
-لا تكن قاسياً يا سعدون. أنت تربيت مع الضبّاع. دعنا نذهب إلى مصدر الصّوت.
-حسناً يا ختام. أنت أيضاً تربيت بين الثعالب، وسوف تسرقين بنكاً كي تغيّري العالم.
-لا حظ يا سعدون أنه ليس هناك شهود على زواجنا سوى الأشجار. لست مضطرة لتحمّل كلمات السّب، والقذف. أنت في النهاية مثلهم. تمسكنت حتى تمكّنت.
. . .
ليتنا لا نصل إلى مكان. لو بقينا نسير في دروب خاوية، لاحتفظنا بحلم جميل هو تغيير العالم. صحيح أن صوفيا قالت أنه علينا أن نسرق بنكاً كي نستطيع تغيير العالم، لكن هواجسي تجعلني أفكّر بان لا نجد البنك، ونبقى على حلمنا بجعل العالم مكاناً أفضل للعيش. أنا لست سوزانا. أنا فاطمة التي تحلم ليل نهار كي تعبر من فوق الكوابيس، ولو كرّرت حياتي لتكرّرت نفس التّجارب، فلا زلت أفكّر كما تفكّر البهائم. لماذا أستمر مع سعدون وختام. لهما حياة مشتركة؟ أنا أشبه اللزقة. عليّ أن أتركهم. لن يفكّروا بي بالسّوء. سوف يقولون تاهت، إنّني أجد متعة في الضياع، فعندما كنت أمشي كما حصان جارنا بائع المازوت .كنت أصل إلى مناطق لا أعرفها، أبتسم للأماكن المجهولة، وكأنّ فيها مفاجأة لي. في مرّة تهت، وصلت إلى مغارة مسقوفة. اعتقدت أن ضباعاً يعيشون فيها، أردت العودة، لكنّني استسلمت، فليكن. وماذا إن أكلتني الضّباع؟ لا أحد سوف يعرف أو يحزن. لكنّني رأيت بشراً يبدون من عصور أخرى. أشاروا إلى أفواههم. كانوا جائعين، وكان معي بعض الفتات نثرته، فلحسوه من فوق الأحجار.
-أين كنت يا سوزانا؟ كنّا نبحث عنك كي تساعديننا في تنظيف جروح هذا الرجل. وجدناه يئن قرب مزبلة في الجهة الأخرى، حملناه، وأطعمناه التّوت، فطلب خبزاً ، وخمراً.
-دعوه يموت. إنّه خائن. امتهن الغدر، والخيانة، كلّما وقع في مأزق خطّط كي يصبح بطلاً من جديد. هذا الرجل آثم.
-وهل تعرفينني أيتها المرأة؟ لماذا كلّ هذا التّحامل؟
-عندي مليون حالة تشبهك، فقد تعرّفتَ على زوجتك مثلاً، وعشتَ على حسابها، ثمّ أردت أن تغيّر طعم النساء، فأصابتك جهلة الأربعين. صوفيا تسميها أزمة منتصف العمر، فابتكرت قصصاً عن زوجتك أنها سليطة اللسان، ومختلّة، وشرحت الموضوع لأقاربك الذين كانوا يحسدونك على حظّك ، شجّعوك على تركها، لكن دوام الحال من المحال، أصبحت بعيداً عن عائلتك، وغريباً بينهم.
-كأنّك تعرفينه يا سوزانا.
هل صحيح ما تقوله سوزانا عنك يا. . ؟
-اسمي ملهم.
-يبدو أن تلك السوزانا جاسوسة في السّي أي أي. لكنّ قصتها محرّفة.
-أي أن أغلب ما قالته صحيحاً.
-تقريباً. لكنّني تبت" والحمد لله" وأرغب في الحصول على عمل كي أعيل أولادي، وأعود إلى حبيبتي، فقد كانت نزوة.
-لا داعي أيّها الملهم، فحبيبتك اليوم مشغولة، وأولادك أصبحوا كباراً. لكنّنا لن نبخل عليك بالمساعدة عندما نجعل العالم مكاناً أفضل للعيش.
-سوف أكون انقرضت. وداعاً سوف أبحث عن بشر حقيقيين يقدمون لي العون.
. . .
أخطأت يا فاطمة بحقّ الرّجل. كأنّه قتل أحداً من أفراد أسرتك. لماذا تكرهين الرّجال؟
-كيف حكمت عليّ بذلك يا ختام؟
أنا أحبّ الرجال، وكم كنت أتمنى أن يكون لي زوج وأطفال، وأن نسهر معاً في الصيف في حديقة منزل متواضع، نتحدّث عن أولادنا تحت ضوء القمر. أنا لا أعتبر ملهم رجلاً. هو عالة على الحياة. في داخل كلّ إنسان عالم كامل لا أحد يصل إلى قراره. دعيني أستمتّع باللحظة يا صديقتي، فهذه أوّل مرّة في حياتي أتحدّث بما أريد. كسرت حاجز الخجل. ولكن بعد فوات الأوان.
لم يتّسع لي المكان لأحلم عندما كنت أنتمي لآل الفقير. أمكنة الفقراء ضيّقة لا تتسع لحلم، ولا حتى لفكرة .
شعرت على الدوام بنقصي
هو نقص واضح للعيان
أن أحترم نفسي
وأترك آل الفقير لفقرهم
لو هربت منهم لن يحزنوا، ولو أصبحت غنيّة لسامحوني. لا مكان عندهم للحزن فأمي أغلق لديها باب الحزن، لم يعد يتّسع، فلن أزيد حزنها، وأبي لا يعرف الحزن، ولا الفرح.
لم يفت الوقت بعد. أشعر بالصّحوة. تأخرت كثيراً لكنّ الحياة تبدأ كلّ يوم من جديد، والشمس تطلع من جديد. أفترض أنّني في العاشرة، وبالصدفة قصف عمري في العشرين . سوف يكون لديّ عشر سنوات. ماذا أفعل بها؟
لست متمسّكة بحلم ختام، ولا بأمكنتها. لي حلمي، وليست مهمتي أن أجعل العالم أفضل. من سلّمني ولاية عليه؟ مهمتي أن أجعل حياتي أفضل، وسوف أكون بدون رفاق دربي ربما أفضل، فلو سرقنا البنك معاً لغدرا بي وأدخلاني السجن. هما اثنان وأنا واحدة .
. . .
عندما ترتجف عظامك في الخريف من البرد. تفكّر كيف سوف تقضي الشّتاء.
نرتجف ثلاثتنا من البرد، والجوع، فالتوت لا يكفي لاستمرار الحياة. نحتاج للخبز، والماء، والدفء.
-نحن الآن أمام المستقبل مباشرة، هو قادم، المستقبل الذي أقصده هو الشتاء. القدر جمعنا، وعلينا أن نقضي شتاء ممتعاً قدر الإمكان. ما رأيك يا ختام أن تجمعي أنت وصوفيا عيدان الأشجار من أجل الوقود، وأنا أبحث عن مغارة نلجأ إليها مؤقتاً ريثما نجعل العالم مكاناً أفضل للعيش؟ لسنا مستعجلين على هدفنا، فهو ليس بالأمر القريب، لكنّ الشتاء يطرق على عظامنا، والخبز بعيد عنّا. لو وجدنا الخبز، والمغارة، وبعض السكر، والشاي، لكانت الحياة روعة في هذا الطقس العاصف.
-إذن نؤجل تغيير العالم يا حبّي ريثما نشبع وندفأ.
نحن يا سعدون لم نتمتّع بحبنا سوى مرّة واحدة. ليس لدينا الوسيلة. كلمة الحبّ ابتكرها الأغنياء كي يشعروا أنهم بحالة جيدة.
ليس أمامنا خيار إلا ما قلته. سوف نحاول ما دمنا على قيد الحياة، وأجمل ما في الحكاية أنّه لو أكلنا الضّبع سوف تذروا عظامنا الرّياح دون أن يعرف أحد من نحن. لا أحد سوف ينتقم من الضبع.
-هوّني عليك يا ختام. عودي إلى صوفيّا عالمة النّفس التي كانت تخطّط للقصر، وأنا سوف أعود إلى سوزانا، ونعتبر المغارة -المفقودة* هي قصرنا الذي نبحث عنه.
تعالي نفنّي للمغارة. نقول مثلاً:
لو وجدنا حلمنا هناك
وكانت المغارة دافئة
لأحببنا الشّتاء
لو وجدنا موقداً، وصنعنا الخبز السّاخن
لأحببنا الحياة
لو وجدنا خمراً نشربه في المساء
لأصبحت السهرة أجمل
لو وجدنا قهوة، وشاي وسكّراً
لكان الحبّ أوضح
ولو وجدت أنا سوزاناً رجلاً يضمّني إليه
لكان الشتاء دافئاً
-أغنيتك يا عزيزتي تبحث عن أشياء مفقودة، لكنّها تبث في الشّجاعة، فعندما كنت أشتهي الطّعام في مرحلة ما قبل القصر. كنت أتحدّث عن الرّفاه. خجلت كثيراً أن أقول أننا فقراء، لكن النّاس يقرؤون لغة جسدك. نحن هنا بلا ناس. نحن الشّعب والملك.
لو وجدنا المغارة التي نحلم بها، لزرعنا قربها بساتين القمح
لو وجدنا طعام يومنا هذا
لرقصنا حول النّار عراة
لو تحوّل سعدون إلى أمير
لأصبحت سندريلا، وأخذتك إلى القصر.
هل برأيك يا فاطمة يمكن لسعدون أن يكون أميراً في يوم ما؟






#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الدّاخل: ستستمر أزمة السجن حتى نسمع قصص السّجناء
- أنا المريض المتعب من كوني متعباً
- متلازمة الانتحار- السّوريّة-
- المغناطيس-في الدّرب-2-
- عنتريات
- مذكّرات متسوّل من الشّام
- المغناطيس-في الدّرب-1-
- المغناطيس-في القصر-3-
- المتفاخر الذي طال عدة بوصات
- -مجتمعنا محطّم -: ما الذي يمكن أن يوقف وباء الانتحار بين شعب ...
- مذكّرات قلم رصاص-الجزء الأخير-
- كيفية الحد من خطر التدهور المعرفي مع التقدم في السن
- المغناطيس-في القصر-2-
- طوكيّو
- المغناطيس-في القصر-
- الضّفدعان
- مذكّرات قلم رصاص-13-14-
- المغناطيس-بيت العائلة-3-
- في الواقع: نحن مسلّون .كيف ساعد الفيكتوريون في تشكيل روح الف ...
- العريس ذو اللحية الخضراء


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - المغناطيس-في الدّرب-3-