أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - معنى ان تقدم حوارا ناجحا هنري ميللر... على ابواب الثمانين يعترف...















المزيد.....

معنى ان تقدم حوارا ناجحا هنري ميللر... على ابواب الثمانين يعترف...


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 5637 - 2017 / 9 / 11 - 04:27
المحور: الادب والفن
    


وانا اقرأ مذكرات او اعترافات الروائي الامريكي الشهير (هنري ميللر) المولود في حي يورك فيل في مدينة نيويورك في السادس والعشرين من شهر كانون الاول سنة 1891 والمتوفى في السابع من حزيران عام 1980،عن عمر ناهز التسعين عاما، هذه المذكرات او الاعترافات التي تحيلنا الى اعترافات اخرى شهيرة هي اعترافات جان جاك روسو، التي منعت من النشر مدة طويلة، واسمه كذلك يصاقب اسم الاديب الامريكي المعروف ارثر ميللر، الذي اقترن بجميلة الجميلات ونجمة السينما الامريكية المنتحرة فجر الرابع من اب/ 1962، والمتوفى هو الاخر في شهر كانون الاول من عام 2004، اقول وانا اقرا اعترافات هنري ميللر التي اجراها معه الناشر كريستيان دي بارتيا، ونشرت في ضمن سلسلة (كتاب الهلال) عجبت لهذا التمكن من ادارة الحوار، مع هذا النجم الروائي، الذي عاش الحياة من كل اطرافها، وعب من ملاذها الى حد التخمة والتجشؤ والاشباع، ولما يرتوِ، الرجل العاشق للجمال والمزواج، الذي تزوج بخمس من النسوة، وكانت اخر زوجاته تصغره بنصف قرن من الزمان!! هذا المزواج الشيخ الذي ظل مراهقا طول العمر، ما لبث ان هجرها الى ممثلة صاعدة شابة اسمها (براندا فينوس) ما كانت قد انهت عقدها الثالث عمرا!! والذي عاش وقتا طويلا مع عشيقته التي دخلت حلبات الأدب من خلال روايتها الاوتوبيوغرافية الجريئة، لابل الفاضحة (اناييس نين) التي كانت تتحدث فيها عن حاجات جسدها، كما لو كانت تتحدث عن كيفية اعدادها طعام العشاء!! كتبت مذكراتها التي تحمل عنوانا مثيرا (نار) في سبعه اجزاء جعلتها تدخل عوالم الأدب الفضائحي من اوسع ابوابه، فهي لا تتورع عن ان تعترف انها في انتظار الحبيب وهي غير مرتاحة انها مشحونة بالشهوة، وانها تحيا في كوميديا بهيجة إن قبلها شخص او ضاجعها!!
هذه الإدارة الجميلة للحوار، التي نافت على المئه والخمسين صفحة، لم تأت من أرض رخوة هينة، بل جاءت نتيجة تقص دقيق لحياة هنري ميللر وإبداعاته وكتاباته، لقد قرأ كريستيان دي بارتيا كل كتابات ميللر واعماله الإبداعية والفكرية والسرية ودرس كل صغيرة وكبيرة تخصه، وسجل عديد الملاحظات والنصوص والشذرات من كتبه، وقعد أمامه ليجاذبه اطراف الحديث، ويناقشه ويدير معه هذا الحوار الممتع الجميل، الذي أرى ضرورة ان يطلع القارئ المتتبع والجاد عليه وقراءته، لأنه يقدم لك خلاصة مفيدة ومعمقة، لكل إبداعات هذا الرجل، حتى أنه يضيئ بعض الأمور التي غابت عن ذهن ميللر بحكم تقادم الزمن، او ما إعتور الذاكرة من ضعف الامر الذي يدفعه الى الاعتراف امام محاوره بهذا الضعف الإنساني.
في شهر تموز من عام 1972، التقى الناشر دي بارتيا في مدينة الباسيفيك باليسار، بالشاب الثمانيني هنري ميللر!! ذي الوجه الجنكيز خاني إنه يقارن لقاءه الحيوي هذا، باللقاء الذي يصفه بالميت الذي اجراه في السنة الماضية مع اندريه مالرو، الذي بدا يخاطبه كما لو كان من عالم الاموات من دون ان يدرك انه مازال على قيد الحياة!! وإذ يجد رغبة جامحة لدى بارتيا لأجراء حوار معمق معه، يتفقان على أجرائه في وقت لاحق.
في السنة القادمة، رجع متخمأ بعوالم ميللر، اعاد قراءة كل اعماله، وقلم الملاحظات في يده، مدججا بالجانب الأستفزازي في شخصيته، أن يستفز المحاور بغية انتزاع كل الكامن والمخفي والمسكوت عنه، بله المعروف او الفضائحي، ولا ارى أن هناك ما هو كامن أو مخفي في حياة ميللر!!
أن بارتيا يرى ضرورة مثل هذا الحوارات العميقة التي تكاد تفصح عن كل أو غالب ما عجزت أعماله الإبداعية عن تناوله، أو الحديث عنه، فهو يتساءَل ماذا لو كنا حاورنا بلزاك في عصره، أو لويس السادس (...) إنها نوع من الاختراق النفسي المتبادل؟!
كريستيان دي بارتيا، بعد أن يتقصى كل سنوات طفولة ميللر، ينتقل وهذا هو المهم والمُعْجِبْ معا الى إجراء حوار فكري عميق، يتناول في إبداعات ميللر، فهو يؤكد له أنه أعاد أخيرا قراءة كل كتب ميللر، حسب تسلسها الزمني، مقسما إياها إلى مرحلتين زمنيتين، الأولى مرحلة ما قبل العودة الى الولايات المتحدة، يوم كان يحيا في أوربة، وفرنسة خاصة، والمرحلة الثانية بعد عودته الى الولايات المتحدة، بلده، ويبدأ حواره بأول كتبه (يوم أحد بعد الحرب) واقفا عند مقولة ميللر من أن زمن الرواية الأكاديمية قد ولى، وأنك بالنتيجة تعبر عن شيئ أخر، ما أدعوه أنا بالرواية الأتوبيوغرافية، رواية السيرة والترجمة الذاتية، وذلك في مقابل رواية مسْرَحَة العالم الدوستويفسكية. وتفهم من خلال الحوار أن ميللر بدأ الكتابة متأخرا نسبيا، إذ بدأ يكتب عند بلوغه الثالثة والثلاثين مع أنه كان أزمع الكتابة قبل هذا التاريخ، لكن لم يجد في نفسه الشجاعة على الكتابة، ونشر هذا الذي يكتبه.
ونقف عند أولى رواياته (الأجنحة المتكسرة) وهذا ألمر يحيلني الى التخاطر ووقوع الحافر على الحافر، حتى في عنوانات الكتب، فلقد أفردت مرة بحثا عن هذه العنوانات المتشابهة وكيف يحصل ذلك؟ فـ(الأجنحة المتكسرة) عنوان رواية لجبران خليل جبران، وأذ كتب الدكتور طه حسين عمله القصصي (المعذبون في الأرض) كتب (فرانز فانون) الكاتب السوسيولوجي الزنجي المولود في المارتينيك إحدى جزر الأنتيل الفرنسية ودارس الطب في جامعة ليون، والذي تعرف على الشعب الجزائري من خلال عمله في مستشفى الامراض العقلية في مدينة (بليدة) وأصبح من أشد مؤازري جبهة التحرير الوطني الجزائرية، خلال سنوات جهادها ضد الاحتلال الفرنسي (1954-1962) كتب كتابه (المعذبون في الأرض) او معذبو الارض في ترجمة اخرى فضلا على كتابه المُنَظِّر للثورة الجزائرية الموسوم بـ(سوسيؤلوجية ثورة) وللفقيه المحدث، أبن كثير كتاب عنوانه (بداية ونهاية) وبعد قرون يكتب نجيب محفوظ روايته (بداية ونهاية)!!
ثم يقفان عند روايته (مدار السرطان) التي يعدها البداية الجادة للرواية الاتوبيوغرافية الطويلة، أي الرواية التي تنهل من سيرة مبدعها الذاتية أو تحايثها وصولا الى إضاءة كوامن النفس والذات، مرورا بكتابه (ربيع اسود) المنشور عام 1936، الذي ينير ميللر جزءا من طفولته، والذي يفصح فيه عن كثير من معتقداته في فكرة التناسخ والحلول أو الحلولية، معتقدأ ان بامكانه مغادرة روحه لجسده في الحلم، وإنه يعبر عن خوفه في عدم العودة الى تقمص جسده، مما يعني الموت والفناء!!
في حواره الممتع هذا نقع على مفارقة مضحكة، إذ أن من عادته ان يذهب الى بريطانية، بين آونة وأخرى، خشية أن تضعف لغته الانكليزية، بسب الاقامة الطويلة في فرنسة، في احدى سفراته، يساله موظف الكمارك الانكليزي عن مهنته، يجيبه أنه كاتب (مدار السرطان) فظنه طبيبا، ولاعتقاده بانه يكذب، فقد أعاده الى الباخرة التي اقلته مثل أي مبعد أو مجرم مخاتل!!
هنري ميللر يمتلك حاسة تنبؤية عجيبة، فهو يتحدث في كتابه (يوم أحد بعد الحرب) المكتوب في عشرينات القرن العشرين، يرى كما سبق ان تنبأ الفيلسوف الالماني أزوالد إشبنكلر في كتابه (سقوط الغرب) ويؤكد في حديثه هذا المجرى معه عام 1972 من أن أوربة ستعرف في أحد الأيام غزوا أسيويا.
وها نحن نشهد غزوا بشريا لأوربة لا عسكريا، الامر الذي دفع بقادة الرأي فيها الى ضرورة وضع حد للهجرة، خاصة إزاء عدم تقبل الكثير من المهاجرين طرق الحياة هناك واندماجهم في ثقافة المجتمع الذي يعيشون في رحابه، لا بل انهم يحاولون التأثير في طريقة العيش يقومون بدور المؤثر لا المتأثر!!
لقد ظهر لدينا العديد من المحاورين الجيدين، على مستوى العراق والوطن العربي، مثل فاروق شوشة، في برنامجه الاذاعي الممتع والجميل، الذي كان يقدم من القسم العربي بهيئة الاذاعة البريطانية (B.B.C) والموسوم بـ(حوار مع....) وكذلك الاستاذ ماجد السامرائي، الذي كان يضيف للحوار نكهة مميزة من ثقافته العميقة، فضلا على مجيد السامرائي والسيدة ابتسام عبد الله وناظم السعود وجوزيف عيساوي من لبنان لكن الحوار الذي أجراه كريستيان دي بارتيا مع هنري ميللر، والمترجم من قبل خالد النجار والمنشور ضمن سلسلة (كتاب الهلال) يعد ظاهرة فريدة في فن الحوار أذ أن مُجْريه جاء مكتنزا بإمكانات معرفية، مستقاة من قراءته لكل كتابات من أجرى الحوار معه، فضلا على تقصيه الواسع عن حياته فهل نستفيد من هذه الميزة المتميزة والمثيرة حينما نجري حواراتنا؟؟



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أستاذي الدكتور علي عباس علوان...حين أردنا منه وله أكثر من ما ...
- لماذا نحاول الإساءة لشواخصنا الإبداعية؟
- لماذا نحاول الاساءة لشواخصنا الابداعية؟
- فاضل ثامر في المقموع والمسكوت عنه في السرد العربي
- الروائية سحر خليفة في روايتها (عبّاد الشمس)... إندغام بالحيا ...
- (متاهة طائر النخل) لمحمد رضا مبارك حين يتغرب الشاعر في الفيا ...
- الناقد فوزي كريم و(مرايا الحداثة الخادعة) حين يكون الإيهام ا ...
- (دون كيخوته) هل كتبها ثربانتس أم العربي الأندلسي سيدي حامد ب ...
- لماذا كثر الشانئون ومنكرو الفضل؟ ..حياة خلف الأحمر وجهوده ال ...
- لماذا الدعوة لموت النقد الأدبي؟!
- هو الذي رأى...فاضل العزاوي الرائي في العتمة
- محمد غني حكمت نحات الرموز الرافدينية
- حين يستقرئ السرد وقائع الحياة...(الزلزال) للطاهر وطّار آمال ...
- ( في حال ) ليست من أدوات الشرط
- حسن العاني في (الولد الغبي) ...رواية الفانتازيا والواقع المؤ ...
- الباحث قيس كاظم الجنابي: نصب الرؤوس وإغتيال النفوس...إستقصاء ...
- الناقد فخري صالح في (عين الطائر) له فضل التنويه بمنجز ما بعد ...
- حديث نادر للمفكر الفلسطيني الراحل أدوارد سعيد ...ذاكرة الإذا ...
- علي الشوك روائيا...هل آلت آمال هشام المقدادي إلى سراب
- حسن العلوي ودفء المكتبة...البعد عن السياسة وخلوة الذات تنتجا ...


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - معنى ان تقدم حوارا ناجحا هنري ميللر... على ابواب الثمانين يعترف...