أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - رسائل خاتون بغداد ودورها في تعرية المواقف المحجوبة















المزيد.....

رسائل خاتون بغداد ودورها في تعرية المواقف المحجوبة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5636 - 2017 / 9 / 10 - 05:28
المحور: الادب والفن
    


صدرت عن دار E-Kutub بلندن الطبعة الثانية من كتاب "الخاتون، صانعة الملوك" ترجمة عبد الكريم الناصري، إعداد وتحقيق بثينة الناصري، وتعليق المؤرخ عبد الرزاق الحسني. يتمحور الكتاب في مجمله على مجموعة من رسائل المس غيرترود التي كتبتها إلى أبيها السير هيو بيل في الأعوام الثلاثة المحصورة بين 1919- 1921. لم يدُر بخَلَد عبدالكريم الناصري في أوائل الستينات أن يترجم هذه المجموعة من الرسائل ترجمة كاملة ولم يفكِّر بإصدارها في كتاب مستقل لكنه ما إن اكتشف أهميتها حتى بدأ بترجمتها على وفق التسلسل المُشار إليه سلفًا، ومع ذلك لم تسْلم هذه الرسائل من الحذف والتلخيص والاختصار القائم على مزاج المترجم، وحجته في ذلك أن الرسائل المُترجَمة أو المُلخَصة تتناول تشكيل الحكومة العراقية، وتتويج فيصل الأول ملكًا على العراق، وما رافق ذلك من أحداث ومواقف مهمة من تاريخ العراق الحديث. كما يعتقد المترجم أن أهمية هذه الرسائل الشخصية تكمن في "الكشف عن أمور قد لا تسمح بها التقارير الرسمية"(ص6). ولعلها تعرّي مواقف بعض الشخصيات السياسية والقَبَلية من المحتل البريطاني وطرقهم الاستخذائية المُذلّة في التعامل مع ضباطه وساسته وجواسيسه. ففي تقرير سرّي قدّمته المس بيل إلى حكومتها نشره السير أرنولد ويلسون في كتابه المعنون "تنازع الولاء" يقول فيه عبدالرحمن النقيب للمس بيل:"إنّ لكم الحق في أن تحكموا العراق لأنكم قد احتللتموه بالقوة المسلّحة"(ص10). وفي الصفحة ذاتها يقترح ناجي السويدي على الإنكَليز أن يفرضوا الانتداب على العراق بدلاً من عقد معاهدة معه لأنّ ذلك يتيح لهم سلطانًا أكبر على البلاد"!
من الجدير بالذكر أن عدد الرسائل الكاملة والمختصرة التي يشتمل عليها هذا الكتاب هو 44 رسالة بينما بلغ عدد الرسائل التي كتبتها المس بيل لأبيها خلال السنوات الثلاث المذكورة آنفًا هو 123 رسالة. ولعل الرسائل الموجهة إلى زوجة أبيها، وليس إلى أمها كما ورد في كتاب "الخاتون"، لأن أمها ماتت مذ كانت بيل في عامها الثالث، هي بعدد الرسائل الموجهة إلى أبيها أو أكثر ربما. أما عدد الرسائل التي كتبتها بيل طوال حياتها فقد بلغت 1600 رسالة محفوظة كلها في أرشيف غيرترود بيل.
لم يذكر المترجم تاريخ الرسالة الأولى التي بدأ بها كتابه وهي بداية غير موفقة من جهة التوثيق، كما أنّ نصفها أو أكثر بقليل محذوف بحيث بدت الرسالة مبتورة الأحداث. لنقرأ الجملة الاستهلالية التي تقول:"إنها أعظم مصدر للراحة لي- ولا أدري ماذا كنت صانعة من دونها-"(ص14) تُرى، منْ هي هذه المرأة التي لا تعرف ماذا ستفعل من دونها؟ إنها بالتأكيد خادمتها "الأرمينية" ماري التي كانت تقوم بواجباتها على أكمل وجه. هذه الرسالة المبتورة والمختصرة وجدتها في أرشيف الرسائل مؤرخة بـ 7 ديسمبر 1919 وأن أبرز ما فيها هو انتظارها لمجيء والدها إلى بغداد، ثم تخبره بأنها لن تعود معه لأنها لا تستطيع الابتعاد عن هذا البلد الذي يعرفها فيه الناس عن كثب. وفي الرسالة ذاتها وقائع وأحداث كثيرة منها ذهابها للقاء الأميرة الفارسية في الكاظمية، وسقوطها عن صهوة جوادها وإصابتها بجرح عميق في حنكها. وفي القسم الذي يلي الحوار مع الطاهي مهدي تتحدث عن مناسبة المولد النبوي الشريف التي نُظمت في جامع الإمام الأعظم وخرجت منها مرتاحة مسرورة.
تنطوي الرسائل المترجمة على موضوعات متنوعة غير أن الذي يهمّ القارئ العراقي أو العربي هو كشف مواقف الشخصيات المهمة في البلد مثل الساسة، وكبار الضباط، وشيوخ القبائل، ورجال العلم والأدب والفن. وقد أشرنا سلفًا إلى موقفي عبد الرحمن النقيب وناجي السويدي لكن مواقف بعض الضباط كانت صريحة وجليّة، ولا غبار على وطنيتها. ففي حديثٍ للمس بيل مع جعفر العسكري قالت فيه:"إن الاستقلال التام هو ما كنّا راغبين في إعطائه. فقال:مولاتي، الاستقلال التام يؤخذ ولا يُعطى"(ص42) فهل هناك من يشكّك بوطنية هذا الضابط وشجاعته ونزاهته؟ وفي لقاء مع نوري السعيد تقول المس بيل:"ما إن رأيته حتى أدركت أن أمامنا قوة كبيرة ومرنة علينا إما استعمالها وإما الاشتباك معها في نزال صعب"(ص67).
كتبت المس بيل إلى أبيها "تشيد بولاء فهد بيك، كبير مشايخ عنزة، للإنكَليز" ويتمنى على السير برسي كوكس أن يعتمد عليه في كل ما يتصل بالعشائر العراقية لكنها كانت تميل إلى علي السلمان، شيخ مشايخ الدليم لأنه "رجل قدير، ولديه مشاريع أكثر ملاءمة للظروف الحديثة من مشاريع فهد بيك"(ص40). أما ضاري المحمود ، شيخ قبيلة زوبع، فقد قتل المقدّم جيرارد ليتشمان لأنه هذا الأخير أهانهُ بكلمات قاسية لم يتحملها الشيخ فأوعز إلى ابنه سلمان وابنَي عمه أن يطلقوا عليه النار فأردوه قتيلاً وفرّوا إلى المناطق الثائرة في تلك المضارب. وهناك أكثر من رواية لمقتل ليتشمان، القائد السياسي للواء الدليم.
على الرغم من نزاهة وزير المالية حسقيل ساسون وإخلاصه للعراق إلاّ أن المس بيل تُنوّه دائمًا بأنه نصحهم" بعدم تعيين أحد من العراقيين ملكًا أو أميرًا على العراق على أساس أنه سيثير حسد عراقيين آخرين فيخلقوا متاعب لا تنتهي للإنكَليز"(ص68). وكان ساسون يقترح عليها أن يكون ملك العراق أو رئيسه أحد أبناء شريف مكة أو أحد أعضاء الأسرتين المالكتين في مصر وتركيا لكن المس بيل كانت تريد أميرًا عربيًا للعراق، وكان فيصل بن الحسين يشغل مساحة واسعة من تفكيرها ولذلك لُقبت بـ "الشريفية" رغم أنها كانت تزعم بأن الاختيار الأول والأخير هو للشعب العراقي وحده.
لا تخفي بيل إعجابها بالمثقفين العراقيين الذين كانوا يصفقون كلما وردت كلمة "الاستقلال" في أثناء التمثيل وهي تعرف جيدًا أن غالبية العراقيين يقفون ضد كل أشكال الاحتلال أو الوصاية والانتداب التي كان يروّج لها بعض السياسيين العراقيين الذين يلهثون وراء مصالحهم الشخصية الضيقة.
ساهمت عودة الضباط العراقيين من سوريا وعلى رأسهم نوري السعيد باختيار الأمير فيصل ملكًا على العراق حيث مهّدت رؤيته الثاقبة لدعوة الجمعية التأسيسية لأن تقوم بمهامها الأربع الأساسية وهي تعيين مجلس الوزراء، واختيار حاكم للعراق، وتأسيس الجيش، وتصميم علم وطني. وقد نُفذت الخطة المرسومة بذهن المس بيل التي ستحظى بلقب "الخاتون" و"صانعة الملوك" التي هيأت الأوضاع الداخلية والخارجية لترشيح فيصل إلى سُدّة الحكم، لكنه ما إن وصل إلى البصرة في 23 حزيران 1921 حتى هبّ بعض المتنفذين في المدينة مطالبين بمجلس تشريعي مستقل، وشرطة خاصة وما إلى ذلك لكن المس بيل رفضت تأييد هذا الطلب، كما أكدّ كوكس بأن "حكومة صاحب الجلالة تريد أن ترى عراقًا موحدًا"(ص77) لكنه لم يرفض فكرة تمتع البصرة بدرجة من الاستقلال الذاتي.
يمثل تتويج فيصل ملكًا على العراق ثمرة الجهود الكبيرة التي بذلتها المس حينما تم انتخابه بنسبة 96% من أبناء ما بين النهرين. وتمّ حفل التتويج بحضور 1500 مدعو، ثم عُزف النشيد الوطني البريطاني لأنه لم يكن هناك سلامًا جمهوريًا عراقيًا، وفي الختام تمت الموافقة على تشكيل الحكومة العراقية التي رأسها عبدالرحمن النقيب كأول رئيس وزراء لمملكة العراق الفتية.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرناندو بيسوّا. . الكاتب المختبئ وراء أنداده السبعين
- فرق يهودية معاصرة تتنازعها الاختلافات الدينية
- الفنان التشكيلي سعد علي: ما أزال تائهًا بين ثنايا الروح الحل ...
- الفنانة مونيك باستيانس . . شغف بالطبيعة ونزوع لتجميلها
- البوح وسيلة للاعتراف في النص السردي
- الكتابة والحياة: سيرة جريئة كتبها علي الشوك قبل ضمور الذاكرة
- محمد شكري جميل . . عرّاب السينما العراقية بلا مُنازع
- حكاية البنت التي طارت عصافيرها: لغة سلسة وبناء قصصي متماسك
- رازقي . . رواية جريئة تفتقر إلى الثيمة الرئيسة
- اللاجئ العراقي وثنائية الهجرة والحنين إلى الوطن
- الشخصية المُناهضة للحرب في رواية السبيليات
- تيت غاليري بلندن يحتفي بالفنانة التركية فخر النساء زيد
- أديب كمال الدين . . . الشاعرُ المُتعبِّد في صومعة الحرف ومحر ...
- ديفيد هوكني في معرضة الاستعادي الثاني في غاليري Tate Britain ...
- السنة المفقودة. . . سيرة ذاتية مُصوَّرة
- بيضاء كالثلج. . البحث عن آصرة الأخوّة المُفتَرضة
- عاشقات سعد علي يمرحنَ في فردوسهِ المُتخيَّل
- انتظار السَمَرْمَرْ: رواية متماسكة وليست محْكيات مشتّتة
- -بطنها المأوى- لدُنى غالي. . . نموذخ صادم لأدب المنفى والسجو ...
- سلامًا للغربة . . وداعًا للوطن: المبدعون يصنعون شخصية الأمة


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - رسائل خاتون بغداد ودورها في تعرية المواقف المحجوبة