أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - نفسية الشعراء














المزيد.....

نفسية الشعراء


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1460 - 2006 / 2 / 13 - 10:07
المحور: الادب والفن
    


يصاب معظم المشتغلين في شؤون الفكر والعلوم والثقافة بمرض النرجسية التي تفرض أنماطاً محددة من السلوك والممارسة مع المحيط يؤطرها العزلة والانزواء سعياً لاستثمار الزمن في أقصى حدوده وتكرسيه لفعل الاكتساب المعرفي لإنتاج معرفة جديدة، ويقرأها المحيط بقراءة غير حقيقية ويوسمها بالكبرياء والتعالي عليه. ويخلق الجهد المعرفي المتواصل حالة من الهوة المعرفية بين المثقف والمجتمع بحيث يصعب عليه التواصل مع محيطه المتدني الثقافة والمعرفة، والذي يهدر معظم وقته بالأحاديث والأعمال التافهة دون أن يعي حاضره ومستقبله.
إن مرض النرجسية ينقسم إلى نوعين: نرجسية ممتلئة تطال العلماء والمفكرين وتفرض عليهم أنماط محددة من الحياة لكنها في المحصلة تسفر عن إنتاج علوم وأفكار إنسانية ينتفع منها المجتمع. وهناك نرجسية فارغة تصيب (في الأغلب الأعم) المتثاقفين من الشعراء الذين يدعون المعرفة بما يجانب الحقيقية والواقع نتيجة حالة الهيام والخيال التي تطالهم.
عموماً كل مهنة في الحياة تفرض خصائصها على ممتهنها، فالحلاقون يوسمون بالثرثرة والتجار بالكذب والشرطة مرتشون والناشرون لصوص.......وممتهن حرفة الشعر من عموم الشعراء متناقضون، مدعون، هائمون، مخالفون ومصابون بداء النميمة والنفاق ويختلقون العداوة.....تلك المواصفات ليست من خاصة الفرد فيهم لكنها من خصائص امتهانهم لحرفة الشعر.
يخاطب ((أبو عباد ثابت بن يحيى)) الشعراء قائلاً:" يا معاشر الشعراء، لا أعلم أهل صناعة أملأ لقلوب العامة منكم ولا النعم على قوم أظهر منها عليكم. ثم إنكم في غاية التقاطع عند الاحتياج، وفي ذروة الزهد في التعاطف عند الاختلال، وإنكم لتتناكرون عند الاجتماع والتعارف تناكر الضباع والسلاحف".
تطال النرجسية الفارغة معظم المشتغلين في حرفة الشعر خاصة الذين عانون من تصحر معرفي، كونهم لاينهلون آليات ومفردات نتاجهم الشعري من منظومة الوعي وأنما من حالة اللاوعي التي تنتابهم. فهي حالة غير مستقرة تنعكس على نتاجهم، فالقصيدة الشعرية يطالها التعديل والتصحيح لمئات المرات لتكتمل وغالباً ما يعدل الشاعر بعض مفردات قصيدته بعد مرور عشرات السنيين على نظمها نتيجة حالة القلق وعدم الاستقرار والوجل التي تنتابه.
وبخلافه عند المشتغلين في الشؤون الفكرية والعلمية فبالرغم من أنهم ينهلون من حالة اللاوعي آليات نتاجهم يفرض عليهم النهج العلمي إخضاعها لمنظومة الوعي، لتحقق من صدقها بالبراهين والأدلة. ويأسر المفكر والعالم عالمين: عالم اللاوعي ينهل منه آليات علمه، وعالم الوعي الذي يستخدم تلك الآليات ويخضها للتجربة للتحقق من صدقها فإن ثبت صدقها أخذ بها وإن لم يثبت صدقها مع الواقع بالأدلة والبراهين طالها الإهمال.
في حين أن الشاعر يأسره عالم واحد (عالم اللاوعي) ينهل منه آلياته ومفرداته وخياله وهيامه ولايهتم بصدق الفكرة وتطابقها مع الواقع، فيستخدم التشبيه كدلالة غير واقعية والوصف المخالف للواقع والمديح المجافي للحقيقية والذم الخالي من الصدق.
وبهذا فإنه يتقمص خصائص حرفته التي تفصله عن محيطه فتجده غير مستقر، يغير مظهره الخارجي باستمرار ويتقمص أدوار وشخصيات شاذة بعيدة كل البعد عن محيطه. وتلك الحالة أيضاً تطال سلوكه وتصرفاته ونتاجه الذي يمدح مرة المجتمع ومرة أخرى يشتمه وكذلك مواقفه تكون متأرجحة بين اليمين واليسار والشرق والغرب ولايستقر على رأي أبداً. وقلة هم الشعراء الذين لم تتغير مواقفهم خلال مسيرة حياتهم، وكانوا أمناءً لأفكارهم ومهامهم الإنسانية.
لاتنعكس حالة عدم الاستقرار والهيام والقلق المستمر التي تطال معظم المشتغلين في حرفة الشعر على محيطهم فقط، وأنما على وسطهم الشعري فهم أكثر الأوساط الثقافية التي تتفشى فيها النميمة والانتقاص من أقرانهم ويختلقون العداوة فيما بينهم ويعي كل منهم أنه ينال من الآخر عند غيابه.
يحلل ((علي أدهم)) تلك الحالة قائلاً:"إن الشعراء ليسوا أوسع الناس خيالاً حسب، وأنما أشدهم توتر وإحساس ولذلك فهم شديدي الغضب والغيرة والخلاف والمنافسة واختلاق العداوة والإصرار على القطيعة فيما بينهم وكذلك مع الآخرين".
إن حالة النرجسية الفارغة التي تطال معظم الشعراء يمكن لمسها بوضوح في المجتمعات التي يأسرها الموروث القبلي فيكثر فيها عدد (الشعراء!) الذي لايجيدون قواعد اللغة ولا بحور الشعر لكنهم يجدون السوق لتصريف بضاعتهم اللاشعرية ويصفق لهم الجمهور الجاهل. ويتخيل معظمهم أنهم بلغوا المكانة والحظوة الاجتماعية، فيصابوا بالغرور ويتصنعوا الكبرياء والثقافة ويتقمصوا الأدوار ويختلقوا القصص والأحداث سعياً للشهرة وكسب الأضواء!. وإن فشلوا في ذلك يصابون بالخيبة والانكسار ويحقدوا على محيطهم ويفتعلوا المشاكل والعداوات مع الآخرين كحالة خارجة عن حدود وعيهم، لإعادة الاعتبار لأنفسهم والسعي نحو دائرة الضوء من جديد.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الشعر في النقد الاجتماعي
- الشعر والدين
- الشاعر والسياسة
- زائرة بعد منتصف الليل
- شعراء الهجاء والذم
- شعراء المديح
- مهام الشاعر
- الشاعر ومكونات القصيدة الشعرية
- الخطاب النسوي بين الواقع والحقيقة
- تداعيات امرأة في الزواج والانجاب
- المرأة بين مورث الشتيمة والسباب
- المرأة بين النكات والأمثال الشعبية
- التحرش الجنسي بالمرأة
- الغيرة بين النساء
- آراء ذكورية في حقوق المرأة
- آراء دونية في المرأة
- العلاقات العاطفية للمرأة بين المورث والوقع
- دور القيم والأعراف في التربية
- دور المربي في المجتمع
- التربية الاجتماعية-الهدف والغاية


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صاحب الربيعي - نفسية الشعراء