أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبد الرزاق عيد - اطلقوا الرصاص على ماضيكم الأسود لكي لا يطلق المستقبل عليكم المدافع - حوار مع النائب عبد الحليم خدام















المزيد.....

اطلقوا الرصاص على ماضيكم الأسود لكي لا يطلق المستقبل عليكم المدافع - حوار مع النائب عبد الحليم خدام


عبد الرزاق عيد

الحوار المتمدن-العدد: 1460 - 2006 / 2 / 13 - 10:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


اطلقوا الرصاص على ماضيكم الأسود لكي لا يطلق المستقبل عليكم المدافع
حوار مع النائب عبد الحليم خدام
د. عبد الرزاق عيد

في 8/7/ 2001 أعادت جريدة الحياة نشر المحاضرة التي القيتها في منتدى الأتاسي قبل أربعة شهور في 11/ 3 / 2001 من اعادة نشرها تحت عنوان" ثقافة الخوف "، وكانت قد نشرت في حينها في جريدة النهار اللبنانية.

وفي اليوم الثاني 9 /7/ 2001 نشرت الحياة تعقيبات المشاركين والحاضرين في المحاضرة، بعد أن نشرت المحاضرة والتعقيبات في كراس عن المنتدى.

وفي اليوم الثالث 10 /7/ 2001 نشرت الحياة محاضرة نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام في جامعة دمشق على مدرج الجامعة مساء الأحد 18 / شباط.



لقد أرادت الحياة بنشر الحلقات على شكل ملف متسلسل على ثلاثة أيام، أن تعطي انطباعا موحدا عن لحظة استثنائية في الحراك الذي عاشته سوريا، من خلال اختيار ثلاثة نماذج لما كان يدور في الساحة، خطاب المعارضة من خلال نص محاضرتي " ثقافة الخوف "، بوصفها " أول محاضرة القيت بعد إغلاق المنتديات " على حد تعبير التقديم لملف الحياة.

ومن ثم استثناء منتدى الأتاسي ليس قانونيا، بل وفق ما بات يسمى في سوريا " غض النظر " وذلك لكي لا)تتشرعن( حريات التعبير قانونيا، و" "يأخذ الشعب وجه " على حد تعبير السلطة، أو " ينجلق " على حد تعبير المخابرات، أو " يفلت " حسب التعبير العسكري، إذ أن( الدولة ) في سوريا يتشكل معمارها من هذا المثلث، وليس مثلث هيغل الشهير عن الرأي والرأي الآخر الذي ينتج تركيبا نوعيا حديدا... ! ولذا فإن المجتمع السوري منذ أربعين سنة لم يشهد جديدا لا على مستوى السلطة ولا المخابرات ولا الجيش: سوى تجديد أساليب تقنية الغاء المجتمع كمؤسسات والدولة كقوانين. لقد انطوت المحاضرة عن " ثقافة الخوف " على تعليقات ساخرة مبطنة عما كان يتناهى الينا من أحاديث القيادة السورية عندما نزلت الى الشارع لإرهابه بلغة التهديد والوعيد والتخوين، وقد كانت الحملة موجهة ضدنا: نحن المصدرون والموقعون على الوثيقة الأساسية لـ(لجان إحياء المجتمع المدني) بعد أن راحت المنتديات تنتشر كالنور في الديجور، بوصفنا عملاء السفارات الغربية.بما ذكر الناس بهبوط هذه القيادة نفسها في الثمانينات، فيما يشبه القصف النفسي للتمهيد للتحطيم الجسدي، وكسر الرؤوس الحالمة بالحرية، وكان في طليعتهم نائب الرئيس السيد عبد الحليم خدام الذي لم تكن محاضرته في الجامعة قد نشرت بعد، فبلغنا أنه ضرب بيده على المنبر وهو يخاطب الجمهور بأنه لن يسمح لنا، نشطاء المجتمع المدني الذين راح يطلق على نشاطهم استعارة "ربيع دمشق" تيمنا بربيع براغ، أنه لن يسمح ان نهدم مابنوا، فعقبت في محاضرتي "ثقافة الخوف " على حديثه هذا متهكما بلغة مجازية " فاذا قالوا أنهم لن يسمحوا لأحد ان يهدم ما بنوا، فعليك أن لا توسوس لك نفسك الأمارة بالسوء فتتيح للشيطان الوسواس الخناس أن يوسوس في صدرك زارعا أسئلة الشك والريبة فتتساءل: أي بناء يقصدون ؟

هل الأوطان أم الأطيان ؟

هل القصور البيضاء والحمراء أم الفيلات والمزارع الخضراء، ام اليخوت والمرافئ الخاصة الزرقاء ؟

طبعا الحديث هنا عن الأطيان والفيلات والمرافئ واليخوت يشير إلى السيد النائب، في حين أن الخطاب في نص المحاضرة كان يتوجه الى المتلقي ليتعظ بمغزى درس وينستون بطل رواية ( 1984 ) الشهيرة لجورج اورويل، واستمرارا لحديث المحقق الموجه لوينستون بأنهم سيجوفونه... ليغدو كصدفة فارغة من كل مشاعر الحب والصداقة والفرح بالحياة التي ستموت... وأنهم سيعصرونه حتى يصبح كجيفة خالية من كل شيئ ثم يملأونه بنفوسهم...، ومن ثم دعوة المتلقي-سخرية- أن يعمد الى فلسفة وينستون المؤسسة على قاعدة التفكير المزدوج للإعتصام من ثقافة الخوف !

وكانت عملية (التناص) بين ما يقوله المحقق من جهة، والحديث عن الأطيان والفيلات والمرافئ واليخوت من جهة ثانية، تتكثف كحزمة دلالية هجائية عنيفة للسيد خدام، لتشير –منذ ذلك الوقت- إلى ثرائه الذي اكتشفه مجلس الشعب اليوم !

ليخلص هذا المقطع من المحاضرة إلى أن قلق النائب ليس على الأوطان بل على الأطيان... وفي حقيقة الأمر لم يكن السيد خدام في اشاراتنا هذه مقصودا في فرده بل بوصفه رمزا لوطنية فساد النظام، أو فساد وطنية النظام المهتم بالأطيان تحت ادعاءات كاذبة عن حماية الأوطان !

وكنا- حينها- نتقحم مجاهل جزر الخوف وأرخبيلات الرعب بالتدريج، فكان من الأسهل – وفق حدوسنا الداخلية – أن نتحرش بالنائب (خدام) الشخص الثاني من الاقتراب من عرين الأول، ليس بصفته الشخصية كرئيس فحسب، بل وكل من يلوذ به على مستوى صلة الأرحام، والقرابات، والصداقات، وصلات الملل والنحل، بما فيها قبيلة (كلب) الذي غدا موقرا لدى الكثيرين من (أكاديميي) سوريا المصابين بداء الكلب...

لقد كان من الأسهل أن نوميء الى مرفأ خدام الشخصي الترفي الترفيهي، من أن نهمس بالمرفأ الوطني لجميل الأسد الذي كان يحصل على مكوس كل البضائع التي تدخل سوريا حتى وفاته، باسم متعارف عليه لدى كل المستوردين (ضريبة جميل)!

لا يستطيع الشعب السوري أن يتحدث عن هذا المرفأ -الوطني الصامد ضد مؤامرات الامبريالية والصهيونية - حتى بعد نشر الصحف لأخبار خلافات ورثته وطليقته، ومن ثم حديث الصحف عن تقدير ثروته بـ ( 5 ) مليارات دولار، إذ حتى النائب خفَض المبلغ فتحدث عن (4) مليارت فقط... علما أن الراحل لم يكن له أية صفة رسمية، سوى "مقام تشريعي" في مجلس الشعب، أي كان –فقط- زميلا قديما لأعضاء مجلس الشعب الذين أفاقوا ذات يوم فجأة وهم مذهولون من فساد عبد الحليم خدام!

طبعا من السهل لمن يعرف الباطن السوري معرفة ادراكية بل وحتى عرفان حدسي، أنه من السهل التناول النقدي بل والقدحي للنائب من أن يتجرأ المرء في ذلك الحين عن تناول الصعود الصاروخي لشاب من عائلة آل مخلوف الذي قدر لهم النائب ( 8 ) مليارات دولار، أوعن تناقل ما تناقله العاملون في وزرارة الثقافة عن (الشاب الصاروخي) الذي طرد وزيرة الثقافة ودفعها فرماها أرضا عندما أتت معترضة على هدمه لعمارة محمية ثقافيا باشراف اليونسكو وبالتعاون مع وزارة الثقافة... لقد طردها بوصفها موظفة عنده بمرتبة وزيرة ثقافة، رغم أنها شابة جميلة وشاعرة ماهرة في كتابة قصائد المديح والهتاف ومتحمسة قوميا جدا !

لقد كانت متحمسة حد أنها جمعت كل العاملين بالوزارة منذ اليوم الأول لتعيينها، وذلك لتلقنهم درسا عن الرسالة القومية لحزب البعث بما فيهم الراحل انطون مقدسي أحد فلاسفة حزب البعث... لكنها لم تحفظ درسها ( القومي ) وفق فهم من تشتغل عندهم كوزيرة : كـ (ابن الأكرمين الصاروخي) وهو أنهم لا يسمحون لليونسكو أن تتدخل في شؤوننا الثقافية القومية، لأن سيادتنا الوطنية مقدمة على هيئات وقرارات الأمم المتحدة، حتى ولوكنا خارجين عن القانون !

ولأن جريدة الحياة نشرت محاضرتي عن "ثقافة الخوف" في ملف واحد مع مقال السيد نائب الرئيس عبد الحليم خدام " لن نسمح بجزأرة سوريا " وأصبح نص المحاضرة في حوزتنا، وجدت نفسي معنيا بأن أفتح حوارا مع هذه المحاضرة مادامت شاءت جريدة الحياة أن تكون محكمة بين المعارضة والسلطة، بين مثقفي المجتمع المدني "ربيع دمشق" والنظام، وما دامت انتدبتني مندوبا عن الجهة الأولى (المعارضة)، فكتبت مقالة تحت عنوان "كفى الماضي أن يكون ناطقا باسم المستقبل ".

ناقشنا في مقالنا عدد من أطروحات النائب:

- الاطروحة الأولى وهي الأساس التي تتحكم في مفاصل خطاب النائب، وهي ما كان قد إنتهى إليه حتى أوائل سنة 2001 من فهم للديموقراطية التي كانوا يتداولونها في قيادة الحزب والدولة ولقد عبر عن هذا الفهم قائلا : " التوجه لخلق مناخ عام يريح الناس ويجعلهم يبحثون كيف يساهمون في دعم سياسة الدولة والحزب "

اعتبرنا حينها هذه الأطروحة تمثل النواة المعرفية الثاوية في "اللاشعور المعرفي" للايديولوجيا القومية البعثية التي ترى أن الديموقراطية هي في فك قيود الناس واطلاقهم في سبيل "دعم سياسة الدولة والحزب " بالمسيرات والتحشدات، وهذه الأطروحة هي لب لباب العقل السياسي الذي حكم سوريا خلال أربعة عقود، أي أن النظام يعتبر أن كل هذه التشكيلات التي أحدثها من أحزاب، ونقابات، والجمعيات، والجامعات، والمدارس، والصحف والهيئات الوزارية كلها تكمن مهمة وجودها الحر و (الديموقراطي) في دعم الدولة والحزب، وإذا علمنا أن الحزب منذ السبعينيات اختصر بالأمين العام (القائد)، والدولة اختصرت بسلطة المخابرات والجيش، عندها سنفهم فحوى فهم الممارسة الديموقراطية في سوريا خلال أربعة عقود حكم البعث.

أي أنا تجاه حالة "ثقرطة للأوتوقراطية " أي إضفاء حالة لاهوتية على الاستبداد، عبر اعادة انتاج القول الالهي "وماخلقت الانس والجن إلا ليعبدون " لتحويره من غائية البشر هي عبادة الله، إلى عبادة الدولة والحزب: (السلطة).

- وناقشنا أطروحة أن الديموقراطية ليس بدلة جاهزة نستوردها من أوربا كما أفهمنا النائب، فأكدنا له بأن كل من وقع على الوثيقة التي يدينها رغم أنهم يمتلكون أفقا كونيا لفهم علاقة الخاص بالعام، لكن ليس بينهم من يستطيع أن يشتري بدلة جاهزة من أوربا مما يستطيعه حجابهم ورؤساء مكاتبهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، قلنا له أن الادلوجة القومية والاشتراكية- وليس الديموقراطية فقط- التي يستعلنهما البعث كهدف، إنما هي نتاج عقل الألمان، وليس نتاج عقل يعرب بن قحطان !

- أما عن الجزأرة والخشية منها، فذكرناه أنا أنجزناها بامتياز منذ الثمانينيات، وإذا كان الجزائريون لا يزالون يتحدثون عن "الوئام المدني "، فإننا نحن باسم سحق الطليعة المقاتلة للاخوان، تم عندنا سحق المجتمع المدني إلى الحد الذين يسخرون -اهل النظام- من المعارضة عندما تتحدث عن "المصالحة"، فيتساءلون مصالحة مع من؟ وهل بقي أحد ليكون طرفا شريكا في المصالحة !؟

ولقد ناقشنا النائب في حينها مناقشة مطولة وساخنة وفيها الكثير من المجازفة، لكن قرني الاستشعار لحدسي لم يخيباني إذ لم يتجاوز الامر سوى الاستدعاء لأمن الدولة، لأجيب على هاتف وزير الداخلية، الذي اكتفى باجابتي دون أن يكلفني عناء السفر إلى دمشق، وذلك عندما قلت أني : حاورت النائب ولم أوجه أية إساءة شخصية لمقامه السيادي متجاوبا مع تعابيرهم السيادية، رغم أن حدسي يحدثني أن السيادة في مكان آخر تماما ! لأن النائب مثله مثل البابا من حيث السلطة، إذ لا دبابات لديه وفق حكاية ستالين المعروفة...

ماذا نريد من هذه الذكرى والتذكير ؟

- أن نذكر السلطة وممثليها التشريعيين في برلمان الدمى أننا قلنا الحقيقة للنائب وهو على صهوة حصان سلطته، بغض النظر عن مدى فعالية حصانه، مادام ليس له حصن في الجيش أو المخابرات – إذن لم نردد شتائمه وتخوينه استظهارا بغنة وبدون غنة تلقينا- وكأننا أمام شيخ كتًاب...

- أن نتساءل – ليس كأعضاء البرلمان – أين كنت حين وحين.... فنحن نعرف أين كان الجميع خائضا مع الخائضين في الام الناس، غارقا مع الغارقين في الفساد، لكنه في الحالتين كان الثاني من حيث الرتبة رسميا، لكنه كان في عداد ترتيب العشرات من حيث فعالية تعميم الألم والقهر والدم والفساد.

- منذ ذلك الحين نصحناه في مقالنا المذكور- وذلك قبل سقوط بغداد ورفيقهم الضرورة صدام - فدعوناهم لمواجهة "استحقاقات تحديات المستقبل وإتاوات التاريخ....دعوناهم لدفع هذه الاتاوات بالتقسيط...خير لنا من دفعها بالجملة: بصيغة كوارث وزلالزل لا يعلمها إلا الله والنظام العالمي الأمريكي الجديد... وأنه من المصلحة المباشرة لصانعي الأمس الدموي أن ينسحبوا من ساحة المشهد اليوم، لكي لا يحمل الأبناء أوزار ما فعله الآباء، ولكي يجعلوا أبناءهم بعيدين عن مساءلة آثام آبائهم بالأمس، سيما إذا كانت هذه الأثام ملونة بلون الدم؟! (يمكن مراجعة هذا المقال في كتابنا : يسألونك عن المجتمع المدني ص 114-125).

لقد كان النائب حصيفا عندما انسحب ولو متأخرا، فخفف عن نفسه وأبنائه اتاوة مساءلات المستقبل فرديا وعائليا....! لكن أن يغدو ديموقراطيا معارضا -وسيقود حتما معارضتنا - فذلك يتطلب أكثر من أربع سنوات على تاريخ ما أسلفناه من خطاب النائب وفهمه لمسألة الديموقراطية بوصفها اطلاق حريات الشعب لتأييد الحزب والدولة....؟ !

فلن نقبل أن يكون أشرارنا في الجاهلية، أخيارنا في الإسلام، إلا إذا حسن إسلامه (الديموقراطي) بحق، وذلك في أن يكف النائب عن اعتبار أن شمولية والنظام استبداده وفساده تمتد لأربعة سنوات خلت، هي تاريخ تهميشه ومن ثم ابعاده عن السلطة !

يستطيع النائب أن يرد عليّ وعلى أمثالي – وما أكثرهم – من دعاة الديموقراطية وأدعيائها بأن تاريخنا الفكري والسياسي (قوميين أو يساريين أو إسلاميين) ليس أقل شمولية من تاريخه، وأنه من حقه أن يرى ويفهم ويتغير ويتحول بدوافع المصلحة الوطنية –كما فهمنا وتغيرنا وتحولنا- وليس بدوافع المصلحة الشخصية فقط – رغم أهمية هذا التحول حتى بدوافع شخصية لانعكاس ذلك على فوائد التفكك الداخلي للنظام الشمولي الفئوي – وذلك بالقفز من المركب في الوقت المناسب، والنائب صاحب خبرة طويلة في تحديد الأوقات المناسبة التي طالما وظفها في خدمة النظام الشمولي. مع الاسف !

هناك عشرات آلاف القتلى والمفقودين، ومثلهم عددا قضوا زهرة عمرهم في السجون، ومعظمهم يهيم على وجهه حتى اليوم محروما من حقوقه المدنية والمعيشية، ومثلهم عددا يعيشون في المنافي حتى غدوا أجيالا في المنفى.

ومثلهم من أمثالنا الذين لم يعيشوا السجن الصغير، بل السجن الكبير حيث الحرب المستمرة التي لم تتوقف على لقمة عيشنا وعيش أبنائنا بما فيها عرقلة أن نكون بياعي لبن وحليب، بهدف أن نركع !

نحن نعرف أن دور النائب في كل ما حدث لم يكن الثاني وفق مرتبته الوظيفية التي نعرف أنها كانت شكلية ما دامت بلا مدافع، وهي ليست أكثر أهمية إلا من مرتبة ربيبه في النيابة وهو مدير المدرسة زهير مشارقة.

الانتقال إلى ديموقراطية، يتطلب شرطها المعرفي تاريخيا وهو العلمانية، وهذا ما أرجأناه وتركناه للحياة الديموقراطية بصيغتها الإجرائية وذلك للقاء مع الاسلاميين، لكن الديموقراطية الاجرائية إذا جاز أن تصمت عن تاريخها الفلسفي والمعرفي، فإنها – يفترض – أن لا تصمت عن جرائم التاريخ السياسي الاستبدادي.

فلا يمكن أن تكون ديموقراطيا اليوم، وأنت صامت عن طغيان ممارس بالأمس، دون أن تحدد موقفا تشجبه وتعلن تحررك منه كما فعلنا نحن الشموليون السابقون، وكما ينبغي أن يفعل النائب ويضيف إلى ما فعلنا نحن من نقد ذاتي، إعلان توبة نصوح وطلب الغفران من الله والمجتمع التاريخ...

النائبان السابقان ( عبد الحليم خدام ورفعت الأسد ) يتنافسان (ديموقراطيا ) في باريس على قيادة رقابنا ببراءة ديموقراطية شديدة، بل وبثقة مفرطة، حيث يعتقد النائب الأول خدام : إن الشعب السوري لا يستطيع العيش ولا تقر عينه ويثلج فؤاده إلا في ظل حكم حزب البعث، والنائب الثاني رفعت الأسد يعتقد : إن الشعب السوري لا يستطيع مواصلة العيش ولا يهنأ له بال ولا يقر له قرار أو يغمض له جفن إلا في ظل راية عائلة الأسد... ونحن لا نعرف للإثنين من فضائل سوى خدمة الأول لنظام شمولي أمني سياسيا باسم البعث قمعا وفسادا، لكن الثاني –وفق معايير هذا النظام – يجب ان يكون الأكثر حظا، لأنه انتقل من الممارسة النظرية، إلى الممارسة العملية، وهي الابادة الجماعية لمواطنيه في تدمر وطنيا وقوميا وصمودا وتصديا ومقارعة للامبريالية التي لا تزال تواصل هجومها العدواني الشرس وبضراوة...!!؟

إن ديكتاتورية الأبناء اليوم ليست إلا ضرسا من الحصرم الذي أكلتموه أنتم الآباء، ولا فرق، فديكتاتورية اليوم هي وليدة ديكتاتورية البارحة، والفرق أن الأولى إذا كانت ديكتاتورية مأساوية (وقورة)، فهي اليوم ديكتاتورية ملهاوية تراجي-كوميدية عندما تتحدث بثقة من كأنه يقود حلف وارسو وفي الأزمنة الاستثنائية (أزمة الصواريخ الكوبية )، مع حليف ايراني يظن أنه لايزال طالبا في اللجان الثورية...، إنها شمولية كاريكاتورية إذ تحاكي أدوار زمن ولى من فوق الرؤوس ومن وراء الظهر... "ونحنا بقينا صغار"، لكن بدون براءة طفولة فيروز والرحابنة، توبوا- أيها النائب- توبة صادقة واعتذروا لأهلكم وشعبكم، ولن يكون ذلك إلا بأن تطلقوا الرصاص-بأيديكم- على ماضيكم الأسود، وإلا تفعلوا فإن المستقبل سيطلق عليكم المدافع....!



*حلب - كاتب سوري








#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى الأخوة في حزب الله: دعوة إلى المقايضة: هل تبادلون؟
- سوريا : البحث عن دولة ومجتمع ! ؟
- إعلان دمشق : هل يؤسس البديل للنظام السوري المتداعي ؟
- هل يقود البعث السوري البلاد إلى الاحتلال ؟
- النخب السورية.. الديمقراطية وشرط العلمنة
- وزير الإعتام والإظلام
- النخب السورية وترف الاختيار بين الديموقراطية والليبرالية!
- المؤتمر الثامن لحزب البعث واستحقاقات الاصلاح المستحيل
- في مستقبل العلاقات السورية اللبنانية
- دعوة إلى تكليف رياض سيف بتشكيل حكومة سورية
- أية حالة أصبح عليها الأخوان المسلمون في سوريا ؟
- البيان الأممي ضد الارهاب وتعاويذ الفقه الأمني في سوريا
- هل سقوط حزب البعث خسارة
- الموت الهامشي -الهزيل- لفكر البعث أم الإنبعاث -الجليل- لفكر ...
- المصالحة بين -الوطنية - و-الديموقراطية- هي أساس -المقاومة- ح ...
- وداعاًً عارف دليلة أو الى اللقاء بعد صدور الحكم بـ -إعدامك-
- متى النقد الذاتي الكردي؟


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - عبد الرزاق عيد - اطلقوا الرصاص على ماضيكم الأسود لكي لا يطلق المستقبل عليكم المدافع - حوار مع النائب عبد الحليم خدام