أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - تآكل خيار علمانية الدولة السورية














المزيد.....

تآكل خيار علمانية الدولة السورية


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 5632 - 2017 / 9 / 6 - 09:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُعبِّر العلمانية بكسر العين، عن الإنجازات العلمية، وهي في السياق المذكور تؤسّس لإقامة مجتمع مدني يعتمد قوانين التطور العلمية، وذلك من طريق عقلنة الظواهر الطبيعية وإخضاعها للعلم التجريبي. ويرى أنصار التيار المذكور أن الدين نتاج خوف الإنسان الغريزي من الطبيعة، أو جهله المعرفي بقوانينها.
لكن في سياق تجاوز الإنسان لخوفه وجهله يصبح قادراً على الفصل بين الضمير والمقدس، فتتراجع منظومة القيم الروحية المطلقة أمام أخرى مادية نسبية، وينحسر تأثير الدين على أنماط العيش والنظم القيمية الاجتماعية السائدة. لكن ذلك لا يعني انتفاء الدين من الوجدان الفردي، والمجال الاجتماعي العام.
أما العلمانية بفتح العين فإنها منفتحة على التحولات العالمية المعولمة، ومحمولة عليها، وتمثل عنواناً لجملة قوى وتحولات وتصورات ومؤسسات مفتوحة على التطور الاجتماعي والسياسي والمادي. أي إنها تحمل إمكانية علمنة الزمان والمكان، وما ينطوي بين دفتيهما من تنوع اجتماعي ثقافي وسياسي واقتصادي.
إن ما تحمله العلمانية من رؤية شاملة للمجتمع، يخالف ادعاء البعض بأنها تمثل فقط، فصل الدين عن السياسة، أو فصل دين عن الدولة، مع العلم أنّ كليهما لم يُحسَم في بلدان اشتغل زعماؤها على إضفاء الطابع التوفيقي على الدولة والحُكم. بهذا المستوى يواجه العلمانيون أولاً: أسلمة الدولة «الإسلام دين ودولة»؛ ثانياً: اعتبار الدين محرك المجتمعات العربية، وأنه المخرج الوحيد من أزمات كرسّتها أنظمة «علمانية»: قومية، ليبرالية؛ ثالثاً: جهات إسلاموية متطرفة تدَّعي تمثيل «المقدس الإلهي» لتحكم الشعوب من طريق فرض «الحاكمية الإلهية»؛ رابعاً: سلطات سياسية تعمل على توظيف الدين والعلمانية على السواء، لتمكين سطوتها السلطوية. ويسعى العلمانيون في السياق المذكور إلى نشر قيم اجتماعية وثقافية وسياسية حداثوية تحرر الضمير الإنساني والذات الفردية.
في ما يخص السلطة في سوريا، فإنها مارست كافة أشكال الانتهاكات والتمييز بحق مواطنيها، في وقت كانت تتستر فيه بعباءة العلمانية. وكان لذلك إضافة إلى التسهيلات التي وفّرتها السلطة في بعض اللحظات لنشاط رجال الدين والمؤسسات الدينية، دور كبير في التمدد الإسلاموي الدعوي السلفي. لكن الهامش المتاح لم يخرج عن سياق بنية السلطة الاحتكارية، وآليات اشتغالها الأمنية. وفي اللحظات التي كانت فيها السلطة «تحارب الفكر المتطرف المحمول على مجموعات تكفيرية»، فإنها كانت توظف ذلك لقمع التيارات العلمانية واليسارية، وكافة أشكال الحراك الاجتماعي المدني والسياسي الاجتماعي.
أما مسؤولية تيارات المعارضة السياسية اليسارية والعلمانية، فإنها تكمن أولاً: في تراجعها عن الاشتغال على بلورة هويتها الفكرية والسياسية. قابل ذلك اشتغال الإسلاميين على تمكين هويتهم في مواجهة قوى المعارضة والنظام؛ ثانياً: تخلّي بعض منها عن هويته الفكرية، أو استبدال هويات أخرى إسلامية بها. ومعلوم أن الحركات الإسلامية الجهادية، وتيارات أخرى إسلامية سلفية، اشتغلت في سياق الأحداث السورية على محاربة الفكر العلماني وملامح التحرر والتنوع الذي يزخر به المجتمع السوري، وأيضاً على تفكيك البنى الاجتماعية وإعادة توضيبها في إطار ديني متطرف محمول على حركات جهادية تكفيرية.
أخيراً، نشير إلى أننا أمام تناقضات متعددة أسهمت في تصدُّع المجتمع السوري وتآكل خيار علمانية الدولة، نذكر منها: أولاً، نظام سياسي يدَّعي علمنة الدولة والمجتمع، في وقت مارس فيه التوفيق بين الدين والدولة لشرعنة ممارساته السلطوية وتبريرها في سياق الدفاع عن السلطة والتمسك بها؛ ثانياً، هشاشة القوى السياسية المعارضة العلمانية واليسارية أمام عنف السلطة، ونهوض الحركات الإسلامية الجهادية؛ ثالثاً، هيمنة قوى التطرف، وبشكل خاص المجموعات الجهادية على المشهد السوري؛ رابعاً، اشتغال بعض الحكومات العربية وأخرى إقليمية على إضفاء الهوية الدينية / المذهبية على سياق التحولات التي يشهدها المجتمع السوري. لكن ذلك لا يقلّل من أهمية خيار الاشتغال على علمنة الدولة والحكم، لكونه يشكل خيار شرائح وفئات اجتماعية واسعة ترفض العنف المحمول على العقائد والأيديولوجيات الدينية والسياسية، وتتمسك بالحريات الدينية دون ربطها بالسياسة والدولة. ويندرج ذلك في سياق رفض ومواجهة ما يقوم به تنظيم «داعش» وأخواته من التنظيمات الجهادية من عنف مفرط لإقامة «دولة الإسلام».



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في لغة الحوار السائدة بين الرأسماليات
- عن التهالك «الداعشي»
- العولمة بكونها سبباً للنكوص إلى عصر القوميات؟
- هل تجاوزنا نحن السوريين عتبة الخوف؟!
- البلدان العربية وإشكالية المشروع التنموي
- محددات انتقاد الدولة الوطنية؟.
- المصالحات في سوريا: حدود وآفاق
- حاجتنا إلى استنهاض تيار وطني ديموقراطي سوري
- إشكالية اندماج الدولة بالسلطة
- التسلط بكونه مدخلاً للتطرف والعنف
- حاجة السوريين إلى آليات تفكير مختلفة
- بخصوص أوضاع منصَّات الحوار السورية وآفاقها
- بخصوص العولمة والعولمة البديلة
- السوريون بين اقتصاد الأزمة وأزمة الاقتصاد
- «العقل العربي» في دائرة الاتهام
- «المعارضة السورية» وإشكالية النقد الذاتي
- من تناقضات العولمة في سوريا
- إشكالية الهوية بين الاستبداد والديموقراطية
- مقاربة سورية: ماذا بعد تحويلنا إلى جمهور؟
- إشكالية الخطاب الليبرالي في سوريا


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - تآكل خيار علمانية الدولة السورية