أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - حفلات التعذيب على الطريقة الديمقراطية














المزيد.....

حفلات التعذيب على الطريقة الديمقراطية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1460 - 2006 / 2 / 13 - 10:06
المحور: حقوق الانسان
    


سيضحك جنرالات الأعراب، وعرفاؤهم، وجلادوهم طويلا شماتة، وتشفيا، وستجحظ عيونهم لؤما، وستمتلئ قلوبهم غبطة، وهم يرون جنود الديمقراطية، وحماة حقوق الإنسان البريطانيون، وهم ينهالون بفظاظة ووحشية ضرباً، ولكماً، وركلاً، وفي مناطق حساسة من الجسم، على بعض الفتية والصبية الصغار في الجنوب العراقي، المنكوبين بصدام وجلاوزته، قبلا، ليكمل على من تبقى منهم، اليوم، محرروهم الأشاوس الميامين. فقد تناقلت وكالات الأنباء اليوم لقطات من شريط مصور نشرتها صحيفة News Of The World تظهر الجنود الإنكليز وهم يمارسون وحشية بالاعتداء ضربا على صبية عراقيين. وتشبه هذه الصور، وإلى حد كبير، مشهد الضرب المبرح الذي كان يقوم به بعض من مرافقة، وشبّيحة سبعاوي، والذي تم عرضه على نطاق واسع، إثر سقوط صنم بغداد الشهير، بحضور سبعاوي نفسه، والذي كان يراقب المشهد ويشرف عن كثب، وبلذة سادية، ومنقطعة النظير, على تنفيذ توجيهاته القومية النضالية والوحدوية.

ربما لم يتفوق، أو يختلف الشريط البريطاني عن نظيره الصدامي، أو عن ربيبه الأمريكي في غوانتانامو، وأبو غريب، والسجون السرية في العديد من الدول الأوروبية في شيء، إلا أن ما يوحد الجميع هو تلك الوحشية، والقسوة، والسادية، والممارسة العسكريتارية بشكلها الأمثل البعيدة كليا عن الأخلاق، والالتزام بأبسط المبادئ، والأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية. ودلل بشكل أكبر على أن هؤلاء هم مجرد مرتزقة وغزاة موتورون، ولم يكونوا أبداً محررين أو فاتحين. وإذا كان هذا على الأقل ما بدا، وسُرّب، وظهر في هذا الشريط الذي التقطه زميل للجنود وسط صيحات التهليل والتشجيع، فيمكن القول، هنا، أن ما خفي كان أدهى، وأعظم. وهنا يسجل الغربيون في هذا، أيضا، سابقة حضارية بتفوقهم على هذا الشرق المنكوب بفن تصوير، وإخراج التعذيب أيضا؟

سيفرح أيضا القومجيون، والسلفيون، وأعداء الليبرالية ومشروع الشرق الأوسط الجديد، وأنصار الزرقاوي وابن لادن، لعرض هذا الشريط، وسيعتبرونه دليلا آخر على عبثية التغيير، ولا جدوى، ووحشية دعاة حقوق الإنسان الجدد من الأمريكان والبريطانيين، وسيستشهدون به في كل معترك، ومحفل، وملتقى فكري على نازية، وتترية "الفاتحين" الجدد، وسيعطون الشرعية لأنظمة القهر، والتعسف وللجنرالات القروسطيين، وهذا ما سيقلل بالتالي، ويضعف من حجة الداعمين، والمروجين للمشروع الأمريكي. وهنا سيعطي القتلة الإرهابيون، أيضا، الشرعية للكثير من عملياتهم التي تطال المدنيين الآمنين. ألا تعزز هذه الأفعال المشينة من تشدد الأصوليين ومن دعاوي تجار الإسلام السياسي في مواقفهم العدوانية ضد الآخرين، وتقفل الأبواب أمام أي حوار حضاري، وتواصل وتبادل فكري؟ فهل هناك ثمة حماقات مركبة أكبر من هذه يرتكبها هؤلاء المجانين؟

لقد كانت حفلات الشواء البشري، والتعذيب إبان العهد البعثي التقدمي القومي البائد تتم في الأقبية والزنازين التي لا يدخلها الذباب الأزرق، ويغيّب المناضلون، والأحرار، وتردم القبور الجماعية فيها بعيدا عن أعين المراقبين، والمصورين، والصحفيين، لكن اليوم، وفي ظل ديمقراطية الموت والتعذيب الوافدة من وراء المحيط، فإن تصوير الأسرى، وبأوضاع فاضحة، وتوثيق عمليات التعذيب في الأرشيف، وعرضها على الرأي العام كسبق صحفي، فهي، وبحق، من أهم سمات العصر الديمقراطي الجديد.

فن التصوير وتوثيق جرائم التعذيب، ربما هذا هو التطور الوحيد الذي أدخله دعاة الحرية وحقوق الإنسان على قضية حقوق الإنسان في هذا الشرق الأوسط الحزين، أما الامتهان، والوحشية، والتعذيب فأصبحت جزءا من تراث هذه المنطقة، وقدر هذا المواطن البائس التعيس، وأيا كان من يقطن، أو يدير الزنازين، وغرف التحقيق.

إنه لمن المطلوب دائما، أن تتصدى قوات الأمن الوطنية، فقط، للإرهاب الأسود، واستئصاله عن بكرة أبيه، والمحافظة على أمن البلاد، وهذا، بالطبع، ما سيلقى ترحيبا من شرائح عريضة من المواطنين، لكن أن توكل المهمة لهؤلاء الشذّاذ والساديين، ويدفع الأبرياء في كل مرة، الثمن، ويكونوا دائما هم الضحايا الذين يسددون الفواتير الباهظة ومن أرواحهم ودمائهم، سواء في عهد صدام، أو في العهد الجديد فهذا من الإجحاف الكبير، وغير المبرر أو المقبول على الإطلاق، بكل المقاييس والمعايير.

والسؤال أين المفر، وهل تبقى من مكان يلجأ إليه هؤلاء المساكين، ومن ينجهم من بطش جنرالاتهم، أو من وحشية الغزاة الفاتحين؟ وهل هي رسالة تقضي بأن الاستسلام للأقدار السياسية العاتية هو الحل الباقي الوحيد؟



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يعتذر رسامو الكاريكاتيرات المسلمون؟
- التغيير وكيس الوزير
- البيانوني-خدام:تحالف المصالح الجديد
- من دخل دمشق فهو غير آمن
- وزراء الاعتذار العرب
- الجاهلية السياسية النكراء
- الدويخة..ولغز السيارات السوري
- ماذا لو قاطََََََعَنا الغربُ فعلا؟
- لا تنه عن خلق
- الرد السوري على خدام
- حماس: وداعاً للشعارات
- حماس والاحتلال العقائدي
- في تفسير أزعومة الثوابت
- إعلان مناقصة لتوريد معارضين
- لغز الدكتورعارف دليلة
- حكم النسوان
- نحو استراتيجية أمنية جديدة
- سيمفونية في البرلمان
- يوم المزبلة الوطني
- خدام في المنطقة الحمراء


المزيد.....




- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - حفلات التعذيب على الطريقة الديمقراطية