أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رفعت عوض الله - ميتافيزيقا المعرفه وميتافيزيقا الاخلاق















المزيد.....

ميتافيزيقا المعرفه وميتافيزيقا الاخلاق


رفعت عوض الله

الحوار المتمدن-العدد: 5631 - 2017 / 9 / 5 - 04:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ميتافزيقا المعرفة وميتافزيقا الاخلاق
في صميم العقل الإنساني ، وفي اعماق روح الإنسان ، ومجاوزة الخيال البشري نزوع لا يٌقاوم لتجاوز الواقع المادي المعيش المحدود بالزمان والمكان . تجاوز الطبيعة لما وراءها وإقامة أنسقة خرافية اسطورية وعقلية منطقية لعالم لا نراه ولا ندركه وليس بين أيدينا ما يدل عليه .
فقط نزوع متمكن من عقولنا وخيالنا يصيبنا بحالة من القلق والتوتر ، فنسعي بخيالاتنا وعقولنا وما تيسر لنا من علم ومعرفة لتهدئة ارواحنا ونفوسنا القلقة التي تتملكها الحيرة والاضطراب والقلق ،فنوظف خيالنا وعقولنا لإنشاء عوالم ما وراء الطبيعة .
منذ ان وٌجد الإنسان علي الارض وهو يقوم بهذا الفعل والنشاط الميتافزيقي به يتجاوز العالم المحسوس ويتحرر من اسر الطبيعة ويرضي روحه وعقله وخياله الوثاب .
قبل التاريخ وجد الإنسان نفسه في مواجهة طبيعة قاسية قوية عاصفة ، وفي وسط ضواري لا قبل له عضليا بهم فعمد خياله لتأليه الظواهر الطبيعة من اعاصير وزلازل وبراكين وعواصف ومطر وفياضانات ،وتعبد لها ليتقي غضبها ويحمي نفسه من ثورانها . رأي فيها قوي سحرية لها إستمرارية وديمومة .
ومع استقرا الإنسان في تجمعات قبيلة وعشائرية ، وبداية إبداع الحضارة ، ادرك الإنسان اهمية الماء والشمس والنبات والبحر له ولحياته فصور لتلك الظواهر الطبيعة آلهة هي الي تجعل الشمس تشرق ، وهي التي تملأ الانهار بالماء وهي التي تنبت النبات فأنشأ لها المعابد ، واوقف لها نفر من بنيه هم كهنة تلك الالهة ، وتعبد لها وقدم لها الأضحيه لينال رضاها .
بمرور الزمن ومع نمو المعارف ، ومع تراكم المعرفة التأملية ، نشأت الفلسفة بوصفها نشاط عقلي تأملي يهدف لتفسير الحياة والوجود .
قبل نشوء الفلسفة كانت الأديان قد نشأت ، ونشط الخيال الإنساني في إبداع اساطير تقرر الدين وتصور الآلهة ، وتضع قواعد للكهنوت والعبادة .
في بداية نشوء الفلسفة كانت وفقا للمؤرخين فلسفة للطبيعة تحاول ان تقدم تفسيرات مادية للوجود والحياة ، فكان التركيز علي علل الوجود المادي .
وفقا لقانون التطور والارتقاء تطور النشاط الفلسفي من محاولة تفسير الوجود والحياة بعلل طبيعية مثل الماء والهواء والذرات وغيرها إلي تصورات ميتافزيقية غير مادية ، مفارقة ؛ ومتجاوزة للطبيعة فيها إعمال للعقل وتطبيق لمنطق الفكر البشري .
ونري هذا واضحا بداية مع الفيلسوف اليوناني افلاطون الذي قسم الوجود إلي وجود حقيقي "عالم المثل العقلية " ووجود هو ظل للوجود الاول وبالتالي ليس حقيقيا "عالم المحسوسات"
ثم تلميذه ارسطو الذي قال بوجود إله للكون هو المحرك الاول الذي ينعم بالثبات فلا يتحرك وحوله الوجود يتحرك بأستمرار .
بتوالي الزمن وتقدم المعرفة وظهور ما يُسمي بالاديان السماوية ، وذيوع فكرة ان هناك إلها مفارقا يتجاوز عالم الظواهر الطبيعية ، ويند عن تصوراتنا ، ويعلو علي أفهامنا ، نشط الفلاسفة في محاولة فهم ذلك الإله استنادا لما ورد عنه في الكتب التي تٌعتبر وحيا من عند ذلك الإله ، وبإستعانة بمنطق التفكير البشري والمعرفة الفلسفية .
منذ العصور الوسطي والفلاسفة في الشرق والغرب يحاولون التدليل والبرهنة العقلية علي وجود الله .
في مطلع العصر الحديث أنقسمت الفلسفة إلي فلسفة عقلية مثالية ، واخري تجريبية مادية .
الفلاسفة المثاليون ركزوا علي البرهنة علي وجود الله بوصفه العقل والروح الذي عنه صدر الوجود كل الوجود .
الفلاسفة الماديون التجريبيون لم يروا في الوجود سوي ما نراه وندركه بحواسنا فأنكروا وجود علة "روحية الله " تقف خلف الوجود المعين والمنظور .
جاء الفيلسوف الالماني عمانوئيل كانط في القرن 18 م نظر من منظور العلم التجريبي في كل التراث الفلسفي الميتافزيقي السابق عليه .
ادرك كانط ان هناك حقيقة علمية اسسها عالم الطبيعة و الرياضيات الانجليزي اسحق نيوتن .
تساءل كانط لماذا هناك تراكم علمي ، وهناك معرفة علمية علي مستوي العلوم الطبيعية . ولماذا لا تُوجد معرفة ميتافزيقية في المقابل ؟ في عالم الميتافزيقا هناك آراء فلسفية تختلف من فيلسوف لآخر وقد تتعارض ، وقد يكذب كل فيلسوف كل فيلسوف أخر ؟ لماذا يوٌجد إلحاد وإنكار لوجود الله؟ لماذا يعتقد الماديون والتجريبيون بوجود المادة والمادة فقط ؟
كل هذه الأسئلة أرقت عقل الفيلسوف الكبير واستحوذت علي تفكيره وباتت شغله الشاغل .
بداية نظر كانط في كيفية المعرفة البشرية "نظرية المعرفة " ، رأي التجربيين في جملتهم ان المعرفة ماهي إلا انطباعات حسية علي صفحة الذهن البشري . عقولنا تتلقي من العالم الخارجي مدركات حسية عبر ادوات الاحساس في الانسان تصل للعقل فتتم عملية المعرفة والإدراك .
العقليون المثاليون في المقابل يقولون بأن العقل حاصل قبليا وأوليا علي افكار فطرية هي المعرفة الحقة ، وما تزودنا به الحواس لا نستطيع أن نقول عنه معرفة ،لان حواسنا قد تخدعنا .
هنا السؤال المعرفة قبلية مصدرها العقل ام حسية مصدرها العالم الخارجي ؟
بعد طول تفكير وتأمل عقد كانط مماثلة بين ما يفكر فيه وبين الثورة الكوبرنيقية في عالم الفلك .
قبل كوبرنيكوس كان هناك اعتقاد بأن الارض ثابتة وان الشمس تدور حولها . ثم جاء هو فأثبت ان الارض هي التي تدور وان الشمس ثابتة . عُد هذا الإكتشاف ثورة علمية وجهت العلم والبشرية وجهة جديدة .
فرق كانط بين ما يٌسمي بالأشياء في ذاتها وما يُسمي بالظواهر وقال انه لاسبيل امام العقل البشري لمعرفة الاشياء في ذاتها "النومين " معرفتنا مقتصرة علي عالم الظواهر .
ولكن كيف نعرف ؟ يتلقي الفهم الإنساني عبر المكان والزمان ما يُسمي بالحدوس الحسية التي يطبق عليها العقل ما يُسمي بمقولات الفهم فتتم المعرفة .
هنا الحدوس الحسية تدور حول الذهن الذي يضفي عليها المعني ، مادة المعرفة آتية من الخارج ومعني المعرفة أتيا من الداخل ،اما الاشياء في ذاتها فلا قبل لنا بمعرفتها .
اذن شرط المعرفة حدوس حسية آتية من العالم الخارجي . في الميتافزيقا ،وفي البرهنة علي وجود الله لا توُجد حدوس . أذن لا يمكن معرفة موضوعات الميتافزيقا . اذن لا يمكن ان ندلل ونبرهن بالعقل علي وجود الله . اذن كل الصرح الذي اقامه الفلاسفة العقليون المثاليون بخصوص الميتافزيقا ووجود الله بلاقيمة معرفية ،ولا يٌعتد به عقليا .
فرغم اهمية الميتافزيقا إلا اننا عاجزون عقليا ومعرفيا عن أثبات قضاياها .
فهل ننكر الميتافزيقا مع المنكرين ؟ هل ننكر وجود الله ونسلم بالواقع المادي التجريبي مع الفلاسفة الماديين والتجربيين ؟ ام نؤسس الميتافزيقا تأسيسا جديدا يصونها ويقر بوجودها ؟
بعد أن اثبت كانط تساوي قدرة العقل البشري في البرهنة وعدم البرهنة علي وجود الله ، شرع ينظر في الاخلاق وتساءل هل الاخلاق صادرة عن العقل فتكون اخلاقا كلية قانونية ، ام انها صادرة عن المنفعة وطلب اللذة والسعادة فتكون اخلاقا تجريبية جزئية متغيرة ؟
ميز كانط في العقل الإنساني بين الفهم الذي ينطوي علي مقولات تسبغ المعني علي الحدوس الحسية الداخلة للفهم عبر الزمان والمكان ، وبين قوة النطق او العقل وهي التي تبرر الميتافزيقا وتنتمي لعالم الاشياء في ذاتها ، وهي ارفع واسمي واجل من الفهم .
الاخلاق عند كانط صادرة عن النطق او العقل وبالتالي هي كلية عقلية قوامها الارادة الخيرة وفعل الواجب علي اية حال وفي كل حال تعلو وتتجاوز شروط الزمان والمكان . هي ليست اخلاقا نسبية.
الارادة الخيرة هي ارادة العمل بمقتضي الواجب دون اي اعتبار اخر ،اي ضرورة العمل احتراما للواجب .
في الواجب او الامر المطلق يكون العمل او الفعل كليا ، بمعني ان يصير او يكون قاعدة عامة كلية قابلة للتكرار من قبل كل الناس وليس مجرد فعل فردي .
الامر الثاني في اخلاق الواجب افعل او اعمل في اطار ان كل البشر غايات في انفسهم ولا يمكن ان يكونوا وسائل لغايات خارجهم.
الواجب ليس ممكنا الا بالحرية ، ووجوده يدل علي وجودها ، فاذا كان علي الانسان واجب كانت له القدرة علي ادائه ،وكان فيه ،إلي جانب العلية الظاهرية ،علية معقولة مفارقة للزمان ،تضع القانون وتفرضه علي نفسها. فالحرية خاصية الموجودات العاقلة بالجمال . هذه الموجودات لا تعمل إلا مع فكرة الحرية . هي اذن من الوجهة الخلقية حرة حقا .
الحرية والقانون يؤكدان العالم المعقول ، والانسان عضو فيه من حيث خضوعه لقوانين عقلية بحتة.
تحقيق الخير الاسمي لا يتيسر الا مع التسليم بامكان تحقق الفضيلة ، وتحقيق الحياة الفاضلة علي الوجه الاكمل غير ميسور للانسان الذي يجمع ما بين طبيعة عاقلة وطبيعة حسية تعوق التوصل للكمال الخلقي . من هنا وجوب العمل علي قهر الحساسية واماتة شهواتها بقدر الامكان ،وتحقيق هذا يقتضي دوام شخصيتنا ،ويستلزم التسليم بخلود الروح .
لكي يتحقق الخير الاعظم يجب ان يؤثر في الطبيعة فاعل تتحد فيه القداسة والسعادة اتحادا تاما ،وهو ما ندعوه الله .
النسبة بين الانسان من جهة والطبيعة الخلقية من جهة اخري تفترض ضرورة وجود الله . السعادة تتضمن توافقا بين الطبيعة والغايات التي يسعي اليها الشخص . فاذا كان لابد من وجود سعادة مرتبطة بالفضيلة وعلي قدرها ، فلايمكن ان تتحقق هذه السعادة الا بوجود علة للطبيعة مفارقة لها حاصلة علي مبدأهذا الجمع بين السعادة والفضيلة .هذه العلة هي الخير الاعظم الاصلي الذي يجعل الخير الاعظم الاضافي ممكنا .
الحرية والخلود والله تلك هي قضايا المتيافزيقا التقليدية ،والتي اثبت كانط عدم إمكانية التدليل العقلي عليها لانه تند عن قدرة العقل المعرفية ،ونتج عنها الحاد وانكار لوجود الله ،وتأليه للمادة المحسوسة .
في الميتافزيقا الجديدة "ميتافزيقا الاخلاق والتي ابدعها كانط ،استطاع إثبات وجود تلك القضايا ،لانه لا اخلاق كلية عقلية بدون الحرية وخلود النفس ووجود الله . من هنا السبيل إليها انما هو التسليم والإيمان .
الله يند عن افهامنا ولكنه موضوع إيماننا وتسليمنا .



#رفعت_عوض_الله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زواج المسلمه من غير المسلم
- هل نحن عقلاء ؟
- الخطاب الدينى والحياه
- حتى لا ننسى فرج فوده
- آلهه تمشى على الارض
- هذا الازهرى
- اعتذار زائف
- الدين والالحاد والتطور
- براءة الازهر
- المقدمه والنتيجه
- الاصلاح الدينى بين الغرب والشرق
- الارهاب والعلمانيه
- هكذا تكلموا عن الارهاب
- داعش تطهر امارة سيناء الاسلاميه من المسيحيين المشركين
- السيسى فى الكاتدرائيه فى ليلة عيد الميلاد
- الدوله المصريه ضالعه فى صنع الرهاب
- قضية مجدى مكين
- السيسي والاقباط
- استدعاء رئيس الطائفه المسيحيه الى قصر الاتحاديه
- الزرع و الحصاد


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رفعت عوض الله - ميتافيزيقا المعرفه وميتافيزيقا الاخلاق