أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابتسام يوسف الطاهر - الشجاعة في الاعتذار















المزيد.....

الشجاعة في الاعتذار


ابتسام يوسف الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 1459 - 2006 / 2 / 12 - 09:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقال ان خطأ السياسي كارثة, وفي الدول التي حباها الله قادة زاهدين بالقصور, يستقيل السياسي, ويتوارى عن الاضواء, اذا اكتشف انه كان مخطئا, او اذا اكتشف ان وجوده بالقيادة لم يات خيرا على حزبه او وزارته..او بلده.
اما خطا العسكري فجريمة, يعاقب عليها اشد عقاب وتنتزع منه كل نجومه وماعلق على بزته العسكرية من (سيفون) *, حيث هؤلاء ليسوا موظفين عاديين بالدولة واخطأوا بمعاملة ما او تسببوا بخسارة بضع الاف او ملايين لتلك الشركة او هذه المؤسسة.
اما نحن, البسطاء, فاخطاؤنا لاتضر سوانا, مع ذلك نحن معرضين للحساب والكتاب اكثر من غيرنا.
والمصيبة اذا كان السياسي هو العسكري ايضا, خاصة من الذين شريط الالقاب الذي يتبع اسمائهم اطول منهم. فهؤلاء اخطائهم كوارث, اكثر تدميرا من الزلازل والاعاصير! وضررهم لاعلى عدد محدود من الناس بل على الامة كلها.
اذن أليس من الواجب ان يكون العقاب على قدر الخطـأ او الجريمة؟ خاصة اذا كان ذلك الخطأ متعمدا مع سبق الاصرار والتمسك بالكرسي.
قيل ان صدام اخطأ! حامي البوابة الشرقية, المدافع عن العروبة, اخطأ ! متى؟ في حربه مع ايران ام باحتلاله الكويت؟ وكلاهما اراد ان يحرر من خلالهما فلسطين!!
نعرف ان صدام كان الاثنان معا, اي سياسيا فاشلا وعسكريا احمقا, اذن العقاب لابد ان يكون مضاعفا له كعسكري وكسياسي ايضا.
مع ذلك, لناخذ المدافعين عن صدام من الذين ارعبهم سقوط اصنامه, على قدر عقولهم, ونقول معهم بلى انه اخطأ. لم يكن عميلا, ومافعله لم يخدم امريكا باي شكل من الاشكال! وخطأه ذاك لم يضر احدا سوى بضع ملايين من العراقيين, والاف من الفلسطينيين وبضع مئات من العرب.
ولكن هل اعتذر عن خطأه ذاك, على الاقل ليخفف العقوبة التي تنتظره بفارغ الصبر؟ هل اعتبر الكوارث التي اصابت العراق من جراء سياسته, خطأ؟ طبعا لا.
بل مازال الى هذه اللحظة يتبجح ويعتبر كوارثه دفاعا عن العراق والعروبة, بل البعض من العباقرة المدافعين عنه يقولوا انه, اي (صدام) المدافع الوحيد عن العروبة!! كم مسكينة وتعيسة عروبتنا اذن؟
اذن دعوا الناس تحاسبه وتحاكمه لان جرائمه اقصد, اخطائه, كانت مع سبق الاصرار والترصد. وبما ان جرائم صدام وزمرته, ارتكبت بحق الشعب العراقي بشكل خاص, اذن الشعب اولى بمحاسبتة, و كل من تسبب بتلك الكوارث.
العراقيون اولى بمحاكمة من سرق وبعثر اموال الشعب على قصور يمرح بها جنود الاحتلال الان. محاكمته على احبتهم الذين لايعرفوا مصائرهم للان, او الذين وجدوهم بمقابر جماعية قتلوا بلا رحمة ولا محاكمة لا صورية ولا علنية.
اذن الا تشكروا ربكم ان مازال بالشعب العراقي قليل من الصبر والرحمة, وهو يسمع لخطب (الرئيس) بالمحكمة التي اراد ان يحولها الى ندوة يجتر بها شعاراته الفقاعية! ولم يصح ضميره ويعتذر لهم. بل مازال الناس يستمعوا بصبر ايوبي, لتهريجه بالمحكمة, الذي يشبه قصائده البائسة التي تهافتت بعض الصحف لنشرها.
لكن للان مازال البعض من المدافعين عنه, يستنكروا محاكمة (الرئيس القائد) لهم الحق فلم يعتادوا على محاسبة حاكم من قبل, فقد اعتدنا, في بلداننا خاصة, على عزرائيل الوحيد المتخصص بازالتهم, او انقلاب عسكري يطيح بهم. فكيف بقائد مثل صدام ان يحاكم؟ صدام الذي ترتعد فرائص الجزراوي والدوري لاي قرار يتخذه, ويبكون مثل الاطفال, كما راينا في التسجيل عن احد اجتماعات مجلس قيادة الثورة, حين أمر زبانيته باخراج احد الوزراء, رفيقهم, لانه عارضه بالرأي:"خذوه واكضبوه, نعلةالله على هالشارب" هذه لغة صدام, المدافع عن العروبة!
صدام الذي يقال انه درس الحقوق, فهو محامي! مع ذلك فهولايعرف حتى اصول التصرف امام العدالة او المحكمة, فهو لايعرف ولايعترف بان القضاء فوق الجميع, والقانون فوق الرئيس والملك, حتى لو تكاثرت اصنامهم.. ولايعرف لاهو, ولا المحامين المدافعين عنه مثل الدليمي الذي يستنكر عدم وجود اعلاميين بباب (القصر) الذي يسجن به رئيسهم, وكأني بهم يتصورونها نسخة من محاكمة الممثل الامريكي (او جي سمسون). لايعرفوا لاهم ولا موكلهم, ان رئيس المحكمة من حقه ان يطرد اي متهم اذا تطاول على العدالة, او اذا هرج. بل ان هناك عقوبات تترتب على اي شتيمة او مسبة يطلقها المتهم بحق اي من الحاضرين بالمحكمة. لكنه (الرئيس صدام) لايعرف غير لغة كاتم الصوت, لايعرف سوى الامر بالقتل والاعدام حتى لاقرب الناس اليه. ألم يعدم بيديه رفاقه البعثيين الوزراء التسعة الذين للان لانعرف سبب قتلهم, حيث لم يتح لهم (الرئيس المخلوع) الدفاع عن انفسهم لاعلنا ولا سرا. تلك الجريمة التي كان يجب على المحكمة ان تبدا بها. لكن المحكمة بيد الامريكان, الذين للان لايريد ان يصدق البعض من محبي صدام, انها وراء انقاذ صدام من حبل المشنقة. والا لماذا تكون المحكمة بهذا الشكل المسرحي؟ لماذا يجب ان يكون القاضي كرديا مثلا؟ لماذا يجب ان تكون المحكمة طائفية؟ وصدام اساء للجميع وجرائمه طالت حتى رفاقه كما ذكرت في بداية المقال؟

هناك الكثير من الاخوة ممن اغرتهم شعارات الوحدة والحرية, فانتموا لحزب البعث. لكنهم حين اكتشفوا زيف تلك الشعارات وخدمة هذا الحزب لقوى الاستعمار منذ استيلاء قادته على مقدرات الشعوب خاصة الشعب العراقي, تراجعوا عنه. لذلك اُصدر قرار من مجلس قيادة الثورة الصدامي, في السبعينات من القرن الماضي, ينص على عقوبة الاعدام لكل من كان منتميا لحزب البعث وتراجع او انتمى لحزب اخر. والمثقفين العراقيين وغيرهم من الكتاب, المدافعين اليوم عن القائد البطل, يعرفوا ذلك جيدا, ويعرفوا لماذا تشرد الالاف من العراقيين في اوربا وغيرها من الدول. مع ذلك عشرات السنين مرت على حروب صدام الامريكية وكوارثه, التي هلل لها البعض من اؤلئك الكتاب ومجدوها, وقائدها, بكتب وقصائد وافلام. وثلاث سنوات مرت على سقوط صنم (الرئيس صدام), لم اسمع خلالها ولا قبلها اي كلمة اعتذار لا من السياسيين ولا من المثقفين البعثيين, الذين يفترض بهم اكثر وعيا وضمائرهم صاحية بعض الشئ اكثر من السياسيين المغرورين ومن العسكريين المتعجرفين. الوحيد الذي كان شجاعا منهم هو المرحوم (هاني الفكيكي) الذي اصدر كتاب اعتذارعن تجربته مع البعث (اوكار الهزيمة).
وبعدها لم اقرا سوى رسالة اعتذار يتيمة من الكاتب الفلسطيني زياد خداش, واخرى من احد اعضاء حزب البعث السوداني (اعتذر له عن عدم حفظ اسمه) التي نشرتها صحيفة الزمان في 2003, التي اثلجت صدري بعض الشئ, لكونهم اخطأوا لقلة معرفتهم ببواطن الامور بالعراق, بسبب التعتيم الاعلامي الذي فرضته سلطة صدام حينها. حتى سقوط صنمه لتفوح من تحته رائحة القتلى ورائحة العفن الذي عاشه العراق لعقود.
لم نسمع كلمة اعتذار واحدة من اي قائد عراقي, ولا حتى من الذين عارضوا صدام فيما بعد, ولا من كاتب عراقي او عربي اخر, ولا مبدع من الذين طبلوا ومجدوا القائد الضرورة. ماعدا المطرب الشجاع حسين نعمة, الذي اعتذر بكل شجاعة عن طريق احدى الفضائيات "الشرقية" عن غنائه لصدام. بالرغم ان حسين نعمة لم يكن سياسيا ولا كاتبا ولم تسنح له فرصة الخروج والابتعاد عن جحيم صدام وعصابته, اذن لم يكن امامه خيار اخر.
لكن تلك الاعتذارات خُنقت باصوات الزعيق المتعالي للدفاع عن (الرئيس صدام) من الاصوات المسعورة التي هالها منظر صنمهم يتهاوى, وتنهال عليه جزم ونعل اطفال العراق, الذين حرموا من كل مايمت للطفولة السوية المسالمة.
لم تهز ضمائرهم مناظر الخراب الحاصل بالعراق قبل الحرب وبعدها, الخراب الذي انشغل عنه القائد بقصوره. ولم تهز مشاعرهم المقابر الجماعية بل صار البعض يرحل هذا الامر على الاخرين, مع انه صدام نفسه لم ينكرها. يقول بعض الكتاب, ان تلك المقابر ارتكبت ايضا على يد الامريكان او ايران. الا يسالوا انفسهم: اين اختفى الالاف من الشباب والشيوخ والاطفال ممن اختطفتهم عصابات صدام؟
مع ذلك وكما ذكرت في مقال سابق, انه اذا صح هذا الامر فان في ذلك ادانة لصدام وسلطته ايضا, لانه لم يفضح تلك المقابر ولم يكشف عنها, لم يقف مدافعا عن شعبه كما هو المفروض بالقائد او العسكري. أليست مسؤوليته ان يدافع عن الشعب ويحميه؟ ام ان مسؤوليته مقتصرة على سرقة اموال الشعب وبناء القصور ليحتلها الجيش الامريكي اليوم؟
اذن تلك جريمة اخرى تضاف لرصيده الحافل, لاتقل عن جريمة رميه السلاح وهروبه امام الجيش المحتل, اي انها الخيانة العظمى! فقد راينا كيف ارتضى (القائد الضرورة) لنفسه الاختباء بالجحر الذي لايليق الا بفأر جبان, مفضلا لحظة الذل تلك على الاعتذار للشعب والانتحار.
اخاطب عبدة اصنام صدام: اذا لم تقدروا على التكفير عن ذنوبكم, وتجدوا ان من الصعب عليكم ان تشركوا بصدام ودولاراته, وبالتالي من الصعب عليكم الاعتذار, الذي هو سمة الشجاع الواثق من نفسه. اذن فلتكرمونا بصمتكم. على الاقل ليتناسى الشعب جريمة تطبيلكم للجلاد, ليتناسى سكوتكم على جرائم القتل والسجن والتهجير, على كوارث الحروب والحصار. سكوتكم على جرائم سرقة اموال الشعب, سكوتكم على الخراب الذي سببه صدام, ومازال بقايا عصاباته يواصلون نهج القتل والتخريب. اسكتوا الان ولاتنكأوا الجراح التي مازالت طرية. اسكتوا ولا تطبلوا لخراب اكبر, اسكتوا لعل سكوتكم يخفف من ذنوبكم.
اسكتوا لعل المجرم ينال عقابه الذي يستحق, ليكون عبرة للقادمين ممن قد تسول لهم انفسهم التلاعب بمشاعر الناس مرة اخرى, او قد يتناسوا تجربة سليفهم المخلوع.
لعلهم يتعظوا بمن سبقهم من الشاه الى صدام, ويعملوا خيرا للناس. ليخلدهم العمل الصالح, فلا القصور ولا الاموال التي ينهبونها, ولا روايات تافهة لايقرأها غير المنافقون, ولا صور تعلق في كل ركن وحائط من شوارع تحيط بها المزابل من جانب, ستنفعهم حين تقوم ساعة الحساب, في الدنيا وفي الاخرة.


5-2-2006



#ابتسام_يوسف_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خراب العراق , قدرٌ ام مؤامرة؟
- السياسة بين التجارة والمبادئ
- عن اي انتصار يتحدثون؟
- فرشاة على الرصيف
- شارع الرشيد...ضحية الحصار ام الحروب ام الاهمال؟
- اليد التي تبني المحبة هي الابقى
- الدوائر المستطيلة
- اللغة الكردية ومايكل جاكسون
- الشعب العراقي بين الفتاوي والتهديد؟
- .......وظلم ذوي القربي
- المتعاونين مع الاحتلال
- العري السياسي والاخلاقي ازاء محنة العراق
- من يرفع الراية
- الانتخابات البريطانيةوالسؤال الاهم
- لمصلحة من، قتل العراقيين؟
- من هم اعداء الاسلام، اليوم؟
- صدي الايام
- اليسار واليمين وصراع المصالح
- الا يستحق الاعدام من خان شعبه؟
- الصمت العربي ومحنة العراق


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابتسام يوسف الطاهر - الشجاعة في الاعتذار