أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نوميديا جرّوفي - عمق المعنى و المغزى في قصائد الشّاعر -نعمه جابر عوض-















المزيد.....

عمق المعنى و المغزى في قصائد الشّاعر -نعمه جابر عوض-


نوميديا جرّوفي

الحوار المتمدن-العدد: 5626 - 2017 / 8 / 31 - 17:59
المحور: الادب والفن
    


الشاعر "نعمه جابر عوض" من مواليد 1953، ابن السماوة العريقة بأدبائها و شعرائها و فنّانيها، هو شاعر و فنّان له عدّة كتابات شعريّة متنوّعة، بين العمودي و الحرّ بنوعيه الشعبي و العربي بالفصحى.
يميل بكتاباته إلى مدرسة السياب الشعريّة، عاصر العديد من شعراء جيله و ممّن سبقوه في هذا المجال مثل: الأديب الراحل عبد الحسين السماوي، الشاعر صاحب الزعيري، و من أصدقائه المقرّبين : الشاعر سعد سباهي، الشاعر إياد أحمد هاشم، الشاعر رعد حميد محمد صالح، هاشم جعاز و آخرون.
له ديوان (المحطات المهجورة)، كما مثّل في مجموعة من المسرحيّات:
(مسرحية أعيان ذاك الزّمان) للمخرج الراحل عبد الأمير السماوي، (مسرحية الدربونه)، (مسرحية رحلة حنظلة بين الحلم و اليقظة) للكاتب السوري عبد الله ونوس، كما نُشرت قصائده في عدّة صحف عراقية كالوركاء و الجمهورية و غيرها.
و قيد دراستي هما اخترتُ قصيدتين رائعتين : (ملاءة) و (صالات للبيع).

* في قصيدة (ملاءة):

الشاعر "نعمه جابر عوض" كمن يُحدّث الملاءة و يبثّها شكواه و ألمه و كلّ ما يعتريه من مشاعر في أعماقه العميقة.
الملاءة هنا بمثابة شخص عزيز عليه يبثّه اعترافه و حزنه العميق و غربته.
إنّه كمن يبحث عن مرفأ جديد لقصّة جديدة لقصيدة جديدة تحكي اغترابه في قوله:
و رحت يا ملاءتي
أبحث عن موانيء جديدة
و شاطئ تناثرت رماله
و لؤلؤا و أحرفا لقصّة
جديدة
أكتبها قصيدة
و لوحة.. و ريشة.. و لون
أرسمها أضمها لقلبي
هديّة يلفّها الحنين
لأمسي الحزين
لغرفتي
لقصّة اغترابي و السنين
لحفلة الوداع و الأنين

ثمّ ينتقل بنا و هو يُحدّث الملاءة إلى الحبيبة و صاحبة النّبض و الإلهام الأوّل، فبأدبه و إبداعه و سحر خياله الواسع وصف عينيها بتلك الصّورة التي مازالت محفورة في ذاكرته رغم مرور الأعوام و ما حملته من هموم و لوعة و حزن في قوله:

فأين يا ملاءتي
خرائطي التي مشيت؟
قصائدي التي كتبت
و قلبي النديّ أوهنه جنونه
و اين يا ملاءتي
تغيرين مثلما عيونها
تغيّرت و حملت سنينها
همومها.. الثقال
أتذكرين يا ملاءتي
ما خطّ في المقال

بعدها بصيغة أدبيّة شاعريّة سافر بنا الشاعر بحلّه و ترحاله و تلك المواسم الكثيرة في الغربة و ما عاشه و عايشه في أماكن مختلفة لكن هي وحدها ملاءته من رافقته و حملتْ أحزانه و دموعه و أنينه و هي الوحيدة التي تضمّه كلّ ليلة و تحنّ عليه بإحساس عميق و مشاعر لا متناهية لا تتغيّر أبدا و لم تتغيّر منذ سنين طويلة في قوله:

و كنتُ يا ملاءتي مسافرا
أجوب في مواسم
أنت و لم يحن لها أوان
أطبع الأثر في أماكن
يعثر الزمان
أخاف.. و أروي حكاية
ترمّلت
و ارتجلت بكاءها
سألتها
أجابني.. أنينها
و حاجب تغمز لي
و شفة مبتسمة
أحبها.. أجنّ في جنونها
الله يا ملاءتي
سادية الشعور و المشاعر

* في قصيدة (صالات للبيع):

يقول الثّائر و المناضل الخالد جيفارا:
" لا تعشقي يساريا، سينساك
و يُفكّر بالعمّال و الكادحين.. سيُحدّثك في ليالي الرومانسيّة عن الأرض و الخبز و السّلام ".

و ما أروع عشق اليسار و النضال، وحده الحبّ الحقيقي بكلّ ما تعنيه الكلمة.
هذا ما حاول أن يوصّله لنا الشّاعر نعمة جابرعوض عن الخبز و القرطاس الثائر و الصّارخ في وجه الظّلم في قوله:

تعالي
نشتري صالة
و جمهورا و شعرا
قيل في مأتم
و حبّ عاش في ماض
له وشم و خبز .. لونه من دم
و رفّ قد حوى كتبا
فما قرأت.. فحرف لغاتها مُبهم

و في قول الشاعر:

تعالي
عندنا صالة
لك أنت
و فيها منبر حجري .. و أوراق
و قيتار .. يُدندن نوتة الصّمت
و كرسي .. بزاوية .. يمازح
كلّ ما قلت
عن الحبّ
عن الدّنيا
عن النّاس
و عن هوس، و خمر دونما كأس
فلا تبكين في خجل
فمل الشيب في رأسي

تذكّرت قول جيفارا حين قال:

" من يقتلك ليس من يُطلق عليك رصاصة، بل من يقتل أحلامك".

ففي هذه الشذرة الرائعة جعل الشاعر المنبر حجري، نوتة الصّمت، هوس، خمر دون كأس، بكاء في خجل.. إنّها تعابير مجازية بخيال أدبي واسع، لكنّها ترمي في بُعدها للكثير لو حاولنا التّعمّق أكثر و الغوص في المعنى الحقيقيّ.
فموسيقى بنوتة الصّمت لا وجد لها أصلاً لكنّه ربّما يقصد كبت المشاعر المخفيّة التي لا يمكن الإفصاح عنها فتبقى دفينة القلب كالنّاي الذي يشدو للبائسين و السّعداء و كلاهما يظنّ أنّه له رفيقا يُعبّر عن خلجات إحساسه.
فموسيقى الصّمت هي موسيقى الحزن، موسيقى الألم، موسيقى اللّون الأسود دون قوس قزح و ألوان البهجة.
و عن خمر دونما كأس هو سكر دون شُرب، خمر يأتي من العقل و كثرة التّفكير و الهموم الكثيرة التي يحملها المرء في أعماقه العميقة منذ دهر حتّى شاب الرأس قبل الأوان فكبر الجسد و فاق عُمره بكثير.
و في قوله:

تعالي
و اجلسي قربي
سأروي قصّة الحبّ
فأنت منذ أزمنة
تقمّصت حكاياتي
و كُنتِ أوّل امرأة
تُزيّف بداياتي
و صرتِ آخر امرأة
تُبعثر في وريقاتي
لتأتي ثالث امرأة
تهرول بضع أشبار
لتنقص في مسافاتي
فأمتدّ على الرّمل
فأمسك في يدي عودا
فأكتب ما تريدين
و أمسح ما تريدين
فأنهض دونما ظلّي
لأنّ اللّيل يطويني مع اللّيل

عاد الشّاعر هنا بالزّمن للوراء فعاد بالتأريخ حيث الزّمن الجميل حيث الحبّ و الرومانسيّة، حيث الحبيبة الأولى و أوّل نبض عرفه حينها، و رواية قصّة حبّه لكنّها باتت ماضي بعيد لا يُمكن العودة إليه و هي تعيش في أوراق طواها الزّمان في صفحات ملأها الغبار لأنّها ماضي و الصفحة المطوية للأبد حيث لا عودة لها.
هي ماضي لا علاقة لها بمستقبله الذي يعيشه و لا يمكنه الوصل أو اللقاء بها لأنّ هذا مستحيل.
فذلك الحبّ الأول بالنسبة له الآن بات مزيّفا و حبّ شباب و مراهقة عاشها حينها لأنّه بعدها عرف الحبّ الحقيقي و شعر به من خلجاته الأولى التي حرّكت مشاعره ليُصبح حبّه للحبيبة الجديدة وحده الخالد و الأزليّ و الأولى ذكرى من ذكريات الماضي البعيد يخطر على باله أحيانا فيتذكّر جمال تلك الحقبة الزمنية لكن دون مشاعر لها فقط ذكرى.

و عن اللّيل و الحبيبة يقول محمود درويش:

" السّاعة الآن.. أنا إلاّ أنتِ".
وحدها من تملك تلك النبضات كما عقربا السّاعة اللّذين لا ينفصلان أبدا و للأبد.

في الأخير:

أنحني للقامة الأدبية الشاعر المبدع المتألق و المسرحي و الفنّان "نعمه جابر عوض" المعروف بالشاعر "نعمه السماوي" و ما قدّمه لنا في القصيدتين الرائعتين من حزن و حبّ من ألم و سعادة من ماضي و مستقبل و واقع معاش من زمننا و ما يحدث في العراق من مآسي يصوغها بإبداعه بطريقة
كتاباته جدّ راقية تحمل في طيّاتها مغزى من واقعنا المعاش بكلّ كلماتها.



#نوميديا_جرّوفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الشاعرة والباحثة والمترجمة والناقدة الجزائرية - نومي ...
- ظلم القدر
- حين أغادرُ الحياة
- الزحف الأكبر نحو الأقصى
- ديوان (ألوّح بقلب أبيض) للشّاعر - يقظان الحسيني-
- يا أيّها الحزن
- الرّمزية في شعر عبد الكريم هدّاد
- ديوان (عودة ماركس) للشّاعر - هاتف بشبوش-
- في بغداد
- ديوان (الخوف ضمير المتكلّم) للشّاعر - إيّاد أحمد هاشم-
- إلى ملك قلبي والرّوح
- رواية (اللّعبة المُحكمة) للرّوائي - كريم السماوي-
- بين الجفن و النّبض
- نهاية
- دعوة قلب
- و اسألهم عن القرية... للقاصّ - أنمار رحمة الله-
- قلبُ العراق المجروح
- نحو الحقيقة
- حين نلتقي
- خبر جديد عن آخر أعمال الموسيقار -حازم فارس-


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نوميديا جرّوفي - عمق المعنى و المغزى في قصائد الشّاعر -نعمه جابر عوض-