أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الدين وأزمة الهوية الدينية ... ألحاد وإيمان














المزيد.....

الدين وأزمة الهوية الدينية ... ألحاد وإيمان


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5623 - 2017 / 8 / 28 - 23:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



منذ أن عرف الإنسان الدين كإشكالية وجودية برزت معه أزمة هوية بمعنى أن استدلاله الطبيعي أو المفترض على الدين حمله إشكالية ثانية تمثلت بهوية التدين، فهو يعرف أنه مرتبط بقوة خفية قوة لا طاقة له على إنكارها كما لا طاقة له بالتعرف عليها من قرب، فهو دائر بين الإيمان المقدر بدافع الخوف والشك بهذا الإيمان على أنه إلجاء فقط، من هذه النقطة بدأت حيرة الإنسان مع الرب الخالق أو الرب الواجد أو الرب المتحكم أو حتى الرب المتخيل.
في بداية رحلة الدين كانت السماء البعيدة بما تحمل من مجهولية وعمق هي الرب الذي يجب أن يحترم من باب الخوف ومن باب عدم إستفزازه لأنه يملك كل الخيوط التي تحرك مصادر القلق لديه هنا في الأرض، حتى ما أكتشف الإنسان أن السماء ليست دائما واحدة بل فيها أكثر من قوة وأكثر من متحكم حسب لكل قوة إله ورب خاص وخالص، بدأ نزاع الأرباب داخل العقل البشري بناء على تقديرات الذات لقوة القوة وعلاقته بها، الفلاح عبد إله القمر أو ألهة المطر، أما البحارة فقد عبدوا ألهة البحار أو ألهة الريح، الشعراء الأوائل وسكان المدن من الطبقة الأرستقراطية كانت لهم ألهة مميزة تتفق مع ميولهم وأهوائهم المدنية، هناك ألهة الحب وألهة الجمال وألهة القوة والخ من تصنيفات تعتمد المعيار الذاتي المرتبط بالجو العام والحاجة والدافع.
هذا التمايز في الهوية يكشف لنا قضيتين أساسيتين الأولى أن التدين ليس مرتبطا دائما بحقيقة مجردة أو قضية مطلقة وإن كانت في بداية نشوء فكرة التدين تعتمد الخوف والأتقاء، ولكن من حيث شكلية التدين الهوية كانت غير موضوعية بقدر ما تعتمد الإنحياز الذاتي للدافع النفسي، القضية الأخرى أن التدين هو أبتكار يتماشى مع طبيعة العقل المصنوع عند يحاط في مرحلة نشوءه الأولى بالحاجة إلى التفاسير المبسطة التي تنسجم مع نمطية عمله وتركيبه، الطفل الصغير أكثر قدرة على الإيمان بالخيال من الأكبر سنا والأكثر إدراكا.
حتى جاءت مرحلة الديانات السماوية التوحيدية ومحاولة الأنبياء والرسل أستبدال الحس النفسي في صياغة الهويات المتعددة بصيغة عقلية تعتمد على مبدأ وحدة التدين، قبل الإنسان على مضض فكرة أن الرب البعيد المتسربل الغيب والخفي حتى على تبسيط فكرة الماهية هو المالك لكل القدرة، بل حاول أن يتقمص دور الحكواتي أو القصاص الذي يحاول تبسيط الفكرة الصعبة من خلال صياغة فكرة موازية يقبلها عقل الإنسان ويستسيغها مقارنة بما لديه من أدلة حسية.
هنا بدأت فكرة التصورات الذهنية للتدين من خلال مجموعة صور حسية تبدأ بتبسيط فكرة الخالق أولا ونزولا لبقية الأفكار الدينية، وظن أنه نجح في ذلك وقرب المشكلة من دائرة الحل، ولكون الإنسان أصلا لم يكن لديه أتفاق أولي على الشكلية الذهنية التقريبية التي تقنع الأخرين ظهرت هناك هويات عديدة للديان وكلا حسب ما يضمر من مقدمات أو معطيات للصياغة، لذا نرى أن الدين الذي قام على فكرة الرب الواحد والدين الواحد تحول إلى منظومة متعددة من الأفكار والصيغ نسفت هذه الوحدة وخرجت عن هوية الموحدين وإن كان الجميع يظن أنه ملتزم بها.
هذا التشرذم في الهوية الدينية أحال الفكرة إلى دائرة الشك التي يرحب بها العقل الطبيعي وكأنها واحدة من طبيعيات العقل وطبيعيات النظام العملي لديه، لذا فلا غرو أن الكثير من المؤمنين بحقيقة التوحيد وضروريته انتفضوا ضد هذا التشرذم وبدأ البعض منهم في دراسة نقدية للأسباب والعلل التي أدت بنا إلى النتيجة المعاكسة، الأقل منهم أتجه للنص الديني محاولا كشف أسرار اندفاع البعض لهذا التحول وهل له علاقة أي النص بالنتائج، أخرون ذهب أبعد من ذلك وبدأ في البحث في أصل فكرة الدين وهل التوحيد حقيقة أو التعدد هو الأجدر، لربما قاد البعض في سلسلة من التحولات إلى أكتشاف عمق الأزمة من خلال محورية فكرة الدين التي يرى فيها أنها كمعرفة من معارف الإنسان خاضعة للتحول والتلون تبعا لطريقة التعاط بها.
المدرسة الأخيرة توصلت لنقطة أساسية ومهمة هي أن فكرة الدين في الأصل هي علاقة فردية للعقل مع حوله الخارجي وقدرته على فهم الحول، فمرة يكون الدين عند بعض العقول حقيقة مطلقة فيما يرى الأخر أن فكرة الدين ما هي إلا معالجة لحالة أكبر قد تكون غير عقلية بالمرة لكنها مطلوبة للإجابة عليها بأقرب حل وإن كان وهميا، تزعمت هذه المدرسة أول خطوات الإلحاد بمعنى أنها وضعت الدين وفكرته على جنب وتركت البحث فيه على أمل العودة له في مرحلة لاحقة قد يمتلك العقل مقدرات وإجابات أكبر عن بعض الأسئلة والقضايا المعلقة، فهم وضعوا الدين في اللحد دون أن يدفنوه بأنتظار أعلان حياة أو إعلان موت.
هؤلاء الملحدون ليسوا بكفرة ولا ناقمين على الدين ولا يمكن وصفهم بأكثر من المرجئة قراراتهم على دليل حاسم هم يبحثون عنه، وإن كانت درجت إيمانهم بالدين مساوية لدرجة الكفر، أما الجاحدون فهم من يعرفون الدين ويعرفون بعض الأجوبة المقنعة لهم ولكنهم غير مهيأين لأسباب خاصة للأقرار بالفكر الدين أو بأصل فكرة الدين وأيضا لا ينكرون إيمانهم به، في حين أننا نجد الكافر يعلن صراحة صادقا أو مواريا رفضه حتى التسليم بإمكانية أن العقل البشري ممكن أن يناقش ويقبل أو يرفض بناء على نتيجة البرهان العقلي المنطقي لفكرة الدين ، فهو رافض لأصل وجود الفكرة ولا يقبل أن يناقش بإمكانية أن يقتنع بأي دليل.
هناك طائفة أخرى هم اللا دينين والذين يمكن وصفهم بالخارجين على الهوية الدينية المميزة، فهو يؤمن بالدين واحدة من إنشغالات البشر وأن الكفر والإلحاد والنكران والجحود كلها حقائق على الأرض إلا أنه لا ينتمي لأي هوية منها ولا يريد أن يتحدد بوصف ما ، هذا التناقض في شكل الهوية مرده كما قلنا لسببين أساسيين، هما شكل القراءة ومبدأ الفرض، عندما يكون لدينا معيار موحد لكليهما لا يمكن أن نجد هذا التعدد والتلون في الهوية الإنسانية مقومة بفكرة الدين، كما لا يمكن أن تنشأ أصلا هذه الحالات أن المعيار القياسي سوف يحيل كل فكرة ذاتية لمقياس موضوعي ينتج لنا حقائق متقاربة فتكون الفوارق بسيطة ومديات الأختلاف قابلة للتجسر والتقريب.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة تأجيل الأنتخابات المحلية ودمجها في الأنتخابات الوطني ...
- لماذا نجح الرسول في بناء مجتمع واحد وفشل المسلمون في ذلك؟
- مفاهيم عدالة الصحابة ومعصومية المجتمع والولاية التكوينية وأث ...
- الدين وهوية الشخصنة
- نحن والدين وخداع التأريخية
- مقدمة ديواني الجديد ....... رسائل مهملة
- التغيير من وجهة نظر فلسفية ح1
- تعريف المقدس أستدلالا بالقصد المعنوي النصي
- أنا رجل بلا .......
- النداء الأخير لسباق الأحلام
- في وحدة عالم المقدس الغيبي
- رأي في وحدة الأسماء و(الصفات) ومكانتها في الفكرة الدينية
- الشخصية العراقية بين التمرد والثورة مشروع بأنتظار القدر
- إلى صديقي ذياب أل غلام وكل رفاقه وأصدقائه ومحبيه ومن شاركه ا ...
- دور التنمية الأقتصادية و المال في بناء مجتمع إنساني
- تحالفات جديدة أم إعادة انتاج التحالف القديم
- الدين بين طبيعة العقل ووظيفة النقل طريقان للإدراك أم نتيجة و ...
- في فهم الغيبي والحضوري
- وحدة الجماهير المدنية والديمقراطية هي الطريق الأوحد لبناء دو ...
- حقية المحمدية كما نقرأها في سلسلة دين الإسلام


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - الدين وأزمة الهوية الدينية ... ألحاد وإيمان