|
دولة المَكْرَمات و دولة الاصلاحات في العراق (2)
عماد عبد اللطيف سالم
الحوار المتمدن-العدد: 5622 - 2017 / 8 / 27 - 18:49
المحور:
الادارة و الاقتصاد
دولة المَكْرَمات و دولة الاصلاحات في العراق ( 1958 – 2017 )
دولارٌ رخيص . واستيرادٌ رخيص . و مَزادُ عُملة . وإغراقٌ ، و قِلّة تشغيلٍ ، و ضآلة تصنيعٍ ، و غياب صَنْعَة . ومعدل تضخّم 2% فقط لا غَير (في امريكا واوروبا 4% ) . واستقرار "نقدي" والحمد لله .. الذي لا يُحمَدُ على مكروهٍ سواه . و عددٌ هائلٌ من الموظفين الذين لا انتاجية لهم . وادارةٌ غير كفوءةٍ للاقتصاد و تخصيص الموارد . كلّ هذه "القضايا" خطوطٌ حُمْرٌ لا يجوز الاقتراب منها ، ولا لمسَها ، ولا الدعوةُ الى تصحيح المسارات والتوجّهات الخاطئة فيها . وحدها رواتب المتقاعدين هي المشكلةُ التي تنخرُ الأساس الماليّ للاقتصاد ، وهي السبب الرئيس لاختلالاتهِ الهيكليّة المزمنة . و كلّما أرادت الحكومة أن تستقطع من رواتب موظفّيها ومتقاعديها ، أو تقوم بتقليصها .. قالتْ أنّ ذلك بهدف تأمين احتياجات مؤسسّاتنا الأمنية والعسكرية في حربها ضدّ الارهاب و داعش ، و دفع رواتب ذوي الشهداء والمفقودين ، و رفع مستوى معيشة الأرامل و الأيتام ، و تمويل صندوق رعاية "أطفال الشوارع" ، ودعم العاملين في القطاع الخاص ، و تحقيق الاصلاح الاقتصادي والمالي ، وارساء أسس الانصاف والعدالة بين جميع شرائح المجتمع العراقي ، وترسيخ الاحساس بالمواطنة كهويّة جامعة (إي والله .. هكذا قال احدهم) .. وكلّ ذلك من أجل أن نُمَرّر ، ونخاف ، ونُوافِق ، و نُنافِق ، ونستحي . هم انفسهم كانوا يحكموننا ، وأولي أمرنا ، ويديرون امورنا الماليّة والاقتصادية لسنين عديدة ، عندما كان حجم موازناتنا العامة لا يقلّ عن 130 مليار دولار سنوياً . فلماذا لا يُحاسبون أنفسهم ، ولا يُحاسبهم أحد ، عن "هدر" المال العام آنذاك؟ لماذا يمنّون علينا الآن .. ويُعيّروننا برواتبنا ، وامتيازاتنا "الباذخة" الآن ؟؟ . لماذا لا يُلاحِقون الذين سَرَقوا في أيّام الوفرةِ ، وبَدّدوا ، و فَسَدوا .. وأفْسَدونا .. و لايزالون يفعلون ذلكَ في أيّام الضيقِ والعُسرةِ ، وأيّام "الصيهود" ؟؟. بعضُ الصامتين لا يُريدُ انْ يُصدّقَ أنّ الراتب التقاعديّ هو "الثورُ الأبيضُ" الذي يؤكَلُ الآن . وماهي إلاّ أشهرٌ معدودات ويأتي دور "الثور الأسودِ" ، ليتمّ "أكل" الراتب الوظيفيّ ايضاً . فليس من المقبول والمعقول و المنطقيّ أنْ يتقاضى الأستاذ الجامعيّ راتباً بملايين الدنانير أثناء الخدمة ، و راتباً تقاعدياً لا يزيد عن 800 الف دينار شهريّاً (كحدٍّ أعلى) عند احالتهِ على التقاعد . فـ [ "الدكتور" و"الأستاذ" الجامعي هو دكتور واستاذ جامعي عندما كان في الخدمة فقط . وعندما يُحال على التقاعد سيصبحُ "مواطناً عاديّاً" يتقاضى ما يتقاضاه أقرانهُ من "المواطنين العاديّين" من راتبِ تقاعديّ] .. كما قال (نَصّاً) الأستاذ – المحامي – القاضي – السيّد طارق حرب في حوارٍ حول قانون التأمينات الاجتماعية المُقترح أجرتهُ معه قناة الفلّوجة الفضائيّة مساء أمس . يا لهُ من اقتصاد . يا لهم من اقتصاديّين . يا لها من "دولة" . كانوا غارقين بفائض "الريع" .. فأتخمونا بمكرماتهم السخيّة . وعندما شحّ "الريع" .. شَحّوا . وعندما تعودُ أسعار النفط ، وتقفزُ بـ "الزانةِ" من جديد .. ستهطلُ علينا أمطار "المكرمات" الريعيّة من جديد. منذ فتحنا أعيننا على السلوك الاقتصادي لـ "دولتنا" العتيدة ، وهي دولة "مكرمات" و "هِباتْ" و "هَبّاتْ" وليست دولة " منظومات " و "سياسات " و "مؤسّسات " . لقد عشنا ذلك وكنّا شهوداً عليه ، منذ مكرمات ثورة 1958 المجيدة .. الى مكرمة "الدجاجة" أيّام الحصار الأسود "الدوليّ" البغيض .. الى مكرمة قوانين الرواتب "الخاصّة" (منذ العام 2003وإلى زمننا الراهن هذا).. إلى جميع المَكْرَمات" الأخرى ، على اختلاف مسميّاتها ، واختلاف الفئات المشمولة بها . إنّ دولةً كهذه ، تتخبّطُ في قوانين خدمتها ورواتب موظّفيها ، كلّما تخبّط بها موجُ الريع الخابط ، وخَبَطها خَبْطاً .. هي ليستْ "دولةً " فقط ، بل هي من اكثر الدول روعةً في هذا العالم .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولة المَكْرَمات و دولة الاصلاحات في العراق ( 1958 – 2017 )
-
ارْحَمُوا عَزِيزَ قَوْمٍ ذَلَّ
-
عُمدة البندقيّة وعيد الأضحى المُبارك
-
الأستاذ الجامعي بين قانون الخدمة الجامعية النافذ وقانون التأ
...
-
ماذا بك ؟
-
سَفْرَة وزاريّة
-
الدكتاتورية التنمويّة ما بين العراق و كوريا الجنوبية
-
لي ميونغ باك .. و أحلامنا المستحيلة
-
مُقابِلَ لا شيء . لا شيء
-
صاموط لاموط
-
لا تتدافَعوا .. لا تتدافَعوا
-
ساعات .. ساعات
-
اشياء كثيرة .. ليست على ما يُرام
-
عُدْ الى الليل
-
حُزنُ المُدُنِ الثلاث
-
جَدَليّات الدَجَل الوطنيّ
-
لو عُدْتُ الى الأمس
-
عيد حداثوي
-
سيرةُ الفراشة و فرَسِ النهر
-
عيوب دوليّة
المزيد.....
-
صادرات الغاز الإيراني إلى العراق تسجل 15 مليار دولار
-
-بريكس- توجه -ضربة قاصمة- لمصدري الحبوب في الغرب
-
واتساب يصدم مستخدمية بهذه الميزة.. اضافة مميزات واتساب الذهب
...
-
حمله وشوف مميزاته بنفسك .. خطوات تثبيت أحدث نسخة من واتساب ع
...
-
تقرير: مصر تتجه لاستيراد كمية كبيرة من الغاز
-
الروبل يخالف التوقعات
-
تعرف على أكبر منتجي ومستوردي الأرز.. بينها دولتان عربيتان
-
وزير الاقتصاد الإسرائيلي يدعو لمقاطعة شركة شتراوس
-
-بلومبرغ-: دبي تفقد جاذبيتها بالنسبة للروس
-
الانتخابات المحلية في تركيا.. إسطنبول في قلب المنافسة
المزيد.....
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
-
جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال
...
/ الهادي هبَّاني
-
الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية
/ دلير زنكنة
-
تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك
/ الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
المزيد.....
|