أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود الشيخ - صراع الأجيال اختلاف نمط الحياة















المزيد.....

صراع الأجيال اختلاف نمط الحياة


محمود الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 5622 - 2017 / 8 / 27 - 15:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



لو عدنا الى الخلف اربع عقود او اكثر من الزمن سنلاحظ بلا شك ان اشياء كتيرة، تبدلت وتغيرت او جرى على بعضها تغير ما، وان نمط حياة الناس واشكال حياتهم واسلوبها تبدلت واختلف عن اليوم درجات، بعد استعراضي لعدد الذكور الذين يرتدون الحطة والعقال والكمباز في بلدتي المزرعة لشرقية، اكتشفت ان عدد من يرتدي الحطة والعقال فقط هم (20) رجلا، ولا يوجد من يرتدي الكمباز، آخرهم توفي قبل ثلاثة سنوات او نيف، واربعه من مرتدي الحطات محيرين، أي انهم يرتدونها احيانا واحيانا اخرى يمشون مع الأغنية الشعبية التى تقول ( والله لفرع وارمي الطاقيه ) وأي واحد من مرتدي الحطة والعقال يتوفاه الله ينقص عددهم بالتدريج، مثلما حصل مع الذين كانوا يلبسون الديماية او الكمباز.
وبطبيعة الحال تعود الأسباب التى أدّت الى اقلاع الناس عن ارتدائها او تغير ملابسهم، وقد جرى مع تغيير ملابسهم تغييرا على انماط حياتهم وسلوكهم، لم تبق انماط الحياة هي هي وكذلك سلوك الناس تغير بالضرورة، مما يعني ان انتماء الناس لم يبق للثقافة التى لازمتهم عندما كانوا يعملون في الزراعة، فهم اقرب بذلك على ثقافة وعلى سلوك ينسجم مع عاداتهم وتقاليدهم المتمشية مع ظروفهم الإقتصادية، خاصة وان قطاع الزراعة هو المسيطر على حياة الناس، ولذلك بالضروره تغير كل شيء مع تغير ظروف حياة الناس، وبما ان لكل مرحلة لباسها وسلوكها الذى ينسجم معها، لذا سيلعب تغير اللباس دورا في توجيه سلوك الأفراد، وطريقة تكوين شخصياتهم، ففي المرحلة التى عاشها من كان يرتدي الكمباز والحطة والعقال، كان الناس يعتمدون فيها على الزراعة، والوظائف الحكومية وهي قليلة ونادرة، كالزراعة كالحصاد،وزراعة الخضروات، البندورة مثلا، وحلب الأغنام وتصنيع الحليب جبنا ولبنا وزبدة وسمنا، ولم يكن النوم لا للنساء ولا للرجال مسموحا به لأكثر من صلاة الفجر، تذهب النسوة إمّا لزراعة البندورة او لحصاد القمح والشعير والعدس والبقوليات وغيرها من الحبوب،او تذهب لجمع الحطب،حامله معها اداة الجمع ( منتاش ) على رأسها ليعدن مع الظهر حاملات ( حملة النتش ) لإستخدامها في الطهي او تسخين المياه، غير ما يجمعنه من روث الأغنام ( للطوابين ) التى تستعمل للخبز، او ينهضن باكرا للذهاب الى العيون لجلب الماء عند شحها، يرتدين في ذلك الزمن وفي تلك الظروف لباسا محتشما أي كاملا يغطي كل اجزاء جسد الواحدة منهن، وفضفاض كي ترتاح في حركتها وعملها، وهو يختلف عن لباسهن اليوم،ويرتدين الثوب الفلاحي خفيف التطريز وتكاليفه بسيطة،غير عن الأثواب التى يخطنها اليوم وتكلف اكتر من ألف الى ألفي دولار، ويتبارين في افخم تشكيلة من الألوان والرسومات على الذى يرتدينه في الأعراس فقط كزي فلسطيني جميل،ف (90% ) من النساء في الأعراس يرتدين الزي الفلسطيني او الثوب الفلسطيني، وهو دليل انتماء النساء في بلادنا لثقافة الجدات في الثوب الفلسطيني كمصدر فخر وانتماء حقيقي لفلسطينيتهن.
وهنا استطيع القول ان النساء في معظم قرانا اصبح الثوب الفلاحي المطرز عندهن للمناسبات فقط، ولا يمثل لبسهن الإعتيادي، بل غدا لباسهن المتداول هو إمّا الجلبات للنساء متوسطات السن اللواتي فوق ال (40) سنة، وأمّا الصبايا الصغيرات فلباسهن البنطال والبلوزة، وأمّا الثوب الفلاحي في بلدتي فالملتزمات في لبسه بشكل دائم عددهن فقط ( 42 ) امرأة، وهناك ما يقرب ال (20) امرأة محيرات بين لبسه ولبس الدشداشة وليس الجلباب.
وبطبيعة الحال التغير الذى طرأ على اللباس ليس النساء فقط، بل ايضا الرجال كذلك هو نتيجو طبيعيه لتغير الظروف الحياتية والإقتصادية للناس، واليوم لا تشارك المرأة لا في الحصاد ولا في حلب الأغنام ولا في زراعة الخضروات، ولا في أي عمل زراعي لأن معظم الناس تركوا الزراعة في بلدتي لعدة اسباب، منها ان الزراعه لم تعد تشكل مصدر دخل كاف للعائلة يغطي نفقات حياتها، وان الإنشغال فيها يعطل الناس عن العمل في سوق العمل الذى اولا فتحته اسرائيل بهدف ابعاد الناس عن ارضهم، لتصبح بورا وغير مفتلحة، وثانيا ابعاد الناس عن المقاومه في حينها التى حققت انتصارا في حربها مع اسرائيل في اذار من عام 1968 في الشومن والكرامة، وثالثا بسبب اتساع سوق العمل الفلسطيني رغم قصوره عن تغطية الطاقة التشغيلية للعاطلين عن العمل، فإرتفاع نسبة المال المستثمر خاصة في قطاع البناء شكل سببا هو الأخر في ابتعاد الناس عن الأرض وعن زراعتها، ورابعا في بلدي تحديدا شكلت الهجرة لأمريكا عاملا مهما في ابتعاد الناس عن الأرض، بل ان الهجرة الى امريكا كان لها مردودا ايجابيا غير المردود السلبي، وهو اتساع النهضة العمرانية في البلدة، بحيث انها غدت مميزة في طرازها ولونها وحجمها، مما دفع افواجا من الشباب من مختلف الأعمار للبحث عن طريقه للهجرة الى امريكا؛ ليقيموا المنازل الفخمة كالتى أقامها من سبقوهم الى امريكا ويحسنوا اوضاعهم المعيشية.
كل ذلك لعب دورا ليس في تغير هندام الشباب والنساء فحسب، بل ايضا لعب دورا في التأثير على سلوكهم ونمط حياتهم، وسفر الشباب الى امريكا ادخل عليهم ثقافة جديدة في حلق رؤوسهم وفي وملابسهم، ولم يفكر احد فينا يوما من الأيام ان يرتدي شورت وبلوزة ويخرج فيها للشارع وامام الناس، أمّا اليوم فيرتدون البنطال القصير فوق الركبة والبلوزة او الشباح ويخرجون الى الشارع دون اعتراض من احد، مما يعني ان هذا اللباس اصبح مقبولا عند غالبية الناس، او ان قبولهم له من باب عدم قدرتهم على معارضته.
يضاف الى ذلك ان ارتفاع نسبة التعليم وانخراط المرأة في سوق العمل ادى الى احداث نقله نوعيه في لباس الفتيات "كالفيزون" مثلا في المدينة وكذلك ما طرأ من تغير خاصة في الريف الفلسطيني، ففي السبعينات كانت جامعة بيرزيت كلية قدرتها الإستيعابية لم تكن كما هي اليوم بعدماما غدت جامع، وجامعة النجاح كانت كلية ولم يكن في البلاد هذا العدد من الجامعات كما هو اليوم تتسع ل (250) الف طالب جامعي،وكذلك لم تكن المدارس بهذا العدد لا في الريف الفلسطيني ولا في المدن، ومستوى التعليم لم يكن كما هو اليوم، وقد كان من يحصل على "المترك" حينها يعتبر متعلما ويوظف معلما، أمّاا اليوم فمن لم تحصل على درجات علمية كدرجة الماجستير او الدكتوراة من الصعب ان تحصل على وظيفه، فهناك اليوم (400) الف عاطل عن العمل معظمهم من خريجي الجامعات،ويشير هذا طبعا الى ارتفاع كبير في نسبة التعليم خاصة في الريف الفلسطيني الذى جرى عليه تحول واسع في الثقافة وسلوك ونمط حياة الناس، وصاحب هذا التغير تغيير في اللباس.
وهذا يؤكد ان الطبيعة الإجتماعية للناس حدث فيها تغيير كبير جدا، فمثلا في السابق كانت العائله او الحاموله اكثر تماسكا ومتانة، ومختارها كان له وزن وكلمة، وأمّا اليوم فقد تغيرت اوضاع العائلات، ولم يعد هناك مختار اصلا، ومعظم العائلات تفككت رغم عودة العائلية وظاهرة الدواوين، بفعل القصور الكبير لقوانا السياسية التى تركت الريف الفلسطيني بلا تربية كوادر قادرة على تحمل المسؤولية السياسية والإجتماعية، فكانت تبحث عن جمهور لها فقط،وتخلت عن دورها في عملية استقطاب الجماهير رغم ان المجال لا زال مفتوحا ان ارادت القيام بهذه المهمة، بشرط ان تحتل الدور الريادي في العمل الوطني وتأخذ دورها الطبيعي في قيادة العمل الوطني ليس شكلا بل فعلا.
خلاصة القول وما يهمنا في مقالنا هو التبدلات التى طرأت على لباس الناس خاصة في الريف الفلسطيني، وعلى اسلوب حياتهم وانماط معيشتهم،ارتبط ذلك في تغير الظروف الإقتصادية مما تسبب في احداث تغيرات وتبدلات اجتماعية وثقافية فكل شي له سببه ومرتبط ببعضه البعض.



#محمود_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لم يشكل ارتفاع نسبة التعليم معول هدم للعقليات القديمة
- ليس بمنع التعليم المختلط تحافظون على الشرف
- هل منصب وزير كاف لإطلاق حركة سياسية فلسطينية واعدة
- زلزال ينتتظر السياسه الفلسطينية ان لم تتغير
- ارادة الجماهير فوق كل القوانين ولن تقبل بالخداع
- الدور المهم لتعليم البنات في المزرعة الشرقية
- في ظل غياب الحياة السياسيه تنتشر الفوضى ويعم الفساد
- سيطرة الشعور بالإحباط افقد الناس الثقة بالقيادات وبالأحزاب ا ...
- ادارة البلديات ليست حقل تجارب
- هل تخضع المزرعة الشرقية وبلديتها لخدعة في الإنتخبات التكميلي ...
- مؤتمر مدريد كان بداية الكارثة
- لماذا نظام القوائم في انتخابات البلديات لا يناسبنا
- أي قانون هذا يفرض على الناس مجلسا لم ينتخبوه
- لماذا تفشت ظاهرة الدواوين في الريف الفلسطيني
- المقدسيون سيلوون ذراع الاحتلال
- معركة الأقصى معركة كرامة وسيادة


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمود الشيخ - صراع الأجيال اختلاف نمط الحياة