أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المرأة والحرب في رواية -زبد الحديد- إيفان أوخانوف














المزيد.....

المرأة والحرب في رواية -زبد الحديد- إيفان أوخانوف


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5621 - 2017 / 8 / 26 - 03:46
المحور: الادب والفن
    


المرأة والحرب في رواية
"زبد الحديد"
إيفان أوخانوف
بين حين وآخر أحب تناول الأدب الاشتراكي، خاصة الأدب المتواضع في حجمه، فكلنا يعلم أن السوفييت أنتجوا أعمال أدبية ضخمة الحجمة، بحيث لا يجد المتلقي لها حاليا الوقت الكافي لقراءتها، وهناك مسألة الإيمان والاصرار على التمسك بالمبادئ والتي نفتقدها، فنحن نعيش في عصر الانتهازية ومفهوم (الكل) الذي يعطي مبررا لكي "نخوض مع الخائضين" فيما يقومون به من اعمال قبيحة وغير اخلاقية، إن كانت على مستوى الشخصي أو العام، وهذا ما انعكس على الادبي العربي عامة كما هو الحال في رواية "عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسواني، وفي الروايات الفلسطينية خاصة تلك التي نشرت بعد تشكيل السلطة الفلسطينية، فنجد غالبية أعمال الروائي ل"أحمد رفيق عوض وعارف الحسيني وعباس دويكات ووليد الشرفا وغيرهم " تتحدث عن الفساد الذي أخذ يتفشى في مؤسسات السلطة وفي المجتمع الفلسطيني، حتى بتنا نعيش الواقع في الاعمال الروائية، وهذا مزعج بعض الشيء لنا، حيث نتوخى في الادب الهروب من الواقع والعيش في عالم يشعرنا بالفرح، ويخرجنا من حالة البؤس، لهذا نقول: "لا بد من العمل على انتاج ادب يجعلنا نتجاوز واقعنا، يعطينا أمل، الفرح، ورؤية مستقبلية سوية للحياة".
ما يحسب لهذه الرواية أنها تجاوز عصرها من خلال تواضع حجمها بالنسبة للأعمال الروائية السوفييتية الأخرى، ومن خلال وجود حالة الصراع عند بطلها "أوستين" الذي يصاب في المعركة بالصم، بحيث لم يعد يقدر على المشاركة في المعارك، ورغم حصوله على وسام الشجاعة ورغم تفهم اللجنة العسكرية لوضعه الخاص، ورغم أنه يخدم ويعمل في الجبهة الداخلية بكل تفاني واخلاص إلا أنه غير راضا عن نفسه، لهذا عندما شفى من صمه اتجه إلى اللجنة العسكرية ليخبرها بأن سبب ابتعاده عن الخطوط الامامية قد انتهى وباستطاعته أن يكون جنديا معافى تماما: "أنا الآن سالم معافى واستطيع أن أعود ثانية إلى الخطوط الجبهة...إن موعد حضوري للمثول أمام اللجنة الطبية هو في شهر شباط، غير أن هذا المسألة لم تعد لها في نظري أية أهمية، أرجو مساعدتكم في ترحيلي إلى المواقع الأمامية" ص197، مثل هذا الطرح نحتاج، فالنص الأدبي لا بد أن يترك أثرا على المتلقي، فعندما نقرأ/نتلقى مثل هذا الطرح لا بد أن ننحاز إلى الفعل والعمل الايجابي، وأن نكون بمعنوية وبأمل يساعدنا في المستقبل، لكن عندما يكون الواقع والأدب والفنون (متحالفان) ضدنا يكون حالنا صعبا وقاسيا.
الحرب
يصف لنا الراوي الحرب بهذا القول: "كارثة الكوارث على وجه البسيطة كلها" ص34، ويكاد أن يكتفي به، لولا وجود هذا المواقف الذي تحدث فيه عن الحرب ولمعارك: "اصابت احدى القذائف القبر الجماعي الطري الندي فأخرجت بانفجارها الرهيب جثث الموتى ورمت بها متناثرة" ص124، وكأن الراوي ـ في عقله الباطن ـ من خلال عزوفة عن الحديث المباشر عن الحرب يريدنا نحن أيضا المتلقين الابتعاد عن الخوض في الحروب، فهي فعل غير إنساني، ويسبب الآلام لنا ولأسرنا ولعائلاتنا، وهذا أجمل ما جاءت به الرواية، لكن كيف استطاع الراوي أن يقدم لنا عملا روائيا عن الحرب دون الخوض في الحديث المباشر عنها؟ وهل يمكن أن نقرأ عملا روائيا عن الحرب دون الخوض في تفاصيلها؟ نقول نعم، من خلال الحديث عما تسببه الحرب للأفراد، للإنسان، إن كان رجلا أو امرأة، فالراوي استطاع أن يخبرنا عن "كارثة الكوارث" من خلال تناوله لما تعانيه المرأة في الحرب، لما تفتقده فيها.
ونستطيع القول أن الراوي نجح تماما في إيصال فكرته عن الحرب من خلال تركيزه على المرأة، فهي أكثر تأثيرا علينا، وننحاز لها، يصف لنا "فاستنين" أثر الحرب عليها فيقول: "نصف سكان القرية عندنا من الارامل وزوجات الجنود، ثم هاكم الصبايا اللواتي بدأن يدركن الرشد" ص40، الحديث هنا يدور عن الخلل الذي تسببه الحرب في بنية المجتمع، فهي تشوهه وتحدث خلا كبيرا في بنيته، فالنساء يكثرن والرجال يقلون.
إذا كان هذا قول/صوت الرجل، فكيف يكون صوت/قول المرأة؟ : "في أحلامي أراك، اقبلك يا أوستينوشكا، وأنت تلاطفني بعذوبه وحلاة...آه ما ألذها من ملاطفة، ليتني أظل هكذا دون أن أفيق من نومي... أصحو فينتهي الحب... أضطجع مريضة متوترة ملتهبة المشاعر وسط وسائد عالية محشوة بالزغب" ص76، كلام صادر من أنثى وليس من الراوي، فهي من يتكلم، تخبرنا عما فقدته في الحرب، تحدثنا عن حبيبها، عن زوجها، فالحرب الملعونة جعلتها بهذه الحالة غير السوية، وهنا تكمن عبقرية الراوي، تقديم فكرته عن الحرب بشكل غير مباشر، وبشكل مؤثر جدا، استخدام صوت المرأة.
يبتعد الراوي عن المباشرة في تقديم أفكاره، ويميل إلى التورية والاختفاء وراء المعنى العام للكلمات، وهذا أيضا يحسب له، فتقول "نيوركا" عن حاجتها للجنس: "سامحني يا أوستين ... لكنني الهبت النار في قلبي وحسب، ... دجاجة جائعة ورأت في منامها دخانا" ص77، وإذا ما عرفنا أن "نيوركا" تريد ممارسة الجنس مع "أوستين" بطريقة غير مشروعة، يتأكد لنا هول الحرب وما تخلفه من سلبيات على منظومة الأخلاق في المجتمع.
وإذا ما توقفنا عند المشهدين السابقين، نجدهما يتناول حالة الحلم، الا شعور عند المرأة فكيف سيكون حالها في حالة الوعي؟.
يخبرنا من خلال مرأة تصرخ وتطالب مجتمع الذكور بالتوقف عن خوض الحرب لأنها تحرمها من شيء مهم وأساسي في حياتها، الجنس: "ما حاجتي إلى الفراش الناعم الوثير إن لم يكن ثمة رجل يشاركني الرقاد فيه؟" ص161، من هنا يتأكد لنا أن الحرب عمل غير إنساني وغير سوي يقدم عليه البشر، فالراوي من خلال صوت النساء يخبرنا بضرورة الابتعاد عنها وتجنبها، هذا ما اخبرتنا إياه نساء الرواية.
الرواية من منشورات دار المأمون للترجمة والنشر، وزارة الثقافة والاعلام، بغداد، الجمهورية العراقية، 1989، ترجمة حسن البياتي.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهدهد الذي يرى في قصيدة
- أثر الواقع في ديوان -زفير- سعادة أبو عراق
- عالم السماء والأرض في قصيدة -مرايا العشق- جواد العقاد
- البياض والسواد في قصيدة -ذكريات وألم- منصور الريكان
- مناقشة بضع قصائد للشاعر مهند ضميدي
- نحن والاحتلال في قصة -الاشتباك- سعادة أبو عراق
- فاكهة الكتاب في -هذا ما أعنيه- سليم النفار
- المغالاة في رواية -رفقا بما تبقى مني- زينة إياد حلبوني
- اللقاء بين الإنجيل والقرآن
- حاجتنا إلى الإنجيل
- مصر والتحرر في كتاب -جمال عبد الناصر- اجار يشيف
- الخراب في كتاب -خريف الغضب- محمد حسنين هيكل
- الحكمة في كتاب -كهل وكهف وقول- نجاح الخياط
- حقيقة الاخوان في كتاب -سر المعبد- ثروت الخرباوي
- شعب لا يعرف كيف يفرح
- الدخول إلى قصة -العائد- إبراهيم نوفل
- تشابه سلوك التيارات الدينية في كتاب -الثورة البائسة- موسى ال ...
- سلاسة السرد وسهولته في مجموعة -الأدرد- مجدلين أبو الرب
- الطبخ السياسي
- سلسة السرد في رواية -ثلاثة فلسطين- نبيل خوري


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - المرأة والحرب في رواية -زبد الحديد- إيفان أوخانوف