أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - بين الحب الدنجواني والحب العذري: تمرد على شريعة الزواج . قراءة في كتاب في الحب والحب العذري للفيلسوف السوري صادق جلال العظم















المزيد.....

بين الحب الدنجواني والحب العذري: تمرد على شريعة الزواج . قراءة في كتاب في الحب والحب العذري للفيلسوف السوري صادق جلال العظم


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5620 - 2017 / 8 / 25 - 22:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بين الحب الدنجواني والحب العذري : تمرد على شريعة الزواج
قراءة في كتاب : في الحب والحب العذري للفيلسوف السوري صادق جلال العظم

1 ) صادق جلال العظم في سطور

ولد الفيلسوف السوري صادق جلال العظم سنة 1934 بالعاصمة السورية دمشق، وتوفي في برلين سنة 2016، كتب العظم في الفلسفة برؤية نقدية للواقع العربي محاولا استنهاض هممه والتركيز على القضايا الحساسة مثل الدين والجنس والسياسة، ومن اللافت القول أن العظم كان عضوا في المنظمة السورية لحقوق الإنسان ودافع عن مشروعية الثورة السورية للإطاحة باستبداد نظام الأسد. في سنة 1969 حوكم العظم من طرف النظام الطائفي في لبنان عقب صدور كتابه : " نقد الفكر الديني " الذي شكل انقلابا فكريا في الوطن العربي بعد الهزيمة المذلة ضد إسرائيل في يونيو /حزيران عام 1967، ومازال هذا الكتاب أكثر راهنية في ظل الحرب الدينية المسعورة في البلاد العربية بين الطائفتين السنية والشيعية، واحتكار الدولة للدين، ناهيك عن عدم تلقف الشعوب العربية للكتاب لأنها ليست مجتمعات قارئة مدعوة لهضمه . خرج العظم منتصرا وحكم عليه بالبراءة، ثم غادر لبنان صوب أمريكا، وهناك اشتغل بجامعة يال، ورجع إلى سورية سنة 1977م، وقد اشتغل بجامعة الأردن سنة 1969 ودرس أيضا في ألمانيا. من أهم أعماله : نقد الفكر الديني، دفاعا عن المادية والتاريخ، في الحب والحب العذري . في هذا الإطار ارتأيت أن أقوم بدراسة تحليلية للكتاب الأخير لما يمثله من أهمية قصوى في الفكر والواقع العربيين حيث استحوذت النظرة الاختزالية التبسيطية للحب، إذ تم اختزال الحب فيما هو مادي نفعي براغماتي لحظي، الشيء الذي افقده كل معناه، وقد بات اللازم التذكير أن الحب مفهوم متشعب ومتعدد يتلخص في حب صوفي وجسدي وعذري ودونجواني وغيرها من الأشكال .

2) في تعريف الحب

يرى الفيلسوف صادق جلال العظم أن الفلاسفة والمفكرين درسوا الحب وتأملوا طبيعته منذ أقدم العصور وعالجوه من جميع أوجهه على مستويات عدة،فهناك الحب الجنسي والحب الصوفي للذات الإلهية مرورا بمحبة الإنسانية جمعاء ومحبة الحقيقة والجمال والمثل العليا وكل القضايا التي تدخل في صلب نظرة الإنسان إلى الكون والحياة .إلا أن العظم يؤكد أن الحب الذي يعنيه ليس حب البحث عن الحقيقة المطلقة أو حب المثل الافلاطونية السرمدية، بل إن الحب الذي يقصد هو عبارة عن أطياف من المشاعر والأحاسيس والانفعالات المتقاربة المتشابهة المترابطة ترابطا عضويا في النفس الإنسانية، وبتعبير أدق إن الحب هو الشهوة والحاجة والنزوع والميل إلى امتلاك المحبوب بصورة من الصور والاتحاد به بغية إشباع هذا النهم وتحقيق الشعور بالاكتفاء والرضى .غير أن العظم يستدرك قائلا أنه لا يريد التوحيد بين الحب وبين الرغبة الجنسية البحتة، إن ظاهرة الحب أشد تعقيدا بأن يتم تبسيطها إلى موضوع جنسي يتطلب تفريغ طاقة معينة أو إزالة توتر عضوي متراكم.فالذي يعشق ويحب : يصطفي المحبوب عن بقية الأشخاص ليركز عليه أحاسيسه وعواطفه وغرامه كما لو كان الشخص الوحيد في الكون الذي بإمكانه أن يفي بمتطلبات هواه وحبه دون غيره من بقية الكائنات، بهذا المعنى يرى الفيلسوف السوري أن الحب يميز وينتقي ويفرق بخلاف الرغبة الجنسية المحض التي تعتبر جميع الموضوعات الجنسية سواء بسواء طالما أنها تزيل توترها وتخفف من حدة هياجها، فالذي يعشق ويحب : يصطفي المحبوب عن بقية الأشخاص ليركز عليه أحاسيسه وعواطفه وغرامه كما لو كان الشخص الوحيد في الكون الذي بإمكانه أن يفي بمتطلبات هواه وحبه دون غيره من بقية الكائنات، بهذا المعنى يرى الفيلسوف السوري أن الحب يميز وينتقي ويفرق بخلاف الرغبة الجنسية المحض التي تعتبر جميع الموضوعات الجنسية سواء بسواء طالما أنها تزيل توترها وتخفف من حدة هياجها.
لذلك فالإنسان الذي يعاني من الكبت المستمر والحرمان الجنسي الطويل عاجز في الحقيقة عن التمييز بين حالات الشعور بمجرد الانجذاب الجنسي والميل إلى إشباع رغبته وبين الحب لكونه حالة تتخطى حالة الانجذاب الأولى، وبالتالي فالحب يزدهر بعد العبور بمرحلة الانجذاب الجنسي وتخطيها إلى ما هو أهم وأرفع و أكثر تعقيدا ولا حياة له على حساب رغبات الجسد أو بالرغم عنها أو باتجاه مضاد لاتجاهها أو نتيجة لكبتها وقمعها. ومن ثمة يرى العظم أن الحب الناضج يأتي دوما بعد المرور بها، فالإنسان الذي يعاني من جوع شديد لا يميز بين المآكل والمشارب.بالإضافة إلى ذلك، فالحب هو انفعال تلقائي وعفوي، يجيش في قلب الإنسان دون البحث في العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وليس هذا وحسب، إن الحب طاقة إيجابية تسعى إلى إسعاد الآخر والتضحية من أجله، لكنه في الوقت نفسه رديف لكل ما هو سلبي وصادم وعنيف، فالحب لا يحيي الإنسان إلا إذا دمره حين يلهب الخيال وينساب معه العاشق وكأنه أمام قدر محتوم لا حول له ولا قوة على رده ويعطينا العظم مثالا على ذلك يتعلق بكليوباترا التي جعلت من مارك أنطوني المتيم بها يقول : " لندع روما في نهر التبير تذوب" . إن الحب ماحق ومدمر قد يسقط الإمبراطوريات والعروش.

2) مفارقة الحب

في الفصل الثاني من الكتاب، يرى العظم أن عاطفة الحب تتصف ببعدين رئيسيين هما : 1- الامتداد في الزمان، بمعنى أن الحالة العاطفية تستمر عبر فترة معينة من الزمن، 2- الاشتداد الذي يتجلى في عنف الحالة العاطفية، فالحب يبنى بشكل تراكمي كأن يبدأ بعلاقة صداقة ثم يتطور إلى محبة أو العكس بالعكس .ويرى العظم أنه لا يجب الاعتقاد أن العلاقة بين امتداد الحب واشتداده هي بالبساطة التي تبدو عليها لأول وهلة، فالواقع يكشف أنه كلما امتد الحب وطالت مدته خفت حدته وتناقص اشتداده باتجاه يقترب باستمرار من درجة الصفر كحد أدنى، بالمقابل كلما قصرت الفترة التي تمتد عبرها التجربة الغرامية العنيفة تكثفت الانفعالات الجياشة وانضغطت العواطف الجامحة في عدد أقل من اللحظات إلى أن يبدو للعاشقين وكأنهما على وشك ملامسة تجربة تكشف لهما الدنيا مضغوطة ومكثفة دفعة واحدة في لحظة مطلقة لا امتداد لها أبدا.يرى أن العظم أن الكاتب موليير من الكتاب المسرحيين الذين أشاروا إلى العلاقة القائمة بين امتداد الحب واشتداده من خلال أحد أبطال مسرحيته وهو (دونجوان ) .

يلفت العظم أن الحب مهما امتد ومهما اشتد ليس إلا نظرية وهمية، لأنه لا يتحقق في واقع التجربة العاطفية، إذ لابد له من نهاية وفتور فالحب مهما كان عنيفا ومهما طال، لابد أن يشحب ويفتر، يمكن أن نلاحظ ذلك داخل مؤسسة الزواج التي تمثل رمزا للطمأنينة والسكينة والاستقرار للفريقين المتحابين، لكن هل يمكن أن تظل شعلة الحب ملتهبة في ظل مؤسسة الزواج ؟ هل تعمل شريعة الامتداد على إبقاء الحب مشتعلا؟يجيب العظم أن شريعة الامتداد التي تتجلى في مؤسسة الزواج، هدفها هو إبقاء الحب على قيد الحياة على الرغم من تقلبات الزمان وكأنها تطلب له الخلود، بمعنى أن يظل مشتدا في قمة الانفعال والجيشان، أي أن تكون شعلته دوما ملتهبة متوهجة تحرق الحبيب والمحبوب معا وتذيبهما في وحدة تامة حتى يقول الواحد للآخر يا أنا في ساعة الامتلاك . لكن هذه النزعة لا تحصل إلا نادرا داخل مؤسسة الزواج، فالاشتداد يتجسد في المغامرة الغرامية الدنجوانية التي تحدث عنها موليير والتي توجد خارج الزواج مكسرة الرتابة والهدوء والمشاغل اليومية وفراغها، إنها سنة العشق والاشتداد. هذه هي المفارقة التي يثيرها الحب، فهو إما يظل ساكنا فاترا محجوزا داخل الزواج، و إما ينعتق مشتعلا خارجها في إطار الاشتداد . إن سنة هذا الأخير تبرز في شخصية الدنجوان الذي يعد رمز للحب العنيف والانفعال الحاد والتجديد المستمر مكرسا كل ما يبعث على الرتابة والتكرار والملل، إنه يرفض العلاقات العاطفية الدائمة المستقرة ويرفض مؤسسة الزواج، لأنها مملة باعثة على النفور، ومن هذا المنطلق كان الدنجوان يحتقر الأزواج وينتقم من إغراء الزوجات ويلجأ إلى التنويع المستمر والتبديل الدائم في علاقاته الغرامية وإلى الغزوات والمغامرات العاطفية المتلاحقة لما يبعثه من سأم وشحوب وملل في الحب .إن دنجوان هو شخصية تهز قلوب النساء، وتبهر عقول الرجال على الرغم من أنه عديم الوفاء ويقف موقفا معاديا لكافة القيم التي نلتزم بها في حياتنا اليومية، والسبب هو أن دنجوان يتجاوب مع نزعة دفينة مكبوتة في نفس كل فرد منا وتمثل الانعتاق من قيود شريعة الامتداد التي تغلف حياتنا. ولا يكتفي العظم بوصف الشخصية الدنجوانية وحسب، بل يترك لها هامشا من الحرية لكي تعبر عن نفسها، يقول دنجوان أن التقيد بأول حب والانقطاع إليه هو شرف مزيف، فمن يحب مرة واحد هو كمن يدفن نفسه إلى الأبد في قبر سحيق، إن حبا واحدا يقطع أمامنا الاستجابة لأنواع الجمال المختلفة، يضيف دنجوان أن الثبات لا يناسب إلا البسطاء والحمقى، فمادام الدنجواني ثائر ومتمرد يهزه الجمال هزا، إنه يسحره ولا سبيل سوى الاستسلام بسهولة لقوته الحلوة، والحب الذي يكنه الدنجواني لامرأة جميلة لا يجعل قلبه أبدا قادرا على الإجحاف في حق الأخريات.يهفو العاشق الدنجواني إلى الانتصار والبطولة، فلا شيء عنده أحلى من الانتصار على مقاومة امرأة جميلة، فقلبه مخلوق لكي يحب العالم كله ويرغب كما رغب الإسكندر أن توجد عوالم أخرى لكي يتمكن من أن ينقل إليها فتوحاته الغرامية، ويؤكد العظم أن لا شيء أطرف في مسرحية موليير من مقدرة الدنجوان على مغازلة فتاتين حاضرتين أمامه في نفس اللحظة، ونجاحه في إقناع كل منهما أنه يعشقها ويهيم بها وسيتزوجها هي دون الأخرى، مما جعل عشيقته الأولى شارلوت تلتفت نحو ماتورينا عشيقته الثانية وتقول لها: (لكنه يعشقني أنا )، فتجيبها ماتورينا :( بل سيتزوجني أنا ) . وفي خضم هذا الصراع الذي قد يعصف بخطة دنجوان، فيتجه نحو ماتورينا قائلا : (دعيها تظن ما تشاء ) ويلتفت بعدها مباشرة إلى شارلوت ليهمس في أذنيها : ( دعيها تمني النفس بما تريد )، ثم يعود ليكلم ماتورينا : ( أعبدك)، يلتفت إلى شارلوت :( إني ملك لك روحا وجسدا )، يتضح من هذه المقدرة في مغازلة الفتاتين دفعة واحدة من لدن دنجوان إلى مرونته وطلاقة لسانه، لا أحد يستطيع هزم امرأة عاشقة سوى لسان متحرك يخلق عوالما من السحر والجمال والحلم، إن المرأة بنت الحلم كما كشف بودلير في رواية مادام بوفاري، المرأة كائن رومانسي يعشق السرديات التي تتعالى على الواقع، إنها تنشد المستقبل لكي تتقوى وتتملك، فلو لم تكن كذلك فلماذا سقطت فتاتان في فخ دنجوان العاشق الكذاب في لحظة واحدة ؟ المرأة تعشق الكذب في مسرحية دنجوان لموليير، إنها بنته وضحيته كالفراشة التي تتهافت على الضوء، فهي تعشقه وتموت في حضنه لأن دنجوان ابن اللحظة، ابن الحاضر، لا مستقبل لديه، فهو سريع التقلب لا يخالص في عشقه ولا يناصح في وده، ثم إن دنجوان ينفض يده من مؤسسة الزواج ويرفض قمعها وقتلها للعشق والحب، فالزواج يكثر النسل والعدد، ولا يراهن على الحب، ومن الضروري التأكيد أن دنجوان لا سلطة لديه على المرأة إلا سلطة الكلام، فدنجوان لم يكن زعيما سياسيا مثل الخليفة المتوكل الذي وطىء أربعة آلاف جارية .

4) الحب العذري

درج الكتاب العرب على تفسير ظاهرة الحب العذري بنسبته إلى قبيلة بني عذرة التي اشتهرت بهذا النمط من الحب، إن الحب العذري يختلف عن الحب الدنجواني، ففي الأول يتعلق العاشق بواسطته بمحبوبة واحدة يرى فيها مثله الأعلى الذي يحقق له متعة الروح ورضى النفس واستقرار العاطفة، أما في الثاني فيتعلق العاشق بأكبر عدد ممكن من العشيقات، وبالتالي فالحب العذري هو مأساة تدور أحداثها بين عاشقين تسيطر على حبهما العفة والإخلاص والتوحيد والحرمان والطهارة، وبأنه انتصار الروح على الجسد، في هذا الصدد يعطي صادق جلال العظم بعض النماذج التي تتعلق بالحب العذري : إن ارتباط بثينة بجميل كانت أول مرة بوادي بغيض وهام كل واحد في حب الآخر، وبما أن العادات القبلية كانت تحرم الغزل والتشبيب بالبنات، حرمت القبائل الزواج على كل من يتشبب ببناتها، هنا يتساءل العظم: لماذا لم يكتم جميل حبه لبثينة إذا كان يريد الزواج بها ؟ إن جميل لم يكن يريد الزواج بها، لأن الزواج يقتل الحب، وهكذا تزوجت بثينة رجلا دميما أعور ولم تعش معه طيلة حياتها، فكان جميل يزورها وأنه كان يغار عليها من تقبيل زوجها لها، ومن هذا المنطلق يعاود العظم السؤال مرة أخرى : أين حقيقة العشاق العذريين التي ينسجونها حول العفة والبراءة؟يجيب العظم أن جميل كان يبوح بكل أسرار بثينة وكان يتهمها بصلة جديدة، بينما هي كان تهفو من وراء شعره الشهرة والظهور، ولكن رغم ذلك كان يعترض سبيلها وإن رفض أهلها، فجميل كان يتحدر من عشيرة قوية، إلا أن جميل يرفض الزواج شأنه في ذلك شأن دنجوان، فالحب لا يترعرع إلا خارج الزواج وتخلص من رتابة اليومي وعاش من خلال المسافة والبعد، هنا ينبت الحب ويتقوى، فيتلاقى دنجوان والعاشق العذري، غير أنهما يفترقان في كون دنجوان يعشق التنقل بين النساء والعاشق العذري يركز على امرأة واحدة محاربا كل الدخلاء الذين يشاركونه إياها، إنه يعرض نفسه للخطر في سبيله ومستعد للتضحية من أجلها متغزلا بها، ويلفت العظم في هذا الجانب أن العشاق العذريين حتى لو تذرعوا بالعفة والطهر والحياء، فإنهم لا يقيمون وزنا للحياء لحظة الفراق والبعد .لذلك يرى العظم أن العشاق العذريين يعتقدون أنهم مسيرون في أفعالهم وتصرفاتهم بقوة خارقة يصعب ردها والسيطرة عليها، فلولا المشيئة الإلهية لسقط يوسف في عشق امرأة العزيز . من هنا يخلص جلال العظم أن العشق العذري محاولة لمواجهة مفارقة الحب الكبرى والتغلب عليها باختيار نزعة الاشتداد في الحب ورعايتها عن طريق رفض الزواج لأنه يؤدي إلى خفوت الحب، يظهر من تحليل العظم لهذه الظاهرة أن العاشق العذري لا يعشق شخص حبيبته بقدر ما يحب عشقه هو لها، إنه يتلذذ بألمه .وبالتالي يعبر الحب العذري عن حالة مرضية متغلغلة في نفس العاشق وتتبين في ولعه بسقمه وهزاله وحرمانه وتلذذه بألمه وهزاله وتعاسته، إنها نوع من السادومازوشية التي تعني الميل إلى تعذيب الذات والغير .والأنكى من ذلك إن الحب العذري شهواني في أصله ونرجسي في موضوعه ومنحاه، فاهتمام العاشق ينصب على ذاته ومشاعره، فيبالغ في تصوير حبه.

5 ) خواطر أخيرة

في نهاية دراسته ينتقد العظم النظرة التقليدية للحب والتي تتجلى في الوعاظ الذين ينددون بالحبين العذري والدنجواني على اعتبار أنهما يفسدان الأخلاق ويؤديان إلى الركض وراء الشهوات، ويعتبر العظم أن هذه المعزوفة معروفة، حيث تدعي نقاء القيم في الماضي، مع العلم أن لا نقاء في الماضي ولا هم يحزنون، ومن ثمة يرى العظم أن تكسير الوصاية على الحب سوف يفضي إلى ثلاث غايات وهي :
- خلق أوضاع اقتصادية واجتماعية جديدة تؤدي الى تحرير العواطف والانفعالات والرغبات المكبوتة في الفرد من اغلالها التقليدية .
- تحرير جسم الإنسان وخاصة من الناحية الجنسية من النظرة التقليدية التي كانت تربطه دوما بالزلة والخطأ.
- تحرير الرابطة الزوجية من قيودها التقليدية وارتباطاتها الاقتصادية والاجتماعية والعشائرية، بهذا المعنى تحرير المرأة من الاستعباد التقليدي الذي لحق بها وإقرار حقها كاملا في اختيار سبيل حياتها العاطفية والغرامية .

ع ع/ 25 غشت 2017/ بنسليمان- المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مراكش إلى قلعة السراغنة : حرارة البحث عن التاريخ العميق !
- من امنتانوت إلى مراكش : الأرض القاحلة
- من أكادير إلى امنتانوت : حين تجتمع الحرارة المفرطة بالطريق ا ...
- من كلميم إلى تيزنيت : شدة المناخ
- كلميم : باب الصحراء
- من افني إلى كلميم : بين اكجكال واجكال : لبس في المعنى
- إفني : عروس تجلس على هضبة ساحرة
- من مير اللفت إلى ايفني : الطبيعة الجميلة / المهمشة
- من أكادير إلى مير اللفت: المغامرة الأولى
- الصويرة في سطور
- من الصويرة إلى أكادير : الخشوع أمام جلال الطبيعة .
- من الدار البيضاء الى الصويرة : سؤال الآخر يؤرقني
- من عين اللوح إلى الرباط: بحث في العوالم المنسية
- من عيون أم الربيع إلى عين اللوح : الطبيعة العذراء والتهميش ا ...
- من الدار البيضاء الى عيون أم الربيع : حين يختلط جمال الطبيعة ...
- المواطن أولا وأخيرا
- تقريظ الجهل
- ذكريات مدينة كان الخروج كان الخروج منها صعبا (6 )
- مازال هناك حنين
- ذكريات مدينة كان من الصعب الخروج منها (5 )


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - بين الحب الدنجواني والحب العذري: تمرد على شريعة الزواج . قراءة في كتاب في الحب والحب العذري للفيلسوف السوري صادق جلال العظم