أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمانة القروي - اكفان خضراء














المزيد.....

اكفان خضراء


جمانة القروي

الحوار المتمدن-العدد: 5619 - 2017 / 8 / 24 - 02:37
المحور: الادب والفن
    


اكفان خضراء

ضاقت الشوارع، شحت الطرق، متاهة من الازقة الملتوية،استحال كل شئ الى غور الزمن، ثلة بشر بوجوه مرعوبة تلبس اكفانا خضراء مهترئة، يحاصرونهم رهط من الاشرار بعيون ذئبية صائفة وانياب تقطر سماً زعافاً، تزعمهم وغداً بوجه مبهم، فيه عينان مستعرتان بالحقد وشارب اسود كث يغطي شفته الغليظة الزرقاء.
كان الليل في منتصفه والسماء داكنة عالية، اضواء النجوم بعيدة صامتة. اصطفت الاكفان الخضراء كحزمة قصب جافة، في قاعة لعب مغلقة سقفها يكاد ينطبق على ارضها، ارتفاعها بطول ذلك الرذل، مر بنا بخيلاء ثم ادارَ رأسه بتأن ماسحاً وجوهاً تحولت الى كتل طينية بعيون تاعسة وشفاه متشققة عطشى، كما لو انه يلتمس ملء عقله الفارغ بتلك الملامح المذعورة،.اشاعت نظراته المتحجرة الرعب فينا، كأن ناراً سجرت في اجسادنا الهزيلة المتصلبة، ثم اطلق ضحكة هوجاء.
انشدت الابصار نحوه، جمدت الكلمات قبل ان تنطق، تعالي صوت لهاث وشخير المنتظرين حتفهم، تقوست اعناقهم وهوت رؤسهم على الاكتاف، بنرق اعطى اشارته،تراجعت الاجساد المثخنة بالخوف والحيرة الى الوراء، غطت وجوه المنساقين للمجهول سحابة سوداء، دوي الطلقات الرشاشة تحكم وساد على كل شئ.
سحب المتعجرف مسدسه موجهاً فوهته لجباه المحتضرين والميتين وراح يجوس المكان بغطرسة وهو يطلق النار على الرؤوس الواحد تلو الاخر امعاناً في الانتقام .
تناثرت دماء الصرعى وبعض من اشلائهم على جسدي وهي تنزف دماً حاراً، وجوه مغروزة في الارض، اجساد تكورت باكفانها الخضراء الرثة التي تيبس عليها الدم مختلطاً بالتراب،امسيت كتلة من صلب يعبث بها القدر لم ابدِ باي حركة، تخفيتُ في جسد اخر، اتلصص من خلال الظلمة الدامسة التي تغلفني على فوهة المسدس الذي ستنطلق منه المنية، مع ان زمناً طويلاً قد انقضى وانا في وهدة المرارة التي اجتاحتني لكني شعرت بسعادة قد لاتكون في آوانها.
اقترب ازيز الاطلاقات من صدغي شيئا فشيئا، تطلعت اليه وانا مرتاع، ها هو يتجه نحوي سيطلق علي رصاصته الاخيرة! امطرتني الذاكرة بشبح امي وهي تصب الماء الساخن على راسي من دلوها وتغسل جسمي المعفر بالطين والدم. احتميت خلف ظهر اختي الكبرى من عصا ابي المخضبة بالماء والتي لاتعرف الرحمة. اقتفيت اثر نعجة هاربةٌ من القطيع، رايت الراعي بعينيه الجميلتين يتبعني مشدوهاً، جدار متصدع تسيل منه الدماء فتجرفني الى اللامكان، نهد جارتي التي كنت اتسلل لمخبئها كلما اتقد جسدي بالرغبة، ثمة فراشات ملونة حلقت حول تلك الاكفان الخضراء ربما هي ارواحهم الضالة. سياط موجعة تلهب ظهري،ورائحة صديد مقرف،تهادى الي انين مكتوم صمت بعد صبيب الرصاص.
ركزت في تلك الدوائر بصعوبة،انتشلت نفسي منها الا انها حاصرتني واخذت تنهشني من الداخل. في تلك الاجواء الخانقة التي تتصاعد فيها حمم الغيظ والوغر، شعرت بحاجتي لاتعرى من نفسي، لم يعد هناك متسعاً من الوقت، لما اتوار والى اين اهرب، وسط هذه السمفونية الجنائزية.
بغتة غير القائد الاحمق خطته، تراجع الى الخلف ليس شفقةً ولكن ربما ارتوت نزواتــه فادار ظهره الينا،هكذا خطر لي. إلا انه التفت فجأة وعيناه كجمرتان تنفث حقداً وسخطاً،اردت ان استغيث، لم اسمع سوى ضجيج وجلجلة صوتي مختلطة بضحكات ونواح وزغاريد شامتة. انسلختُ من بين الاكفان فامسيت طائرا محلقاً في سماء تمطر رعافاً، ها هو ذا يرفع عينيه الي ويطلق رصاصته لتصيب جنحي فاهوى ببطئ فتتشظى اشتلائي متناثرة في الهواء .
استيقظت فزعا من الكابوس الذي يرافقني كل ليلة ومنذ مدة طويلة .






#جمانة_القروي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفقدان
- الخباز
- قصة قصيرة بعنوان الكنز
- قصة قصيرة عناقيد العنب
- قمقم الذكريات
- الاقحوان الحزين
- شبح الغربة
- الضرس
- الغول الاحمق
- من لايعرف ماذا يريد ( رؤيا نقدية حول رواية سميرة المانع الاخ ...
- قصة قصيرة بعنوان الزنابق البيضاء
- قصة قصيرة - القرار..
- مبدعون عراقيون في المنافي ( 5 ) [ الدكتور رشيد الخيون ]
- الفنانة ناهدة الرماح - حب الناس هو النور لعيونها .. وبذاك تل ...
- السمفونية الأخيرة
- مبدعون عراقيون في المنافي الدكتور صلاح نيازي
- مبدعون عراقيون في المنافي ...الحلقة 2
- مبدعون عراقيون في المنافي
- زينب .. رائدة المسرح العراقي
- سنبقى نذكرك يا أرضا رويت بدمائنا وحبنا


المزيد.....




- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر ...
- -مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم ...
- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمانة القروي - اكفان خضراء