أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - عودة للجدل حول قضية المساواة بين الرجل والمرأة















المزيد.....

عودة للجدل حول قضية المساواة بين الرجل والمرأة


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 5618 - 2017 / 8 / 23 - 02:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بالبحث في الموضوع إتضح أن له جذورا تاريخية عندنا في مصر تمتد الى حوالى قرن من الزمان، حدث هذا عندما ألقى المفكر الإشتراكى العلمانى سلامة موسى محاضرة في جمعية الشبان المسيحيين بالقاهرة عام 1928 متحدثا فيها عن ضرورة المساواة في الميراث بين المرأة والرجل وأشار كذلك إلى أن قاسم أمين كان ينوي المطالبة بالمساواة إلا أنه توقف لعدم نضوج الرأي العام، وعقب محاضرته أرسل خطابا إلى هدى شعراوي رئيس الاتحاد النسائي يدعوها أن تطلب من وزارة الحقانية سن قانون يساوي بين الرجل والمرأة في الميراث، وما لبثت تلك الدعوة أن أثارت عاصفة من المعارضة والتأييد، وكان من ضمن المعارضين لها الشيخ رشيد رضا صاحب المنار والأديب مصطفى صادق الرافعى والسيدة هدى شعراوى رئيسة الإتحاد النسائى التي رأت أن الوقت لم يحن بعد لإثارة هذه القضية، بينما أيد الدعوة لفيف من المثقفين من بينهم الكاتب والصحفى محمود عزمى، وبعد أن إتسعت دائرة النقاش وحدث تجاوزا ولغطا من الطرفين طلب الأمير عمر طوسون بإغلاق هذا الباب وإقامة مناظرة حول الموضوع.
عقدت تلك المناظرة في رحاب الجامعة المصرية بين المؤيدين للمساواة الذين مثلهم محمود عزمي وفتاة جامعية والمعارضين ومن بينهم الشيخ رشيد رضا، وإعتمدت حجة المؤيدين على الدلائل التالية:-
1- أن المسلمين قبلوا بترك الحكم بالشريعة في معظم المجالات ورضوا بحكم القوانين (الوضعية) فلماذا لا يرضون بترك أحكام الإسلام المتعلقة بالأحوال الشخصية والمواريث.
2- بعض فقهاء المسلمين جوّز ترك أحكام الشريعة الخاصة بالأمورالدنيوية إلى ما يعتقدونه خيرا بحجة اختلاف المصلحة باختلاف الزمان.
3- أن نظام الوقف وضع في الإسلام للاستدراك على ما في أحكام الإرث من جمود يقتضي الزمان الخروج عنه، فالمسلمون يوقفون أموالهم على من يريدون إعطائهم أموالهم فوق ما تعطيهم آيات الميراث.
4- أن مقتضى الإنسانية التسوية بين الأخ والأخت في ميراث الأبوين.
وقد فنّد الشيخ رشيد رضا هذه الآراء قائلا “أمر الدين ليس كأمر القوانين في جواز وضع نصوصه موضع البحث والنظر لنترك ما لا نستحسنه منها ونبقي ما نستحسنه، بل مقتضى الدين قبول كل ما هو قطعي منه سواء أدركنا وجه منفعته أم لا. وأضاف أن الأحكام الشرعية ليست اختيارية فهذا ما لم يقل به عالم من علماء المسلمين المتقدمين ولا المتأخرين وهو مخالف للكتاب والسنة والإجماع والقول به يعد كفرا صريحا، إذ لا فرق عند العلماء بين أحكام العبادات وأحكام المعاملات في أدلة ثبوتها ووجوب العمل بها".
في المحصلة يمكن القول أن هناك متغير وثابت في مسألة المساواة في الإرث؛ فأما المتغير فهو أن الدعوة بدأت فردية ثم اتخذت طابعا مؤسسيا في فترات لاحقة حين تبنتها بعض التجمعات النسوية منذ الأربعينات ، أما الثابت فهو الادعاء أن المصلحة تستدعي بالضرورة تغيير الأحكام الشرعية الثابتة، بتغير الأحوال زمانيا ومكانيا.
المهم في الامر هو عودة الحديث عن مسألة المساواة في الارث بين النخب و في وسائل الاعلام و صفحات التواصل الاجتماعي بين مؤيد و معارض خاصة انه يصطدم بنص صريح و مقدس في القرآن الكريم "للذكر مثل حظ الأنثيين".
اساس الخلاف بين المؤيدين و الرافضين هو منطلقات كل منهما ، المؤيدين للمساواة في الارث لهم مرجعية وضعية و الرافضين للمساواة لهم مرجعية النص الديني . الاسلام في جوهره عقائد و احكام و مقاصد ،و قد وهبنا الله عقلا لنجتهد وفق ظروف العصر ضمن المقاصد العامة للشريعة الاسلامية ، ففي القرآن تبدو مسألة المساواة بين الرجل و المرأة من ميدان المفكر فيه لان الاتجاه السائد في النصوص الدينية من قرآن و حديث هو التسوية بينهما فلا تفاضل الا في التقوى "إن اكرمكم عند الله أتقاكم ". وقضية الارث تجد معقوليتها في ظروف المجتمع القبلي في الجاهلية (هناك قبائل تحرم المرأة من الارث ) و الذي يعتمد الملكية المشاعة في الأرض مما يجعل توريث البنت مصدرا للنزاع اذ الغالب أن تتزوج البنت من قبيلة غير قبيلتها ،، و لا شك أن القرآن قد راعى هذه الوضعية و نظر الى وجه المصلحة فقرر نوعا من الحل الوسط حيث لم يحرم البنت من الارث مطلقا بل جعل نصيبها نصف نصيب الولد و جعل نفقتها على الرجل ،، فالمساواة بين الرجل و المرأة في الاسلام هي المبدأ و بالتالي فالتسوية بينهما في كل المجالات هي نوع من القابل للتفكير فيه.
فإذا كان الاسلام قد وفق في تطوير فلسفة قانونية عقلية و حول الاجتهاد البشري الوحي الى حضارة فذلك لأن الشريعة التي تأسست على نصوص منزلة ظلت عملا تاريخيا من صنع البشر ، و تتجلى هذه الانسانية العميقة في الاسلام في نظرية مقاصد التشريع التي انطلقت مع الشاطبي لتتبلور في مقاربات رائعة للطاهر بن عاشور، لقد حصرها الإمام الغزالي في خمس (الدين ، النفس ، العقل ، المال ، النسل ) فكل ما يحفظ هذه الأصول فهو مصلحة و كل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة، إن التشريع الاسلامي اوامره و نواهيه مستوحى من المقدس لكنه باستمرار من صنع الانسان و من اجل الانسان لذلك يخضع لتعديلات متواصلة ليواكب العصر وفق جدلية النص و العقل، خاصة عندما استلهم المسلمون روح النص ، و لما اغلقوا باب الاجتهاد حصل الانحطاط ، فالاصلاح يتم على اسس مطابقة لروح الشريعة اكثر من مطابقتها لنصها الحرفي .
قال الشيخ عثمان بطيخ " مفتي الديار التونسية الحالي" فى حواره لـ«الوطن»، إن الدين فتح باب التجديد والاجتهاد، وأعطى لكل ذى عقل حرية التفكير والتطوير والتغيير بما يتناسب مع متغيرات الزمان والمكان، والمساواة فى الميراث أو الزواج من غير المسلم من الأمور التى تدخل فى باب التجديد بما يتفق مع مصلحة الناس ومقاصد الشريعة، وقال الرجل في حواره..لقد استندت إلى جوهر الدين الإسلامى الذى جاء ليكون خيراً للناس وسعادة لهم، وليس شراً أو شقاءً، وتعلمنا أنه أينما كانت مصلحة الناس كان شرع الله، وهذه المصالح متغيرة بطبيعة تغير الزمان والمكان من فترة لأخرى، ومن عصر لآخر، ومن مجموعة بشرية فى بيئة معينة إلى مجموعة بشرية أخرى فى بيئة مختلفة، وبالتالى فشرع الله فى المسائل الاجتماعية والحياتية يمكن أن يتغير ويتطور ويختلف من مكان لمكان ومن زمان لزمان ومن بيئة بشرية بصفات وعادات إلى بيئة بشرية أخرى. هذا هو ما استندت عليه، ولم نعمل إلا عقلنا فى الدعوة التى أطلقها الرئيس التونسى، الباجى قايد السبسى، فى عيد المرأة فى تونس، وهو ولى أمر يرعى مصالح شعبه، وينظر فى شئونهم، ويتخذ كل ما هو مفيد لهذا الشعب ومناسب للتطورات التى نمر بها جميعاً.
أما في قضية جواز زواج المسلمة من أجنبى غير مسلم فقال الشيخ بطيخ ( رأينا ذلك لأن فيه مصلحة الناس، ولأن العالم كله تغير وأصبحت هناك مبادئ وقوانين محلية وعالمية تحكم علاقة الزوج بزوجته، وتمنعه من إجبارها على شىء أو التعدى عليها أو إخضاعها له، وتحافظ على حرية العقيدة والعبادة لكل فرد، ورأينا مظاهر المساواة تتحقق بين الرجل والمرأة فى كل المجالات، ونرى الآن المرأة تعمل وتسافر وتدير وتقود ليس فى تونس فقط، بل فى كل بلدان العالم، إلا ما ندر، وبالتالى لم تعد هناك حاجة لنميز الرجل عن المرأة فى الزواج من الأجنبي).
توجد أكثر من سابقة في التاريخ الإسلامي على تقديم التأويل على النص في أمور كثيرة أشهرها ما قام به الخليفة الثانى من تعليق بند المؤلفة قلوبهم وغيرها، كذلك فقد ساوى الفقهاء بين النساء والرجال فى مسألة الإخوة لأم دون نص قرآنى، كما قدّم الفقهاء الدَّين على الوصية فى الميراث على عكس نص القرآن، والأمثلة عديدة، كما أقدم أبو بكر يمنع ميراث فاطمة إعمالا لسلطته كولى أمر وانتصارا لحديث على آية، وهو حديث الأنبياء لا يورثون، كما أن السيدة زينب ابنة الرسول ظلت فى عصمة “أبى العاص بن الربيع” رغم شركه، كذلك فإن فقه الواقع عطل آيات الرق والحرب والربا.. فلماذا الزواج والمساواة فى الميراث لا يمكن المساس بها؟.
لا شك أن أوضاع المرأة في تونس تظل متقدمة كثيرا على وضعها في مصر، مثال ذلك اقتراح “السيسى” بتقييد الطلاق الشفوى رفضه الأزهر وتطبقه تونس منذ 61 سنة، والشاهد أن كرسى شيخ الجامع الأزهر لم يتبوأه منذ نشأته الاّ المصريين ما عدا مرة واحدة حينما أختير الشيخ محمد الخضر حسين، شيخا للجامع الأزهر وهو الوحيد غير المصرى فى تاريخ المؤسسة خريج جامعة الزيتونة، وعن الزيتونة وفضلها قال الإمام محمد عبده: “إن مسلمى الزيتونة سبقونا إلى إصلاح التعليم، حتى كان ما يجرون عليه فى جامع الزيتونة خيرًا مما عليه أهل الأزهر”.
إن قائمة إصلاحات “بورقيبة” التى أقرها ديوان الإفتاء التونسى بعلمائه، ومنهم شيخ الإسلام المالكى (المسمّى الدينى الأبرز فى تونس)، استندت إلى المبدأ الذى يتعامل مع فقه المعاملات باعتباره صيرورة تاريخية تتبدل وفق ظروف العصر وراهن الاجتماع الإنسانى وتعقيداته، لقد أقرّت تعديلات بورقيبة وقتها أو ما يعرف تونسيا بمجلة الأحوال الشخصية السماح بالتبنى، ومنع تعدد الزوجات، وإلغاء الزواج العرفى، ومنع إكراه الفتاة على الزواج من جانب وليّها، ورفع سن زواج الذكور لـ20 سنة والإناث لـ17، وإلغاء الطلاق الشفهى وجعل المسألة اختصاصا ولائيا للقضاء.
القضية ما زالت مفتوحة بعيدا عن بعض المتخلفين والمشوهين عقليا الذى رفع واحد منهم دعوى في مصر ضد الرئيس التونسى والمفتى يتهم باذدراء الدين الإسلامي، يا مثبت العقل والدين.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفعت السعيد .. مناضل موسوعى مشاكس من طراز خاص
- حول تصريحات الرئيس التونسي بشأن المرأة
- سر عداء عبد الناصر للشيوعيين
- حكّام الخليج .. إمكانية الحفاظ والإستمرار بالحكم.
- ما بعد هزيمة داعش فى العراق وسوريا
- تطور المنظمات الجهادية فى مصر من السبعينيات
- 30 يونيو .. نصف ثورة ونصف إنقلاب
- الجماعة 2..عبقرية الكتابة والأداء
- علاقات قطر والإخوان..بين السياسة والبرجماتية
- حقيقة مأساة الروهينجا فى بورما
- حرب الأنصار أو الصحوات فى سيناء ضد تنظيم الدولة
- حديث عن الدواعشيات
- بين الدماقسة وسليمان خاطر .. حلول العنف الفردى
- مآلات الإسلام السياسى فى مصر
- ترامب والدولة العميقة .. من سينتصر؟
- ما بعد داعش .. عودة الى البدايات
- الموقف من 11 فبراير 2011 .. وموازين القوى
- الخلافة ..بين العثمانيون والداعشيون
- الإنقسام والوحدة فى الحركة الشيوعية المصرية
- زكى مراد ..شهاب تألق فى سماء مصر


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - عودة للجدل حول قضية المساواة بين الرجل والمرأة