أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد عبد الله سالم - هلال ...........هلال - رواية - الفصل الثاني















المزيد.....

هلال ...........هلال - رواية - الفصل الثاني


السيد عبد الله سالم

الحوار المتمدن-العدد: 5617 - 2017 / 8 / 22 - 04:24
المحور: الادب والفن
    


(2)

واشتهر هلال في المدينة بشجاعته النادرة، وفتوته، وفوق كل هذا عرف بأمانته وإخلاصه الشديد في العمل، وأصبح وجوده في السوق يوميًا كحمال سببًا في معرفة الكثيرين من تجار السوق له، وعرف هلال الحمال بينهم بأخلاقه الكريمة، وخوفه الشديد من الله.

وفي يوم من الأيام، وعلى باب وكالة الحاج رضوان العطار، جلس الحاج رضوان، وبجواره المعلم حمدان تاجر الأقمشة، والبعض الآخر من التجار، وهم يتسامرون، ويتبادلون الحديث عن التجارة والأسواق وأموالهم، وعن لصوص القوافل؛ فإذا بهلال الحمال يمر من أمامهم، وعلى كتفيه أحمال سيدةٍ عجوز، وفجأة أمام الجالسين؛ انزلقت السيدة العجوز ووقعت على الأرض، التفت إليها هلال الحمال وأسرع نحوها بهمةٍ، فأصبحت وكل أحمالها وبضاعتها فوق أكتافه، فتعجب الجميع من شهامته، وقوته.

نظر الحاج رضوان ناحية التجار مشيرٌا إلى هلال الحمال:
- هذا الفتى قوي وشجاع وأمين.

فلماذا لا نستخدمه في الاتجار بأموالنا، ندفع له بالأموال والقوافل؛ فيسير بها إلى المدن الأخرى، ويعود محملاً بالأموال والبضائع في قوافل تحت حراسته وأمانته، ومضت تلك الفكرة في رأس الحاج رضوان، وترعرعت حين ألقاها على المعلم حمدان وباقي التجار، حتى أصبحت حقيقة يرونها أمام أعينهم وهم جلوس أمام وكالة الحاج رضوان.

في صباح اليوم التالي؛ كان الحاج رضوان قد أوصى جميع من بالسوق أن يحضروا له هلال الحمال فور ظهوره في السوق، وما هي إلا لحظات وكان هلال بين يديه واقفًا كعود النخيلِ، سلَّمَ هلال على الحاج وعرض عليه نفسه في عزة وكرامة، وفي أدب، أعجب الحاج رضوان به، وعلم من حديثه ولباقتهِ أنه نعم التاجر الأمين، فدعاه للجلوس إلى جواره، وحياه على دماثة أخلاقه وأمانته، وما اشتهر به في سوق المدينة من شجاعة وقناعة، تحدث عنها كل الناس، وأردف أنه وجماعة التجار قد تحثوا فيما بينهم، وعزموا أمرهم، على أن يكون هلال تاجرهم وراعي قوافلهم، وحامي أموالهم، على أن نصيب من رأس المال يقبضه منهم وقتما شاء، وأن التجار قد كلَّفوهُ بالاتفاق معهُ على هذه النسبة، على أن يكتبوا شرطًا بينهم وبين هلال الحمال، يكتبهُ ويحفظه قاضي القضاة في المدينة.

فرح هلال بهذا العرض، وغادر السوق فورًا قبيل الظهيرة لأول مرة في حياته، وأسرع إلى بيته، فوجد ياسمين على الباب ، وعلى وجهها علامات الدهشة:
- ما بك يا هلال؟!!!!!
- خير، كل الخير، يا وجه الخير.

أجلسته على حاشية الجلد، وأحضرت له كوبًا من اللبن، أخذ يشربه على مهل، وهو يحكي لأسرته عن الحاج رضوان كبير التجار، وعن الشرط الذي سيكتبه قاضي القضاة، وعن التجارة والقوافل والأموال، ونصيبه في رأس المال.

وقع الكلام على أسرته بألوان مختلفة من المشاعر، فزوجته ياسمين وقع عليها الخبر كالسهم؛ مزق أحشاءها؛ فالقوافل والتجارة تعني رحيل هلال عن المدينة وعنهم أيام وليالي، بل قد تصل إلى عدة شهور، وما قد يتعرض له من أهوال ومخاطر في الصحراء؛ من الوحوش ومن لصوص القوافل الذين يقطعون طريق التجارة، ليل نهار، ويستولون على القوافل بعد أن يتخلصوا من حراسها، بالقتل أو بالعاهات كقطع الأرجل أو الأيدي، حبست ياسمين هواجسها في صدرها، وسكتت، تاركةً أطفالها الصغار في حالة من الصياح فرحا بالمال القادم والخير القريب.

انزوت أم هلال في أحد أركان ساحة البيت، ولم تعلق على الخبر، ولكن هلال شعر بها، فاتجه إليها متسائلاً عن سبب حزنها، ولما لم تستطع أن تخفي عنه أسباب قلقها، أخبرته أن والده كان جنديًّا في جيش الوالي، وكم كان يخرج في حراسة قوافل الحجاج، وأن اللصوص ذات يوم أسود استطاعوا الفتك بكل من في القافلة، وقتلوا حراسها، ونهبوا كل ما فيها، وأنها تخشى عليه مصير والده.

طمأنها هلال، وأخذها بين ذراعيه، وقبل جبهتها، وهمس في أذنها:
- الأعمار بيد الله يا أم هلال.

بكت أم هلال بكاءً حارًا، حتى بللت دموعها كتف هلال؛ حزنًا على الراحل الحبيب، وخوفًا على وحيدها.

لم يكن هلال بالجبان، ليؤثر فيه كلام أمه أو هواجس ياسمين، بل ترك مشاعرهم خلف ظهره، وراح يداعب طفليه، ويدعوهما إلى النزال والمصارعة، وبعد عدة حركات بينه وبين همام، حتى تغيرت الأحوال وعادت الضحكات تملأ بيت هلال من جديد.

في عصر ذلك اليوم؛ حمل هلال هاشم فوق كتفيه وهمام في يده، ومضي ناحية شرق المدينة، حيث الساحة التي أٌعدت للمصارعة والتنافس بين الفتيان الأشداء، وجلس على الأرض ، وولديه إلى جواره، وراح يراقب المصارعين، الواحد تلو الآخر، وهو في أثناء ذلك يبحث عن ميزات كل واحد منهم، وعن نقاط ضعفه، وذلك بعين الخبير المجرب مثل هذي الأمور.

وبينما هو غارق في تحليل حركات المصارعين؛ إذا بكفٍّ غليظة على كتفه:
- أهلاً يا هلال.

كان صديق عمره ورفيق دربه في أيام الصبا والشباب، ومازالا، صادق الأعرج.

هلال وصادق تربيا معًا في نفس الحي، وكانا يتدربان سويًّا على فنون المصارعة والقتال، قضيا الكثير من الأيام في التدريب واللعب واللهو معًا، حتى أُصيب صادق الأعرج في ساقه، فامتنع عن المصارعة والقتال، فعمل كاتبًا بديوان الوالي؛ ينسخ الرسائل والكتب وما يطلب منه نسخه، مقابل ما يكفي حاجاته من المال، ولكنه كهلال صاحبه، من حين لآخر يتردد على ساحة القتال والمصارعة للفرجة والاستمتاع.

ودون جدوى حاول صادق الأعرج إقناع هلال بالنزول لمصارعة الفتيان، ولكنه أصر على الرفض إذ أنه لم يأتِ إلى الساحة إلا لتسلية الأولاد، واللعب بالعصا، عندئذ جذبه صادق ومشوا جميعًا ناحية ساحة اللعب بالعصا، ووقفا حتى انتهى اللاعبان من شوطيهما، وعندها تقدم صادق الأعرج إلى وسط الساحة، وحمَّسَ اللاعبين ضد عصا هلال الحمَّال، وخرج من قلب الساحة مصفقًا ومهللاً، حيث بدأت المنازلة على الفور، وبدأ صوت ارتطام العصي بعضها ببعض يدوِّي ويملأ أرجاء الساحة، هلال وأحد اللاعبين في حركات فتية واثقة، وهلال بقوته، وشجاعته سيطر على اللاعبين والساحة وهزم جميع الموجودين، وعلت هتافات المشاهدين، وعلى رأسهم صادق الأعرج وولدي هلال؛ همام، وهاشم.

وفي طريق العودة، مال صادق على أذن صاحبهِ، وأخبره أنه قد علم بأمر القوافل والتجار، ويعلم بأمر الشرط الذي سيكتبه قاضي القضاة في الغد إنشاء الله، وأن هذا الأمر جيد، ويعلم به والي المدينة، وبعد أن أوصاه بالحيطة والحذر، وتوخي الصدق والأمانة، دعا له بالفلاح والنجاح والبركة، وطمأنه على أنه سيراعي أسرته في أثناء غيابه، فوصاه هلال بهم خيرًا.

وعند الوداع؛ همس صادق لصاحبه، أنه على صلة بالوالي وكبار الأعيان، فإذا ما مسَّك الضر واحتجتني، فادعوني، أكن إلى جوارك، واستعن بالله، وبصاحبنا سعدون الحطاب، ومكانه في الجبل خارج المدينة معروف.



#السيد_عبد_الله_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هلال ...........هلال - رواية - الفصل الأول
- أوراق الظنون
- الجلباب الأزرق - قصة قصيرة
- رحلة تغريد على أطراف أصابعها - قصيدة نثر
- بلل الرمش بالدمع
- جادك الغيث
- فقد حدث
- دائرة الدوائر
- اللغة الحية أنت
- يوم الوصل
- ليلة أن جاءني القمر
- غابة ينسون
- التكعيبة
- فقه اللحظة
- فجر الحقيقة
- رجال على الممر - قصة قصيرة
- المهجور
- دقت الأوتار
- يا أم - شعر
- الوردة والسلطان


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد عبد الله سالم - هلال ...........هلال - رواية - الفصل الثاني