أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد عيسى طه - الفساد الاداري في ظل المحاصصة















المزيد.....

الفساد الاداري في ظل المحاصصة


خالد عيسى طه

الحوار المتمدن-العدد: 1457 - 2006 / 2 / 10 - 10:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


الفساد صفة كامنة في النفس البشرية ، دعت الأديان الى الابتعاد عنها وشرعت قوالب عقابية لقطع دابر هذه الآفة التي تنخر في صحة المجتمع وتخلق قططاً سماناً في ظروف استثنائية. فقد وصلت حالة التسيب الوظيفي والاداري واهمال القواعد السليمة في انتقاء الموظف ووضع الشخص الملائم في المكان الملائم الى أقصى حالات اهدار المصلحة العامة وتفضيل الطائفية والمحسوبية والمحاصصة على هيكل وهرم السلم الوظيفي الذي كان قائماً في العراق فالفساد لا ينشأ الا بظروف خاصة يمر بها المجتمع ويبقي ساريا في حالة التهاون باتخاذ القوانين الزجرية والرادعة بحق المفسدين والعابثين بثروة البلاد ، وكذلك يبرز الفساد للوجود في حالة تسيب الرقابة الإدارية وعدم متابعة وتطبيق أحكام القانون الإداري ما يتعلق بالموظف العام وأحكامه، وخاصة تبرز في نهايات بقاء نظام معين أو بداية نظام جديد غير مهيئ لممارسة نتيجة حرب أو احتلال كما هو حاصل في العراق. لقد كان العراقيون في العهد الماضي يشكون في ان الرئيس السابق وضع خطاً أحمراً في أي تعيين وبأي درجة وهو الانتماء الحزبي ولا يصار الى تعيين أي موظف طالباً اشغال درجة شاغرة الا وكان أحد شروط التقديم أن يكون عضواً في حزب البعث الاشتراكي وهذا ما جعل مبدأ استعباث الدوائر بشكل واضح ومعروف ، الكثير منهم انتمى الى الحزب لغرض التعيين وآخرون انتموا للحزب ليحصلوا على اجازات تصدير واستيراد وآخرون .. آخرون غالوا في حزبيتهم وآذوا الناس من مواقعهم متوقعين أن يكونوا من أصدقاء الرئيس لينعموا بخيراته وهداياه منه السيارات الفارهة ، وهناك الكثيرون الآخرون لا يسع المجال لتعدادهم تفصيلاً ، ولكن واقع حجم اعضاء البعث يدل بشكل قطعي أن الانتماء كان في حالتين إغراءً أو خوفاً.
جاء الاحتلال رافعاً شعار الديمقراطية والاصلاح والمساواة ، وأفاق الشعب بعد قصف الطائرات وقسوة سقوط بغداد ليجد ان جميع هذه الشعارات لا معنى لها بل عكسها هو الذي طبق ، فجاءوا دعاة الولاء للاحتلال وهم يحملون خرائطهم في التقسيم والطائفية والمحاصصة والعنصرية .
والعراق على مدى ثلاثة سنين ومن ربيع 2003 الى حد تاريخ كتابة هذا المقال يعاني الكثير من هذه الشعارات ومحاولة فرضها بقوة السلاح وقوة وجود جيش قوامه 180 ألف جندي أمريكي ناهيك عن 60 ألف جندي مرتزق زائداً الميليشيات (منظمة بدر والبشمركة) ، هذه الحالة مرت على العراق وقاسى الشعب العراقي من البلاوي والكوارث ما يندى له جبين الانسانية خاصة عندما قصف الضريح الحيدري في النجف والمآذن في الفلوجة ومدن أخرى .
وصل هؤلاء الوصوليون الطائفيون الى مراكز القرار بدعم من الوجود الأجنبي وهم يحملون خرائطهم في المحاصصة والطائفية فكيف تتوقع طريقة التعيين .. المدقق يندهش رافعاً الحاجبين عندما يرى أن نسبة عالية من موظفي الخارجية من أشقاؤنا الأكراد والسبب لا للكفاءة ولا لممارسة طويلة ولا اجتياز امتحانات ، ولا تحصيل نقاط التوظيف ، ولكن السبب أن الوزير يود ويرغب في تعيين أبناء منطقته ، واذا ذهبنا لوزارة الداخلية نجد أيضاً أن كراديس الموظفين مالئين القاعات والعمارات هم من لون طائفي معين.
لقد أصبحت الحالة كارثية .
يجب أن نصحو ونستيقظ على الواقع المرير .
يجب أن نبدأ باصلاح التوظيف واملاء الشواغر بعد فصل جميع الذين عينوا على غير قاعدة سليمة ، بل عينوا باسم الطائفية والعنصرية والمحسوبية والمحاصصة.
يتساءل البعض كيف السبيل الى ذلك؟
إن العراق لم يأتي من فراغ وأنه لم بلد له ماضيه القانوني والاداري والوظيفي الكثير الكثير ، ومن بدء تأسيس العراق على زمن الملك فيصل الأول في الثلاثينيات اذ نجد أن البلاط حرص على تعيين أبناء ذوي العوائل المعروفة لا لأنهم أثرياء وأولاد عوائل بل لأنهم مكنهم هذا الثراء من الدراسة في الخارج ، ومنهم من تخرج من اسطنبول ومثال ذلك نوري السعيد رئيس الوزراء السابق وعلي جودت الأيوبي وسليمان فيضي وعشرات آخرون ومنهم من تخرج من فرنسا من جامعة السوربون وهما الأخوين ناجي وتوفيق السويدي ، وبكل حياد إن معظمهم هم من أهل السنة والسبب أن العراق كان أحد ولايات الدولة العثمانية ، وان أهل آل البيت كانوا يعتبرون التجارة الحرة أهم من الوظيفة والدراسة ، ومع ذلك فان الملك فيصل الأول حرص على تشكيل الجيش العراقي الأول في لواء واحد أطلق عليه اسم لواء موسى الكاظم ، وكان معظمه أفراد وأبناء عشائر الفرات الجنوبي ، وكان نواة صالحة في ظل سياسة حكيمة ليس فيها طائفية ولا محسوبية ولا محاصصة ، واستمر هذا الخط المعتدل ، وسار معه التشريع والتقنين واصدار القوانين بما يتلائم بحفظ الكفاءة بين الأهلية للوظيفة وبين الحاجة الى الموظف. وكان فعلاً مبدأ الرجل الكفؤ في المكان اللائق مطبق ، وتطور القانون الذي يعمل به للتوظيف والانتقاء حتى وصل الى قانون مجلس الخدمة ، ويجب هنا أن نشرح ما هو مجلس الخدمة. هذا المجلس ولد بقانون له نظام وله رئاسة وله استقلالية في القرار وهذا مهم ، اذ جعلت مسيرته مسيرة حيادية رفعت من شأنه وقدره ولم يجرؤ أحد أن يتضجر أو يشكو من أنه لم ينصف في التعيين وكانت قواعد التعيين كما هي منصوص عليها وحسب الذاكرة كما يلي :
1. أن يكون قد تجاوز 18 سنة.
2. أن يحمل شهادة معينة لكل وظيفة ، الابتدائية والمتوسطة والثانوية ثم الجامعة. أما القضاة فلا يجري تعينهم الا عن طريق وزارة العدلية وفي اطار مجلس القضاء الأعلى وبعد امتحانات عسيرة .
3. يجب أن يكون مقدم الطلب حسن السيرة والسلوك ، غير محكوم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف .
وكان جهاز الدولة الوظيفي جهازاً واسعاً منسقاً كماكنة كبيرة تستمد حاجاتها من استمرار تلبية القوى البشرية لملء الشواغر الوظيفية. هذا الذي جعل من العراق متقدماً على بقية الدول الاقليمية ، وجعل من جهازه الاداري والقضائي جهازاً يواكب التطور الذي حصل في العراق وانتقل من بلد بداوة وزراعة ورعي الى بلد حضاري يملك قضاء ومؤسسات دستورية وكليات علمية مكنته هذه جميعاً من الدخول الى عصبة الأمم.
برأيي ان عملية التوظيف هي عبارة عن مصفاة دقيقة لا يمر منها الا ما يفيد المجتمع وتنطبق عليه المواصفات ، والمصفى لا يتقبل التأثير أو المحسوبية ولا يفهم معنى الطائفية وكذا المحاصصة ، وبكل أسف إن هذه الخطوات الحضارية التي بنى العراق عليها أساس مجتمعه رفست بأقدام الاحتلال وأقدم على حل النظام الاداري والأمني ، وأقساها هو حل الجيش العراقي، وكانت هذه القرارات ترجع بالعراق الى سلف السلف ، والى مئات السنين الغابرة ، وأشد ما يؤلم أن من استفاد من هذه الحالة المزرية هم دعاة الوطنية والحرص على مستقبل العراق بتصريحاتهم وأناشيدهم ، في حين أن كل تصرفاتهم تدل على عكس ذلك ، فاعطوا المجال للطائفية بالشكل الذي لا تعيين الا أن يكون من فئة معينة ، ولا فصل من الوظيفة الا لكونه من فئة معينة ومنتسب الى البعث حسب قانون اجتثاث البعث ، وفعلاً فصل عشرات الآلاف ولم يرجع منهم الا خمسة بالمئة ، فصلوا وهم لا يعرفون أنهم يستحقون هذا الفصل فخلق العراق من أبناءه أعداء للنظام الحالي وبدأت تشكيلات الارهاب تنمو وتزداد يوماً بعد يوم التي لا نرضى بها ، لا نحن ولا كل من يحب العراق ، ولكن نريد اصلاحاً لهذه الطريقة في التعيين ونريد قانوناً يعيد تشكيل مجلس الخدمة وليس لمطالبنا هذه مجالاً للتحقق الا بالمقاومة الوطنية سواء أكانت سلمية أو بشكل آخر ، وأنا شخصياً أفضل المقاومة السلمية التي ترتكز على المظاهرات والاضراب والاعتصام ، وهي التي سوف – عاجلاً أو آجلاً- ترغم الاحتلال على الانسحاب فوراً أو وفق خطة محددة تدريجية ليصار الى تكافؤ التفاوض بين العراق والاحتلال وصولاً الى معاهدات تحقق مصلحة الطرفين .
إن من يجبر الاحتلال على الانسحاب هو الرأي العام سواء أكان عراقي أو اقليمي أو أوربي وحتى أمريكي كما أنا أتوقع .
نحن كمحامين وكقانونيين ننظر بجد الى أن الحالة المتبعة الآن هي حالة غير صحية ولا تخدم الا الأعداء ، ولا تؤدي بالعراق الى أي تقدم ، ولا يتوقع من هؤلاء الموظفين المعينين بحس الطائفية والعنصرية والمحسوبية وبالرشوى أحياناً أي أداء وظيفي متوقع ، أملنا قائم وسيثبت التاريخ كم نحن على صواب.
ان معالجة الفساد يحتاج الي ركائز اساسية من أهمها:
أولاً: الغاء مبدأ الطائفية والمحاصصة في التوظيف .
ثانياً: الردع القانوني للأعمال الادراية الفاسدة مثل الرشوة.
ثالثاً: تحسين الوضع المادي للموظف حتي لا يحتاج ويذهب لأخذ الرشوة.
وأخيرا ولغرض النوعية الأخلاقية نتساءل هل يستطيع الشعب العراقي أن يتغاضى عن ظاهرة الفساد الاداري؟ ولماذا اشتد هذا الفساد وبالشكل العلني خلال هذه الأيام؟. يجب علي العراقيين أن يضغطوا علي الحكومة الجديدة لقطع دابر مرض خطير سوف ينخر المجتمع العراقي. والواقع يدعو لتشكيل لجان مراقبة في كل وزارة وأن تحال أي صفقة شاذة في أي وزارة الي لجنة عليا للتحقق من سلامتها، واذا وجدت هذه اللجنة رائحة فساد فعليها احالة الموضوع بكامله الي ساحة القضاء بعد أن تقرر الغاء العقد ، ويجب أن تكون الأجراءات الخاصة بمكافحة الفساد مبسطة وسريعة خاصة وأن العراق مقبل على صرف مبالغ هائلة تقدر بالمليارات ، وكان الله في عون العراق والعراقيين.


أبو خلود
لندن يناير 2006



#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحامي العراقي بين زمنين
- الدستور الجديد : بين القبول والرفض
- الديمقراطية تحت المحك
- النفط العراقي والسياسة
- أيرحم الارهابيون اطفالنا في العيد
- أيرحم الارهابيون اطفالنا في العيد !
- ما يدين صدام حسين عند محاكمته
- حكومة الجعفري بين الوعود والنتائج
- دور المرجعية الدينية في الانتخابات - ضمن التقسيمات العراقية ...
- بين الولاء الطائفي الامريكي وبين تشريع وطني الدستور يتأرجح
- صياغة دستور ... لا يتضمن الديمقراطية،بل حسن التطبيق هو الاهم
- من المستفيد من تفجير عاصمة بلد الضباب؟
- الكل تحت مظلة ..عراقية..
- تأملات في الحياة السياسية العراقية
- من يكتب الدستور
- اذا وضعنا ساستنا في الميزا ن
- وزير الدفاع العراقي يلغي الحرس الوطني ما المعنى من ذلك وماهي ...
- الموت يراقص حرية الرأي والمصير
- العيب السياسي والعيب الاجتماعي يبقى عيبا يخدش السمعة
- دردشة على فنجان قهوة


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد عيسى طه - الفساد الاداري في ظل المحاصصة