أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مروة التجاني - تأملات ماركوس أوريليوس















المزيد.....

تأملات ماركوس أوريليوس


مروة التجاني

الحوار المتمدن-العدد: 5613 - 2017 / 8 / 18 - 13:35
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    



جاءت فلسفة ماركوس في عهد تحول فيه الدين المسيحي إلى صفقة بين الإنسان والإله ، كانت النفوس غنية وكبيرة في روما ولم يكن الدين وحده ليشبعها حيث تحول الإنسان إلى مقدم للقرابين ومستعمل للطقوس المتوالدة من الأساطير إبتغاء مرضاة الآلهة ، هكذا وجد ماركوس أوريليوس الكتابة كفعل للذات إنطلاقاً من إنتمائه للفلسفة الرواقية ، الكتابة للذات أوتدرون يا أحبتي ماذا تكون ؟ إنها أقسى درجات التعري ، حين تجلس إلى المحلل النفسي بغرض البوح تتعري النفس وتكشف كينونتك أمامه فيعتريك الخجل والحياء من تفاصيل قديمة وبالية هكذا يكون هتك النفس وإنفتاحها أمام الآخر ، ومع ذلك فأنت تتعمد موارة تفاصيل تخجل من ذكرها . الكتابة من أجل الذات أشد قسوة إنها إنفتاح النفس بالكامل وتعريها ، اكتبوا لذاتكم وصدقوني ، هكذا جاء كتاب التأملات من أجل الذات ولخلاصها ، ورغم الزمن الطويل الذي مر فإنه يظل كما يقول برانتد راسل من أكثر الكتب متعة ، وتقول سوزان سونتاغ فيما معنى حديثها " عندما كنت أشعر بالألم أضعه فوق صدري " هكذا يا قرائي يتحول الحزن والفرح معاً إلى دخان فلا يتبقى له أثر .. الرواقية فلسفة التجلد والصبر ، جاءت كما يقول راسل عن عهد أوريليوس في الزمن المبشر وليس المجهد حيث كانت النكبات تحل على الأمبراطورية الرومانية فكان حديث الملك الفيلسوف لذاته .. إنه كتاب الإهداء للروح فإذا أردت أن تهدي نفسك هدية قيمة وغالية فسارع إلى البدء في كتاب التأملات . غلاف الكتاب الذي ترجمه ( عادل مصطفى ) معنون إلى : صديق المحافظ الذي يجلس بجانبه .. أي إهداء وعظمة هذه فلا نحن نعرف المحافظ ولا الرجل الجالس بجانبه في صمت .. إنه رمز للرجال الأقوياء الصامتين الذين يعملون بجهد ويتسامون فوق الحياة .



قسمت الرواقية تخصصها إلى طبقات تبدء من الأدنى إلى الأسفل وإذا وصفناها بالمدينة فأن المنطق هو الحصن والطبيعة هي الشعب والأخلاق هي الدستور وفيها منتهى الفلسفة ومقصدها ، " لاشئ في الذهن إن لم يكن قبل ذلك في الحس " وهو المبدأ الرواقي الأول فالذهن أو العقل هو مجرد صفحة بيضاء يؤدي وظيفته تجاه الطبيعة والذات " فعل العقل " عن طريق الإنطباع وتصور الشئ الموجود في الخارج على العقل ، من هذا المنطلق فجميع الموجودات هي خارجة عن العقل ولهذا الأخير وحده سلطة تصويرها وإطلاق أحكام الخير والشر . أما المعاني الأولية فهى مقدمات القضايا التي يجب أن توافق المنطق وتكون بالأساس صحيحة وهي بدايات القضية . تتمثل المعرفة في المذهب الرواقي بالتمثيل الشبيه بمثل أفلاطون في مفارقة الكهف حيث الموجودات هي تمثيل لنماذج عليا ومنه تذهب الرواقية إلى المذهب الأسمى داخل العقل حيث هو مركزية الكون المتمثل في العقل الإلهي " الفاعل " و " المنفعل " الكائن العاقل حيث روح الإله واحدة في الكون وتشكل مركزية الأجسام المادية .



قلة هم الفلاسفة الذين نطلق عليهم لقب فيلسوف ومعلم في ذات الوقت لكن في حالة ماركوس أوريليوس فهو معلم بإمتياز ومُربي مثل سيدنا نيتشة ، لندخل إلى عوالم فلسفته ومحاورها :



يقول ماركوس أن جميع الموجودات مادة تحوم في الفضاء وهو اللوجوس الذي يحكم العالم وعند الفناء فأن بقايا الكائن و روحه تبقى محفوظة في العالم ويعاد تكرارها وهذا مفهوم العود الأبدي فلا شئ يفنى ، العالم مادة خلقت من النار يعاد تشكيلها ومن ثم ذوبانها ويطلق على فنائها أسم الأحتراق العام وبعد ذلك فهي تعود لتتشكل وتبدأ من جديد من حيث الأحداث والمواد . من هذا المنطلق آمن الرواقيون ومن ضمنهم ماركوس بمبدأ وحدة الكون أي أن الإله هو روح الكون ومركزه والموجودات مرتبطة به في وحدة واحدة هي اللوجوس الذي يربط العالم معاً ويسميه القضاء والقدر . في الكون علل تحكم إرادة الأنسان حيث من الصعب بوجود لوجوس يحكم العالم أن تكون للإنسان إرادة وهي من مآخذ منتقدي المذهب الرواقي ومع ذلك ينادي ماركوس بالإرادة الحرة حيث تملكه للعلة الثانية والأصلية والمقصود بها طبائع الكائن الموجودة داخله أي صفة الخير كطبيعة أصلية ثم العلة الأولى والقريبة وهي الخارج عن العقل والإرادة وهي الأحداث الخارجية التي تثير الكائن فلا يجب عليه أن يخضع لها خضوع المستسلم ومن هنا يأتي تعريفه للسعادة بما هي مفهوم الإنطلاق من الداخل وليست المثيرات الخارجية والإنفعالات مثل الغضب وحب الشهرة وغيرها .



قلعة الذات هي التي يجب أن يلوذ بها الأنسان ( لذ بنفسك ) حين يحتاج للتفكير والراحة وفي ذلك يقول كن صاحياً في إسترخائك فجميع الأنطباعات الخارجية والأحداث هي أحداث كما هي إنما هو العقل من يمنحها الحجم والصفة الكبرى أو الصغرى ، وتستعمل هذه الفكرة الرواقية حالياً في أساليب العلاج المعرفي الإنفعالي حيث يساعد المعالج المريض لتبيان الواقع من حيث هو أحداث 1 في حين أن العقل 2 والفراغ بينهما هو 3 وفي الفراغ يملأ العقل نفسه بالمثيرات المعرفية التي ينطلق منها الفرد فإذا تعود على الحكم المنطقي المعتدل كانت الإستجابات في الفراغ عقلانية والعكس بالعكس . يأخذ أوريليوس عن هيراقليطس فكرة التغير والصيرورة في الكون أي أن العالم في حالة تبدل مستمر بما ذلك حالات الفقد ولكنه يختلف مع الأبيقورية القائلة بأن العالم هو وليد المصادفة والعشوائية حيث آمن ماركوس بالكوزموس أي وحدة العالم والوجود . يحدد في كتابه التأملات مفاهيم الخير والشر إنه كتاب للفرد بإمتياز ، ويحدد الأشياء اللافارقة مثل المدح والذم ، الصحة والمرض واللذة والألم فهي زائلة بفناء الكائن والكائنات القادمة من بعده فهي إذن خارج العقل الكلي للفرد وهو من يملئها بالفراغ حسب تكوينه ونموه المعرفي وعليه أن يكون مستعداً للإستغناء عنها أو إسترداها للعالم حين تؤخذ أو تعطى له .



( إنه شحاد إذا أعتمد على الآخرين ولم يذخر في نفسه كل ما يحتاج إليه في الحياة ) في هذا المبدأ يطلب ماركوس من الفرد ضرورة الأستقلال عن الآخرين خاصة فيما يتعلق بالمدح والذم فأين هو قيصر الآن و أين هم المادحون والذامون فالحياة تمضي ويندثر الجميع وكذلك الأجيال الحيالية والقادمة فهي نقطة في بحر الأبدية فلا تضيعها في كسب مديح زائل أو توتر أعصابك من أجل ذم ، بل عش اللحظة الراهنة بما هي خير وفي ذلك يقول ت . أس . اليوت :



يرقد صاحياً ، يحسب المستقبل
يحاول أن يحل خيوط الماضي والآتي
وينشرهما ويفك الغازهما ويضمهما معاً
بين منتصف الليل والفجر ، حيث الماضي خداع كله
والمستقبل لا مستقبل له .



#مروة_التجاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس جسد فتاة مثلية جنسياً - 2
- هواجس جسد فتاة مثلية - 1
- في حبي
- الفصيلة المعدنية
- الله عارياً
- أحبه بكل ألواني
- لنبحر مع باستر كيتون
- من الأعماق صرخت
- الكلب المحظوظ
- شكراً هاردي ولوريل .. ما الحرية ؟
- أنا مثلية جنسياً . وأفتخر
- إلى أين تأخذني ؟
- المطالبة بجسد فراشة غريبة
- في مدلول شفقة نيتشة
- أنا الخليفة لا حاشية لي - مجتزأ
- إذهب غرباً
- شمال القلوب أو غربها
- ريح الشمال / أغنية للرقص
- من أعلى القمم
- ادخل يا دوشامب


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مروة التجاني - تأملات ماركوس أوريليوس