أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الأسدي - سياسات دمقرطة الشرق الإسلامي،طروحات الولايات المتحدة حول (الفوضى البنّاءة















المزيد.....

سياسات دمقرطة الشرق الإسلامي،طروحات الولايات المتحدة حول (الفوضى البنّاءة


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 1457 - 2006 / 2 / 10 - 09:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يمكن لنبؤات المؤرخين كارنولد توينبي، و"الحدسيين" من امثال نوستراداموس، والعرافين متوسطي الغور من رؤساء جمعيات السحر اللندنية التي شغف بها الساحر الروائي باولو كويلهو، والمهووسين بالآتي الغريب؛ كلّ أولئك المبشرين اللبقين هل يعرفون نهاية العالم الفوضوي الذي نخوض فيه ليل نهار؟ هم يعلنون بلا مواربة ان ثمة حقائق فوضوية تسير على الأرض في عصر المعلوماتية والتدقيق، ومنتهى" الدقية " كما يحلو لباحثي الفقه الإسلامي؛ ولسوف تعمل في النهاية على تنظيم السيد العالم؟!
يالها من مزحة ثقيلة تكلف الكثير من الارواح!
إنها (الفوضى البناءة) الجديدة -على أية حال- التي تحاول الولايات المتحدة أن تقيم لها وزنا "أيديولوجيا" وبلا أصالة غالباwith out originality بعد ان كشفت جميع عورات نضوب الفكر الإنساني في النظام الرأسمالي وبكل اشكاله تقربيا. ترى هل كان المركنتليون القدامى يهتمون بهذا القدر او ذاك بما كتبه حامل اختام الملك الفيلسوف الإنكليزي فرنسيس بيكن حول المنهج العلمي..؟ لا شك بانهم يعرفونه كحامل اختام اكثر من كونه فيلسوفا- وربما هو اصبح فيلسوفا بسبب حمله لأختام الملك من وجهة نظرهم! يصعب علينا ان نكتشف ثمة فكر ما (موجّه) في العالم الرأسمالي لا يخضع لقوانين الربح والخسارة ولغة السوق..
لا يهتم كثيرا سدنة الفكر الرأسمالي من مشرفي (خزانات الفكر) إلى أسباب انهيار المساحات الكبيرة من الدول التي شغلت حيزا كبيرا في العالم، ويمنحون تلك الصدارة غالبا إلى السادة المؤرخين الحكوميين من أولئك القابعين خلف(الوثائق الرسمية) التي تكتبها دول الرأسمالن ومن الذين يقحمون انفسهم في شرانق الاسباب وليس في تحليلها التاريخي.. فالنزوع القديم لدى مؤرخي الغرب نحو تفسير انهيار الإمبراطوريات العظمى التي شغلت اكبر مساحة من الجغرافيا والتاريخ والسكان، وقوة دوي انهيارها تذكرنا بدراسات المؤرخ الشهير غوبون Gibbon حول سقوط الإمبراطورية الرومانية وسقوط الإمبراطورية الرومانية المقدسة. وكذلك كتاب (أزولد شبنغلر) المهم حول (سقوط الحضارة الغربية) أو (سقوط الغرب) الذي ذاع صيته بأعتباره واحدا من أهمّ البحوث في فلسفة الغرب وخواءه؛ فضلا عن كتابات المستشرق (أرنولد توينبي) المطلع الكبير على أعظم وثائق العالم في مكتبة المتحف البريطاني؛ وفي نبؤته الخطيرة عن سيادة الفوضى في العالم بعد عصر الحداثة الاولى وتطور الرأسمال إلى أعلى درجاته في العالم.. وهاهي الفوضى - بالفعل- تبدأ بضرب اطنابها في كلّ انحاء الأرض دون ان تتمكن القيصرية الاميركية من كبح جماحها العنيف.
وليتبع كلّ هذا الرهط المحموم بالسقوط المدوي المفكر والأديب البريطاني كولن ولسون في كتابه المهم ( سقوط الحضارة) حيث كانت له زاوية أخرى جديدة في دراسة السقوط الحضاري للإنسان الغربي. وكان (الجيل السبعيني المغموس بعرق زحلة والمسيّح) في العراق وعموم الجيل في العالم العربي قد (تتلمذ) بهذا القدر أو ذاك على رؤى ولسون الخاصة ونظرته للحضارة الإنسانية عموما، بسبب كثرة الترجمات لكتبه وغرابة طروحات أفكاره عما عرف بالإنسان اللامنتمي ، وما يعتور ذلك من فوضى فكرية وروحية في داخله . ويبدو أن المفكرين الاميركان البرغماتيين قد تلقفوا تلك (الأفكار) من جديد في محاولة سريعة و جادة في إعادة إنتاج (عملية الفوضى)التي تسبق غالبا معظم الانهيارات الكبرى في التاريخ.
ليس هناك ما هو أكثر غموضا وعدم دقّة من مفهوم الفوضى في التاريخ الإنساني. فقد كانت معظم الثورات الكبرى توصف من أعدائها بالفوضى أو الخروج على القوانين النافذة. ثمّ ارتبط أسم الثورة بعد ذلك بالفوضى دائما، حتى بات من الصعب الفصل بينهما طوال حقب كثيرة من التاريخ الطويل؛ يعود سبب ذلك إلى أن مؤرخي الدول والملوك كانوا يعكسون وجهة نظر الحكومات في كثير من الاحايين. وأن من يكتب التاريخ هم موظفو البلاطات والمرتبطين بعجلة الدولة. كما أن الملوك على اختلاف أماكنهم الجغرافية ومشاربهم الحكمية, كانوا يصفون كلّ من يخرج على نظامهم بالفوضوي وقاطع الطريق، والخارج عن القانون، والشرير المتنطّع، والمطلوب حيا أو ميتا من أجل التاج ..
انسحبت تلك التهمة الفوضوية على الأنظمة الجمهورية الحديثة، وكذلك إلى الأنظمة الملكية الدستورية؛ حيث اصبح كلّ من يخرج على الملك الدستوري أو الرئيس الحاكم أو الحزب الحاكم فوضويا يحكم في محاكم خاصة. ومن يخرج مطالبا بحقوقه الفردية أو العامة راديكاليا متمردا يستحق الاجتثاث ونيل الجزاء( العادل) وفقا للدستور النافذ في البلاد.
وهكذا اصبح كلّ مخالف فوضوي وإن لم يقصد ذلك .. وكلّ ذي وجهة نظر مغايرة (يساريا) يستحقّ السجن في الصحراء أو في سجون حجرية عالية أو الإعدام ..
ولكننا لم نسمع بالفوضى البناءة - كمصطلح سياسي متداول- إلى وقت قريب. وكان علماء الفكر السياسي قد حسبوا أن هذا المصطلح الفريد في صفته، والغريب في نحته، لن يعود إلى السطح السياسي ثانية للتداول بعد موت ( الفوضوية) كمذهب سياسي ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وله رواده ومعجبوه، وفلاسفته أيضا.
فمن أيقظ تلك الأفكار القديمة من سباتها التاريخي؟ ومن بعث فيها الحياة كرة اخرى لتتبوأ مكانا مهما في عالمي السياسة والفكر؟
كان (بومارشيه) قد قدّم نصيحة ثمينة على لسان بطله (فيغارو) في رائعته (حلاق أشبيليه) تتعلق بكيفية التخلص من (الآخرين) المناوئين بقوله: " إذا أردت ردع الآخرين عن التدخل في شؤونك، فما عليك إلا أن تجعلهم ينشغلون في شؤونهم الخاصة " ولا شكّ بأن تلك النصيحة البسيطة والصعبة في آن قد قدّمت على طاولة الآداب الأخلاقية (العتيقة) ووجدت - من حيث لم يقصد الساسة الكوسموبوليتيون الجدد - طريقها بسهولة خارقة إلى ساحات العمل السياسي في العلاقات الدولية. وكأن علم السياسة في عالم ما بعد الحرب الباردة قد نضبت جعبته، وخلت أدواته فطفق يستعير من الأدب ما يقوّي أزمته الحالية ويعضّد من فراغاته الفكرية . هكذا يسهم الأدب في حمل العالم الجديد على التفكير بحلول بعض المعضلات الدولية دون أن يكون لـه ثمة مخططات معينة مسبقة. حسنا أنها محاولات أخر من دهقنة المال للعمل في الفكر.. ولأشغال "القطيع" بما هو غير مثمر.. ولا يمسّ البنى الأساسية للرأسمالية. فالسؤال الأساسي: كيف يمكن جعل (الآخرين القطعان mass) يدورون في حلقات مفرغة من المشكلات والأعباء والكوارث الدائمة حتى يمكن (نسيان) أعدائهم الحقيقيين وهم يرونهم على شاشات التلفاز كلّ صباح. وعندما يفتحون نوافذ منازلهم يجدون عجلاتهم ودباباتهم وهي تكسّر ما تبقى من أرصفة الشوارع المحطمة سلفا..؟ إن تلك هي مهمة (الأذكياء الحسّابين المناورين) الباحثين عن كلّ مؤشر مفيد يمكن من خلاله إبقاء (الآخر) غافلا مشغولا عما يجري من حوله؛ ووحدهم أولئك ممن يجلسون ليل نهار ـ الآن وفي أي وقت قادم ـ وراء كومبيوتراتهم الخاصة لتحليل وجمع وتخزين وتبويب وترتيب أكبر ما يمكن من المعلومات الشعيرية عن أولئك (الآخرين) المزعجين لهم في العالم كلّه؛ والذين لا يستحقون من الساسة الجدد غير تصميمات مسبقة ومحسوبة بعناية من أجل وضعهم في فوضى مبرمجة ومفيدة؛ لكنها فوضى جديدة على العال ؛ إنها (فوضى بناءة) مرة أخرى، يكمن من خلالها - فقط - الخروج من قمقم 11 سبتمبر المزعج جدا، والذي لم يحسب له حسابا صحيحا!
ومن الصعب أن نجد ـ في هذه المدّة بالذات ـ ثمة رؤية أميركية واضحة بازاء قضايا عالمية مهمة وساخنة تتحول إلى (بعبع) دائم على مستوى الإعلام العالمي. ولا تعدو تلك الأفكار الفوضوية السريعة والمعلّبة - غالبا- عن أن تكون مجرد (آراء) لأشخاص من تيار المحافظين الجدد يعملون في الإدارة الأميركية حاليا, أو من أكاديميين مولعين بوضع نماذج مبسّطة تقترب من التسطيح الفكري غالبا لتفسير حركة العالم الرأسمالي الجديد ما بعد الحرب الباردة، وهم دأبون على الترويج لمنطلقات فكرية غير دقيقة تتناسب تماما وتوجّهات الساسة في البيت الأبيض بالدرجة الأساس أولا، وكبار أصحاب الشركات المهتمة بالتصنيع العسكري. ثم يتحول بعد ذلك كلّ ما هو كائن إلى محض خطط على (دسكات سرّية) ثمّ إلى أرض الواقع حيث تقوم (الكارثة) بعيدا عن (دوائر) السادة المخططين لها.
ويحاول الساسة المحافظون الجدد (صقور البيت الأبيض) أن يستعيروا - في الأقل الآن - بعض تراث الراديكاليين الميتين في أواخر القرن التاسع عشر من أجل تغيير العالم لصالحهم طبعا .. لكنه تغيير أصعب بكثير من تهديمه كما هو معروف؛ وهذا ما يثبته أنموذج العراق بشدة. إنه المأزق الفكري والتاريخي للمركنتلين القدامى نفسه والذي أحاط النظام الرأسمالي منذ ظهوره في أعقاب (الانقلاب الصناعي) في أواسط القرن الثامن عشر وإلى يومنا هذا بشرتقته الحربية منذ إعداد السفن لستكشاف العالم الجديد وموطن الكنوز والثروات في الشرق والعالم الجديد. كما انه المأزق نفسه تقريبا في عصر التوجّه العولمي الحاضر.
وإذا كان الفوضويون القدماء من فلاسفة القرن التاسع عشر، الراديكاليين الحالمين بالثورة الكبرى المفاجئة والدائمة حتى انهيار آخر معقل للرأسمالية في العالم قد رأوا أن العالم يمكن أن يتحول في ليلة واحدة من الرأسمالية إلى الاشتراكية! وفي هبّة واحدة صاخبة من الإضرابات العامة والتمردات الكبرى على مستوى العالم كلّه، وفي هيئة اعتصامات فوضوية عارمة وغير منظمة غالبا تجتاح أوربا الرأسمالية من أولها إلى آخرها - الأوربه دائما هي التي تحمل كلّ ما هو جديد ! - فإنهم الفوضويون المتقدمون بقوة هذه الايام لكنهم يرتدون زي اليمين هذه المرة؛ فلنتأمل طرائف ومفارقات الزمن. ومن اجل (الحقيقة الطبقية العالمية وحدها) كانوا يرون أن العالم: هو محض أوربا آنذاك، ومن اجل الحقيقة العولمية وحدها ايضا هو ما يزال كذلك!؛ وما زال المحافظون الجدد الأميركيين و بعض الغربيين يرون الرؤية نفسها على الرغم من تبادل المواقع بين اليمين واليسار.
لكن ما حدث في الأصل هو مجرد تحول في المواقع الجغرافية وهو انتقال القطب المركزي من أوربا العجوز إلى الولايات المتحدة. ولذلك فإن المحاولات الأوربية في استعادة الموقع القديم لن تهدأ بدءا بالاتحاد الأوربي وانتهاء بدستوره الذي لم يتفق عليه. وهذا المرض (الأورَبَي) الأصل هو الذي حدا بهم إلى فكرة (الفوضى البناءة) هذه المرة ولكن من القطب الآخر عبر الأطلسي(الامركة الجديدة).
أو ليس للولايات المتحدة قصب السبق في كلّ شيء منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى يومنا هذا؟ إذن فإن مركزة الفكر تتبع القوى العسكرية، ولا حاجة بنا إلى التدقيق مليا في هذا الفرض القسري مادام الفكر قوة في ذاته فمن المنطقي أن يلحق بمصدر القوة الوحيد في العالم - الولايات المتحدة- واي محاولة اخرى للحيلولة دون بقاء هذا القطب وحيدا هي طعن في ظهر الإمبراطورية!
وتعدّ منطقة الشرق الأوسط، والعراق على وجه الخصوص، هي المحور الأساس في طروحات ( الفوضى البناءة ) حيث أن هذه المنطقة كانت ومازالت مصدر قلق محوري للولايات المتحدة ، وليس اعتباطا أن حدد الرئيس الأميركي جورج بوش في خطابه الأخير إبان زيارة رئيس الوزراء العراقي في يونيو / حزيران 2005 بان العراق هو الجبهة المحورية لمواجهة الإرهاب العالمي وكجبهة عالمية . ولذلك فإن تغيير منطقة الشرق الأوسط - على وفق النموذج العراقي- هي مسألة في غاية الأهمية، فضلا عن أن فشل السياسة الأميركية في إنتاج هذا النموذج سوف لا يعرض وجودها العالمي إلى الخطر؛ بل ربما يقود العالم - من وجهة نظرهم طبعا - إلى الدخول في برزخ مظلم لا يقل أهمية عن ضرب هيروشيما وناغازاكي أو خانق خليج الخنازير عام 1961 إن لم يكن أشدّ خطورة منه بدرجات عديدة. ومن هنا فإن الإدارة الأميركية تصرّ إصرارا دائما على أن انسحابها من العراق مرهون باكتمال (المهمة) ولو نظرنا على الإعلانات الرئيسة للإدارة الأميركية قبيل إعلان الحرب على العراق عام 2003 فإنها كانت محصورة في اتجاهين أساسيين :
1 ـ القضاء على أسلحة الدمار الشامل العراقية .
2 ـ الحيلولة دون اعتداء العراق على جيرانه .
ولو نظرنا ببساطة إلى كلا الهدفين فإنهما قد تحققا تماما لأول وهلة من سقوط النظام الصدامي حيث أثبتت التحقيقات الدولية والأميركية خلو العراق من أسلحة الدمار الشامل ، وتمّ حل الجيش العراقي ( الحرس الجمهوري ، والجيش التقليدي ) باعتبارهما نقطة الانطلاق في العدوان على الجيران ؛ في وقت كانت الولايات المتحدة من أكثر البلدان دعما لهذا الجيش منذ عام 1986 وفي إثر فضيحة إيران كيت وما رافقها من صراع ـ في العلن تقريبا ـ بين مجلس الامن القومي ووزارة الخارجية .. بيد أن الولايات المتحدة عادت هذه المرة إلى وضع (أهداف جديدة) أكبر وزنا وأبعد ستراتيجية ولم يسبق لها أن أعلنتها من قبل على نطاق رسمي ، وهي :
1 - وضع خطة كبرى لما يعرف بالشرق الأوسط الكبير وما رافق ذلك من الدعوة إلى إصلاح الأنظمة السياسية في منطقة الشرق الأوسط بخاصة ، وضرورة الالتزام بحقوق الإنسان ( دمقرطة الشرق الإسلامي ) .
2 - انتهاج مفهوم (الحرب الاستباقية ) وتحويل تلك الستراتيجية إلى ميدان السياسة الخارجية على وفق رؤية كوندا ليزا رايس ، حيث تكون ثمة (تطابقية) غير معلنة بين العسكر والسياسيين وصناعيي الأسلحة في آن ؛ ولتذهب تلك المصادمات التقليدية (الريغانية) في أفضل صورها بين مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية إلى سلّة مهملات طويلة الأمد نسبيا ، فهي لم تعد تتناسب والتحديات في عصر الحرب العالمية الثالثة ( الحرب على الإرهاب العالمي) ومادامت تلك الحرب شبه الدائمة وغير التقليدية والتي يمكن أن تستمر أكثر من عقد من الزمن في اقل تقدير لخبراء البنتاغون الجدد و حيث لا يمكن رؤية العدو على شاشات طائرات U2)) فائقة التخفي، فإن على السادة في البيت الأبيض أن يعدوا العدة المناسبة لهكذا حرب مفروضة وغير واضحة المعالم وليست لها جغرافية ثابتة ومن أطراف قليلة العدد شديدة التدريب، ثمّ مفعمة بالكراهية الدينية .هذه الحرب هي الأطول في زمنها من كلا الحربين العالميتين السابقتين حيث لم تكن التكنولوجيا عاملا حاسما في تقصير أمدها كما حدث في عمليتي هيروشيما وناغازاكي. فالإرهاب يكون ( حربا عالمية ثالثة ) في مفهوم صقور البيت الأبيض بلا شك هو يسعى في المدّة القادمة إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، تماما كما هو سعي صدام إلى امتلاك تلك الأسلحة المزعومة؛ أولم يهدد صدام بتلك الحرب قبل سقوطه محذرا الولايات المتحدة منها؟!
وهذه الحرب - من وجهة نظر المحللين الأميركيان - تحتاج إلى عدة عقود ولا بدّ للولايات المتحدة من أن تنتصر فيها؛ فليس أمامها إلا النصر وحده ، لأن هزيمتها سوف تكون هزيمة لأوربا أولا ، وللعالم المتحضر أيضا كما أنها سوف تضع العالم الغربي كلّه على شفير هاوية وربما تشبه الهاوية الغريبة التي وضعها لـه الفيلسوف الألماني شبنغلر في كتابه الشهير " "سقوط الحضارة الغربية ". ومن هنا فإن الرئيس بوش يؤكد في خطاباته إلى الأمة الأميركية : بان الإرهاب العالمي يرغب في خططه إلى تغيير مثلهم وقيمهم الاجتماعية أولا وليس سياساتهم الخارجية وحدها (أسلوب نشر الديمقراطية كرسالة اممية للولايات المتحدة) وهكذا فإن هجمة شرسة على المسلمين في أوربا والولايات المتحدة لن تتوقف منذ أحداث 11 سسبتمبر، ويبدو أنها سوف تتصاعد كلما أشتدّ أوار الحرب الجديدة، وكثرت العمليات في عقر دار الأميركان والغربيين حيث تتخذ الفوضى منحى آخر من الكراهية والنبذ العنف والعنف المضاد. وما يعلن الآن عما يعرف بكاريكاتورات أنتهاك النبوة من صحيفة دنماركية إلا وجها واحدا من حملات كبرى معدة سلفا ومماثلة لأحداث اكبر مقدار ممكن من الفوضى غير المبررة في العالم.
لم تستطع أفكار الفوضى البناءة أن تقدّم حلولا مقنعة وعملية للعالم على أية حال، ويبدو أنها ستبقى مجرد طروحات للإعلام العالمي ولتسيير ماكنة الفضائيات التي درجت (كوندي) على الظهور فيها من حين لآخر دون أن تضيف شيئا جديدا عما درجت عليها خطابات الرئيس بوش الأسبوعية أو تلك الخطابات الفصلية الموجّهة إلى الأمة الأميركية من حين لآخر في ظل أزمات عامية متتالية قد تؤدي بالعالم إلى الانهيار في العلاقات الدولية التي نشأت منذ مؤتمر ويستفاليا .. كما أنها تأتي في سياق السياسة الاميركية لفرض هيمنتها الاقتصادية على العالم.



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعارات القطيع الاسمنتية - سياسات إفراغ المحتوى الإنساني- الع ...
- توماس فريدمان: قناعاتنا الأميركية بازاء عالم متغيّر
- الأغلبية الصمتة في العراق دراسة سياية وميدانية
- قراءة في كتاب ( علي ومناوئوه) المنهجيتان العلمية والتقليدية
- الليبراليون العراقيون: طريق غير ممهّدة وسير متعثر
- تكرار فولتير،دراسة أولية في النظرية الأجتماعية الوردية


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض الأسدي - سياسات دمقرطة الشرق الإسلامي،طروحات الولايات المتحدة حول (الفوضى البنّاءة