أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سعاد جبر - ماهية استلاب الأنا في نص كوابيس














المزيد.....

ماهية استلاب الأنا في نص كوابيس


سعاد جبر

الحوار المتمدن-العدد: 1457 - 2006 / 2 / 10 - 10:49
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


تدور تماهيات بين نص (كوابيس) للقاص د. عبدالرحمن يونس وحكمة قديمة مفادها انسحاب حالة التلذذ وفناءها المطلق بلا عودة أمام تفاحة نضرة تتناولها يد خائف أو جائع، فالخائف لا يحسن التذوق لأنه يخاف أن يفقد التفاحة مثلا فيلتهمها بسرعة والجائع لا يحسن التذوق لأنه مدفوع بالشوق والغريزة ليملأ الوعاء وكلاهما في حالة فناء في تلذذ الطبيعة في أبجدياتها في الحياة وجمالها في اكتمال النضج، وكذلك إذا تربت الشعوب على الحرمان أمام متطلبات الطبيعة فلا بد أن يغالبها إحساس الفقدان والضياع في المادة والروح، وإذا تحرك فيها مارد الجوع المادي والروحي في اقتصاد منهك منهار وفكر هش يقدم لها كوجبات سريعة للتناول، فلا بد أن تؤول إلى تؤامة مع نهاية استلاب لا تنتهي، فهنا تفقد الشعوب إنسانيتها ومادية أدميتها وإحساسها بالحياة ابتداءً والجمال تباعا، وليس موطن حديثي هنا عن أزمة الاستلاب الجمعي في لغة الشعوب المنهكة في الحرمان ابتداءَ من حق الحياة ووصولا إلى خبز الحرية وانتهاءً بالإحساس بالجمال، وإنما موطن حديثي في البعد الدامي في لغة (الأنا) الفردية التي يغالبها الحرمان الجمعي، فتغدو في سوداوية مطلقة وجمود جسدي وارق متصاعد حتى الموت، وهي التي يسلط النص برمزيته على أبعادها المتماهية، إذ تغدو في قانون جذب مأساوي للنكبات، فإن كان لها النجاة من مشنقة الإعدام البشرية، فلا بد أن تجتذبها الأيام السوداء، واللحظات الدامية في لغة الناموس الكوني، ولو نالها تفلت من قبضة مساحة مكانية في مقاطع الكون الممتد جذبتها قطعة كونية أخرى لتودي بها إلى ذات النهايات المؤلمة حيث الفناء في الجسد وخلود الأنا في لغة الحرمان الفردية والجمعية

ويبعثر نص (كوابيس) الذات إلى مقاطع على مسرح مشنقة الإعدام في كل تماهياتها ابتداءً من لغة آدمية البشر التي تدمر الأيام والحضارات في اللغة الجمعية، ولغة الفرد وقد جثم على قلبها سطوة استبدادية أحالتها إلى مسرح النزع الأخير حيث الذكريات في تحنانها المنكسر إلى لحظة الميلاد الخالدة من رحم الأمومة المتمثلة في قلب الذكريات، وما يبتعث هناك من أنين التذكار في لوعة التحنان في تماهيات الفرد حيث السطوة والطغيان المستبد، فهنا ينشكف وجه الواقع في رماديته وتنتقل الروح إلى عالم الفناء والتماهي مع لغة الأرواح المسافرة بعيدا عن مأزق الحياة وجور أدميتها، وهنا تنقطع سبل النجاة بكل معانيها الروحية والمادية في إصلاح الفساد ونشر الحرية والجمال لأنها في استلاب أخر جمعي ينتظر لحظاته الأخيرة

وتتجسد الماهية ذاتها في كابوس آخر ولكنه يعبر عن ثلاثية (الحياة، المتعة، الامتداد) حيث لا تتخلق على الأجساد في أجواء الاستلاب الفردي والجمعي، الذي تعيث فيه يد عابثة في التعالي والبطش، فتبعثر تلك الأجساد إلى قطع متسمرة في أرجاء الغرفة المكفهرة، فتغدو على قارعة أخبار الزمان، وتتشرذم هناك المتعة في قطع جسدية مستلبة دامية، حيث لا مكان للجدية والعبث وكل التماهيات في ظل ذلك استلاب الأنا في الجزء (الفرد) والكل (المجتمع)، وتفتح صفحات الكابوس الثالث عن هستريا المادة في وأد الإنسانية، والوصول بها إلى ذات أودية المهالك حيث الفناء الأخير في استلاب يدور بين سادية وضحية والضحايا معا في مسرب النهايات المفجعة

ويعبر النص في كابوسه الرابع عن اجتذاب (الأنا) المستلبة للأقدار المؤلمة فتغدو في ثنائية (عشق، رفض) تغالبهما حالة الالتقاء في الفناء فتكون النهايات المؤسفة في الوداع حيث لاعودة للروح والأجساد على مسرح الحياة في الاستلاب، وموطن مركزية النص يشير إلى التقاء الكوابيس الأربعة في لغة الفناء الدامية. ويتجسد قانون الجذب المتأصل في حالة استلاب الأنا بمساحات واسعة في الكابوس الرابع ومفاده مغادرة مكان ينتظر مخاض إعصار جمعي في الطوفان، وتبرز حالة الاستلاب في لغة الهروب في المشهد الكوني، والحال ذاته على تؤامة النسق في حالة الطوفان الاستبدادي حيث الهروب الجمعي في طاعة الطاغية، فتتوالى أعاصير الاستبداد حتى الموت عشقا على حالة الاستلاب في الكل والجزء، في لغة الغرق الجمعية في قانون جذب للاستبداد في كل مقاطع الزمان والمكان، والحال ذاته في قانون اجتذاب الخبرات المؤلمة والكوارث بكافة معطياتها، وهذه هي الشيفرة الرمزية السيكولوجية لحالة الهروب من الإعصار ووصولا إلى الغرق في قانون جذب بين الجسد وناموس الكون في لغة الأقدار المؤلمة السوداوية، حيث تنتهي الحياة، وتبدأ مشنقة الموت في لغة سطوة البشر وحرمان الحرية ومتعة الحياة والميلاد على الحياة في الآن ذاته أو في سطوة المادة والدمار حيث تنتهي الحياة في البدء قبل النهايات أو سطوة جذب سلبية الأنا للخبرات المؤلمة وسوداوية المآل في تماهيات استلابها وتؤامتها مع الأقدار المؤلمة تباعا في نهايات النهايات المؤسفة

والنص موضع الدراسة، مادة ثرية للاستلهامات وتحديد زوايا الاستلاب في الأنا الفردية والجمعية، ويعبر عبر فنيات القص فيه عن لمسات سيكولوجية غاية في الروعة ودقة التوجيه، وندرة المعاني الجامعة التي تمس الفرد والمجتمع والواقع معا، ويعكس ذكاء التشفير في يراع مبدعها، وتعالى وتيرة التشويق في إبداعية المخيلة القصصية وتفاصل جزئياتها الدقيقة، في مزية تتسم بالمحافظة على جوهر الفكرة وعدم تبعثرها في النص، وهذه اجمالا سمات إبداعية القص التي تفرد فيها د. عبدالرحمن يونس، وتشكل لمسات مميزة في القصة السورية الحديثة، ولا يسعني في نهاية مطاف النص إلا أن أزجي لحروف مبدعنا البنفسجية كل تحايا الإبداع والتقدير، ولتصبح كلماتك دوما على إبداع وعطاء وفي سلامة من كوابيس الملمات



#سعاد_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انعكاسات ثلاثية ( الإبداع ، الإعلام ، الواقع ) على المشهد ال ...
- ندوة الإعلام والعولمة
- هندسة الذات (6) الوعي بالذات
- ماتيلدي سيراو والاحتضار بين زهور الفل
- هندسة الذات (5) : استراتيجيات تحفيز الذات نحو المذاكرة
- ابداعية تماهي الحوارات في نص لاتسأليني
- فوب هانسون وتمرد الشفاه الحمراء
- هندسة الذات (4) / تطبيقات عملية
- فرجينيا وولف من خلف أشجار القص
- ثقافة الحوار ..نهوض واستقرار
- هندسة الذات 3 3
- ندوة سيكولوجيا الأدب: الماهية والواقع
- رصد اهتزازت الشعور وانثلامات الوجدان في الإبداعية الأدبية
- ثنائية التفرد ، العمومية في المشهد القصصي
- ثنائية العبقرية ، الجنون في الأبداعية الأدبية
- الأسماء المستعارة في العوالم الأدبية ، إلى اين ؟؟
- تساميات لغة الورد بين رونسار وفاروق مواسي
- الأنوثة والوجود
- الرؤى الإجتماعية في نص احلام فتاة شرقية
- ثقافة الحوار : الواقع والأزمات


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سعاد جبر - ماهية استلاب الأنا في نص كوابيس