أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود سعيد كعوش - مذبحة تل الزعتر...ذكرى جريمة لا تغتفر وشلالات دم لم يجف















المزيد.....

مذبحة تل الزعتر...ذكرى جريمة لا تغتفر وشلالات دم لم يجف


محمود سعيد كعوش

الحوار المتمدن-العدد: 5607 - 2017 / 8 / 12 - 15:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كي لا ننسى:
مذبحة تل الزعتر...ذكرى جريمة لا تغتفر وشلالات دم لم يجف

محمود كعوش
رغم مرور واحد وأربعين عاما على مذبحة مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين في لبنان التي تصادف ذكراها اليوم 12 أغسطس/آب 2017، ما تزال مشاهد الحصار والقتل ماثلة في أذهان أهالي المخيم الذين قدر لهم أن ينجوا من الموت، ليعيشوا ويرووا صوراً من الأهوال التي عاشوها.
وتمثل مذبحة مخيم تل الزعتر واحدة من أسوأ صفحات الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975 واستمرت زهاء 15 عاما. وقد تعرض المخيم لحصار من المليشيات اليمينية المسيحية اللبنانية والجيش السوري عام 1976، وانتهى بمجزرة مروعة طالت أبناء المخيم من مدنيين ومقاتلين.
وبعد مرور واحد وأربعين عاما على حدوث مذبحة تل الزعتر، طويت صفحات تلك الحرب السوداء، لكن نتائجها لم تمحَ بالكامل، لآن آلاف المهجرين والجرحى وذوي الإعاقة ما زالوا إلى اليوم يعانون من تداعياتها. و"لا يمكن للمرء أن ينسى تلك اللحظات العصيبة، ولا أذكر من مخيم تل الزعتر سوى المآسي وحكايات القتل والتهجير وروائح الدم"، هكذا ما قالته إحدى الناجيات من حصار المخيم عند سؤالها عن ذكريات تلك الأيام المريرة.
كان مخيم تل الزعتر واحداً من أكبر وأهم المخيمات الفلسطينية في لبنان. وكان يحتل بقعة من الأرض اللبنانية في الجزء الشرقي لمدينة بيروت، أضعف خاصرتها الحصار الفاشي الجائر، ودكتها أكثر من 55 ألف قذيفة حقد وكراهية، لتحيلها إلى دمار وتحيل معها آلاف أجساد اللاجئين الفلسطينيين وفقراء اللبنانيين الذين قدموا إلى تلك البقعة من أحزمة الفقر في الجنوب والبقاع وأقاموا فيها، إلى أشلاء محترقة ومبعثرة.
وصف "المركز الفلسطيني للإعلام" ما حدث في تل الزعتر في تلك الفترة العصيبة من تاريخ الفلسطينيين في لبنان بتسونامي قذائف ورصاصات قناصة ظلت تتساقط مثل زخ المطر بلا انقطاع على مدى 52 يوما متتالية على المخيم؛ ليشهد مجزرة إبادة جماعية بحق الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين اللبنانيين في العام 1976 قامت بها أربعة أطراف من كتائب ومليشيات لبنانية إبان الحرب الأهلية التي كانت تعصف بلبنان.
فوهات مدافع ودبابات "تي 54" السوفيتية وكذلك "سوبر شيرمان" "الإسرائيلية" ظلت موجهة نحو المخيم، بعد أن فشلت كل محاولات حصاره وقطع المياه والطعام عنه، فكان القرار دكه وطحن عظام الأبرياء بداخله حتى سالت الدماء كالأنهار في شوارعه.
4280 شهيداً وآلاف الجرحى وقصص مرعبة لعمليات الذبح الجماعية للاجئين، كانت ضريبة مشروع الإبادة التي انتهت على إثرها المعركة في 12 آب/أغسطس 1976 باحتلال المخيم.
مخيم تل الزعتر تأسس عام 1949 بعد عام على النكبة، واحتل مساحة كيلومتر مربع واحد فقط من الجزء الشرقي لمدينة بيروت. وتميز المخيم في ذلك الوقت بالنشاط الزراعي الذي ازدهر نسبيًا في تلك المنطقة التي اشتهرت بشكل خاص ببساتين الحمضيات والخضروات.
اشتغل قسم كبير من سكان المخيم، في الزراعة، وبحلول عام 1968 تقلص النشاط الزراعي، وصارت المنطقة الشرقية الشمالية من بيروت أهم مناطق لبنان الصناعية على الإطلاق. وكان طبيعيًا أن يقترن بالتطور الكبير للمنطقة المحيطة بالمخيم، تطور ديمغرافي هام داخل المخيم ذاته، حيث راح عدد السكان يرتفع من 400 نسمة في عام 1950 إلى 3 آلاف نسمة في 1955، ثم حوالي 6600 في 1960/1961، إلى 13100 في 1970/1971، ثم حوالي 14200 في 1971/1972، إلى أن وصل قُبيل مهاجمته عام 1976 إلى حوالي 20 ألف فلسطيني و10 آلاف لبناني.
في كانون الثاني/يناير من عام 1976، وإبان الحرب الأهلية اللبنانية بدأ الحصار الفعلي لمخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين من قبل الميليشيات اليمينية اللبنانية، إلى أن بدأ هجوم واسع لميلشيا "النمور" التابعة لكميل شمعون، في 20 حزيران/يونيو على المخيم وعلى التجمعين المجاورين له، جسر الباشا والنبعة.
وانضم للمهاجمين أيضا في تلك المجزرة بجانب "نمور الأحرار بزعامة كميل شمعون، كل من "الكتائب اللبنانية بزعامة بيار الجميل، وحراس الأرز بزعامة إتيان صقر "أبو ارز" والشبيبة اللبنانية، حيث بدأت القذائف والصواريخ تمطر المخيم بلا انقطاع، وتواصلت ليلاً نهاراً على مدى 52 يوماً متتالية، حيث يقدر عدد القذائف التي سقطت على تل الزعتر بحوالي 55000 قذيفة.
في اليوم الأول سقطت حوالي 5000 قذيفة على المخيم، فدمرت ما يقرب من 70 بالمائة من بيوته.
في الأول من تموز/يوليو حاولت الفصائل الفلسطينية فك الحصار عن تل الزعتر، لكن دخول قوى إقليمية على خط المعركة أفشل الهجوم، الذي تكرر في 4 تموز (يوليو)، لكنه لم يُكتب له النجاح للأسباب نفسها.
وفي منتصف شهر تموز/يوليو استطاع 75 متطوعاً فدائياً الوصول إلى المخيم، وإدخال نحو 100 قذيفة صاروخية مضادة للدبابات من طراز "أر بي جي"، لكن بدأ محيط الدفاع عن المخيم يتقلص بالتدريج، نتيجة الدعم الذي تلقته مجموعات الميليشيات المهاجمة.
لم يكن لدى المخيم كله، في نهاية حزيران/يونيو، سوى ثلاثة مصادر للمياه، تقلصت إلى أنبوب مياه صالح واحد، ابتداء من 14 تموز/يوليو، وكان هذا الأنبوب يقع عند الخط الأمامي، الأمر الذي عرّض ما يقرب من 25 لاجئاً للقتل بنيران القناصة.
تفشت حالات سوء التغذية والجفاف بين الأطفال، بينما قضت "الغرغرينا والكزاز والنزيف" على عدد متزايد من الضحايا بعد نفاد المضادات الحيوية والأمصال، الأمر الذي أجبر الأطباء على اللجوء بصورة متزايدة إلى عمليات بتر الأطراف المصابة. وبسبب المجاعة التي جرت على أهالي المخيم بسبب الحصار الذي استمر عدة أشهر؛ طلب الفلسطينيون في تل الزعتر من علماء المسلمين فتوى تبيحُ أكلَ جثثِ الشهداء كي لا يموتوا جوعاً!!
في الثاني عشر من تموز/يوليو قامت الميلشيات المهاجمة بقتل 90 مدنياً بعد استيلائها على عدة مبان.
وفي الحادي والعشرين من تموز/يوليو منعت ميلشيا كميل شمعون تنفيذ خطة إجلاء 100 جريح من تل الزعتر.
وفي الرابع والعشرين من تموز/يوليو قصفت الميليشيات مخيم تل الزعتر بقذائف دبابات "سوبر شيرمان" التي سلمتها "إسرائيل" حديثاً لتلك الميلشيات، فاستشهد 250 مدنياً فلسطينياً كانوا متحصنين في أحد المباني. وبعد مفاوضات، وتدخلات دولية، سُمح في الثالث من آب/أغسطس، بإخلاء 334 جريحاً إلى بيروت الغربية، تبعهم 500 طفل في اليوم التالي.
في العاشر من آب/أغسطس فقد المخيم أنبوب المياه الحيوي الأخير، وفي ذلك اليوم خرج 3000 مدني من المخيم، وتبعهم بعد يومين بقية السكان الذين يتراوح عددهم بين 9000 و12000.
أمرت قيادة الدفاع عن المخيم من تبقى من المقاتلين بأن ينتقوا طريقهم عبر وادي نهر بيروت، تحت غطاء مدفعي، وتمكن 3000 رجل وامرأة من الوصول إلى مدينة عالية سالمين، بعد أن فقدوا الكثيرين أثناء الطريق.
صباح الثاني عشر من شهر آب/أغسطس أذاعت مكبرات تابعة لحزب الكتائب بنود الاتفاق الذي يمنع التعرض للمدنيين أثناء الخروج، لكن ما بين 1000 و2000 مدني قتلوا رمياً بالرصاص أو قُطّعوا إرباً إرباً.
ووصلت الجرافات وأزالت المخيم، وبلغ عدد الشهداء أثناء الحصار 4280 شهيداً غالبيتهم من المدنيين والنساء والأطفال وكبار السن، بينما سقطت على المخيم حوالي 55000 قذيفة. وسوت الجرافات المخيم بالأرض، لكن لن يكون بإمكان أحد أن يهيل التراب على مأساة تأبى النسيان، وتروي قصصاً سوداء عن مجزرة إبادة جماعية ستظل عالقة في الذاكرة ضمن صفحات كتاب المجازر التي تعرض لها اللاجئون الفلسطينيون داخل الوطن وفي ديار الشتات العربية!!

[email protected]



#محمود_سعيد_كعوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يُماط اللثام عن جريمة قتل عرفات يا صاحب القرار الفلسطيني ...
- نصدق من ونكذب من !!
- لا لا لا...ما هكذا تورد الإبل يا عباس !!
- لا لا لا...ما هكذا تورد الإبل يا عباس!!
- في جمعة الغضب نصرةً للمسجد الأقصى المبارك
- عباس يتذكر الأقصى المبارك بعد أسبوع من الحرب الصهيونية المست ...
- وجهة نظر مختصرة...وخير الكلام ما قلَّ ودل !!
- غسان كنفاني...شهيد الكلمة الحرة والنقاء النضالي
- لقد طفح الكيل يا سيسي !! لقد طفح !!
- في يومها العالمي...القدس إلى أين يا عرب !!
- لا، ما هكذا يا جبريل الرجوب تورد الإبل
- كلما تمادى الحكام في تخاذلهم تعاظم رهان الشعب على نهج المقاو ...
- جودي بِوَصْلِكِ !!
- حق العودة...لن يكون أبداً للتنازل أو التفريط أو التبديل !!
- إضراب أسرى الحرية والكرامة يتواصل بثبات وإصرار
- دراسة: في نيسان نتذكر، فنترحم ونجدد العزم على مواصلة النضال
- إضراب أسرى الحرية الفلسطينيين يتواصل في نيسان العطاء والوفاء
- تسعة وعشرون عاماً على اغتيال القائد الفلسطيني خليل الوزير
- ذكرى جريمة ارتكبها كتائبيون حاقدون بدم بارد
- عملية فردان الإجرامية...حلقة من حلقات مسلسل الإرهاب الصهيوني ...


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود سعيد كعوش - مذبحة تل الزعتر...ذكرى جريمة لا تغتفر وشلالات دم لم يجف