أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - العبارة الانجليزية التي أفقدت عبد الناصر صوابه !















المزيد.....

العبارة الانجليزية التي أفقدت عبد الناصر صوابه !


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 5607 - 2017 / 8 / 12 - 00:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العبارة الإنجليزية التي أفقدت عبد الناصر صوابه / رضي السمٰاك
لا أظن أحداً يُجادل بكل المقاييس النزيهة الموضوعية المُجردة فيما يُحسب للزعيم العربي القومي والرئيس المصري الوطني الراحل جمال عبد الناصر قائد ثورة يوليو / تموز 1952 المصرية تشييده نظاماً ذا توجه "اشتراكي " بإسلوبه وفلسفته الخاصة المقتبس معظمها من تجارب المنظومة الإشتراكية وما حققه من مكتسبات إجتماعية لشعبه فضلاً عن دعمه لحركات التحرر وتصديه للمخططات الإميركية والاستعمارية في المنطقة إلا أن واحداً من أشد الأخطاء القاتلة التي وقع فيها ناصر انتهاجه حكم الفرد واعتماده على جهاز المخابرات على نحو مُفرط هوسي أخذ يُطال حتى أقرب وأصدق الناس من حلفائه من ساسة ومثقفين ، وهو ما أفضى إلى كارثة هزيمة يونيو / حزيران 1967 التي مرت ذكراها الخمسون قبل شهرين ونيّف .
ومع إن عبد الناصر أدرك عن عمق ووعي الثغرات السياسية الخطيرة التي أعتورت نظامه السياسي وأفضت لتلك الكارثة وحددها في أول خطاب له بعد النكسة ووعد بإصلاحها رافعاً في السنوات الثلاث الأخيرة المتبقية من حياته بعد الهزيمة شعارات تصفية مراكز القوى وسيادة القانون وإعادة بناء التنظيم السياسي " الاتحاد الاشتراكي " من القاعدة إلى القمة والإنصات لآراء ونبض الجماهير وتوّعد بوضع حد لتغوّل أجهزة الاستخبارات في حياة الناس العادية إلا أنه عجز عن التخلي عن ازالة الطابع الشمولي المخابراتي عن نظامه . ففي واحد من سلسلة أحاديثه إلى قناة " الجزيرة " يميط محمد حسنين هيكل مستودع أسراره وأقرب المقربين إليه اللثام لأول مرة عن واحدة من أغرب الوقائع المتأصلة في طبائع ومسلكيات عبد الناصر نفسه والمناقضة تماماً لشعاراته التي رفعها بعد الهزيمة ، ذلك بأنه فيذأبريل / نيسان 1970 غداة إقدامه على تعيين هيكل نفسه وزيراً للثقافة والإرشاد القومي ( الإعلام ) ، رغم اعتذاره المسبق إليه عن قبول تولي أي منصب حكومي وإيثاره البقاء في عمله الصحفي كرئيس لتحرير" الأهرام " ولم يعبأ عبد الناصر برفضه ، بوغت بسماعه خبر صدور القرار رسمياً من الراديو وهو ما أزعجه وأثار أيضاً قلق معظم كبار المحررين والاداريين في الإهرام وكبار الكتّاب والمفكرين الذين يكتبون فيها وعلى رأسهم توفيق الحكيم الذي أرسل لعبد الناصر رسالةً عبّر فيه بلطف عن عدم عقلانية القرار وخطورة تبعاته على استقلالية الأهرم والصحافة عامةً .
ويضيف هيكل بأنه فوجئ أيضاً ذات صباح في الصحيفة بعد أيام قليلة من تعيينه وزيراً بنبأ اعتقال مديرة مكتبه نوال المحلاوي وزوجها والكاتب اليساري المستقل لطفي الخولي وزوجته ، والخولي كما هو معروف كان رئيس تحرير مجلة "الطليعة " اليسارية ومكاتبها كائنة في مبنى الأهرام ، واتضح له لاحقاً بعد أن فاتح الرئيس في الموضوع أن الخولي قد أقام حفلة عشاء في منزله وكان ضمن من استضافهم فيها المحلاوي وزوجها وخلال تلك الاُمسية جرت "فضفضة " عادية حول حديث الساعة الذي يقلقهم ألا هو تبعات قرار تعيين هيكل وزيراً للإعلام على الصحيفة مع احتفاظه برئاسة تحريرها ، فعبّرت المحلاوي عن امتعاضها من القرار واصفةً عبد الناصر لاتخاذه هذه الخطوة : " He must have gone mad " أي لا بد أن أصابه مساً من الجنون ، واتضح ان تفاصيل وقائع هذه " الفضفضة " بكاملها نُقلت لعبد الناصر من خلال أجهزة التنصت التي زرعتها أجهزة مخابراته في منزل الخولي فقرر على الفور اعتقال الأربعة ، وأسمع هيكل في مكتب منزله التسجيل الكامل للدردشات التي جرت تلك الليلة بين ضيوف الخولي ، كما أطلعه في نفس الوقت على الأوراق المدوّن فيها حرفياً التسجيلات كتابياً ، ويتابع هيكل بأن الرئيس ظل طوال حديثه معه يعبّر عن امتعاضه الشديد مما جرى بحقه من كلام يمس شخصيته وعلى وجه الخصوص من تلك العبارة الإنجليزية التي تفوهت بها نوال المحلاوي والتي ظل يكررها عليه مرات ومرات ، في حين عبّر هيكل من جانبه عن انزعاجه الشديد لاعتقال مديرة مكتبه وبأنه هو المقصود من العملية وهناك من يتربص به داخل السلطة ( قاصداً من لهم صلة بأجهزة الاستخبارات في مكتب الرئيس ، وتحديداً سامي شرف مؤسس الاستخبارات العامة وذراعه الضاربة فيها ) .
أكثر من ذلك فإن هيكل سبق له أن روى في حديث آخر للجزيرة بأن عبد الناصر أخبره بأن احدى المكالمات الهاتفية التي أجراها ذات مرة مع مسؤول في رئاسة الجمهورية كانت مُسجلة واستمع لتسجيلها بالكامل وكأنه أراد من ذلك إيصال رسالة إليه رغم أنه واحد من أقرب المقربين له : " خلي بالك من نفسك وأوعَ " ! الأغرب في رواية هيكل عن حادث اعتقال مديرته المحلاوي أن عبد الناصر سبق له أن أبدى لهيكل بعد زيارة له للأهرام إعجابه الشديد بكفاءتها وما بدت عليه من فن "أتاكيت " تتمتع به في التعامل مع كبار الشخصيات بعد تقديمها للرئيس فنجان قهوة ، وطلب من هيكل أن تكون المحلاوي ضمن الذين يشرفون على تدريب إبنته هدى التي تود العمل في الإهرام بعد أن نالت بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة القاهرة .
ماذا يستخلص المرء من كل تلك الواقعة الغريبة التي رواها هيكل بعد صعقه على حين غرة بنبأ اعتقال مديرة مكتبه ؟ ببساطة شديدة ورغم ما يتمتع به عبد الناصر من شعبية جارفة ورغم صلابته الوطنية وصموده في مواجهة أعداء وطنه مصر واُمته العربية المتمثلين في اسرائيل واميركا والغرب عامةً إن تكن ثمة دلالات مستخلصة من تلك الواقعة في تلك الظروف الدقيقة التي يستعد فيها عبد الناصر لتهيئة بلاده لخوض معركة تحرير سيناء من الاحتلال الاسرائيلي فأهمها دلالاتان :
الأولى : إن عبد الناصر لم يتعلم ولم يعِ جيداً عمق الأسباب التي أوقعته وبلاده في الهزيمة أو لا يؤمن بآثارها وعلى رأسها كما اتفق شتى المحللين والباحثين تغييب الديمقراطية من نهج حكمه .
الثانية : إن هيكل نفسه ، رغم ما يُحسب له إماطته اللثام عن خفايا تلك الواقعة والذي جاء متأخراً جداً قبيل سنوات قليلة فقط من رحيله كما ذكرنا، لم يتوقف طويلاً في تحليل أبعادهاالسياسية الخطيرة البعيدة المدى ليس فقط لجهة ضيق صدر عبد الناصر بالرأي الآخر واعتماده على أجهزة استخباراته لجس نبض الناس في كل صغيرة وكبيرة وجعلها أشبه بمحاكم تفتيش فعلية بما يجيش في صدورهم ، بل وبمصادرة أبسط حق لمقربيه في رفض المهمة التي يُكلفون بها حينما أصرّ على إصدار قرار تعيينه وزيراً دون رغبته وبدون علمه !



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عشرون عاماً على رحيل الجواهري
- القدس وتخاذل الأنظمة العربية .. مالجديد في الأمر ؟!
- المثقفون العرب والأزمة الخليجية
- نكسة 67 .. كيف تم إصطياد -الديك الرومي -
- قراءة في البيان الأخير للتيار الديمقراطي البحريني
- بعد حل - وعد - مامصير المعارضة المشروعة في البحرين ؟
- الدول الرأسمالية بين المهاجرين وحقوق الإنسان
- أنجيلا ديفيس تعري الأزمة الاخلاقية للرأسمالية الاميركية
- جدلية المقاطعة والمشاركة في الانتخابات بين اليسارين البحريني ...
- اليسار العربي بعد ربع قرن من المراجعات النقدية
- قصة أمريكيين عادوا لفيتنام لغسل عار جرائمهم
- معوّقات تطور العلمانية في تركيا
- الطبقات الفقيرة حينما تُسمم بالوعي الطائفي
- التمييز العنصري وصناعة الفقر
- ‏يوم الأرض ودور الشيوعيين في نضالات عرب 48
- التعذيب في «السي آي أيه» للتحقيق الجاد أم للانتقام؟
- نحو تأبين يليق بمقام عبدالله خليفة
- -وطار- المثقف الذي أحب كل فئات شعبه
- مناقشة هادئة في المسألة التخريبية
- هل بمقدور أوباما اجتثاث العنصرية في بلاده؟


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - العبارة الانجليزية التي أفقدت عبد الناصر صوابه !